الفقاعة العقارية وخطأ اليابان .. على الصين الحذر

الفقاعة العقارية وخطأ اليابان .. على الصين الحذر

وفقا لتقدير حديث، سيكون في اليابان العام المقبل نحو 11 مليون وحدة سكنية غير مأهولة، أكثر بقليل من إجمالي المخزون السكني في أستراليا. بحلول 2038، وفقا لسيناريو آخر في سياق هذه التوقعات، يمكن أن تصبح أقل من ثلث الوحدات السكنية في اليابان فارغة.
هذه التوقعات قاتمة بالنسبة إلى اليابان، حيث تعج بقرى ريفية شبه مهجورة، لكنها على الأرجح نذير مشكلة أكبر بكثير للصين. بالنسبة إلى كثير من الاقتصادات، قد يكون النموذج الياباني للركود الانكماشي مصدر قلق غير واضح، حيث يتشكل الخطر في الفقاعات. هناك تحذير ترسله اليابان إلى الصين من حيث تأثير التركيبة السكانية.
البحث الذي أجراه معهد نومورا للأبحاث بعنوان "المنزل الفارغ" هو الأحدث في سلسلة أبحاث تتناول سوق العقارات في اليابان أصدرها المعهد ومنظمات أخرى على مدار أعوام عديدة. تصف سلسلة الأبحاث هذه جميعها مشهدا اقتصاديا لم يتعاف بعد من انهيار فقاعة العقارات في أواخر الثمانينيات. إن صدمة ذلك الانهيار الداخلي، وفشل المنظمين في أن يكونوا صارمين مع البنوك، وسوء تنظيم السياسات التي تهدف إلى تغذية الانتعاش، ما زالت تتسبب في الألم والانكماش والاختلال.
تسبب التركيبة السكانية جزءا كبيرا مما حصل. أوجدت شيخوخة السكان وتقلصهم، مع تعويض الهجرة عن ذلك بشكل بسيط، الضغط الهيكلي الأساسي لفائض الإسكان. تفاقم ذلك عبر عقود من سياسة إسكان تجاهلت التدهور السكاني، وفشلت في التخلص من الممتلكات غير المرغوب فيها أو غير الصالحة للاستخدام، وشجعت أعمال البناء على المحافظة على الناتج المحلي الإجمالي.
من أكثر الافتراضات إثارة للدهشة في توقعات معهد نمورا "التي تشمل المنازل الثانية غير المأهولة لتي تمتلكها الأسر والعقارات غير المأهولة المعروضة للإيجار أو البيع" هو أنه حتى مع تضاعف عدد الوحدات الفارغة تقريبا بين 2023 و2038، فإن أعمال البناء ستضيف أكثر من ثمانية ملايين وحدة جديدة.
بدءا من 2023، تشير الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني لأبحاث السكان والضمان الاجتماعي إلى أن تبرير حدوث ذلك سيصبح أكثر صعوبة. على الرغم من أن عدد سكان اليابان آخذ في التقلص منذ أكثر من عقد، فإن التأثير في فائض الإسكان قد تضاءل مؤقتا حيث استمر العدد الإجمالي للأسر في الارتفاع "بسبب زيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم وزيادة العمر الافتراضي للفرد"، ومن المتوقع أن يبلغ ذروته العام المقبل "ليصل إلى 54.19 مليون أسرة". بعد ذلك، سيرتفع فائض المساكن بشكل أكثر حدة ويزداد الضغط النزولي على أسعار العقارات.
بالنسبة إلى الصين، قد تكون أكبر مشكلة ديموغرافية حاليا هي كيفية تجنب أزمة عقارية شبيهة باليابان، كما يجادل سيمون باول المحلل الاستراتيجي في مذكرة بحثية نشرها مصرف جيفريز أخيرا. يقول فيها "إنه بناء على التوقعات السكانية، قد يتوافر لدى الصين بالفعل ما يكفي من المساكن لتلبية احتياجاتها مستقبلا". باعتبارها اقتصادا أصبح يعتمد على بناء المساكن بصورة غير مسبوقة، فإنها تخاطر بالوقوع في خطأ اليابان ذاته، ببساطة عبر الاستمرار في أعمال البناء الجديدة، كما لو أن التركيبة السكانية ليست مهمة.
ثم يصبح الخطر بعد ذلك انهيارا في الأسعار وتصحيح المسار كالذي تصارعه اليابان حتى الآن. يقول باول "هناك وجه تشابه مهم بين اليابان في 1990 والصين اليوم، وهو أن نوعا محددا من النمو قد وصل إلى النهاية"، مشيرا إلى أن عدد السكان ممن هم في سن العمل في الصين قد بدأ ينخفض فعلا، وأن كلتا الدولتين اعتمدت على نموذج تنمية يقوم على مستويات عالية جدا من الاستثمار وتراكم الأصول المادية.
هناك دعامتان رئيستان في النقاش الذي طرحه باول، الأولى، هي أن تجربة اليابان تشير إلى وجود علاقة قوية وغير متكافئة بين التغير السكاني وأسعار المساكن. من حيث الارتفاع، تشير الأبحاث إلى أن كل زيادة مقدارها 1 في المائة في النمو السكاني مرتبطة بزيادة قدرها خمس نقاط مئوية في أسعار المساكن. في المقابل، ينتج عن انخفاض 1 في المائة في عدد السكان انخفاض أكبر في الأسعار.
أما الدعامة الثانية، فهي أن الزواج في الصين في تراجع، حيث انخفض عدد الزيجات من 13.5 مليون في 2013 إلى 7.6 مليون في 2021.
لكن هناك إجراءات يمكن لبكين أن تتخذها، وعوامل قد تؤخر من تكرار تجربة اليابان في الصين بشكل كبير. من الواضح أن هناك اختلافات مهمة بين اقتصادي الدولتين: حتى مع صوت الهسيس الذي تصدره فقاعة الصين، فإنها حافظت على معدلات نمو اقتصادي أعلى مما كانت عليه اليابان في مرحلة مماثلة من تاريخها.
يقول باول "إن هذا قد يمنح بكين هامش خطأ أكبر مما كان أمام صانعي السياسة اليابانيين في أوائل التسعينيات. ربما لا ينبغي أن يذهب هذا الهامش سدى".

الأكثر قراءة