كيف غيرت الجائحة ملامح عالم العمل والتنقل؟

كيف غيرت الجائحة ملامح عالم العمل والتنقل؟
كيف غيرت الجائحة ملامح عالم العمل والتنقل؟

نورث بيرويك، مدينة ساحلية تقع على بعد نصف ساعة شرق إدنبرة بالقطار، أدى البحث عن الجوانب المشرقة خلال الجائحة إلى ظهور المجموعة المحلية باس روك.
حتى تفشي فيروس كورونا، لم تكن المجموعة - التي استوحت اسمها من الصخور البركانية وملاذ الطيور البحرية التي تقع في فيرث أوف فورث - موجودة. إنها إرث "مجموعة المقاومة" التي أنشأتها المدينة للتعامل مع التأثير الفوري للفيروس.
الآن يكرس أكثر من 20 متطوعا أمسيات وعطلات نهاية الأسبوع للقضايا المحلية، مثل ترميم المقاعد حول المرافئ الخلابة، أو إدارة جمع التبرعات للمدرسة الثانوية المحلية أو مساعدة مركز المجتمع المحلي على دعم الأسر الضعيفة خلال أزمة تكلفة المعيشة. يقول أندرو بندلتون، أحد مؤسسي المجموعة، "لقد اشتهرنا بقدرتنا على المساعدة حيثما يحتاج الناس إلى المساعدة".
تم اختيار ثلث متطوعي باس روك ليس فقط من الصفوف المعتادة من العمال المتقاعدين أو العاملين بدوام جزئي، لكن من بين السكان الذين اعتادوا على التنقل إلى إدنبرة. وفر العمل عن بعد وقتا يمكنهم تخصيصه للمجتمع الذي تعرفوا عليه بشكل أفضل أثناء عمليات الإغلاق.
يضيف بندلتون، "لم تكن المجموعة لتجتمع بالطريقة التي قامت بها لولا الجائحة أو العمل من المنزل. لقد كانت منشطا حقيقيا للمجتمع".
تعد المجموعات من هذا النوع مجرد مثال واحد على كيف أن التغيير في عادات المتنقلين، الذين يقضون الآن يومين أو ثلاثة أيام فقط في المكتب يغير السلوك والاقتصاد حتى البنية التحتية للمجتمعات في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
بعض التغييرات المصاحبة، مثلا تحسن الروح المجتمعية، غير مؤكدة إلى حد كبير. لكن حتى البيانات غير المكتملة عن الإنفاق المحلي، ومبيعات المنازل السكنية، واستخدام مواقف السيارات، وعضوية النوادي الاجتماعية والرياضية، تشير إلى حدوث تحول أوسع.
ما يحدث هنا هو نسخة مما توقعه بعض السياسيين والمعلقين المحليين خلال الموجة الأولى من فيروس كورونا، أن النشاط الاقتصادي سيتحول من مراكز المدن إلى المناطق البعيدة. وهذا بدوره يسرع من محاولات السلطات خارج المدن الكبرى لتشجيع مزيد من الاستثمار والنشاط المحلي.
يشير التحليل الذي أجرته تيرا ألاس، مديرة البحوث والاقتصاد في شركة ماكينزي، باستخدام البيانات العامة من مكتب الإحصاء الوطني ومحرك جوجل، إلى أن نسبة الأشخاص الذين يسافرون إلى العمل لا تزال أقل من مستويات ما قبل الجائحة في كل سلطة محلية في المملكة المتحدة، مع تأخر لندن عن البقية.
تظهر قاعدة بيانات محلية للإنفاق في الشوارع التجارية مقدمة من سوشيال إنفسمنت بزنيس، مؤسسة خيرية للتجديد، التي حللتها "فاينانشيال تايمز"، أن الإنفاق الشخصي في لندن خلال أيلول (سبتمبر) انخفض 27 في المائة بالقيمة الاسمية على مستويات 2019 - انخفاض بـ35 في المائة، عند تعديله بمراعاة التضخم.
أظهر مسح أجراه معهد السياسة في كينجز كوليدج لندن أن ثلاثة أرباع العاملين في لندن يعتقدون أنهم لن يقضوا خمسة أيام في الأسبوع في المكتب مرة أخرى. قالوا إن تقليل التنقل اليومي كان أحد الفوائد الرئيسة.
لكن مارك كلاينمان، أستاذ زائر في معهد كينجز كوليدج لندن، لا يزال يعتقد أن المدن الكبرى لن يتم هجرها، "لم أكن مقتنعا أبدا أن النباتات المتدحرجة ستتدحرج عبر شارع أكسفورد أو مدينة لندن على المدى الطويل".
من الصعب قياس مدى ديمومة عادة العمل من المنزل مع استعداد البلد لفصل شتاء قاس من فواتير الطاقة المرتفعة وتكاليف الرهن العقاري المتزايدة، فضلا عن الركود الذي قد يؤدي إلى فقدان الوظائف.
مهما كانت النتيجة، فإن استمرار العمل الهجين سيكون له آثار في إنفاق الحكومات المحلية وفي البنية التحتية ومستقبل البيع بالتجزئة، وهو ما يحدث بشكل مختلف في المدن السكنية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
تقول هازل بليرز، الوزيرة البريطانية السابقة ورئيسة مؤسسة إس أي بي، "إذا تمكنت المجالس المحلية من تمكين النشطاء المجتمعيين، فعندئذ من خلال التجمع معا وجلب رأس المال الخاص، يمكنهم تحقيق الأمور".

تسوق محلي
في إبسوم، التي تبعد 34 دقيقة بالقطار من محطة واترلو وسط لندن، فقدت ساحة مواقف السيارات التي يستخدمها المسافرون عادة، نصف زبائنها منذ بداية الجائحة. إن التحول في سلوك المتنقلين له مزاياه وعيوبه.
حيث أدى هذا أيضا إلى الضغط على سينزو، المقهى المجاور الذي يعد نفسه "أول مقهى إسبريسو مستقل" في المدينة. يشكو إيه جيه، مالك مقهى سينزو، "كنا نجري 300 عملية بيع بين الساعة السابعة والتاسعة صباحا من قبل الجائحة، لكن الآن ليس لدينا سوى 100 عملية بيع". يتوافد بعض العملاء بعد الساعة التاسعة صباحا، لكن هناك حاجة إلى مزيد من الموظفين لخدمتهم على الطاولات.
يقول ستيفن ماكورميك، الذي يمثل جمعية السكان في مجلس مقاطعة إبسوم وإيويل، إن أعداد السيارات التي تستخدم مواقف السيارات الأخرى عادت تقريبا إلى مستويات ما قبل الجائحة، ما يشير إلى أن مزيدا من الناس يقضون الوقت محليا. يقول ماكورميك، وهو مدير مشروع يعمل بشكل أساس في القطاع المالي، "أعتقد أن الأمر يرجع إلى الشركة التي يعملون لديها، ما إذا كانت تشجع العمل عن بعد أم لا".
تقدم قاعدة بيانات مؤسسة إس أي بي صورة مختلطة. يشير تحليل "فاينانشيال تايمز" إلى أن الإنفاق في المقاطعة لم يتعاف إلى مستويات 2019، آخر فترة ما قبل الجائحة، إلا خلال الصيف - وهو الوقت الذي زاد فيه الإنفاق الشخصي في المدينة عموما بنحو الخمس.
تقول كارين بينجلي، مديرة منطقة تحسين الأعمال في إبسوم، "لقد تغيرت العادات وما زلنا نحاول تحديدها".
تعتقد كارين أن القدوم إلى منطقة التسوق الرئيسة في إبسوم، التي بدت مزدحمة في ظهيرة يوم ثلاثاء ماطر أخيرا، أصبح الآن موزعا بالتساوي على مدار الأسبوع، بدلا من الذروة الملحوظة أيام السبت.
تعكس بيانات مؤسسة إس أي بي تلك العادات المتغيرة، ارتفع الإنفاق في إبسوم في آب (أغسطس) 16 في المائة بين الأشخاص الذين يعيشون على بعد ميلين، لكنه انخفض 11 في المائة بين أولئك الذين يسافرون إلى المنطقة من أماكن أخرى أبعد.
ظهرت صورة أوضح في مقاطعة إيست لوثيان، التي تضم نورث بيرويك. إذ زاد إنفاق السكان المحليين في الشوارع التجارية 55 في المائة بين سبتمبر 2019 وسبتمبر من هذا العام، ما يجعلها أحد أكبر المستفيدين من زيادة نشاط الشوارع التجارية خلال الجائحة بأكملها. عموما، ارتفع الإنفاق المحلي 41 في المائة منذ 2019.
يقول جون ماكميلان، عضو مجلس العمل الاسكتلندي وعمدة إيست لوثيان، إن خطط التنمية الاقتصادية كانت جارية قبل الجائحة. وكان أحد الأهداف الاستراتيجية هو "زيادة نسبة (...) السكان العاملين المساهمين في اقتصاد إيست لوثيان". يقول إن ثورة العمل من المنزل أعطت هذا الطموح دفعة تعزيزية مع تكيف الشركات المحلية بسرعة.
افتتحت جو ماك نيكول، التي عملت عائلة زوجها بالزراعة بالقرب من نورث بيرويك منذ 1908، مقهى ذا دريفت، في 2018 على هامش أرض العائلة مع إطلالات على فيرث أوف فورث، باستخدام حاويات شحن مخصصة. ما أصبح خدمة "طلبات سفرية" أثناء عمليات الإغلاق - ما تسميه "أداة نجاة للصحة العقلية" - عاد المقهى الآن إلى العمل المعتاد، لكنه أيضا يلبي احتياجات العملاء الذين يعملون من المنزل. لا توجد شبكة واي فاي عامة، لكن السكان المحليين يأتون لحضور الاجتماعات، ويمكنهم حجز الطاولات لمدة تصل إلى 90 دقيقة.

ها هم "النازحون من لندن"
إلى جانب المتنقلين التقليديين، غيرت الجائحة أيضا طموحات مجتمعات مثل هاستينغز، على الساحل الجنوبي لإنجلترا - على بعد ساعة وثلاثة أرباع الساعة برحلة بالقطار من لندن. يقول شون دينيس، الذي يدير مؤسسة اجتماعية تقدم المشورة في مجال الأعمال والتمويل والدعم، إن "النازحين من لندن"، انتقلوا من مناطق أكثر تكلفة في العاصمة أو بالقرب منها وبقوا فيها. قام البعض بإنشاء مقاه وأعمال تموينية.
كما أنه "يرى أنواعا جديدة من المسافرين الذين (...) لا يحتاجون إلى التنقل كثيرا أو الذين ينتقلون إلى أماكن مثل هاستينغز حيث يسهل السفر عدة مرات في الأسبوع".
يقول جراهام بيترز، الرئيس المشارك لمجلس إدارة هاستينغ تاون ديل، إن موقف السيارات في محطة إيتشنغهام، في قرية في الطريق إلى لندن، ممتلئ الآن بنسبة الثلث أو النصف معظم الأيام. ويضيف أنه قبل الجائحة، "كثير من أصدقائنا كانوا يغادرون في الظلام ويعودون إلى منازلهم في الظلام. هذا تغير الآن".
ارتفع الإنفاق في هاستينغز، وفقا لبيانات مؤسسة إس أي بي، بمقدار الربع بالقيمة الاسمية منذ 2019، مدفوعا بزيادة قدرها 30 في المائة في إنفاق الأشخاص الذين يعيشون على بعد ميلين من المدينة الساحلية.
أدى توافد السكان الجدد، إلى جانب عمليات الإغلاق التي استمرت عامين، إلى رفع تطلعات هاستينغز من وعود بوصلات سكك حديدية عالية السرعة أو طرق أفضل للسيارات تربطها مع العاصمة، إلى حي متماسك ومستدام، كما تقول جيس ستيل، ناشطة مجتمعية ورئيسة تنفيذية في مؤسسة كوميونتي لاند ترست، التي تدير مساحات عمل مشتركة في مبان مهجورة سابقا في ملكية مشتركة.
تقول إن المدن الصغيرة "لا تريد كثيرا من المتنقلين. ما فعلته الجائحة هو تحويل هذا الانقسام بين المتنقلين والمقيمين (...) أما الآن بين جيل زد -الجيل الذي يلي جيل الألفية- والمقيمين".
كان لبعض التحول نحو مزيد من العمل عن بعد، سواء على مسافة طويلة، كما هو الحال في هاستينغز، أو في مدن المسافرين التقليدية مثل نورث بيرويك أو إبسوم، تأثير كبير في سوق الإسكان.
ارتفعت أسعار العقارات السكنية في وسط مدينة هاستينغز، بـ8.8 في المائة سنويا بين 2019 و2022، وفقا للأرقام التي جمعتها تونتي سي، شركة لتحليل العقارات، مقارنة بمعدل النمو السنوي البالغ 6.8 في المائة في المملكة المتحدة ككل. يستغرق الأمر الآن 38 يوما فقط لبيع عقار في وسط المدينة، مقابل 63 يوما قبل ثلاثة أعوام و45 يوما في المتوسط في المملكة المتحدة، على الرغم من أن الزيادة الأخيرة في معدلات الرهن العقاري لا بد أن تؤثر في المبيعات.
شهدت كيت دربيشاير، مديرة وكلاء العقارات في جون براي في مدينة أولد هاستينغز، "وفودا هائلة من الأشخاص (...) الذين ربما كانوا يعيشون ويعملون في تونبريدج وويلز، ولندن، وبرايتون". تضيف، "فجأة، يعيد الناس تقييم ما هو مهم في حياتهم، وأدركوا أنه يمكنهم توفير كثير من أموالهم هنا".
في نورث بيرويك، حيث يتحدث السكان عن تكلفة العقارات بمزيج من الدهشة والأسف، تتماشى الزيادات في الأسعار مع بقية المملكة المتحدة، لكن وقت البيع انخفض إلى النصف من 59 إلى 27 يوما. وفقا للسكان، يحدث كثير من المبيعات خارج السوق.

مساحة خاصة بالمرء
نظرا إلى أن مزيدا من الأشخاص يتبنون المرونة التي يوفرها العمل عن بعد، فقد ارتفع الطلب أيضا على "مساحة ثالثة"، وهي وسط ملائم بين المنزل والمكتب.
كشفت دراسة استقصائية أجريت على 20 ألف بالغ، أجرتها ديموس، وهي مؤسسة فكرية، في كانون الأول (ديسمبر) 2020، أن 63 في المائة منهم يعدون هذه المساحة واحدة من أهم ثلاث أولويات للمرافق المحلية. ومع ذلك، لا يزال العثور على هذا الخيار البديل بين العمل والمنزل أمرا صعبا.
يتحسر ماكورميك، عضو مجلس إبسوم، الذي يستأجر مكتبا في الطابق السفلي، على ندرة مساحة العمل المشتركة الرسمية في المدينة. وللمساعدة على سد الفجوة، أنشأت ديفينيا بيسانت، مؤسسة مجموعتي إبسوم وإيويل فاميليز المجتمعية، مساحة عمل مؤقتة مشتركة للشركات المحلية في أول ثينغز نايس، وهو مقهى يوفر مساحة مشتركة مرتين في الشهر. تقول، "لا يزال العاملون عن بعد يريدون الوجود حول الناس، لكن قد لا يكون لديهم مكتب يعودون إليه".
تتمثل إحدى المشكلات في أن شركات العمل المشتركة الكبيرة - مثل ريجوس، المملوكة لآي دبليو جي أو شركة وي ويرك - من المرجح أن توجد في مراكز المدن أو بالقرب منها. وقد أتاح ذلك فرصة لرواد الأعمال في بعض المدن السكنية.
تم افتتاح ذا لايتهاوس في نورث بيرويك في 2018، تم تأجير 12 استوديو لصالة رياضية وتصفيف الشعر وغيرها من الشركات الصغيرة، إضافة إلى مكاتب ثابتة ومساحة عمل مشتركة في وحدة صناعية مع إطلالات على نورث بيرويك لو، التل المميز في المدينة. وبمجرد أن بدأ رفع قيود كوفيد في تموز (يوليو) 2021، يقول المالك المشارك نيك واتسون، إن هناك زيادة سريعة في عودة المستأجرين ومجيء مستخدمين جدد. يقول، "لقد سئم الناس من الوجود في المنزل. لقد كانوا مرتاحين بالعودة إلى هنا أكثر من ارتياحهم بالعودة إلى (...) إدنبرة".
شهدت هاستينغز أيضا ارتفاعا في الطلب على المكاتب المشتركة التي تخدم عددا متزايدا من العاملين في الصناعة الإبداعية. وافتتحت بيلا لاندن، التي اشترت متجرا شاغرا في دبنهامز في 2020 مع أختها، طابقين كمساحة عمل مشتركة بعد اكتشاف اتجاه المؤسسات المالية التنموية. تقول "ما أصبح واضحا هو أن لدينا الآن قوة عاملة يمكنها رؤية الحياة خارج المكتب والعمل اليومي".
أحد المؤشرات غير الرسمية لرعاية السكان لمدينتهم، الذي لاحظته الناشطة المحلية هيلاري سميث، هو انخفاض كمية القمامة. إذ تقول سميث، "يتعلق بعضها بالأشخاص الراغبين في أن يكونوا أكثر انخراطا. ويتعلق كثير منها بالأشخاص الذين يريدون إحداث فرق في مجتمعهم".
تضيف جودي لوكهارت هانتر، رئيسة مجلس مجتمع المدينة، "كان لدى نورث بيرويك دائما مجتمع رائع، لكن كوفيد جسد ذلك أكثر. أصبح الناس يقدرون أوقات الفراغ ويقررون ما يجب فعله فيها".
بشكل مشابه في إبسوم، يقول بيسانت إن كثيرا من السكان المحليين يستغلون الوقت الذي يوفرونه عبر التنقل للتطوع في بنوك الطعام والفروع المحلية لإيج كونسيرن، وهي مؤسسة خيرية تقدم الدعم لكبار السن.

أضواء ساطعة.. مدن كبرى
لم يتم اختبار قوة البقاء لهذه التغييرات حقا. ففي جنوب إبسوم، تقول بينجلي لازال الأمر مبكرا. تضيف، "أمامنا أعوام عديدة من التجربة، حيث تتخلى الشركات عن لندن وتبحث عن مراكز في أماكن أخرى".
ستستمر المراكز الكبيرة، مثل لندن وإدنبرة، في ممارسة الجاذبية، وقد تؤدي جهود أرباب العمل لإغراء الموظفين بالعودة إلى المكاتب إلى عكس بعض الهجرة الجماعية إلى العمل المنزلي.
وبما أن التأثير قصير المدى لعمليات الإغلاق يتبلور في نمط طويل المدى، فقد تطور المناطق أيضا تعايشا جديدا بين المدن ومحيطاتها. ويشير كلاينمان من كيه سي إل، إلى أن لندن تقع في قلب "منطقة مدينة" ضخمة في جنوب شرق إنجلترا، بينما تستفيد مدن مثل أكسفورد من نقل الشركات الناشئة التي نشأت في البداية في العاصمة.
في اسكتلندا، يرى مسؤولو المجلس أن إدنبرة ولوثيانز المحيطة بها مكملتان وليستا متنافستين. يقول واتسن، شريك في ملكية "ذا لايتهاوس"، "نحتاج إلى أن يكون أداء سوق إدنبرة المركزي جيدا لأن بعد ذلك الأشخاص الذين يعملون في إدنبرة سيصلون إلى النقطة التي يمكنهم فيها الانتقال وتحمل تكاليف العيش هنا والمجيء إلينا لمدة يومين أو ثلاثة أيام أسبوعيا".
ما تبقى أن نرى هو كيف - ستتكيف السياسات أو ما إذا كانت ستتكيف لاستيعاب هذا الوضع الطبيعي الجديد المؤقت. قال رئيس بلدية لندن صادق خان في حديثه في مؤتمر الأنثروبيا حول مستقبل المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، إنه سيوصي بعدم اتخاذ الشركات "قرارات طويلة الأجل في وسط لندن، بناء على الوضع المؤقت". من ناحية أخرى، أكملت شركة إبسوم للتو استشارة عامة بشأن خطة محلية تمتد حتى 2040، التي من المرجح أن تأخذ في الحسبان كيفية تغير مواقف الناخبين تجاه مدينتهم.
لا يتفق الجميع. فحامد أوفايسي، مدير شركة إس أو ليجال للمحاماة، لها فروع في لندن إضافة إلى هاستينغز، يشكك في الفوائد التي تعود على الاقتصاد المحلي من العمل من المنزل.
يقول، "إن هاستينغز مدينة انتقالية للغاية وتعتمد على السياحة. وعطلة نهاية الأسبوع مليئة بالسياح والمشاة، ومنتصف الأسبوع بالسكان المحليين وهي ميتة عمليا. لقد غير معظم المطاعم أوقات العمل في الواقع لأن الشوارع التجارية هادئة للغاية".
في نهاية المطاف، فإن القوى الاقتصادية الأوسع - من أسعار الطاقة إلى تكاليف المعيشة المتضخمة - هي التي يمكن أن تقرر ما إذا كانت هذه المجتمعات النامية، لكن الهشة، التي تعمل من المنزل ستتقلص أو تزدهر.
تقول بينجلي المتفائلة، "إن الشيء المثير للاهتمام هو ما سيحدث في الخريف والشتاء. فعندما تجلس بمفردك على طاولة مطبخك، تشعر بالبرد الشديد".

الأكثر قراءة