انقسام بنوك "وول ستريت" حول آفاق الأسواق الناشئة
أكبر البنوك في "وول ستريت" منقسمة بشأن آفاق أسهم الأسواق الناشئة. اتخذ بنك مورجان ستانلي وبنك جولدمان ساكس آراء متعارضة تماما بعد عمليات بيع كثيف قاسية بلغت قيمتها تريليوني دولار هذا العام.
انخفض مؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة نحو 30 في المائة منذ أوائل كانون الثاني (يناير)، ما يعكس تراجعا قاسيا في أسواق تمتد من الصين إلى كوريا الجنوبية.
أثارت هذه الانخفاضات الحادة جدلا بين المحللين حول إلى أي مدى يمكن أن تسوء الأمور، إذ يرصد "مورجان ستانلي" فرصا لصفقات بأسعار مخفضة، في الوقت الذي يشكك فيه "جولدمان" في احتمال حدوث تعاف.
يأتي هذا الاختلاف في مرحلة حرجة للأسواق الناشئة، خاصة في آسيا، التي تضررت بشدة من عمليات البيع الكثيف العالمية. يرجع تدهور المعنويات بدرجة كبيرة إلى تراجع اقتصادي في الصين أثر سلبا في النمو في جميع أنحاء المنطقة، إلى جانب انخفاض الطلب على أشباه الموصلات وتفاقم هبوط التكنولوجيا الحاد بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
تزايدت شكوك المستثمرين في التوقعات الاقتصادية للصين في أعقاب تعزيز شي جين بينج لسلطته في مؤتمر الحزب في بكين، ما أسهم في إثارة موجة بيع في الأسهم الصينية. انخفض مؤشر هانج سينج للتكنولوجيا في هونج كونج نحو 10 في المائة الإثنين، مسجلا بذلك ثاني أكبر انخفاض له في يوم واحد في تاريخه.
في أماكن أخرى من المنطقة، انخفض مؤشر كوسبي القياسي في كوريا الجنوبية 38 في المائة هذا العام بعد تعديل انخفاض قيمة العملة مقابل الدولار، في حين انخفض مؤشر تايكس التايواني 40 في المائة تقريبا بعد تعديل مماثل.
أدى انخفاض قيمة الأسواق الناشئة الهائل إلى تحفيز أكثر من 70 مليار دولار من التدفقات الصادرة من صناديق سندات الأسواق الناشئة وخسارة 2.1 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم التي يتتبعها مؤشر مورجان ستانلي القياسي للأسواق الناشئة، الذي انخفض 29.8 في المائة هذا العام.
لكن الاستراتيجيين في "مورجان ستانلي" ذكروا أن أسهم الأسواق الناشئة وصلت إلى القاع، متوقعين ارتفاعا 14 في المائة لمؤشر مورجان ستانلي بحلول يونيو من العام القادم.
"إنها في الأساس بداية دورة جديدة بعد تراجع كبير في أسهم الأسواق الناشئة في أطول سوق هابطة شهدناها على الإطلاق - إنه أمر مثير حقا"، حسبما قال جوناثان جارنر، كبير الاستراتيجيين في مورجان ستانلي في آسيا والأسواق الناشئة والمؤلف الرئيس لتقرير حديث يوصي المستثمرين بالانخراط مجددا في أسهم الأسواق الناشئة.
صنف التقرير الأسواق في كوريا الجنوبية وتايوان على رأس الأسواق التي يوصى بها الخبراء الاستراتيجيون.
بحسب المحللين، كلتا السوقين تهيمن عليها أسهم أشباه الموصلات والأجهزة التكنولوجية - مثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة وسامسونج للإلكترونيات - التي كان أداؤها سيئا خاصة هذا العام. لكن "مورجان ستانلي" يتوقع أن تتجاوز دورة مخزون الصناعة أسوأ حالاتها بحلول الربع الأول من 2023 على أبعد تقدير، ما يؤدي إلى ارتفاع "تايكس" 24 في المائة و"كوسبي" 21 في المائة بحلول يونيو 2023.
الأسهم الصينية أيضا في وضع يتيح لها الاستفادة من الانتعاش الأوسع. لكن على عكس حالات تعافي الأسواق الناشئة السابقة، من غير المتوقع أن تقود الصين التعافي بسبب تخفيض هيكلي في العائد على حقوق المساهمين، إضافة إلى "عدم الوضوح بشأن الوضع الجيوسياسي، والخروج من سياسة صفر كوفيد، والوضع السائد في سوق العقارات"، حيث تخلف عدد متزايد من المطورين الذين يعانون ضائقة مالية عن سداد السندات الدولارية.
تتناقض توقعات "مورجان ستانلي" تناقضا صارخا مع التوقعات في "جولدمان ساكس"، حيث يرى الاستراتيجيان، سيزار ماسري وجولين تشونج، عدم وجود "حبكة مترابطة عن الأسواق الناشئة".
على الرغم من توقع خبراء "جولدمان ساكس" الاستراتيجيين ارتفاع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة 15 في المائة على مدى الأشهر الـ 12 القادمة - أي ضعف الإطار الزمني لـ"مورجان ستانلي" – إلا أنهم حذروا من أنه "لا يوجد "تقييم أدنى ثابت" وأوصوا "المستثمرين بالبقاء في وضع دفاعي".
توصيات "جولدمان" تختلف أيضا عن توصيات مورجان ستانلي في مختلف المناطق التي تغطيها الأسواق الناشئة، حيث أدى استقرار أسعار السلع الأساسية، وارتفاع أسعار الفائدة، والبعد النسبي عن المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي الصيني إلى تفضيل استراتيجي جولدمان أسواق أمريكا اللاتينية على كل من كوريا الجنوبية وتايوان.
تفوق أداء أسهم أمريكا اللاتينية على مثيلاتها في الأسواق الناشئة الأخرى هذا العام، حيث يركب مصدرو السلع الأساسية موجة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والمدخلات الصناعية.
على النقيض من مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة القياسي، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة في أمريكا اللاتينية 2.5 في المائة، وارتفع المؤشر البرازيلي أكثر من 10 في المائة هذا العام حتى الآن، مع ارتفاع شركة النفط الرائدة، بتروبراس، أكثر من 13 في المائة في البورصة المحلية.
قال روبن بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إن نقطة التحول لأصول الأسواق الناشئة ستكون تباطؤا في التضخم الأمريكي، ما يشير إلى أن دورة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة تقترب من نهايتها.
أضاف: "سيكون هذا المحرك الرئيس للسوق مستقبلا. إذا شهدنا تغييرا محوريا من جانب الاحتياطي الفيدرالي، فيجب أن نشهد ارتفاعا يشمل جميع المجالات، ولا سيما في أسهم الأسواق الناشئة والدخل الثابت بالعملة المحلية. هنا بلغ الخوف من التضخم أقصاه، لذا هنا حيث سنشهد الانتعاش".
يمتد الانقسام بشأن الأسواق الناشئة إلى المستثمرين أيضا. بيل مالدونادو، كبير مسؤولي الاستثمار في "إيست سبرينج"، التي تركز على آسيا وتدير أصولا تقدر بـ220 مليار دولار، قال إن توقع هبوط أسهم الأسواق الناشئة إلى الحد الأدنى "يبدو قويا قليلا"، رغم أنه أضاف أن بعض الأسواق في آسيا جذابة.