هل نشهد تحول شتاء العملات المشفرة إلى عصر جليدي؟

هل نشهد تحول شتاء العملات المشفرة إلى عصر جليدي؟

بعد انهيار مثير في وقت سابق من هذا العام، خمدت الرموز الأكثر شهرة في صناعة التشفير، ما يشير إلى أن المستثمرين الهواة فقدوا حب فئة الأصول التي كانت مثيرة سابقا، وأن الصناديق الكبرى قررت الابتعاد عنها.
يحوم سعر أكبر عملة مشفرة، بيتكوين، في الغالب عند نحو 20 ألف دولار الآن منذ آب (أغسطس)، بعد أن بلغت ذروتها قبل عام ما يقارب 70 ألف دولار. فشلت إيثر، ثاني أكبر عملة، في الانتعاش منذ الإصلاح البيئي الذي قامت به في أيلول (سبتمبر). متوسط التقلب السنوي لبيتكوين هو الآن الأدنى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2020، وفقا لمنصة كريبتو كومبير للتحليلات.
في البداية، تم وصف الانخفاض في أسعار الرموز المشفرة بأنه "شتاء العملات المشفرة"، وهو أحد الانخفاضات الدورية في السوق. لكن طول هذه المرحلة الكئيبة الآن، إلى جانب آلاف الوظائف التي فقدها القطاع في الأشهر الأخيرة، يشيران إلى أن هذا أشبه بالعصر الجليدي، مع عدم ظهور نظريات كبرى باعتبارها المصدر الجديد لإشعال عمليات الانتعاش.
قال إدموند جوه، رئيس التداول في شركة وساطة العملات المشفرة بي 2 سي 2 "إن الصمت السردي يصم الآذان. في نهاية المطاف سيأتي سرد من شأنه أن يكسر الجمود - ربما تضخم أو إعلان تشريعي كبير. ربما شيء غير متوقع على الإطلاق".
تصف مجموعة كوين شيرز للاستثمار في الأصول الرقمية وتداولها بأن هذه "فترة فتور".
لقد عانت العملات المشفرة جزئيا الضيق نفسه مثل فئات الأصول الأخرى عالية المضاربة منذ أن أصبح من الواضح منذ ما يقارب العام أنه سيتعين رفع أسعار الفائدة الأمريكية بسرعة لمعالجة التضخم الصعب.
انخفض مؤشر ناسداك للتكنولوجيا في الولايات المتحدة 30 في المائة خلال العام الماضي، وهو أحد الأسوأ أداء في الأسواق المتقدمة. لكن انخفاض بيتكوين 70 في المائة تقريبا خلال الفترة نفسها كان أكثر حدة، وانهيار عملة لونا المشفرة في أيار (مايو) تسبب في خسارة 40 مليار دولار تقريبا للمستثمرين وهز الثقة بالعملات المشفرة بشكل أعمق. تقلصت القيمة السوقية لهذه الصناعة من 3.2 تريليون دولار إلى أقل من تريليون دولار.
فقد آلاف الناس وظائفهم بعد أن سرحت البورصات، من ضمنها كوين بيس وجيميناي، أعدادا كبيرة من قوتها العاملة، بينما انهار صندوق التحوط في العملات المشفرة ثري آروز كابيتال ومنصة سيلسيوس نيتويرك للإقراض إلى الإفلاس. كما تنازل كبار المسؤولين التنفيذيين البارزين في الصناعة عن مناصبهم، بمن فيهم الرؤساء التنفيذيون السابقون في الصناعة جيسي باول من بورصة كراكن ومايكل سيلور من شركة مايكروستراتيجي وأليكس ماشينسكي من منصة سيلسيوس.
أثنى السعر الثابت المضاربين، تاركا السوق للمضاربين على الارتفاع على المدى الطويل. كما يبدو أن المعروفين في الصناعة بتمسكهم بحيازاتهم من العملات المشفرة في كل الأحوال يفعلون ذلك تماما. قدر مصرف مورجان ستانلي الأسبوع الماضي أن 78 في المائة من جميع وحدات بيتكوين لم يتم استخدامها في أي صفقة خلال الأشهر الستة الماضية، وهذا مبلغ قياسي.
بغض النظر عن بيئة أسعار الفائدة الأكثر صعوبة، فقد ثبت أن بعض الحجج الرئيسة التي تقوم عليها العملات المشفرة خاطئة. لم تنجح تجربة السلفادور مع استخدام بيتكوين عملة رسمية، بينما فشلت العملات المشفرة في التحوط ضد التضخم - انخفضت الأسعار حتى مع اقتراب التضخم في الاقتصادات المتقدمة من 10 في المائة.
قال ألكيش شاه، استراتيجي الأصول الرقمية في بنك أوف أمريكا "لم تنجح بيتكوين، على مدى العامين الماضيين، في دور التحوط من التضخم أو باعتبارها مخزنا للقيمة".
حتى التحول الناجح من ممارسات تعدين العملات المشفرة كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى بديل بانبعاث كربوني خفيف لم يساعد على رفع الروح المعنوية. في سبتمبر، نفذت شبكة إيثيريوم ما يسمى بالاندماج، حيث تحولت إلى بلوكتشين أكثر صداقة للبيئة. أدت هذه الخطوة إلى خفض استخدام الشبكة للطاقة نحو 99 في المائة، لكنها لم ترفع بعد قيمة إيثر، الرمز المرتبط بالبلوكتشين.
ربما لم ينته الألم بالنسبة إلى آخرين. معدنو العملات المشفرة، الذين يستخدمون أجهزة الكمبيوتر بشكل عام لحل الألغاز مقابل الرموز، يشعرون أيضا بالضغط. بينما يحتاجون إلى الاستمرار في إنفاق مبالغ متزايدة من المال باستمرار على الطاقة، فإن الرموز التي يكافأون بها قليلة.
حذرت شركة كور سينتيفك للتعدين المدرجة في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي من أن السيولة قد تنفد منها حتى نهاية العام وستحتاج إلى تقديم طلب للإفلاس، ما أدى إلى انخفاض أسهمها أكثر من 70 في المائة. في ملف قدم للجهات التنظيمية، ألقت الشركة باللوم على انخفاض سعر بيتكوين وزيادة تكاليف الكهرباء والدعاوى القضائية ضد منصة سيلسيوس للإقراض المفلسة حاليا.
على الرغم من انهيار القيمة، لا يزال البعض متفائلا. قال دان آيفز، مدير في شركة ويدبوش سيكوريتيز "لقد كانت هذه فترة قاسية للأصول الخطرة بما في ذلك العملات المشفرة. لكن فئة الأصول هذه باقية". مع ذلك، قال أيضا "إن بلوكتشين ومزيدا من حالات الاستخدام هي المفتاح لتطلع العملات المشفرة إلى الأمام".
في أغسطس، أعلنت" كوين بيس" صفقة مع "بلاك روك" لمنح عملاء شركة إدارة الأصول إمكانية الوصول إلى الأصول الرقمية في خطوة ينظر إليها على أنها لحظة فاصلة محتملة لآمال التشفير السائدة. قالت شركة إدارة الأصول العملاقة "إنها لا تزال ترى اهتماما كبيرا من العملاء المؤسسيين على الرغم من تراجع السوق".
أعلن مؤشر ناسداك وشركة ماستر كارد وبنك بي إن واي ميلون أيضا خدمات تشفير في الأسابيع الأخيرة، ما يعزز الحجة القائلة إن الاهتمام المؤسسي بالأصول الرقمية لا يزال قائما على الرغم من انهيار هذا العام. لكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح الاهتمام أكثر ثباتا.
قال تشارلي كوبر، مدير في شركة بلوكتشين آر 3 "لا توجد أساسيات تكمن وراء العملات المشفرة، أو لم يتم تحديدها بعد إلى المدى الذي توجد فيه. الفكرة القائلة إننا سنشهد فجأة اندفاعا صعوديا مذهلا قبل أن يكتسب الاقتصاد الأوسع موطئ قدمه، أعتقد أنها خيالية".

الأكثر قراءة