نسمات تفاؤل تهب على الصناديق المتداولة

نسمات تفاؤل تهب على الصناديق المتداولة

تحول نهج مشتري الصناديق المتداولة في البورصة إلى التفاؤل في تشرين الأول (أكتوبر)، ما يشير إلى أن بعض المستثمرين اعتقدوا أن أسواق الأسهم والسندات العالمية ربما تقترب من أدنى مستوياتها بعد 12 شهرا من الخسائر المؤلمة.
ارتفع صافي التدفقات الداخلة إلى الصناديق المتداولة إلى 111.5 مليار دولار عالميا، وفقا لبيانات شركة بلاك روك، أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه في أيلول (سبتمبر) وأعلى قراءة منذ آذار (مارس).
كانت التدفقات الرئيسة الوفيرة مدعومة بقفزة في الطلب على مجموعة من الأصول الخطرة، مثل أسهم الأسواق الناشئة، وأسهم التكنولوجيا، والسندات ذات العائد المرتفع وطويلة الأجل، ما عزز المزاج المتفائل.
كان هذا بعيدا كل البعد عما كان في سبتمبر، عندما وجه الجزء الأكبر من التدفقات الضعيفة التي شوهدت إلى صناديق سندات الخزانة الأمريكية، الملاذ الآمن، في حين كان المستثمرون يستعدون للأسوأ.
"كان شهر أكتوبر بيئة أكثر ملاءمة لإقدام مستثمري الصناديق المتداولة على المخاطرة"، كما قال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث في شركة فيتافي الاستشارية. "كانوا يرغبون في استهداف مكافأة أعلى مقابل أساليب استثمار عالية المخاطر، ومرتاحون لذلك".
"لقد كان ذلك أكثر تفاؤلا حقا"، حسبما قال كريم شديد، رئيس استراتيجية الاستثمار في وحدة آي شيرز للصناديق المتداولة التابعة لـ"بلاك روك" في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. مع ذلك، ظل حذرا من أن يصف ذلك تحولا في اتجاه السوق، واصفا التغير بأنه "إقدام اختياري على المخاطرة"، وأنه "بالتأكيد ليس شاملا".
المزاج المتفائل أكثر كان واضحا في سوق الدخل الثابت، حيث بلغ إجمالي التدفقات الداخلة 34.2 مليار دولار في أكتوبر، أي ضعف التدفقات المسجلة في سبتمبر 2.6 مرة وقريب جدا من أعلى مستوى شهري لعام 2022.
الأمر الحاسم هو أن صناديق سندات الشركات المتداولة في البورصة جذبت ما يقارب النصف منها، مقارنة بـ22 في المائة فقط من التدفقات الأقل المسجلة في سبتمبر. حصلت السندات ذات العائد المرتفع على 7.8 مليار دولار، في أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2020 وانعكاس تام من سحب 19.6 مليار دولار من القطاع بين كانون الثاني (يناير) وسبتمبر.
كما قفزت عمليات شراء صناديق السندات طويلة الأجل إلى 6.7 مليار دولار، ثالث أعلى رقم على الإطلاق.
روزنبلوث، الذي أشار إلى الشراء القوي لصناديق آي شيرز آي بوكس المتداولة في البورصة لسندات الشركات ذات العائد المرتفع وصناديق إس بي دي آر بلومبيرج للسندات ذات العائد المرتفع، أرجع الرغبة الكبرى في تحمل مخاطر الائتمان وأسعار الفائدة إلى الآمال المتزايدة في "تحول الاحتياطي الفيدرالي" الوشيك نحو سياسات أكثر تساهلا.
قال "إن عمليات الشراء استمرت الأسبوع الماضي في أعقاب رسائل متباينة من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لتحديد أسعار الفائدة في تشرين الثاني (نوفمبر)".
مع ذلك، شديد كان حذرا من وصف الإقدام على المخاطرة هذا بأنه بداية اتجاه حاسم. بدلا من ذلك، أرجع الطلب على السندات ذات العائد المرتفع إلى التسعير، مع وجود فروق أسعار على سندات الخزانة عند مستويات تاريخية واسعة وإجماع السوق على أن الركود "الوشيك" في الولايات المتحدة من المرجح أن يكون "قصيرا وسطحيا".
قال شديد "العائد المرتفع يعني تحديدا ارتفاع معدل التخلف عن السداد الذي لا نتوقع أن يحدث إلا إذا كان هناك ركود على مستوى النظام. إن الركود الذي نتوقعه لعام 2023 في الولايات المتحدة لن يؤدي إلى ارتفاع كبير في حالات التخلف عن السداد".
كما أشار شديد إلى التدفقات في أسهم الأسواق الناشئة، التي جذبت إجمالا 7.3 مليار دولار في أكتوبر.
كان هذا هو الشهر الـ16 على التوالي من التدفقات الداخلة، ورفع حصيلة القطاع المسجلة منذ بداية العام حتى الآن إلى 81.1 مليار دولار - في طريقها لتجاوز الرقم القياسي للعام الماضي كاملا البالغ 90.6 مليار دولار، ما دفع شديد إلى الإشارة إلى أن الأسواق الناشئة "تبلي بلاء حسنا بعيدا عن الأنظار"، و"يمكن أن تصبح في وضع جيد مع قرب الدولار من بلوغ ذروته".
يبدو أن كثيرا من عمليات الشراء صادر من داخل الأسواق الناشئة، حيث تمثل الصناديق المتداولة المدرجة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ 5.1 مليار دولار من إجمالي أكتوبر البالغ 7.3 مليار دولار.
في المقابل، جزء كبير من الطلب في آسيا والمحيط الهادئ ربما يكون نتيجة عمليات الشراء في الصين، حيث لا يزال لدى المستثمرين خيارات محدودة للوصول إلى الأسواق الخارجية.
تشير البيانات الواردة من شركة إي بي إف آر جلوبال لمراقبة تدفق الأموال، إلى حجم ذلك. يظهر التقرير أنه تم ضخ نحو 50 مليار دولار في صناديق الأسهم الصينية "بما في ذلك الصناديق المشتركة" من المستثمرين بالرنمينبي في الشهور الـ12 الماضية. على الجانب المعاكس، جذبت صناديق الأسهم الصينية نحو 12 مليار دولار من المستثمرين بالدولار الأمريكي ونحو خمسة مليارات دولار فقط إجمالا من المستثمرين باليورو والين والوون.
قال كاميرون براندت، مدير الأبحاث في شركة إي بي إف آر "يظهر تحليل التدفقات إلى صناديق الأسهم الصينية حسب العملة أن الأموال المحلية تقود التدفقات الأخيرة، بينما تراجعت التدفقات المقومة بالدولار منذ الصيف".
"أتاح نزوح الاستثمار الأجنبي فرصة للمستثمرين المحليين، الذين تبدو خياراتهم البديلة (العقارات والسندات) غير جذابة، للاستفادة من سوق رخيصة يتوقع ازدهارها عندما تخف قيود كورونا".
مع ذلك، أظهرت بيانات "بلاك روك" صافي التدفقات الداخلة إلى صناديق أسهم الأسواق الناشئة المتداولة في البورصة من كل من الولايات المتحدة ومنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ حزيران (يونيو).
رأى روزنبلوث علامات على ارتفاع الطلب من المستثمرين الأمريكيين. "بدأنا نرى الأموال تتحرك مرة أخرى. إذا أبطأ الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة، فسيكون ذلك داعما لأسهم الأسواق الناشئة".
كما أن تدفقات هذا العام حتى الآن إلى صناديق أسهم الأسواق الناشئة المدرجة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، التي بلغت 11.7 مليار دولار، في طريقها لتجاوز تدفقات 2021 التي بلغت 12.3 مليار دولار - بعيدة كل البعد عن انعدام الحماسة الشديدة للصناديق المتداولة التي تتبع أسواق الأسهم الأوروبية، التي شهدت 15 مليار دولار من صافي التدفقات الخارجة حتى الآن هذا العام.
مع استمرار صناديق الأسهم الأمريكية المتداولة في البورصة في جذب الأموال، قال شديد "إن فروق الأسعار بين صناديق الأسهم الأمريكية المتداولة في البورصة ونظيرتها الأوروبية هي أكبر ما شهدت منذ فترة طويلة. لقد كان استسلاما من طرف الأسهم الأوروبية".
على مستوى القطاع، حققت الصناديق المتداولة في مجال التكنولوجيا صافي 6.1 مليار دولار في أكتوبر، وهو أعلى رقم منذ مارس، على الرغم من أن شديد كان حذرا مرة أخرى من وصف الأمر بالتحول، نظرا إلى ضعف بيانات الأرباح الصادرة من بعض شركات التكنولوجيا الكبرى في الأيام الأخيرة.

الأكثر قراءة