أي اتجاه سيذهب «إتش إس بي سي»؟
كتعبير مالي للعولمة، تتمتع مؤسسة هونج كونج وشنغهاي المصرفية بتاريخ طويل يعود إلى تأسيسها على يد اسكتلندي في عام 1865. أخيرا، قبل سبع أعوام، بدا جوهر نموذجها - تمويل أنشطة الصين التجارية مع العالم - أكثر ذكاء - من أي وقت مضى.
هل تتذكرون ذا بلو أت كادسدن؟ إنه المكان الذي التقى فيه ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، شي جين بينج، بعد يومين من إخبار الرئيس الصيني البرلمانيين البريطانيين بأن المملكة المتحدة والصين شكلا "مجتمعا مترابطا من المصالح المتداخلة".
اليوم، على الرغم من ذلك، هذه المصالح تتفكك بوتيرة سريعة. ونموذج الأعمال الذي يتبعه بنك إتش إس بي سي يفتقر إلى التوازن بشكل مروع في عالم متصدع بشكل عام. والتوترات بين هونج كونج ولندن - القاعدتين التوأم لبنك إتش إس بي سي - حادة بشكل خاص.
في الأسبوع الماضي، امتد الخلاف بين بنك إتش إس بي سي وأكبر مساهميه، مجموعة التأمين الصينية بينج آن، إلى العلن بعد أن أخبر مايكل هوانج، رئيس وحدة إدارة الأصول في شركة التأمين، "فاينانشيال تايمز" بأن على البنك تفكيك نفسه، وأن يكون "أكثر حدة" في خفض التكاليف.
الخلاف غير العادي، الذي كان يختمر في السر لعدة أعوام، وفقا لأشخاص مقربين من البنك، ظهر للمرة الأولى في الربيع عندما تبين أن شركة بينج آن أبلغت إدارة بنك إتش إس بي سي بضرورة متابعة الانفصال. لم يتخذ بنك إتش إس بي سي أي إجراءات إلى حد كبير في هذه الأثناء، ما زاد من الإحباط في شركة بينج أن.
هوانج أخبر "فاينانشيال تايمز" بأن "نموذج التمويل العالمي الذي هيمن على الصناعة المالية العالمية في القرن الماضي وشكلها في السابق لم يعد منافسا"، وأضاف "مجرد تجريد عدد قليل من الأسواق الصغيرة أو الشركات لن يكون كافيا لمعالجة التحديات". وحث البنك على "تبني موقف منفتح عبر دراسة المقترحات ذات الصلة بعناية وحكمة (...) بدلا من محاولة تجاوزها ورفضها ببساطة". هذا مؤلم.
فلماذا هذا الانفجار؟ بشكل جزئي، إنه يعكس الانزعاج من أداء بنك إتش إس بي سي الضعيف نسبيا، وبطئه الملحوظ في التعامل مع ذلك. لطالما كانت حقيقة لا مفر منها أن ربحية المجموعة خارج هونج كونج والصين الكبرى وآسيا على نطاق أوسع، تمثل عبئا. تولد المنطقة نحو 70 في المائة من أرباح المجموعة.
كانت نقطة التحول في العلاقة بين بنك إتش إس بي سي وأكبر مساهميه هي إيقاف مدفوعات الأرباح في عام 2020، عندما حظر المنظمون البريطانيون على البنوك توزيع أرباح على المساهمين، نظرا للمخاوف من تأثير جائحة كوفيد في القطاع المالي.
شركة بينج آن، التي تبلغ حصتها في "إتش إس بي سي" نحو 9 في المائة، تتوقع عادة أن تولد نحو مليار دولار سنويا من توزيعات أرباح البنك. لكن البنك تسبب أيضا في نفور مجموعات كبيرة من عملائه في هونج كونج، وكثير منهم من صغار المستثمرين الذين يعتمدون على توزيعات الأرباح للحصول على دخل التقاعد. كانت الفكرة القائلة إن الجهة التنظيمية لقوة استعمارية سابقة هي التي أملت هذه السياسة لعنة في المنطقة.
إضافة إلى كل ما ورد هناك التوترات الجيوسياسية. حدثت نقطة اشتعال رئيسة في عام 2018، عندما قدم البنك معلومات للمدعين العامين الأمريكيين حول منج وانزهو المديرة المالية لشركة هواوي، التي تم القبض عليها عام 2018. في الجانب الآخر، انتقد سياسيون بريطانيون وأمريكيون بشدة مديري "إتش إس بي سي" التنفيذيين الذين أعربوا عن دعمهم لقانون الأمن القومي المثير للجدل في هونج كونج. ثم هناك الدور المحوري لشركة بينج آن نفسها. تكمن جذورها في الثمانينيات من القرن الماضي في الشركات المملوكة للدولة والمستثمر المهيمن فيها اليوم هو عائلة تشيرافانونت، التي كانت منذ فترة طويلة قريبة من الحزب الشيوعي الصيني.
إلى أين يتجه بنك إتش إس بي سي من هنا؟ بدأ البنك بحكمة التحضير للجيل القادم من القادة. لكن التعيين المفاجئ لمدير مالي جديد مقيم في لندن، في إطار التخطيط لخلافة الرئيس التنفيذي، أثار استياء شركة بينج آن التي كانت تضغط من أجل انتقال مزيد من كبار الموظفين إلى هونج كونج.
كانت وتيرة خفض التكاليف وسحب الاستثمارات من الوحدات التي لا تتوافق جيدا مع الفرع الآسيوي بطيئة. تتمثل الخطوة الواضحة في فصل شركات المجموعة المحصنة بالفعل في المملكة المتحدة. تعتقد شركة بينج آن أن تحرير الأعمال الآسيوية من أغلال بقية العالم يمكن أن يعزز قيمة "إتش إس بي سي" بمقدار الربع، ويحرر ثمانية مليارات دولار من رأس المال، لأن المنظمين سيطلبون عددا أقل من حواجز الحماية الإضافية، كون البنك لن يكون له تأثير "نظامي عالمي" بعد الآن. لقد حان الوقت لكي يقبل "إتش إس بي سي" النتيجة غير المريحة لأكبر مساهميه: لقد ولت أيامه حيث كان التجسيد المصرفي للعولمة.