"الشورى": بحث إمكانية منح مقترضي الصندوق العقاري تمويلا إضافيا من البنوك

"الشورى": بحث إمكانية منح مقترضي الصندوق العقاري تمويلا إضافيا من البنوك

ينتظر أن يشرع مجلس الشورى الأسبوع المقبل في مناقشة ملفين مهمين ‏في إطار تطوير أداء مؤسسات الإقراض الحكومية وآلياتها لاستثمار مواردها بما يتواكب مع المستجدات والمتغيرات التي طرأت على المستوى المحلي،‏ ‏وللتخفيف من اعتمادها على خزانة الدولة، إلى جانب تمكينها من التغلب على التحديات التي تواجه أداء ‏مهمتها والاستمرار في تقديم ‏خدماتها في الفترة المقبلة، والمحافظة على موظفيها ‏المميزين واستقطاب الكفاءات التي تحتاج إليها.
ويتمثل الملف الأول في استماع المجلس لوجهة نظر لجنة الشؤون المالية بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقارير السنوية لصندوق التنمية العقارية للأعوام المالية 1424/1425هـ - 1425/1426هـ - 1426/1427هـ - 1427/1428هـ، والذي تطرق من خلالها الصندوق إلى أنه يحتاج إلى نحو 28 عاما لتمويل طلبات الإقراض المتراكمة الموجودة على قائمة الانتظار. وكان المجلس قد أنهى مناقشة هذه التقارير وسط مداخلات مطالبة بتشكيل فريق متخصص من عقاريين وخبراء في الإسكان والشريعة لدراسة أوضاع الصندوق ومراجعة فكرة إنشائه ومهامه ومدى نجاحه فيما أنشئ من جله، فيما رأى أعضاء دمج الصندوق مع الهيئة العامة للإسكان.
ومن المنتظر التصويت على ‏توصيات اللجنة بشأن التقارير، والتي من أبرزها التأكيد على أهمية دراسة وضع آلية للتعاون بين صندوق التنمية العقارية ‏والمؤسسات المالية التجارية لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي الصندوق تحقيقا لمصلحة المقترض والصندوق والمؤسسات المالية التجارية. وبررت ‏اللجنة هذه التوصية بأن المقترض من صندوق التنمية العقارية في الوقت الراهن ‏يقوم برهن أرضه للصندوق نظير قيمة القرض المقدم له، والذي أصبح لا يفي إلا ‏بنسبة محدودة من تكاليف البناء، ما جعل المقترض يبحث عن تمويل إضافي، وعند ‏عدم الحصول على التمويل المطلوب يضطر إما إلى ترك هذا القرض وإما الالتفاف ‏على النظام وبيعه لشخص آخر. كما أن قيمة الأرض اليوم تتجاوز مبلغ القرض ‏بكثير، ناهيك عن سعر المنزل بعد بنائه، ولهذا فإن الأمر يتطلب قيام صندوق ‏التنمية العقارية بدراسة إمكانية التعاون مع المؤسسات المالية بتمويل مَن ‏يرغب من مقترضي الصندوق بمبلغ إضافي يساعده على بناء منزله ويساعد على ‏تسهيل حصول المقترض إذا رغب على تمويل إضافي، كما يخلق فرصا استثمارية جديدة ‏للمؤسسات المالية.
كما أكدت اللجنة ضرورة تحديث نظام صندوق التنمية العقارية بما ينسجم مع ‏نظام الهيئة العامة للإسكان والأنظمة ذات العلاقة. وبررت اللجنة توصيتها بأن ‏نظام صندوق التنمية العقارية صدر بناء على المرسوم الملكي بتاريخ ‏‏11/6/1394هـ وبدأ نشاطه عام 1395/1396هـ، أي منذ ما يقارب 35 عاما، ‏وقد قام بجهود كبيرة للإسهام في حل مشكلة الإسكان من خلال تقديم آلاف القروض ‏العقارية للاستعمال الخاص والتجاري. وواجه خلال مسيرته عديداً من التحديات ‏المتمثلة في زيادة الطلب على القروض العقارية وتآكل جزء من رأسماله نتيجة ‏عدم تسديد عديد من المواطنين الأقساط المستحقة عليهم حتى يتمكن الصندوق من ‏إعادة تدويرها إلى مواطنين آخرين على قائمة الانتظار. وبلغت هذه المبالغ ‏نحو 37 مليار ريال، ويرجع المسؤولون في الصندوق ذلك إلى الأسلوب المتبع في أخذ ‏الضمانات على القروض بسبب نظام الصندوق الحالي.‏
ووفقا للجنة فإن الصندوق أيضا لم يتمكن من الحصول على كامل رأسماله المصرح ‏به والمقدر بنحو 91.8 مليار ريال، بينما رأس المال المدفوع 86.3 مليار ريال ‏مما أعاق الصندوق عن زيادة القروض المقدمة للمواطنين، كما أن نظام الصندوق ‏الحالي لا يساعده على تطوير آلياته لاستثمار موارده والمحافظة على موظفيه ‏المميزين واستقطاب الكفاءات الفنية التي يحتاج إليها. كذلك حدث بعض ‏التطورات والتغيرات على مستوى الأنظمة العقارية وعلى مستوى أجهزة الإسكان ‏كإصدار تنظيم الهيئة العامة للإسكان وإنشاء بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية ‏للإسكان. كما يتوقع صدور أنظمة الرهن العقاري قريبا، لافتة إلى أن هذه ‏المستجدات والمتغيرات تتطلب من الصندوق تعديل نظامه بما يتواكب وهذه ‏المستجدات، كما أن هذه التحديات والتطورات والمتغيرات تتطلب إعادة النظر في ‏نظام الصندوق ليواكب هذه التطورات ويتغلب على التحديات التي تواجهه لأداء ‏مهمته والاستمرار في تقديم خدماته.
ودعت اللجنة ضمن توصياتها أيضا إلى رفع رأسمال صندوق التنمية العقارية ‏المدفوع ليصبح 200 ألف مليون ريال. وبررت اللجنة هذه التوصية بأن صندوق ‏التنمية العقارية منذ بدء نشاطه وحتى نهاية العام المالي 1427/1428هـ قدّم ‏‏530328 قرضا بقيمة إجمالية بلغت 141.061 مليار ريال. وعلى الرغم من ذلك ‏فمازال هناك أكثر من 504899 قرضا على قائمة الانتظار تبلغ قيمتها ‏التقديرية نحو 131.8 مليار ريال، كما موّل الصندوق خلال العام المالي ‏‏1427/1428هـ نحو 18329 طلبا، أي ما نسبته 4 في المائة من إجمالي عدد الطلبات ‏المتراكمة والموجودة على قائمة الانتظار، ما يعني أن الصندوق برأسماله الحالي ‏يحتاج إلى نحو 28 عاما لتمويل الطلبات المتراكمة، مع افتراض استمرار الحكومة في ‏تخصيص مبلغ في ميزانية الصندوق لتعويض الصندوق عن جزء من مبالغ الخصم ‏والإعفاء وقيام جميع المقترضين بدفع قيمة القروض المستحقة عليهم.‏
ونظرا للزيادة في عدد الطلبات المقدمة سنويا، والتي تصل إلى نحو 50 ألف طلب، ‏إضافة إلى الطلبات المتراكمة والمقدرة بنحو 504899 طلبا بنهاية عام ‏‏1427/1428هـ، فإن الصندوق وفقا لرأسماله الحالي المصرح به والبالغ 91.8 ‏مليار ريال تقريبا لا يستطيع الوفاء بعدد الطلبات المتراكمة والطلبات ‏الجديدة، ما يتطلب ضرورة رفع رأسمال صندوق التنمية العقارية المدفوع حتى ‏يتمكن من مواكبة الطلب المتنامي سنويا على القروض الإسكانية والطلبات ‏المتراكمة الموجودة على قائمة الانتظار، ويسهم في حل جزء من أزمة الإسكان، ‏والتي تشير بعض الدراسات إلى أن نحو 60 في المائة من المواطنين لا يملكون سكنا.
فيما جاءت توصية اللجنة الأخيرة في زيادة مبلغ القرض العقاري إلى 500 ألف ‏ريال لمواجهة تكاليف البناء المرتفعة. وبررت اللجنة هذه التوصية
بأن نظام صندوق التنمية العقارية حدد قيمة القرض بمبلغ 300 ألف ريال كحد ‏أعلى، حيث إن الحد الأعلى للمسطحات التي يحسب القرض على أساسها هو 350 مترا ‏مربعا، وكان ذلك عند إنشاء الصندوق. وعلى الرغم من مرور نحو 35 سنة، إلا ‏أن مبلغ القرض استمر على ما هو عليه رغم من أن الظروف التي على أساسها ‏حددت قيمة القرض لا تتناسب والوضع الحالي نتيجة الزيادة الحادة والمستمرة في ‏أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، حيث إن مبلغ القرض الحالي أصبح لا ‏يتناسب مع زيادة أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، وبالتالي أصبح عائقا ‏في عدم استفادة عديد من المواطنين من قرض صندوق التنمية العقارية، وهذا ‏مؤشر مهم على ضرورة زيادة قيمة القرض المقدم للمواطنين ليكون 500 ألف ريال ‏ليتواكب ولو بصورة جزئية مع زيادة تكاليف البناء وغلاء المساكن.
وكان صندوق التنمية العقارية قد برر التأخير في زيادة القروض المقدمة للمواطنين بعدم تمكنه من الحصول على كامل رأسماله المصرح به والمقدر بنحو 91.8 مليار ‏ريال، حيث بلغ رأس المال المدفوع 86.3 مليار ريال فقط، أي أن الفرق بين رأس ‏المال المصرح به ورأس المال المدفوع نحو تسعة مليارات ريال، مؤكداً في هذا ‏الصدد مخاطبته وزارة المالية عدة مرات بهذا الشأن، إلا أنه لم يتم شيء حيال ‏ذلك حتى الآن.‏
كما اعترف الصندوق - وفقا لإجابات مندوبيه خلال اجتماعهم مع أعضاء اللجنة ‏المالية في مجلس الشورى أخيرا لمناقشة التقريرين السنويين للصندوق ‏للعامين الماليين 1426/1427هـ و1427/1428هـ - بأنه لا توجد خطة وطنية لديه، وأنه يعمل وفق ‏دراسات، مرجعا ذلك إلى كونه (الصندوق) يعتمد إلى وقت قريب على موارد ذاتية ‏محدودة جدا. كما أن نظام الصندوق الحالي لا يساعده على تطوير آلياته لاستثمار ‏موارده والمحافظة على موظفيه المميزين واستقطاب الكفاءات الفنية التي يحتاج ‏إليها. مبديا تخوفه في حال زيادة قيمة القرض المقدم، ولم تقابل ذلك زيادة في ‏رأسمال الصندوق من تأثير ذلك في دور المتقدم للقرض.‏
وطالب الصندوق في إطار المقترحات المقدمة لمجلس الشورى ممثلا في اللجنة المالية ‏لتمكينه من مواجهة المعوقات والاستمرار في أداء رسالته للأجيال المقبلة ‏وللتخفيف من اعتماده على خزانة الدولة، بتعديل أنظمته بما يكفل للصندوق ‏الاستفادة من جزء من موجوداته واستثمارها مثل المساهمة في تأسيس الشركات ‏الجيدة والجديدة، والاستفادة من الميزات التي تحصل عليها بعض الجهات الحكومية ‏مثل المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية. كما يأمل الصندوق في ‏إطار تمكنه من المحافظة على الخبرات الموجودة لديه من (فنية، مالية، تقنية ‏معلومات... إلخ) وكذلك استقطاب الخبرات والتخصصات التي يحتاج إليها في ‏المستقبل، أن يوصي مجلس الشورى بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على ‏منسوبي الصندوق بدلا من نظام الخدمة المدنية أسوة بالمؤسسات الإقراضية ‏الحكومية الأخرى.
فيما يتمثل الملف الثاني في استماع أعضاء المجلس لوجهة نظر اللجنة المالية بشأن ملحوظاتهم وآرائهم تجاه التقرير السنوي للبنك الزراعي العربي السعودي (صندوق التنمية الزراعية) للعام المالي 1426/1427هـ، والذي أوضح البنك من خلاله رغبته في أن يكون لموظفيه كادر خاص ليتمكن من استقطاب الكفاءات والمحافظة على موظفيه، وأن يكون مستقلاً إدارياً أسوةً ببعض الصناديق الأخرى. ومعلوم أن مجلس الوزراء أجاز أخيرا النظام الجديد للبنك الزراعي الذي تم بموجبه تغيير اسم البنك ليصبح صندوق التنمية الزراعية، في حين تم رفع رأسماله إلى 20 مليار ريال من 16 مليارا سابقا، مع إتاحة الفرصة له لاستثمار جزء من رأس المال في جميع المجالات، وأيضا تملك السندات والأسهم وتملك العقارات والمنقولات، لضمان مصادر تمويل للقروض التي يمنحها للمزارعين.
أمام ذلك، طالبت اللجنة المالية البنك الزراعي بتقديم حساباته الختامية لتوضيح أصول البنك والأموال المتاحة وكيفية استخدام هذه الأموال بما في ذلك المصروفات التشغيلية للبنك. وأوضحت أنها لاحظت تبايناً كبيراً في عدد وحجم القروض المقدمة للمزارعين في المناطق المختلفة والتركيز على مناطق جغرافية محدودة.
ورأت اللجنة أن يهتم البنك بمراعاة التنويع الجغرافي عند تقديم القروض والإعانات والسعي لتقديم خدماته المهمة والقيام بدوره الحيوي في جميع المناطق الزراعية في المملكة دون تركيز على أي منطقة، وعلى أساسه قدمت اللجنة توصية تنص على أن يقوم البنك بدعم التنمية الزراعية المتوازنة مع إعطاء الأولوية للمناطق الأقل نمواً.
وبيّن تقرير اللجنة المالية مخالفة البنك لنظام مجلس الوزراء فيما يتعلق بإعداد تقاريره السنوية، مطالبة البنك في توصية بهذا الخصوص بتفادي ذلك في تقاريره السنوية المقبلة. يُذكر أن البنك قدّم منذ أن باشر أعماله قبل نحو 45 عاما قروضاً زراعية بقيمة بلغت أكثر من 38 مليار ريال، منها 29.6 مليار ريال للمزارعين العاديين والصيادين، و9.4 مليار ريال للمشاريع الزراعية المتخصصة. ويضمن البنك القروض الزراعية بالضمان الشخصي والعقاري والبنكي وضمان المحصول المورد إلى المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، كما يتخذ قنوات متعددة لتحصيل ديونه منها الرفع إلى الجهات التنفيذية أو التصرف بالضمانات المرهونة.

الأكثر قراءة