صناديق التحوط الكبيرة تتسوق في أسواق ديون الشركات

صناديق التحوط الكبيرة تتسوق في أسواق ديون الشركات

بدأت صناديق التحوط الكبرى اقتناص صفقات في السندات غير المرغوب فيها وفي نواح أخرى من سوق ديون الشركات، مراهنة على أن عمليات البيع التي أشعلتها التوقعات الاقتصادية العالمية القاتمة قد تجاوزت المدى.
تلقت ديون الشركات ضربة قوية هذا العام بسبب مخاوف من أن زيادات حادة في تكاليف الاقتراض ستنتج عنها موجة من التخلف عن السداد لدى المجموعات التي اعتادت على الأموال السهلة لأعوام، فيما ارتفعت أسعار الفائدة للمقترضين ذوي المخاطر العالية.
لكن بعض مديري الشركات، بمن فيهم دانيال لويب من شركة ثيرد بوينت، وبول سينجر من شركة إليوت مانيجمنت، والسير مايكل هينتزي من شركة سي كيو إس، يقولون "إن أجزاء من سوق الائتمان تراجعت كثيرا نتيجة لمخاطر التخلف عن السداد، وإن بعضا منها بدأ في تنمية حيازاته".
لويب، المتداول الملياردير، كتب في رسالة حديثة وجهها إلى المستثمرين، مشيرا فيها إلى الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض "لقد وجدنا أن الفرصة الحالية في الائتمان عالي العائد فرصة مغرية". وكان لويب قد رفع رهاناته على ديون الشركات ويخطط كذلك لزيادة الانكشاف حيث تتسارع التقلبات، على الرغم من أنه "لا يتوقع انتعاشا سريعا".
وأضاف في رسالته "نحن الآن نشهد أكثر فرص الاستثمار ربحا في الائتمان المهيكل منذ أزمة كوفيد - 19".
أما إليوت، الذي حذر أخيرا من أن العالم قد يكون متجها نحو أسوأ أزمة مالية منذ الحرب العالمية الثانية، فقد أخبر المستثمرين بأن الفرص في ديون الشركات والاستثمار المتعثر، التي كانت غائبة سابقا، أصبحت تتزايد بسرعة، وذلك وفقا لوثائق المستثمرين التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز".
من جانبه، قال هينتزي، أحد أكثر الأسماء خبرة في تداول ائتمان صناديق التحوط، "إنه استخدم الانخفاضات الأخيرة في أسعار الديون لشراء مراكز ائتمانية وخفض تحوطات صندوقه ضد الأسعار المنخفضة في القطاع".
كتب في رسالة اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، أنه بعد الانخفاضات الكبيرة في الأسعار عبر فئات الأصول الرئيسة "فإننا نفضل الفرص في أسواق الائتمان والائتمان المهيكل على وجه التحديد".
ارتفعت عوائد الديون غير المرغوب فيها، التي ترتفع مع انخفاض الأسعار، من 2.8 في المائة في بداية عام 2022 إلى 7.8 في المائة، وفقا لمؤشر اليورو عالي العائد لشركة البيانات آيس داتا سيرفيسيز.
ناروهيسا ناكاجاوا، مؤسس صندوق التحوط كيجان كابيتال، الذي يراهن على ارتفاع أسعار سندات الشركات، قال "إن التوسع الأخير في الفروقات، وهو مقياس للمخاطر المتوقعة لحيازة ديون الشركات مقابل السندات الحكومية شديدة الخطورة، لم تكن له أساسيات تبرره، لذا أعتقد أنه كان هناك ما يشبه البيع القسري".
في أوروبا، عانت الصناديق ذات العائد المرتفع تدفقات خارجة صافية بلغت 12.7 مليار يورو منذ بداية العام حتى أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، أي ما يعادل أكثر من 15 في المائة من أصولها، وفقا لبيانات "جيه بي مورجان"، في حين خسرت الصناديق الاستثمارية 25.2 مليار يورو على شكل تدفقات خارجة.
جاء عديد من عمليات الاسترداد في صناديق الاستثمار المتداولة السلبية، التي تتبع مؤشرات واسعة للسندات، بالتالي كان عليها بيع مجموعة واسعة من الائتمانات عندما كان المستثمرون منخرطين في البيع.
مثلا، الأصول في صناديق آي شيرز آي بوكس المتداولة في البورصة لسندات الشركات ذات العائد المرتفع انخفضت أكثر من عشرة مليارات دولار منذ نهاية عام 2020، نتيجة في الغالب للتدفقات الخارجة.
بشكل عام، صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة ذات العائد المرتفع، عانت خسارة بلغت 17.1 مليار دولار من صافي التدفقات الخارجة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وفقا لمجموعة البيانات إي تي إف جي آي.
قال رئيس أحد صناديق التحوط الأوروبية الذي كان يشتري السندات أخيرا "تؤدي عمليات الاسترداد إلى البيع الاضطراري، ما ينتج عنه انخفاض الأسعار. إنها تحقق ذاتها بنفسها. إنها مغرية بالفعل وربما تصبح أكثر إغراء".
لي روبنسون، مؤسس شركة ألتانا ويلث، كتب إلى المستثمرين في الأيام الأخيرة معلنا أن "السندات عادت". سلط الضوء على عدد من الفرص "المغرية جدا" بما في ذلك كارنيفال كورب وجاكوار لاند روفر.
وجد استطلاع أجراه بنك بي إن بي باريبا أن المستثمرين الذين يديرون أكثر من 380 مليار دولار من إجمالي أصول صناديق التحوط يخططون لزيادة المخصصات لصناديق الائتمان في جميع المناطق، وكانت الصناديق الأمريكية هي الأكثر شعبية.
في الوقت الذي يتوقع أن ترتفع فيه حالات التخلف عن السداد، التي تقترب الآن من أدنى مستوياتها التاريخية، يجادل بعض المطلعين على الصناعة بأن من غير المرجح أن تصل إلى المستويات التي شوهدت في بعض الأزمات السابقة.
في أوروبا ذات العائد المرتفع، تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن ترتفع معدلات التخلف عن السداد من المستويات الحالية البالغة 1.4 في المائة، إلى 3 في المائة بحلول منتصف العام المقبل، أو إلى 5 في المائة على أسوأ تقدير، مقارنة بنسبة 9 في المائة وصلت إليها في عام 2008. وتتوقع وكالة "فيتش" 2.5 في المائة العام المقبل.
في الولايات المتحدة، تعتقد "فيتش" أن التخلف عن السداد قد يصل إلى ما بين 2.5 و3.5 في المائة بحلول نهاية العام المقبل، و3 إلى 4 في المائة في عام 2024، مقارنة بالمتوسط التاريخي لمدة 21 عاما البالغ 3.8 في المائة، و5.2 في المائة خلال جائحة فيروس كورونا في عام 2020. وتتوقع "إس آند بي" أن يبلغ التخلف 3.5 في المائة منتصف العام المقبل.
قالت تاتيانا جريل كاسترو، الرئيسة المشاركة للأسواق العامة في "موزينيش آند كو"، "تسعر الأسواق على أساس تخلف عن السداد بنسبة 40 في المائة في العائد المرتفع في أوروبا على مدى الأعوام الخمسة المقبلة".
كتب لويب، من "ثيرد بوينت"، "حتى لو ارتفعت الفروق الائتمانية فوق المستويات التي شوهدت في عام 2011 أو 2015، فإن المستثمرين الذين يشترون المؤشر سيستمرون في كسب المال على مدى عام بسبب العائدات المعروضة وتأثير عودة أسعار السندات إلى معدلها".
وأضاف "نتوقع زيادة في حالات التخلف عن السداد مع تباطؤ الاقتصاد، لكن ليست الزيادة التي تبرر هذه الفروق".

الأكثر قراءة