إلى متى سيتحدى بنك اليابان قوى السوق العالمية؟
هناك مثل صيني يقول: من الأفضل التخطيط لسبل للانسحاب بدلا من 36 طريقة مختلفة للفوز بالمعركة.
ظهرت هذه الحقيقة البدهية في قاعات التداول في طوكيو هذا الخريف، بعد أن أنفقت اليابان رقما قياسيا قدره 62 مليار دولار لمحاربة انهيار الين إلى ما دون أدنى مستوى له في ثلاثة عقود، وذلك فيما يصل إلى أربعة تدخلات منفصلة منذ أيلول (سبتمبر).
هذه ليست سوى جبهة واحدة في حربها ضد قوى السوق العالمية. بحلول نهاية يونيو، بعد أشهر من الكفاح للسيطرة على منحنى العوائد، رفع بنك اليابان حيازاته من السندات الحكومية اليابانية إلى أكثر من نصف كوادريليون ين (3.6 تريليون دولار). في الأسبوعيين الماضيين، لمحاربة التأثير السلبي للتضخم، كشفت الحكومة عن حزمة تحفيز بقيمة 200 مليار دولار.
مع ذلك، هناك مخاوف متزايدة من أن الانسحاب المنظم قد يكون مستحيلا. بدلا من ذلك، يراهن بنك اليابان بكل شيء على استراتيجية أخرى تهدف إلى الفوز بالمعركة. إنه يراهن رهانا كبيرا على أن أوراق النتائج الوطنية والدولية الرابحة ستحل مشكلاته الأكثر إلحاحا. الأوراق الرابحة هي الزيادات الكبيرة في الأجور من الشركات اليابانية، وظهور تضخم جيد، واستقرار واضح في الين، وركود اقتصادي خفيف في الولايات المتحدة، وتحول سياسات أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.
لكن في الوقت نفسه، تصدر رادارات المستثمرين في جميع أنحاء العالم صفيرا صاخبا مع إشارات إلى احتمال تشكل أزمة عميقة في اليابان.
وصف جورج سارافيلوس، الخبير الاستراتيجي في دويتشه بنك، في منشور على مدونة لاقى رواجا واسعا في أكتوبر سياسة التحكم في منحنى العوائد في اليابان -الحد من أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل على سندات الحكومة اليابانية- بأنها "بكل منطق علمي، معطوبة بالفعل".
كما كتب أن منحنى العوائد لا يظهر فقط حجم تشوه السياسة بل حدودها المحتملة. بنك اليابان يصل إلى "ملكية شبه كاملة" لعوائد السندات الثلاثة التي كان يستهدفها، ما يعني أن "الوقت يقترب حيث ستتوقف هذه السندات عن التداول في مجملها وستزول السوق ببساطة".
لكن محللين ومتداولين يقولون إن سوق السندات الحكومية اليابانية مجرد عارض واحد من أعراض تشوه أكبر. من جانبه، يقول رئيس أحد الصناديق العالمية إن جزءا كبيرا من مزيج السياسة اليابانية الحالية وآثاره في السوق الثانوية يبدوان غير مستدامين، كما أن انتظار نتيجة رهان اليابان قد يصبح أمرا لا يطاق.
رغم التدخلات، استمرت العملة اليابانية في اختبار مستويات منخفضة جديدة حول 150 ينا مقابل الدولار. إن اتساع فارق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة يعني أن قليلا على ثقة من المستوى الذي سيجد فيه الين حدا أدنى طبيعيا. نظرا لأن اليابان تعد الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي لا يزال يطبق سياسة سعر فائدة صفري، فإن بنك اليابان يبدو منعزلا أكثر من أي وقت مضى.
يقول ديريك هالبيني، رئيس قسم الأبحاث للأسواق العالمية في مجموعة ميتسوبيشي يو إف جيه المالية: "هناك منطق واستراتيجية وراء ما يقوم به بنك اليابان، لكنهما محفوفان بالمخاطر. كل شيء يمكن أن ينجح بشكل معقول طالما أننا في سيناريو العام المقبل حيث يوجد دليل واضح على انخفاض التضخم في الولايات المتحدة".
"الخطر الأكبر هو إذا لم يحدث ذلك السيناريو. إنهم يريدون تخفيف التحكم في منحنى العوائد في عالم تنخفض فيه عوائد السندات العالمية. إذا لم يفعلوا ذلك، فكلما طالت مدة تجاهلهم لها، زاد عدم انتظام عملية الخروج"، حسبما يضيف.
يقول منصور محيي الدين، كبير الاقتصاديين في بنك سنغافورة، إن أقرب تشبيه لفهم العواقب المحتملة هو إلغاء البنك الوطني السويسري المفاجئ للسقف الذي فرضه على الفرنك السويسري في 2015، ما أدى إلى قفزة كبيرة في العملة وترك أسواق الأسهم الأوروبية تترنح.
يضيف: "لكن سويسرا اقتصاد صغير مقارنة باليابان". إن خروج بنك اليابان خروجا غير منظم من شأنه أن يتسبب في زيادة هائلة في عوائد السندات الحكومية اليابانية لأجل عشرة أعوام، ما يتسبب في حدوث "اضطرابات كبيرة" لحاملي السندات، من صناديق التقاعد المحلية إلى مديري احتياطيات البنوك المركزية في الخارج. كما يضيف أن مؤشر نيكي سينخفض مع التداعيات التي شعرت بها أسواق الأسهم العالمية.
توقعات التضخم
بالنسبة إلى مراقبي السوق، فإن تصميم بنك اليابان على الاستمرار في تجربته يبدو خطيرا في عالم تتدافع فيه الدول لمواجهة التضخم وصده.
لكن بالنسبة إلى هاروهيكو كورودا، فهذه هي اللحظة التي كان ينتظرها تماما منذ أن أصبح محافظا لبنك اليابان في مارس 2013 متعهدا بفعل "كل ما يتطلبه الأمر" لإنهاء موجات الانكماش المعتدلة والمزعجة التي شهدتها البلد.
بسبب الارتفاع العالمي في أسعار السلع الناتج عن الحرب في أوكرانيا، فإن أسعار البضائع في اليابان آخذة في الارتفاع حيث بلغ التضخم 3 في المائة، متجاوزا هدف بنك اليابان البالغ 2 في المائة. الأهم من ذلك، تتوقع كل من الشركات والأسر الآن ارتفاع الأسعار على مدى الأعوام القليلة المقبلة، بعد تقريبا عقدين من الاعتقاد بأنه لا يمكن للأسعار إلا أن تنخفض.
يقول كينتارو كوياما، كبير الاقتصاديين اليابانيين في دويتشه بنك في طوكيو، إن الافتراض الراسخ بأن الأسعار في اليابان لن تتغير، انهار في النهاية. يقول، في تغير مذهل عن لهجة زميله سارافيلوس: "للاستفادة من هذه الفرصة الثمينة، تحتاج السياسة النقدية إلى تشجيع تغيير الأسعار، وهذا هو السبب في أن تحيز بنك اليابان نحو الحفاظ على سياسته النقدية الحالية أمر معقول".
وفقا لأحدث استطلاع لثقة المستهلكين الصادر عن مكتب مجلس الوزراء الياباني الأسبوع الماضي، قال 63 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع إنهم يتوقعون ارتفاع الأسعار 5 في المائة أو أكثر خلال العام المقبل.
كما أظهر استطلاع تانكان الذي أجراه بنك اليابان، استطلاع تتم مراقبته عن كثب حول معنويات الشركات، أنه في سبتمبر، توقعت الشركات اليابانية معدل تضخم يبلغ 2 في المائة في غضون خمسة أعوام، أعلى مستوى منذ أن بدأ في استطلاع هذه التوقعات في 2014.
افتراض التضخم أمر بالغ الأهمية في اليابان، البلد الذي كافح من أجل إزاحة التوقعات التي حددتها فترة 15 عاما من الانكماش المتقطع بين 1998 و2013. شكلت هذه العقلية أيضا أكبر عقبة أمام انعكاس ارتفاع الأسعار في أجور الموظفين.
ما يقلق بنك اليابان ليس دوامة الأجور التي يمكن أن تؤدي إلى فترة أطول من التضخم المرتفع، كما هي الحال في الولايات المتحدة وأوروبا، بل العكس هو الصحيح: الافتقار إلى نمو قوي للأجور الذي من شأنه أن يحمي الاقتصاد من السقوط مرة أخرى في دوامة الانكماش.
قد يساعد ضعف الين أيضا في إنعاش نمو الأجور. رغم أن الميزات قد تضاءلت مع تحول الشركات إلى التصنيع في الخارج، فإن العملة الأكثر ليونة لا تزال تزيد من أرباح الشركات التي يتم تحقيقها في الخارج عند إعادتها إلى الوطن والأمل هو أن تسهل الأرباح القوية على الشركات زيادة الأجور.
"للتخلص من العقلية الانكماشية، كانوا على استعداد لرؤية عملة أضعف. ما أرادوه بشدة هو أن يترجم معدل التضخم البالغ 3 في المائة إلى أجور أعلى. هذا أهم أمر في اليابان"، كما قال مسؤول كبير سابق في بنك اليابان.
الحاجة إلى نمو الأجور
يقول المحللون إن ورقة بنك اليابان الرابحة قد لا تكون تحولا محتملا من جانب الاحتياطي الفيدرالي، بل مفاوضات الأجور "بين نقابات العمال وأرباب الأعمال" في الربيع.
لقد أدت هذه المحادثات السنوية بين النقابات وأرباب العمل على مدى أعوام عديدة إلى بناء الأمل الذي أعقبه خيبة جماعية بين العمال في جميع أنحاء البلد.
في إشارة إلى الأوقات المتغيرة، يسعى اتحاد النقابات المهنية الياباني "رينجو" إلى زيادة الأجور 5 في المائة على أساس سنوي، 3 في المائة من الأجر الأساسي، خلال مفاوضات فصل الربيع، أعلى نسبة منذ 1995.
إذا كانت هذه الزيادة الكبيرة في الأجور وشيكة، فستتزامن أيضا مع التغيير في منصب المحافظ في بنك اليابان عندما تنتهي ولاية كورودا في أبريل.
إذا تم تأكيد الاتجاه نحو ارتفاع مطرد في الأجور، فقد يمنح ذلك محافظ بنك اليابان التالي الثقة للنظر في كبح برنامج التسهيل النقدي الكمي والنوعي.
جادل كورودا بأن أي تشديد سيكون سابقا لأوانه حيث من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم الأساسي في اليابان إلى ما دون هدفه البالغ 2 في المائة بحلول العام المقبل، لكن التوقعات الحالية لبنك اليابان لا تأخذ في الاعتبار الزيادات المحتملة في الأجور من الشركات في فصل الربيع.
يقول ديفيد باورز، الشريك المؤسس لشركة أبسلوت ستراتيجي ريسيرش: "ينظر إلى النمو القوي للأجور على أنه واق ضد انزلاق اليابان مرة أخرى إلى الانكماش. إذا نجحت المحادثات، فقد يكون بإمكان بنك اليابان برئاسة خلف كورودا أن يبدأ في التحول بعيدا عن التسهيل الكمي والنوعي، مع تداعيات على الين وعوائد السندات ليس فقط في اليابان بل على مستوى العالم".
مع ذلك، فإن الاقتصاديين منقسمون حول مدى استعداد الشركات لزيادة أجور الموظفين بعد المقاومة فترة طويلة. في حين أن بعضهم يرفعون سعر منتجاتهم بحذر، لا يزال بعض آخر يخشى أن يرفض المستهلكون الأسعار الأعلى، ما يوجد مشكلة الدجاج والبيض -مشكلة من أتى أولا- للشركات اليابانية.
يقول ماساهيرو أوكافوجي، الرئيس التنفيذي لشركة إيتوتشو، واحدة من الشركات التجارية الخمس الكبرى في اليابان: "إذا جنت الشركات أرباحا ورفعت الأجور، فقد يرتفع الطلب. لكن أيهما يأتي أولا؟ لا يمكن للشركات رفع الأجور إذا لم تكن تحقق أرباحا، في حين أن المستهلكين لا يمكنهم شراء البضائع بأسعار أعلى إذا لم ترتفع أجورهم".
يضيف: "لا يمكننا انتقاد بنك اليابان بسهولة لأن الشركات ستعاني أيضا إذا تم اتخاذ قرار خاطئ".
هل حان الوقت للشراء في الأسواق اليابانية؟
أدى انخفاض الين 28 في المائة مقابل الدولار حتى الآن هذا العام إلى إعادة إثارة السؤال الأوسع حول مدى قابلية الاستثمار في الأسواق اليابانية.
قبل عشرة أعوام، دفعت الإصلاحات الاقتصادية والتنظيمية التي تمت في إطار سياسات شينزو آبي الاقتصادية الأسهم المدرجة في بورصة طوكيو، وفقا لمؤشر توبيكس، إلى انتعاش لأعوام عديدة وزيادة في القيمة تقارب 100 في المائة. لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت الأسهم اليابانية إلى حد ما عارضا آخر واضحا للغاية من عوارض تجاوز سياسة بنك اليابان خطته الأصلية.
في العامين ونصف العام اللذين أعقبا وصول شينزو آبي إلى رئاسة الوزراء في 2012 وتعيين كورودا محافظا لبنك اليابان، اشترى المستثمرون الأجانب أسهما يابانية بلغت قيمتها الصافية 25 تريليون ين.
في الأعوام ما بين 2015 واليوم، عكسوا ذلك تماما، حيث باعوا ما قيمته 25.6 تريليون ين. على مدى الأعوام العشرة الماضية، كان بنك اليابان مشتريا صافيا لما قيمته 36 تريليون ين، عبر برنامجه الخاص لشراء صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة.
قد تبدو الظروف مواتية لارتفاع آخر. تبدو الشركات اليابانية مستقرة نسبيا ورخيصة جدا بسبب الين. من الناحية النظرية، من شأن التدفق القوي من الشراء الأجنبي للأسهم أن يدعم الين ويوجد نوعا من الضغط التصاعدي الطبيعي الذي من شأنه أن ينقذ السلطات اليابانية من التعمق أكثر في المخزن الوطني لسندات الخزانة الأمريكية لدعم العملة بشكل ظاهري.
في الواقع، الين حبيس نمط تداول متقلب تفرضه التدفقات الخارجة الهائلة من الشركات اليابانية ومديري الأصول. بينما يتسبب ذلك في حالة من عدم الاستقرار، قد يرفض المستثمرون الأجانب "الشراء في اليابان".
إن استقرار العملة ضروري للجان الاستثمار للنظر في اليابان مرة أخرى، كما يقول بروس كيرك، كبير محللي الأسهم في مصرف جولدمان ساكس في طوكيو. "هناك اهتمام كبير من المستثمرين الأجانب باليابان، لكن ما يردعهم هو أنهم يشعرون أنهم لا يعلمون حتى الآن إلى أي مدى يمكن أن ينخفض الين وما إذا كان مستوى 150 هو الإجابة الصحيحة أم يمكن أن ينخفض أكثر باتجاه 175 أو200 ين مقابل الدولار".
يقول المحللون إن السلطات اليابانية ربما تزيد الموقف تعقيدا من حيث استجابتها للتقلب الأخير في الين. الإشارات المتكررة من وزير المالية الياباني، شونيتشي سوزوكي، ومسؤولين آخرين إلى المشككين بالسوق تبالغ بشدة في دور صناديق التحوط والمستثمرين الآخرين الذين يتبعون استراتيجية الاستثمار بالرفع المالي.
من جانبه، يقول شوسوكي يامادا، كبير محللي العملات الأجنبية والأسهم في بنك أوف أمريكا، إن "الأموال الحقيقية" Real Money هي التي أدت إلى انخفاض الين هذا العام: استجابة الشركات اليابانية ومديري الأصول اليابانيين المحليين للفرق في أسعار الفائدة، والعجز التجاري الياباني، وعجز الاستثمار الأجنبي المباشر.
على عكس الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية لعام 2008 مباشرة، حيث كان المضاربون في الداخل والخارج يقترضون الين ويبيعونه لشراء الأصول ذات العوائد المرتفعة فيما كان يعرف باسم "متاجرة بفرق معدلات المردود"، أصبحت مثل هذه الاستثمارات أقل إثارة الآن، كما يقول يامادا.
يضيف أن كل ما يستطيع البنك المركزي فعله الآن هو الانتظار إلى أن تهدأ العاصفة. "يحاول بنك اليابان كسب الوقت، على أمل أن تصل أسعار الفائدة الأمريكية إلى ذروتها وتخفيف التحركات حيثما أمكنها ذلك. لكن في النهاية، كيف سيؤول ذلك، هي مسألة تعتمد على ما سيفعله الجانب الأمريكي".
منحدر الخروج
قلة من الاقتصاديين يتوقعون أن يغير كورودا مساره قبل انتهاء فترة ولايته العام المقبل. لكن عندما تفعل اليابان ذلك في النهاية (يقول بعض إن ذلك أمر حتمي)، فسيكون ذلك محفوفا بالمخاطر.
يتفق الخبراء على أن أي تلميح للتطبيع من بنك اليابان سيتطلب تواصلا معقدا مع الأسواق لتجنب مخاطر التفسير الخاطئ. يقول المسؤول السابق في بنك اليابان: "سيحتاج بنك اليابان إلى التوصل إلى خطة أساسية مسبقة حتى يتسنى للسوق توقع ما هو مقبل".
صرح كورودا بهذا في مؤتمر صحافي الأسبوعيين الماضيين. قال إنه رغم "أننا لا نفكر في رفع سعر الفائدة أو الخروج في أي وقت قريب، فإنه عندما يصبح من الممكن الوصول إلى هدف التضخم البالغ 2 في المائة، سيتعين على مجلس السياسة مناقشة استراتيجية الخروج وسيكون من المهم التواصل بشكل مناسب مع السوق".
فيما يقول ماساميتشي أداتشي كبير الاقتصاديين في بنك يو بي إس في طوكيو، إنه من المرجح أن يجري بنك اليابان تقييما عاما لتأثيرات سياسته النقدية خلال 2023 في إشارة إلى أن التعديل يلوح في الأفق. لقد فعل البنك شيئا مشابها قبل استخدام استراتيجية التحكم في منحنى العوائد، كما قال.
قد تتمثل الخطوة الأولى هي مراجعة التوجيهات المستقبلية لبنك اليابان وتوسيع هدف الـ 0.25 في المائة على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشرة أعوام، كما يضيف أداتشي. "يمكننا الادعاء أن هذه العملية هي بداية لتطبيع السياسة لتحسين أداء سوق السندات، والسماح ببداية سلسة دون ضغوط صعبة من الأسواق".
ألمح كورودا، الأسبوع الماضي، بأكبر تلميح له حتى الآن إلى أن هناك نقطة تحول قد تأتي. قال أمام البرلمان: "إذا تبين لنا أن تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة مصحوب برفع الأجور، فسيكون من الضروري بالطبع مراجعة السياسة النقدية".
لكن أي تعديل ينظر إليه على أنه سريع جدا أو يفوق التوقعات قد يتسبب في تداعيات سريعة تجتاح الأسواق.
عندما ارتفعت العوائد في المملكة المتحدة في أعقاب الميزانية "المصغرة" التي أعلنها في سبتمبر، كان على بنك إنجلترا التدخل لدعم خطط المعاشات التقاعدية التي أصبحت تواجه مشكلات سيولة مفاجئة وغير متوقعة. إذا اضطر البنك المركزي الياباني إلى اتخاذ إجراء مشابه مع حاملي السندات، فإن حجم التدخل يجب أن يكون أكبر بكثير، مع مخاطر انتشار ذلك عالميا.
لا عجب إذن أنه داخل بنك اليابان والحكومة اليابانية، أصبحت الأزمة في سوق السندات الحكومية البريطانية قصة تحذيرية. تقول ماري إيواشيتا، كبيرة اقتصاديي السوق في مجموعة دايوا سيكيوريتيز: "لقد أصبح درسا تستفيد منه الأسواق وكذلك صانعو السياسة أن اليابان يجب ألا تصبح مثل المملكة المتحدة من حيث الاضطرابات التي تسببت فيها".
لكن الخروج غير المنظم غير محتمل بعد. لكن كورودا سيشاهد هذا التخبط عن كثب، على أمل أن يصل إلى نهاية فترته بأقوى قبضة ممكنة.