تراجع الاهتمام بأصول البنية التحتية الرقمية
في عالم كانت تسوده أسعار فائدة منخفضة وديون رخيصة، نظر المستثمرون إلى أصول البنية التحتية للعالم الرقمي على أنها ملاذ مثالي لأموالهم.
الهياكل المعدنية التي توجد عليها الهوائيات والمجموعات العقارية التي تضم مراكز البيانات قدمت عوائد ثابتة وطويلة الأمد في عالم يتحول بسرعة إلى الرقمنة، لكن منذ حزيران (يونيو) تراجعت أسعار الأسهم في كثير من شركات هذين القطاعين، حين أدى الارتفاع السريع في أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة رأس المال على شركاتها المثقلة بالديون.
قال نيك ديل ديو، محلل في شركة موفيت ناثانسون "الأبراج ومراكز البيانات معرضة بشكل خاص للتغيرات في أسعار الفائدة. يمكن للمرء أن يجادل في الأساس بأن جميع عمليات البيع الأخيرة في الأسهم يمكن أن تعزى إلى التغيرات في تكلفة رأس المال".
على مدى الأعوام الخمسة الماضية سارعت شركات الاتصالات الرائدة إلى التخلص من أجزاء من أصول هذه الأبراج أو بيعها للاستفادة من تقييماتها الضخمة.
في العام الماضي، تخلصت شركة تليفونيكا من أبراج شركة تلكسيوس بسعر يمثل 30 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإطفاء، والاستهلاك. وقبل أربعة أشهر فقط، تمكنت شركة دويتشه تليكوم من تأمين بيع أبراجها الألمانية والنمساوية لشركتي ديجيتال بريدج وبروكفيلد مقابل 27 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك.
قال انجيل فيلا، المدير المالي في شركة تليفونيكا "كان توقيتنا جيدا. أحيانا تحتاج لأن تكون جاهزا وأن تكون محظوظا"، مضيفا أن "جميع تقييمات شركة الأبراج تم تصحيحها انخفاضا منذ ذلك الحين".
مجموعات الأسهم الخاصة انجذبت إلى العوائد الثابتة التي تقدمها مراكز البيانات. في العام الماضي، اشترت شركة بلاك ستون مجموعة مراكز البيانات الأمريكية، كيو تي إس، مقابل عشرة مليارات دولار، أي 26 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك. وفي وقت سابق من هذا العام، اشترت "ديجيتال بريدج" شركة سويتش التي يوجد مقرها الرئيس في لاس فيجاس، مقابل 31 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك.
لكن خلال الأشهر الستة الماضية، انخفضت تقييمات شركات الأبراج الأمريكية في المتوسط من 29.5 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك إلى 23 ضعفا، في حين انخفضت تقييمات مراكز البيانات الأمريكية من 26.4 ضعف إلى 18.9 ضعف، وفقا لتحليل أجرته شركة موفيت ناثانسون.
شركة ديجيتال ريالتي، وهي واحدة من أكبر مجموعات مراكز البيانات في العالم، عدلت في الشهر الماضي توجيهاتها وتوقعات التدفق النقدي انخفاضا للعام كاملا، بسبب تحركات العملات وارتفاع أسعار الفائدة، في حين قالت "أمريكان تاورز"، أكبر شركة أبراج في العالم، "إن بيئة الأسعار سيكون لها تأثير سلبي كبير في متوسط أموال الشركة المتأتية من العمليات".
رودني سميث، المدير المالي في "أمريكان تاورز"، قال للمستثمرين خلال مكالمة أرباح الأسبوع الماضي "أعتقد أن عليكم التفكير في عام 2023 باعتباره عاما مليئا بالتحديات بالنسبة إلينا"، مضيفا أن "ارتفاع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع سيكون تحديا يبعدنا عن هدفنا للنمو".
مع ذلك، عمليات البيع الأوسع في السوق تخفي بعض الفروق الدقيقة. فقد نجت شركة فانتاج تاورز، المملوكة بنسبة 80 في المائة لمجموعة فودافون للاتصالات، من جميع الآلام تقريبا إلى حد كبير لأن إجمالي ديونها إلى مستوى الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك، البالغ 4.5 ضعف فقط، قد تم تخفيضه من قبل شركتها الأم.
على النقيض من ذلك، يبلغ صافي ديون مجموعة الأبراج الأوروبية، سيلنيكس، نحو 6.5 ضعف الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك، والاستهلاك، وشركة أمريكان تاورز عند 5.5 ضعف ومجموعة الأبراج الأمريكية إس بي إيه عند 6.8 ضعف.
أثرت أشد عمليات تصحيح التقييم في الشركات التي تعتمد استراتيجيات تطويرها على جمع مبالغ كبيرة من رأس المال الخارجي، وغالبا ما يتم ذلك لتمويل عمليات الاستحواذ الطموحة. يحرص المستثمرون على رؤية تلك الشركات تتخذ قرارات انتقائية حول مكان توجيه استثماراتها.
في حديثه إلى المستثمرين الأسبوع الماضي، قال آرثر شتاين، الرئيس التنفيذي لشركة ديجيتال ريالتي، إ"ن زيادة تكلفة رأس المال دفعتنا إلى صقل عدساتنا وإعطاء الأولوية للاستثمارات الجديدة التي تتمتع بأعلى ميزة استراتيجية وتقدم أفضل العوائد المحتملة المعدلة حسب المخاطر".
تحتاج شركة سيلنيكس، التي كانت في حالة فورة شراء على مدى الأعوام القليلة الماضية ولديها نحو ملياري يورو من الديون المستحقة في 2024، إلى إقناع المستثمرين بأنها تستطيع إدارة متطلبات رأس المال بحكمة.
كتب جيري ديليس، المحلل في بنك جيفريز "سيكون من المفيد لشركة سيلنيكس إعادة تحديد أولوياتها الاستراتيجية لتأخذ في الحسبان احتياجات التمويل الحالية"، مضيفا أن "الحصول على تصنيف الدرجة الاستثمارية سيكون مفيدا". يشار إلى أن وكالة ستاندرد آند بورز تصنفها حاليا دون هذا المستوى.
وبالنظر إلى أن معظم هذه الشركات نمت تاريخيا عبر عمليات الاستحواذ، فإن السؤال الآن هو إذا ما كانت ستمتلك رأس المال لمواصلة اتباع هذا النموذج.
قال كيث تايلور، المدير المالي لشركة إكوينيكس، للمستثمرين هذا الأسبوع "لقد تحدثت بصراحة عن كيف نريد جمع مزيد من الديون حتى في البيئة الحالية"، مضيفا أن "الشركة لا تزال تخطط للاستثمار بحكمة في الاستحواذ على شركات جديدة، السؤال هو، من أين تحصل على الدين؟".
جوردان سادلر، نائب الرئيس الأول لعلاقات المستثمرين في شركة ديجيتال ريالتي، قال لشركات البنية التحتية التي تبحث عن عوائد أعلى في البيئة الجديدة "هناك طريقة واحدة فقط للتحرك، عليك الحصول على إيجارات أعلى".