الكونغو الديمقراطية .. ساحة حرب طويلة لاستغلال الموارد الثمينة
بعض سكان شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يسمونها ببساطة حربا لا نهاية لها. ذات صباح في آب (أغسطس)، شعرت أبيجيل باهاتي بالقلق في أعماقها أثناء بحثها عن أوراق الكسافا بالقرب من قرية كانومبي.
تقول الأم البالغة من العمر 28 عاما لطفل يبلغ من العمر 18 شهرا: "كنت جائعة وذهبت للبحث عن الطعام لكن تم اختطافي". تتذكر قائلة: "أخذوني بعيدا وتعرضت للأذى"، مضيفة أن آخرين فروا خوفا على حياتهم.
تقول إن مهاجميها كانوا من المتمردين في حركة إم - 23، وهي جماعة مسلحة عادت إلى الظهور بقوة جديدة بعد توقف استمر عشرة أعوام. الآن، تقوم الجماعة بترهيب المدنيين كجزء من مهمة للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي حول روتشورو، وهي بلدة تقع على الحدود مع أوغندا ورواندا. تضيف باهاتي: "يذهبون (...) إلى المزارع ويهاجمون الناس، ويضربونك، بل يخدشونك بالسكاكين".
حركة إم - 23 التي يتهمها المسؤولون في الكونغو والسكان المحليون والمحللون بأنها مدعومة من رواندا استأنفت القتال في نوفمبر 2021، ومنذ ذلك الحين تشن هجوما وحشيا شرقي الكونغو الغني بالموارد ويمزقه الصراع، ما تسبب في حدوث وفيات ونزوح جماعي.
في 2022، فر أكثر من 355 ألف مواطن كونغولي من ديارهم حتى الآن هذا العام، وفقا للأمم المتحدة، ما رفع عدد النازحين في جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب النزاعات المتداخلة إلى أكثر من 5.5 مليون هذا العام، أكبر أزمة إنسانية مسجلة من نوعها في إفريقيا.
يحذر فيليكس تشيسكيدي، رئيس الكونغو، من أن التوترات الإقليمية يمكن أن تتصاعد وتتطور إلى حرب شاملة "إذا استمرت رواندا في الاستفزاز". قال بول كاجامي، نظيره الرواندي الذي ينفي أن بلاده تقف وراء حركة إم-23، إن القصف الناجم عن الصراعات الدائرة في أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية قد عبر حدودها.
مع ذلك، فإن حركة إم-23 مجرد واحدة من نحو 100 جماعة متمردة تقوم بنهب المنطقة في حرب معقدة وعميقة الجذور، وفي معظمها لم تحظ باهتمام دولي. يتحدث الضباط العسكريون الكونغوليون عن جماعات محلية وأجنبية مقاتلة - الميليشيات المحلية إضافة إلى تلك التي تنحدر من أصول رواندية وأوغندية.
هنا، وسط فشل طويل الأمد من قبل الدولة في السيطرة على المنطقة، تتفاقم التوترات الإقليمية والصراعات المحلية والنزاعات العرقية التاريخية بسبب المنافسة المميتة على المعادن والأصول الزراعية المرغوبة. حول هذا شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى ساحة معركة لواحدة من أطول الحروب في العالم.
الجنرال جوني لوبويا نكاشاما، حاكم مقاطعة إيتوري، صريح بشأن الدافع الرئيس: "هذه حرب على الموارد".
تعد الكونغو، -اختصار شائع لجمهورية الكونغو الديمقراطية- قلب إفريقيا الغني بالموارد. تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية ثالث أكبر بلد من حيث عدد السكان في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، إذ يبلغ عدد سكانها 92 مليون نسمة، ولديها ثروة معدنية هائلة مثل الكوبالت، وهو عنصر أساسي في صناعة البطاريات. إضافة إلى ذلك، لديها إمكانات كبيرة لتوليد الكهرباء من المياه وأكثر من 70 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة.
مع ذلك، لا تزال واحدة من أفقر دول العالم، وفقا للبنك الدولي، حيث يعيش 73 في المائة من السكان على مبالغ تصل إلى أقل من 1.90 دولار في اليوم. رغم إمكاناته، إلا أن الدولة تفشل في تحقيق نمو مستدام ومنصف، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصراع الوحشي لكن أيضا بسبب النخبة الفاسدة المتهمين بنهب موارد البلد الطبيعية.
هذه الموارد المربحة هي التي تجذب أيضا الجهات الفاعلة السيئة من الدول المجاورة إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
يقول تقرير لمجموعة الأزمات: "على مدى أعوام، استخدم جيران جمهورية الكونغو الديمقراطية الميليشيات في شرقها -من الكونغوليين والأجانب على حد سواء- باعتبارهم وكلاء لهم. سعت رواندا وأوغندا منذ فترة طويلة لممارسة نفوذهما في المنطقة، التي تدعم مواردها المعدنية الوفيرة اقتصادات بلديهما".
يشير العقيد جيوم ندجيكي كايكو، المتحدث باسم القوات المسلحة الكونغولية، عبر الحدود إلى رواندا، أثناء وقوفه في إقليم شمال كيفو. يقول: "العدو موجود هناك ونشط".
يعتقد ضباط الكونغو أن حركة إم-23 هي جيش كيجالي بالوكالة. يضيف ندجيكي كايكو: "هؤلاء ليسوا متمردين فحسب. هذه دول تتحد لشن حرب اقتصادية بحتة على جمهورية الكونغو الديمقراطية".
من يقف وراء حركة إم-23؟
ظهرت حركة إم-23 منذ نحو عقد من الزمان، "منبثقة عن تقليد طويل من جماعات التمرد المدعومة من قبل رواندا في شرق الكونغو"، وفقا لكيفو سيكيورتي تراكر، منظمة تحدد العنف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. "اكتسبت بسرعة قوة قتالية كبيرة"، إذ احتلت جوما فترة وجيزة، مدينة يبلغ عدد سكانها نحو 700 ألف نسمة، في 2012.
في العام التالي، تمت هزيمتها من قبل القوات الكونغولية وقوات الأمم المتحدة، ما أدى إلى اتفاق سلام، "لم تطبقه كينشاسا أبدا"، كما يقول لورانس كانيوكا، المتحدث باسم حركة إم-23. نتيجة لذلك، يقول الضباط الكونغوليون إن عودة حركة إم-23 تشكل الآن "أكبر تهديد" في منطقة شاسعة تعاني وجود الميليشيات حيث تقدر منظمة كيه إس تي أن أكثر من 3,100 شخص قتلوا خلال العام الماضي.
هذا يترك كثيرا من الأشخاص يتساءلون من أين يأتي مصدر قوة حركة إم-23. في يونيو أخبرت بنتو كيتا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار التي تعرف باسم مونوسكو، مجلس الأمن الدولي أن قدرات حركة 23-إم تبدو الآن كأنها "جيش تقليدي" بعد أن استولى المتمردون على بلدة بوناجانا في المنطقة الحدودية المربحة مع أوغندا. كما اتهم مواطنو الكونغو حركة إم-23 بإسقاط مروحية تابعة للأمم المتحدة ما تسبب في مقتل ثمانية من قوات حفظ السلام، وهو أمر تنفيه الحركة.
يقول الجنرال ماركوس أفونسو دا كوستا قائد مونوسكو، إنهم "يواجهون عدوا أقوى مما كان عليه قبل عشرة أعوام. ولإلحاق الهزيمة به، يجب أن تكون لديك استثمارات كبيرة وهيكل عسكري، أنت بحاجة (...) إلى المروحيات، والذخيرة، والقذائف، والاستخبارات، وأنظمة الرادار". يقول الخبراء إن هذه الإمكانات يفتقر إليها جيش الكونغو.
يتحدث تقرير تم تسريبه في أوائل أغسطس أعدته مجموعة خبراء تابعة للأمم المتحدة عن "أدلة قوية على وجود عمليات عسكرية قام بها أفراد من قوات الدفاع الرواندية"، لدعم حركة إم-23 في أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
يصر كانيوكا من حركة إم-23 على أنه "لا نحظى بدعم رواندا". وندد العميد رونالد رويفانجا، المتحدث باسم قوات الدفاع الرواندية، بمزاعم تورطها ووصفها بأنها "زائفة تماما".
يمكن تفسير الجذور العميقة للحرب على أنها إرث غير مقصود للإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، عندما قتلت جماعة الهوتو أكثر من 800 ألف شخص من قبيلة التوتسي وقبيلة الهوتو المعتدلة على مدار 100 يوم دموي. فر أكثر من مليون شخص من جماعة الهوتو، بمن فيهم جيش الحكومة المهزوم، وطلبوا اللجوء في الكونغو.
في الفترة ما بين 1996 و1998، غزت رواندا وحلفاؤها الأوغنديون شرق الكونغو ظاهريا لمطاردة مرتكبي الإبادة الجماعية، ما أدى إلى سلسلة من الصراعات التي اجتاحت كثيرا من الدول، ما أكسبها اسم "الحرب العالمية في إفريقيا". في الفترة ما بين 1998 و2008، لقي نحو 5.4 مليون شخص مصرعهم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقا لمجلس الإنقاذ الدولي، رغم أن العدد موضع جدل.
أطاح الصراع بموبوتو سيسي سيكو ديكتاتور الكونغو، وأدى إلى نشوء مجموعة من الميليشيات المسلحة في جميع أنحاء شرق الكونغو، تسعى كل منها إلى الحصول على الموارد الطبيعية.
تلك الأزمة تعود الآن بكامل قوتها. أعلنت حكومة تشيسكيدي العام الماضي واحدة من أطول حالات الحصار في البلاد منذ استقلاله عن بلجيكا في 1960، حيث تولى ضباط عسكريون المسؤولية من المسؤولين المدنيين.
واتهمت كيجالي القوات الكونغولية "بالقتال سويا" مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي تضم مقاتلين من جماعة الهوتو. تزعم حركة إم-23، التي تهيمن عليها جماعة التوتسي، أنها تحمي جماعة التوتسي الكونغولية من مقاتلي الهوتو.
يقول يولاندي ماكولو، المتحدث باسم الحكومة الرواندية: "حتى يتم التعامل مع مشكلة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي تعمل بتعاون وثيق مع جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية بجدية ومعالجتها، لا يمكن تحقيق الأمن في منطقة البحيرات العظمى".
يدعم ذلك السكان المحليون الذين يتحدثون عن جنود الكونغو ومتمردي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في بعض الأحيان يقاتلون حركة إم-23 معا ويتهمونهم بالتورط في تجارة الفحم غير المشروعة.
يقول رويفانجا، إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تشكل "تهديدا كبيرا" لبلاده وجمهورية الكونغو الديمقراطية. في غضون ذلك، اتهم تشيسكيدي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا بنصب كمين وقتل سفير إيطاليا على الطريق من جوما إلى روتشورو العام الماضي.
قال ضابط كبير في الجيش الكونغولي إن جيش بلاده ليست لديه سياسة لعقد صفقات "مع الأشرار" من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، لكنه يقر بأنه "من الممكن أن يفعل ذلك قائد غير معروف".
ثري وضخم
تقول راشيل تاروايو أدروما، مسؤولة مدنية كبيرة محلية إنه في حرب متعددة الطبقات في أقصى الشمال، في مقاطعة إيتوري، "تأتي الجماعات المتمردة إلى القرى، وتقتل الناس، وتحتل الأرض، وتختطف الشباب، وتحرق المنازل، وتعتدي على الناس وتقطع رؤوسهم".
إن أجزاء من إيتوري وشمال كيفو تعج بالمتمردين من القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي جماعة متطرفة مرتبطة بـ"داعش". ألقي باللوم على الجماعة التي نشأت في أوغندا في تفجيرين مزدوجين هزا وسط كمبالا في نوفمبر.
كان هناك كثير من الماي ماي، وهو مصطلح يشير إلى الجماعات المسلحة القومية، والتعاونية المخيفة من أجل تنمية الكونغو، أو كودكو. في يونيو اتهمت الجماعة المتمردة المحلية أمام مجلس الأمن الدولي بارتكاب بعض أسوأ الفظائع في الحرب بما في ذلك إجبار الضحايا على طهي وتناول لحم البشر.
يقول تاروايو أدروما: "لا يوجد نقص أبدا في الجماعات المسلحة. إنها لا تتوقف أبدا بالنظر إلى أنه يوجد دائما مورد لها". يقول محللون ومسؤولون كنغوليون إن من بين الغنائم الذهب، والكولتان، والألماس، والقصدير، والكاكاو، والأخشاب، والفحم، مع سيطرة مجموعات مختلفة على سلاسل الإمداد الاستراتيجية في رواندا وأوغندا.
يشير تقرير صادر عن مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية وهو مؤسسة فكرية إلى أن "العلاقة بين الصراع، والمعادن، والمتمردين والداعمين الأجانب دمرت الكونغو عقودا من الزمن". يقول إن "جزءا مهما من المشكلة" هو أن الدول المجاورة للكونغو تصدر موارد لا تملكها بكميات كبيرة.
في أكتوبر تحدث تشيسكيدي عن "الإرادة الجشعة" لجيرانها. يحتوي حزام التعدين الكونغولي الذي يمتد على طول حدودها مع أوغندا ورواندا على كميات هائلة من الذهب وبعض أكبر رواسب الكولتان في العالم، خام يستخرج يدويا ويعد مفتاحا لتصنيع الأجهزة الإلكترونية.
يقول جواس مبيتسو نجيدزا، نائب وزير المالية السابق الذي يتفاوض مع كينشاسا بالنيابة عن كودكو: "هذه مشكلة إقليمية تركز على كون جمهورية الكونغو الديمقراطية غنية وكبيرة للغاية". كان يرتدي حذاء مزخرفا بكلمة الحرب.
صرحت وزارة الخزانة الأمريكية أنه "في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث يوجد نحو 130 مجموعة مسلحة نشطة، تعد تجارة الذهب محركا رئيسا للصراع". تعتقد أن "أكثر من 90 في المائة من ذهب جمهورية الكونغو الديمقراطية يتم تهريبه" إلى دول مثل رواندا وأوغندا، حيث يتم تكريره وتصديره إلى دول أخرى.
يعد الذهب أكبر صادرات أوغندا. مع ذلك، يشير تقرير صدر في مايو عن مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية الأوغندية، وهي هيئة رقابية، إلى أنه "كانت هناك تناقضات كبيرة" بين أرقام إنتاج الذهب الرسمية وصادرات الذهب التي أبلغت عنها هيئة الإيرادات في البلاد. هذا "يعني أن الجزء الأكبر من الذهب المصدر ليس جزءا من الإنتاج المحلي والرسمي".
تعتقد الأمم المتحدة أن كثيرا من مناجم الذهب في إيتوري تخضع لسيطرة فصائل كودكو وماي ماي الذين يقومون بتهريب كل الذهب في المنطقة تقريبا إلى خارج البلد.
لا يتعلق الأمر بالذهب فحسب. بل تشير الأمم المتحدة أيضا إلى أن "الشبكات الإجرامية وبعض أعضاء القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية استمروا في الاتجار في الكولتان غير الموسوم من المناجم والاستفادة منه" في شمال كيفو، حيث يتم تهريب بعضه إلى رواندا من أجل التبادل التجاري اللاحق.
وجدت حديقة فيرونجا الوطنية، المحاذية لحدود رواندا وأوغندا، نفسها في قلب العاصفة. أصبحت حركة إم-23 تحتل منها الآن المنطقة التي تعيش فيها نحو 300 غوريلا جبلية.
يقول إيمانويل دي ميرود، الأمير البلجيكي الذي يشغل منصب مدير الحديقة: "رواندا بلد صغير جدا بموارد محدودة للغاية، ولديها احتياجات ضخمة، حيث يتم تلبية جزء منها من خلال المواد الخام من الكونغو التي تمر عبر رواندا. لكن حركة إم-23 تمسك بزمام الأمور فيها".
عزز الرئيس تشيسيكيدي لعلاقات وطيدة مع أوغندا، ما سمح لقواتها بمحاربة القوات الديمقراطية المتحالفة في شمال كيفو ووافق على بناء الطرق للربط بين البلدين حيث وفرت بدورها بديلا للمعابر الحدودية بين أوغندا ورواندا. تعد رؤية المدرعات وجنود قوات الدفاع الشعبية الأوغندية مشهدا مألوفا حول أعمال الطرق التي يتمركزون عندها لحماية الأشغال والموظفين والمعدات.
يقول محللون إن هذه التحركات عدت غير ودية من قبل العاصمة كيجالي التي تشهد توترات قديمة مع كمبالا.
تدهور الوضع
هناك محاولتان جاريتان لإنهاء هذه التوترات، أحدهما تقوده أنغولا والآخر بقيادة كينيا، تحت إشراف مجموعة شرق إفريقيا، التي تتمتع بقوة إقليمية. في أغسطس نشرت المجموعة وحدة عسكرية قادمة من بوروندي لمحاربة المتمردين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية، رغم أن الجيش البوروندي كان قد تدخل في هذا الصراع، حيث قام سابقا بعمليات توغل في جنوب كيفو لمحاربة ميليشيات المقاومة من أجل دولة درويت، وفقا للأمم المتحدة.
مع تركيز اهتمام العالم على الأزمة الروسية - الأوكرانية، والحرب الأهلية المدمرة في إثيوبيا، المنطقة الأقرب إلى وطنهم، يشعر المواطنون في الكونغو أن المجتمع الدولي لا يتدخل بصورة كافية.
نفى أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي أثناء زيارته كينشاسا وكيجالي في أغسطس "تجاهله هذا الأمر"، قائلا إنه "قلق للغاية بشأن التقارير الموثوقة التي تفيد بأن رواندا" تدعم حركة إم-23.
كان الرئيس إيمانويل ماكرون قد جمع بين تشيسيكيدي وكاجامي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. حيث اتفق القادة الثلاثة فيما بينهم على "العمل معا لضمان إخراج حركة إم-23 من جميع المناطق التي احتلتها في أسرع وقت ممكن" و"إنهاء أنشطة الجماعات المسلحة في منطقة البحيرات الكبرى، من ضمنها جماعة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا".
منذ ذلك الحين والحكومتان تخوضان حربا كلامية فيما بينهما. يوم الإثنين، أصدرت رواندا بيانا يرفض "المحاولات غير المبررة لجعل رواندا كبش فداء للسياسات الداخلية لجمهورية الكونغو الديمقراطية".
ردت جمهورية الكونغو الديمقراطية سريعا ببيانها الخاص "الذي يدين الخطاب غير النزيه لرواندا وأنشطتها العسكرية على الأراضي الكونغولية"، مضيفة أن "طموحات كيجالي التوسعية والتدخلية لن يتم التسامح معها أبدا".
يحذر جون بانيني، أحد قادة المجتمع المدني في جوما، الذي انضم إلى الاحتجاجات ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بسبب تصاعد موجات العنف من "أن الوضع الأمني يزداد تدهورا".
بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في شرق الكونغو، ولم يكن لديهم متسع من الوقت للشفاء من جراح الحرب، فإن هذا لا يعطي سوى قليل من الأمل. حيث تحمل الحانات في القرى التي دمرها القتال أسماء مجازية مثل حياة دون قتال.
بالنسبة لمزارعة الكاكاو النازحة مواسي مباياهي، التي ولدت قبل الاستقلال بفترة، فهي تعد السلام شيئا لا تكاد تعرفه. وهي في الأصل من ضواحي بيني في شمال كيفو، ولا تستطيع إحصاء عدد الأصدقاء والأقارب الذين فقدتهم في هذا الصراع المستمر.
"اضطررت الآن للهرب لأن الأمور ساءت مرة أخرى"، كما أعربت عن أسفها بعد أن فرت من غارة شنتها القوات الديمقراطية المتحالفة في سبتمبر على مزارعي الكاكاو في قرية بولونجو، حيث قتلت الميليشيات فيها عددا من المدنيين وأضرمت النار في المنازل. قالت: "لم ننعم بالسلام منذ وقت طويل. لا أستطيع تذكر ما إذا عشنا فيه من قبل".