رياض سلمان تباهي بتاريخها وتزهو بحاضرها

رياض سلمان تباهي بتاريخها وتزهو بحاضرها

من حاضرة صغيرة محاطة بسور عتيق ومزارع نخيل محدودة، إلى وجهة عالمية تنافس عواصم الدول الكبرى في صنع القرارات السياسية واستقطاب الاستثمارات الاقتصادية. إنها "رياض سلمان"، التي عاصرها حاكما ومخططا، لحاضرها ومستقبلها، عبر خمسة عقود، أزهرت جهودها قصة نجاح ملهمة ورؤية وطنية شاملة يباهي بها الوطن ويقطف ثمارها المواطن عاما بعد عام وإنجازا تلو الآخر.
والحديث عن علاقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بالرياض تحديدا، يعني سبر أغوار سيرة مجد وبطولة نمت بين مرابع الطفولة والشباب. لذلك، كانت الرياض محظوظة في عز تأهبها لخوض غمار المدنية بهذا الشاب وباختياره أميرا لها، كيف لا وهو المحب والعارف بأدق تفاصيلها العميقة وأجمل لحظاتها البسيطة، بدءا بدكاكين الثميري التي كان المؤسس يبتاع له منها الحلوى طفلا، مرورا بدراويزها الشهيرة، وصولا إلى قصري الحكم والمربع، اللذين تنقل بينهما ممارسا للإدارة ومخالطا للساسة، شابا يتطلع إلى خدمة دينه وعمارة وطنه.
وها هو الملك يعود اليوم متجولا وزائرا للمكتب ذاته الذي شهد تاريخه الحافل اعتماد خطتين استراتيجيتين للتطوير، الأولى على مدى 25 عاما، والتالية لـ50 عاما مقبلة، متابعا - حفظه الله ـ لما تحقق وسيتحقق، ملهما ومحفزا، لشباب يعملون ليل نهار على وضع الرياض في مكانها المستحق على خريطة العواصم العالمية الجاذبة.
ولأن كل الخطط والرؤى لا يمكن تحقيقها وتطبيقها دون إنسان، فقد اشتهر عن الملك سلمان قوله: "العمران الحقيقي هو عمران الرجال"، مؤكدا أنه لا يمل تكرار هذه العبارة في كل مناسبة ومحفل، لأنه اختبرها كثيرا في تجربته الحياتية والعملية، التي بدأت بشح واضح في الموارد البشرية السعودية المؤهلة، وصولا اليوم إلى رجال دولة ورفاق نجاح يفخر بهم الوطن ويفاخر. كما أن وجودهم ضروري في نظر الملك المدرك في كل خطواته التطويرية لضرورة المواءمة بين هوية البلد المحلية وأصالته وتطلعاته العالمية.
يبقى أن هذه المبادئ الإنسانية المتوجة بمعرفة إدارية تولي بناء الإنسان الاهتمام كله، يمكن تلمسها بوضوح في تفاصيل الملك الودودة والمقدرة لكل من شاركوه العمل الوطني شخصيا أو شاركوا المؤسس وأبناءه من بعده، فعرف عنه الذاكرة الحافظة القوية، والتواصل الإنساني المباشر، في أفراح الناس وأحزانهم، متمثلا أخص ما يمتاز به القائد التحويلي من صفات إنسانية، تتكامل والرؤى الجديدة التي نعيشها اليوم واقعا تزينه وتشرفه زيارته الأخيرة، يرافقه كوكبة من رجال الدولة وقادتها الذين يواصلون التحديث والعمران بإخلاص وثبات على خطى الآباء وعزم الأجداد.

الأكثر قراءة