السودان تدخل على خط الوقود الإحيائي بطاقة 65 مليون لتر سنويا

السودان تدخل على خط الوقود الإحيائي بطاقة 65 مليون لتر سنويا
السودان تدخل على خط الوقود الإحيائي بطاقة 65 مليون لتر سنويا

لن يصاب الزائر إلى السودان هذه الأيام بالدهشة، عندما يسمع أحاديث الناس عن ثقافة تصنيع وقود الإيثانول وهو الوقود الإحيائي Biofuels، الذي يتوقع منافسته للمشتقات النفطية المتنوعة، عقب اقتحام السودان أسواق النفط العالمية، حيث ارتفع إنتاج البلاد إلى نحو مليون برميل يوميا.

ويأتي هذا الوضع عقب افتتاح مصنع الايثانول في مشروع كنانة 210 كيلو مترا جنوب الخرطوم بطاقة 65 مليون لتر سنويا.

ودخل السودان من البوابة الأوسع عقب البرازيل التي تعد صاحبة الريادة في هذا النوع من التصنيع حيث يبلغ حجم الاستهلاك المحلي بنحو 12 مليار لتر سنويا، كما وصل حجم سوق الإيثانول ذي المصدر النباتي إلى 20 مليار دولار عام 2006.

وكانت منظمة "أوبك" قد قالت في إحصائيات لها إلى إن الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعا حادا في الاستهلاك العالمي من الغاز والنفط من جراء نمو اقتصاد الصين والهند وتضاعف احتياجاتهما من الطاقة فالطلب العالمي على النفط سيرتفع من 76 مليون برميل يوميا عام 2000 إلى 107 ملايين برميل يوميا عام 2020 بزيادة تصل إلى 41 في المائة.

#2#

وأكد محمد المرضي التجاني العضو المنتدب لشركة سكر كنانة أن دخول وإنتاج وقود الايثانول في السودان، يعد ضمن منظومة السكر الكبرى لمشاريع التنمية.

وأضاف المرضي أن مصنع الايثانول يعد فتحا كبيرا في تأمين الطاقة، وإضافة جديدة للصادرات غير النفطية.

وتوقع المرضي أن يكون السودان من أكبر الدول في إنتاج غاز الإيثانول لما يتمتع به من إمكانات في مجال صناعة الوقود الأخضر، مشيرا إلى أن المصنع يعد تطوراً لصناعة السكر ومسيرة الإنماء في كنانة باعتبارها رائدة التصنيع الزراعي، حيث انتهجت كنانة سياسة التوسع الرأسي بتجويد عمليات الإنتاج والتوسع الأفقي بزيادة الرقعة المزروعة وتنويع الإنتاج باستغلال مخلفات الإنتاج وتنويع الإنتاج رأسياً حيث تم إنشاء مصنع للعلف بطاقة 100 ألف طن سنويا .

ويعود يقول المرضي إن إنتاج مصنع سكر "كنانة" سيتدرج ليصل إلى 200 مليون لتر خلال العامين المقبلين، ليكون أول مصنع لهذا الوقود في القارة الإفريقية.

ويصنع الإيثانول من مخلفات السكر في مصنع كنانة، أكبر مصانع السكر في إفريقيا، يمد دول الاتحاد الأوروبي بنصف إنتاجه من السكر، ويغطي احتياجات الدول المجاورة للسودان باستثناء مصر، وهو الأمر الذي يرشح السودان لتكون أكبر البلدان المنتجة للإيثانول في العالم.

وتشير إلى أن دراسات أنتاج الايثانول اكتملت خلال عام 2005، وتم التعاقد مع بيت خبرة برازيلي لتصنيع المعدات خلال عام 2007.

وقد تم تنفيذ المشروع في فترة قياسية حيث تولت وحدة أعمال كنانة للتصنيع والهندسة "كيم" في تركيب المصنع خاصة الأجزاء الميكانيكية والكهربائية باحترافية عالية ومن ثم تسليمه لشركة ديديني البرازيلية الموردة لأجزاء المصنع للتشغيل التجريبي ومن ثم تسليمه لإدارة الشركة بصورة رسمية، حيث بدء بالفعل الإنتاج التجاري وتم الشروع في أعمال البيع.

مع العلم أن المهندس الاستشاري كان شركة تكس فير من جنوب إفريقيا التي راقبت عمليات التنفيذ.

وبدأت من خلال ذلك كنانة في توسعة الرقعة الزراعية لتأمين منتجات الإيثانول. ويعد الإيثانول مركبا كيميائيا عضويا ينتمي إلى فصيلة الكحولات له الصيغة C2H5OH.

ويسمى كحول الايثانول، وهو مادة قابلة للاشتعال عديمة اللون تتكون من تخمر السكر، ويستعمل في المشروبات الكحولية و في صناعة الروائح ويستعمل في بعض الدول في المحركات الميكانيكية المجهزة للإيثانول.

وتبين المعلومات أن الإيثانول يصنع بطريقتين هما البتر وكيماوية عن طريق التجفيف الأثيليني والثانية بشكل طبيعي عن طريق تخمير السكر. ويسمى المحرك المزدوج المرنة.

وتقول المعلومات إنه يوجد في البرازيل أكبر مخازن ومحطات وقود في العالم تنتج و تستهلك الإيثانول كوقود للسيارات والطائرات ذات الوزن الخفيف وبقرار من الحكومة البرازيلية يجب أن يمزج 25 في المائة من الإيثانول بكل لتر بنزين لتخفيض تكلفته والتقليل من تلوث البترول. واليوم أكثر من 50 في المائة من السيارات في البرازيل مجهزة لتعمل على البنزين و الإيثانول ويسمى محرك فليكس.

ويوجد في السودان نحو 202336 كيلومترا مربعا صالحة للزراعة، وتبلغ المساحة الفعلية المستغلة زراعيا نحو 40467.2 كيلومتر مربع، وهناك مليونا فدان تزرع بنظام الري المنتظم عبر القنوات المتدفقة من خزانات المياه مثل خزانات: سنار والرصيرص، جبل أولياء جنوب الخرطوم، ونحو 35408.8 كيلومتر مربع تزرع بالري المطري، وهذا يقارب نصف إجمالي المساحات المزروعة في الوطن العربي.

واستند العلماء في تحليلاتهم إلى ظاهرة حدثت خلال الفترة الماضية، وتمثلت في قيام المزارعين بالدول المتقدمة بتخصيص مساحات شاسعة من أراضيهم لزراعة الذرة، التي تعد المصدر الأساسي للإيثانول، ما دفع مزارعي الدول النامية لقطع المزيد من الغابات بهدف زراعة المواد الغذائية الأخرى التي تراجع إنتاجها.

كما خلصت دراسة نُشرت في مجلة أمريكية، إلى أن الاستخدامات المفترضة للإيثانول لتسخين المياه أو تشغيل السيارات العاملة بالاحتراق الداخلي، مضرة بالبيئة وغير مجدية، وقاتلة أيضا.

في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط بصورة فاقت كل التوقعات. أثبتت أنواع من الوقـود الإحيائي Biofuels أنها تشكل بدائل مجدية للبنزين والبترول.

ونشرت مجلة نيوزويك أخيرا تقريرا حول هذا الموضوع تحت عناوين لافتة للأنظار مثل: "البترول الجديد" و"الطاقة من النباتات".

ونظرا لأن السودان يزخر بكل ما جاء في الدراسة من حقائق تتعلق بتحويل النبات إلى طاقة نظيفة واقتصادية فهل يصبح هذا البلد الإفريقي العملاق هو الأوفر حظا لإنتاج الوقود الإحيائي؟.

وأن التحول من النفط إلى أنواع أخرى من الوقود في البرازيل لم تقتصر على الجو فقط، حيث أصبحت حقول القصب السكر في البلاد تغذي شبكة من 320 مصنعاً لمادة الإيثانول، إضافة إلى التخطيط لإنشاء 50 مصنعا آخر خلال السنوات القلائل المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أن معظم السيارات في البرازيل التي يبلغ عددها 20 مليون سيارة لا تزال تعبئ خزاناتها بوقود تصل نسبة الإيثانول فيه إلى 25 في المائة علماً بأن الأجيال الجديدة من السيارات بوسعها استخدام الإيثانول الخالص بتكلف تبلغ نصف تكلفة البنزين.

أن هذا الرواج في استخدام البدائل النفطية تقف وراءه مؤسسات متنفذة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه جميع دول العالم موجة ارتفاع درجة حرارة الأرض فإن الوقود الإحيائي يبدو بديلا عمليا من أجل خفض انبعاث الكربون، وهناك عدد متنام من الدول التي نطلب الآن الوقود الإحيائي، كما أن عددا من شركات النفط مثل شل وبزنس بتروليوم أصبحت تستثمر بقوة استجابة لهذا الطلب. وبالفعل أصبحت "شل" أكبر موزع في العالم لمادة الإيثانول من خلال شبكة محطاتها المثبتة عبر العالم، في حين تتسابق شركات مثل: دوبونت فولكس فاجن من أجل الحصول على حصة من السوق الذي يزيد حجمه على 20 مليار دولار.

وأبدى المزارعون في أنحاء العالم حماسا كبيرا لتوافر مخارج جديدة لمحاصيلهم، إضافة إلى ذلك في أن أنصار البيئة قد رحبوا بالوقود الجديد أيما ترحيب بوصفه وقودا نظيفا لا ينضب.

ومما يجعل من الوقود الإحيائي وقودا مرغوبا هو أن السيارات التقليدية الحالية تعمل به دون مشكلات. وهذا يعني أن الوقود الإحيائي يمكن مزجه مع الإمدادات الحالية (بنزين أو ديزل)، وتوزيعه عبر المحطات التقليدية الحالية.

وتعتبر تايلاند أحدى الدول المهتمة بهذا الموضوع حيث أنشئت العشرات من مصانع الإيثانول المستخرج من قصب السكر والأرز.

بينما أنشأت الصين أكبر مصنع للإيثانول في العالم في مدينة جيلين وتستخدم فيه الذرة الشامية.

بينما تجرى المصانع الصينية كذلك تجارب على نبات الكسافة والبطاطس الحلوة وقصب السكر.

وتخطط الصين كذلك لاستيراد الإيثانول من البرازيل.

من جهة أخرى فقد قطعت اليابان شوطا في هذا المجال حيث وقعت صفقة لاستيراد 15 مليون لتر من الإيثانول من البرازيل في أيار (مايو) الماضي بهدف خفض استهلاك البنزين بنسبة 3 في المائة.

ودخل الاتحاد الأوروبي طرفا آخر في هذه التجارة الضخمة مما أعطى دفعة فورية للوقود الإحيائي.

وحدد الاتحاد الأوروبي نسبة 6 في المائة لاستخدامه بحلول عام 2010 الأمر الذي سيقتضي زيادة تصل إلى خمسة أضعاف في إنتاج محصولات الوقود الإحيائي.

أما ماليزيا فقد أخذت تتوسع في زراعة أشجار زيت النخيل وإنشاء مصانع الديزل الحيوي لخدمة الأسواق الألمانية، وهي خطة يجب أن يستخدمها السودان انطلاقا من محصولاته العملاقة.

الأكثر قراءة