"تي إس إم سي" في مرمى نيران الحرب التكنولوجية الباردة
استقبلت تايوان نانسي بيلوسي بصفتها صديقة حقيقية عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي البلاد في آب (أغسطس)، فيما عد أنه تعبير عن الدعم ضد التهديدات العسكرية الصينية.
لكن عندما استضاف الرئيس، تساي إنج وين بيلوسي لتناول طعام الغداء في القصر ذي الطراز الباروكي الجديد في تايبيه، كان وجود رجلين على الطاولة بمنزلة تذكير بأن الصداقة تواجه ضغوطا هائلة: موريس تشانج، مؤسس شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات "تي إس إم سي"، ومارك ليو، رئيسها.
تهيمن تايوان الآن على صناعة أشباه الموصلات العالمية، وذلك بفضل الصعود القوي لشركة تي إس إم سي. أخبر تشانج بيلوسي بعبارات حادة أن جهود واشنطن لإعادة بناء تصنيع الرقائق في أمريكا كان مصيرها الفشل.
قال أحد الأشخاص، الذين سمعوا المحادثة: "لقد كان صريحا للغاية، وكان الضيوف مندهشين قليلا".
تجد "تي إس إم سي" نفسها الآن في قلب شد الحبل بين واشنطن وتايبيه والجبهة الأشد ضراوة من الحرب الباردة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة.
يدافع تشانج البالغ من العمر 91 عاما، والملقب "بالأب الروحي لصناعة الرقائق" في تايوان، عن عمل حياته: أسست "تي إس إم سي" منذ 35 عاما برأسمال مبدئي من الحكومة التايوانية وتكنولوجيا مرخصة من شركة فيليبس الهولندية لأشباه الموصلات، نمت الشركة لتصبح عملاقة تتمتع بقبضة خانقة على سلسلة توريد الرقائق العالمية.
ترى تايوان هذه الهيمنة على أنها ضمان أمني حاسم – يشار إليه أحيانا بـ "درع السيليكون". وتعتقد الحكومة أن تركيز إنتاج أشباه الموصلات العالمي في البلد يضمن أن الولايات المتحدة ستأتي لإنقاذها إذا هاجمتها الصين.
قالت وزيرة الاقتصاد وانج مي-هوا خلال زيارة لواشنطن هذا الشهر: "الجميع بحاجة إلى أشباه موصلات أكثر تقدما". أضافت أن كونك لاعبا عالميا رئيسا بهذه الطريقة "سيجعل تايوان أكثر أمنا وأمانا".
لكن تصميم تايوان على الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الصناعة على الجزيرة يتعارض مع الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة ومخاوفها من الصين.
مع احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين وتزايد خطر نشوب نزاع عسكري بسبب تايوان، تسعى واشنطن إلى حرمان بكين من الإمدادات الرئيسة لأشباه الموصلات المتقدمة وتقليل اعتمادها الشخصي على تايوان في إمدادات الرقائق.
من المحتمل أن يؤدي هذان الهدفان إلى تقويض "تي إس إم سي"، التي يعتمد نجاحها على خدمة العملاء في جميع الأسواق وعلى فعل ذلك عبر مجموعة مصانع فعالة من حيث التكلفة في تايوان بشكل شبه كامل.
يقول جيسون هسو، مشرع تايواني سابق، وزميل أول الآن في كلية هارفارد كينيدي: "درع السيليكون بدأ يتحول إلى شرارة".
"من ناحية، تضغط الولايات المتحدة على "تي إس إم سي" للانتقال إلى الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، فإنها تشن حربا تكنولوجية على الصين، ما يدفع التوتر إلى مستوى أعلى يعرض تايوان للخطر. إذا كنت تملك شيئا يريده الطرفان، فهذا يعطيك نفوذا، لكن إذا لم تلعب هذه البطاقة، تصبح بيدقا. إننا نلعب نوعا ما حسب رغبة الولايات المتحدة"، حسبما أضاف.
لقد صعدت الولايات المتحدة حملتها لعرقلة الاقتصاد الصيني في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أدخلت ضوابط شاملة تمنع تصدير بعض معدات تصنيع الرقائق وتقيد مبيعات بعض أشباه الموصلات إلى البلد – تدابير تلقي بظلالها على مستقبل صناعة الرقائق الصينية بأكملها.
على الرغم من أن "تي إس إم سي" تقول إن التأثير على أعمالها محدود في الوقت الراهن، قال الرئيس التنفيذي سي سي وي للمستثمرين إنه من السابق لأوانه تقييم التأثير الحقيقي على المدى الطويل.
تكمن مشكلة "تي إس إم سي" في أن واشنطن تضغط في ذات الوقت من أجل تنويع تصنيع الرقائق بعيدا عن تايوان.
لطالما كان البنتاجون قلقا من أن اعتماد الولايات المتحدة على تايوان قد يعرض إمدادات الرقائق الخاصة بصناعة الدفاع للخطر. في العام الماضي، قال إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، الذي ترأس لجنة وطنية للذكاء الاصطناعي، إن الولايات المتحدة "قريبة جدا من خسارة طليعة الإلكترونيات الدقيقة التي تدعم شركاتنا وقواتنا العسكرية بسبب اعتمادنا على تايوان".
الآن، النقص في الرقائق الناجم عن الاضطرابات أثناء الجائحة، ورغبة واشنطن في إبطاء الصين في سعيها للريادة التكنولوجية، والمخاوف من أن تتمكن بكين من الاستيلاء على تايوان بالقوة، جميعها تحفز الجهود الأمريكية لإحياء صناعة أشباه الموصلات في الداخل. تبذل أوروبا، واليابان، وسنغافورة، والهند جهودا مشابهة.
تفاخر الرئيس جو بايدن في يوم مشرق في أوهايو في أوائل أيلول (سبتمبر) بأن "أمريكا عادت"، أثناء حضوره حفل وضع حجر الأساس لمصنع تصنيع الرقائق بقيمة 20 مليار دولار الذي ستبنيه شركة إنتل.
قال بايدن، بعد شهر من تمرير الكونجرس الأمريكي تشريعا لتوفير 52 مليار دولار للمساعدة في إعادة بناء صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة: "أيها الناس، سيتم صنع مستقبل صناعة الرقائق في أمريكا".
بدأت التداعيات الجيوسياسية والتجارية للاستراتيجية الأمريكية الجديدة تتضح. يقول بيتر هانبري، الشريك والخبير في سلاسل التوريد التكنولوجية وأشباه الموصلات في شركة باين الاستشارية: "يدرك الجميع أن هناك لحظة فاصلة كبيرة هنا بالنسبة إلى الصناعة بأكملها".
الهيمنة العالمية
إن الصعود المستمر لـ "تي إس إم سي" هو أحد الفصول الأكثر أهمية وأقلها سردا في عصر العولمة.
تختلف "تي إس إم سي" عن نظيراتها مثل شركتي إنتل وسامسونج، التي تستمر في تصميم الرقائق وتصنيعها، حيث إنها شركة تصنيع تعاقدية تنتج أشباه موصلات مصممة من شركات أخرى. لقد أقنعت الكفاءة والتوفير في التكلفة لهذا النموذج من التصنيع الخارجي الكثير من صانعي الرقائق الآخرين بإسناد عملية التصنيع لـ "تي إس إم سي"، لدرجة أن تايوان تمثل الآن 20 في المائة من قدرة تصنيع الرقائق العالمية، أكبر تركز منفرد في بلد واحد، و92 في المائة من الطاقة المذهلة للرقائق الأكثر تقدما. تضاءلت حصة الولايات المتحدة في تصنيع الرقائق العالمية من 37 في المائة في 1990 إلى 10 في المائة في 2020.
إن المخاطر واضحة: يقدر محللو بنك كريدي سويس أنه إذا فقد العالم إمكانية الوصول إلى مصانع الرقائق في تايوان، فإن إنتاج كل شيء من أجهزة الحاسوب إلى السيارات سيتعطل بشدة.
سيكون الاضطراب الكبير بهذا الحجم "هائلا"، مقارنة بالحوادث الأخيرة مثل انقطاع الكهرباء في مصنع لشركة سامسونج في 2021 بسبب انقطاع التيار الكهربائي في تكساس، والاضطراب المرتبط بكوفيد في مصانع جنوب شرق آسيا، والزلازل في اليابان، وفقا لبنك كريدي سويس. يمكن أن يصل حجم قدرة "تي إس إم سي" بحلول نهاية 2023 إلى ما قيمته 171 مليار دولار، أي "أكثر من ثلاثة أضعاف حجم مخصصات قانون الرقائق الأمريكية خلال العقد المقبل"، كما يضيف.
لا يقتصر تفكيك هذا المركز على تشكيل تحديات لـ "تي إس إم سي" فحسب، بل النظام البيئي العالمي الذي تشكل حول الشركة.
بدأ تشانج "تي إس إم سي" في 1987 بعد أن عينته الحكومة التايوانية من الولايات المتحدة للمساعدة في إنشاء صناعة للإلكترونيات. ينسب المديرون التنفيذيون في الصناعة نجاح الشركة إلى تركيزها المنفرد على التفاصيل التكنولوجية واحتياجات العملاء وتنفيذها.
بدأ تشانج في صقل هذه المهارات عندما كانت أشباه الموصلات لا تزال في مهدها. ولد تشانج في الصين وتلقى تعليمه مهندسا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وبدأ العمل إلى جانب رواد الصناعة في الخمسينيات وأظهر موهبته في تحسين عمليات التصنيع منذ البداية.
في شركتي تصنيع الرقائق الأمريكية سيلفانيا وتكساس إنسترومنتس، أصبح تشانج خبيرا في زيادة العائد – نسبة الترانزستورات غير المعيبة في خط الإنتاج – وفقا لكريس ميلر، المؤرخ الاقتصادي في جامعة تافتس ومؤلف كتاب "حرب الرقائق". أصبحت هذه نقطة قوة أساسية تعزز أرباح "تي إس إم سي" وموثوقيتها لعملائها.
لقد أنتجت خدمات سبك الرقائق لـ "تي إس إم سي" مجموعة جديدة كاملة من شركات الرقائق "التي تستعين بمصادر خارجية للتصنيع"، مثل نفيديا، شركة تصميم وحدات معالجة الرسومات التي أسست في 1993، كما أن الصعوبة التكنولوجية المتزايدة لتصنيع الرقائق والتكلفة المتضخمة لبناء المصانع أقنعت عددا أكبر من صانعي الرقائق للاستعانة بمصادر خارجية.
كانت إحدى هذه الشركات شركة إيه أم دي، منافسة "إنتل" في سوق وحدات المعالجة المركزية، الرقائق التي تشغل أجهزة الحاسوب. بعد التخلف عن "إنتل"، باعت "إيه أم دي" مصانعها في 2008. وهي الآن تعتمد بشكل شبه كامل على "تي إس إم سي"، وهي استراتيجية ساعدتها على التعافي.
جاءت الدفعة التعزيزية التالية عندما بدأت "أبل" في تصميم رقائق لجهاز أيفون داخليا واختارت "تي إس إم سي" لتصنيعها. يتم تصنيع رقائق جهاز أيفون الخاصة بها الآن حصريا في "تي إس إم سي" في تايوان.
يقول دان نيستيد، نائب الرئيس في تريورينت، شركة استثمارية خاصة مقرها آسيا: "لقد فوجئت بقرار أبل وإيه إم دي بالسماح لأنفسهما بالاعتماد على مورد واحد. هذا أمر خطر. حتى دون الجغرافيا السياسية، هناك الزلازل، ونقص الطاقة. لماذا تقبل "أبل" فكرة أنه سيتعين عليها إيقاف أعمالها إذا تم إغلاق عمليات تي إس إم سي؟"
يعكس قرار بعض الشركات، التي لا مصانع لديها بوضع جميع أعمالها في مكان واحد، كفاءة النظام التكافلي الذي أنشأته "تي إس إم سي".
يقول ميلر: "كان هناك عدم رغبة حتى في التفكير في الابتعاد عن "تي إس إم سي" بالنسبة إلى عدد كبير في الصناعة، لأنه كان أمرا غير معقول لنموذج الأعمال الذي كان يعمل بشكل جيد للغاية".
تعززت قوة "تي إس إم سي" بشكل أكبر عندما تعثرت "إنتل". فوتت الشركة، التي ركزت منذ فترة طويلة على وحدات المعالجة المركزية، موجة صعود الهواتف الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما سمح لـ "تي إس إم سي" بالاستيلاء على جزء كبير من السوق للرقائق التي يستخدمها مقدمو الخدمات السحابية مثل "جوجل". ثم كافحت "إنتل" للسيطرة على الإنتاج الضخم في جيلين متتاليين من تكنولوجيات المعالجة. سمح هذا لـ "تي إس إم سي" بالتقدم ليس فقط في الحجم، بل في التكنولوجيا أيضا.
"أدى ذلك، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية، إلى أزمة ثقة بالولايات المتحدة: إذا حدث خطأ ما في مضيق تايوان، فلا يمكنك أن تخبر نفسك بمصداقية أنه يمكنك الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية فقط لبناء القدرات التي تحتاجها إذا، بالفعل، ببعض المقاييس الرئيسة تقدمت تي إس إم سي على إنتل من حيث التكنولوجيا"، كما يقول ميلر.
بحلول الوقت الذي استعد فيه باراك أوباما لتسليم الرئاسة إلى دونالد ترمب، انتشرت المخاوف بشأن اعتماد الولايات المتحدة الشديد على الرقائق المصنوعة في تايوان من البنتاجون إلى وزارة التجارة.
على الرغم من أن الأمر تطلب حربا تجارية مع الصين وتفشي الجائحة وتصاعد تهديدات الصين ضد تايوان، فإن واشنطن تتحرك الآن بسرعة. في 2019، اعتمد مسؤولو إدارة ترمب على "تي إس إم سي" لوضع بعض القدرات المتقدمة في الولايات المتحدة، أكبر سوق لها.
وامتثلت الشركة – فهي تبني مصنعا في ولاية أريزونا ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج الضخم في 2024.
لكن المصنع ليس لديه الحجم ولا المستوى التكنولوجي الموجود في أحدث مصانع "تي إس إم سي" – في تايوان، تبني الشركة مصانع تصنيع رقائق إن 2، أحدث جيل من الرقائق التي من المتوقع أن تتبع إن 3 التي على وشك أن تدخل في الإنتاج الضخم.
يقول بول تريولو، خبير في شؤون الصين والتكنولوجيا في مجموعة أولبرايت ستونبريدج: "التقدم المحرز في تقليل الاعتماد على تي إس إم سي بالنسبة إلى العمليات الأكثر تقدما، لن يتم تخفيضه بشكل كبير حتى تبني كل من "تي إس إم سي" و"سامسونج" و"إنتل" مرافق متقدمة على مستوى عال في الولايات المتحدة".
حتى في هذه الحالة، لن يستفيد سوى جزء من سلسلة التوريد. إن المصانع التي تبنيها "إنتل" و"تي إس إم سي" و"سامسونج" في الولايات المتحدة مخصصة جميعها للرقائق المتقدمة، لذا فهي ستدعم في الغالب صناعة أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والخوادم. لكن شركات صناعة السيارات، التي شهدت تعطلا في الإنتاج بسبب اختناقات توريد الرقائق، تستخدم رقائق أقل تقدما تكافح من أجل أن تكون حيوية في الولايات المتحدة، حيث التكاليف أعلى.
يقول هانبري: "قدر كبير من الاستثمار لن يساعد على سلسلة التوريد الدفاعية أيضا. التطبيقات الحكومية الوحيدة التي تعمل على العقَد المتقدمة هي الذكاء الاصطناعي والتشفير وأجهزة الحاسوب فائقة الأداء، وهي تمثل أقل من 5 في المائة من الرقائق قيد التطوير".
صراع شاق
على الرغم من خطاب بايدن المتفائل، فإن قانون الرقائق والعلوم قد يكون بعيدا كل البعد عما هو مطلوب.
يقول ديك ثورستون، المستشار العام في "تي إس إم سي" سابقا وحاليا مستشار في الولايات المتحدة: "إن طريقة تطور الجزء الذي ينص على تمويل مصانع الرقائق هي كارثة على وشك الحدوث. سيكون هناك كثير من خيبة الأمل - في الواقع، سيعاني تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة بسبب ذلك. لكي ينجح ذلك، فأنت بحاجة إلى عدة أضعاف الأموال الملتزم بها خلال فترة تراوح من 10 إلى 15 عاما على الأقل".
تأكيدا على حجم التحدي، تقدر جمعية صناعة أشباه الموصلات ومجموعة بوسطن الاستشارية أن هناك حاجة إلى استثمار يصل إلى 1.2 تريليون دولار مقدما لكل منطقة للحصول على سلاسل توريد محلية بالكامل عند مستويات 2019، يليها إنفاق مستمر يصل إلى 125 مليار دولار في العام.
يقول إدلين ليفين، كبير المسؤولين العلميين في صندوق فرونتير الأمريكي، الذي يهدف إلى الاستثمار في الشركات التي ستساعد الولايات المتحدة على البقاء في المقدمة في التكنولوجيات الحيوية، إنه لضرب من "الخيال" التفكير في أن الولايات المتحدة يمكن أن تنفصل تماما عن "تي إس إم سي". "الفكرة من الناحية الفنية غير ممكنة،" كما يقول ليفين.
على الرغم من استثماراتها في ولاية أريزونا، تحاول "تي إس إم سي" البقاء مكانها لأن تركيز معاملها ومورديها في تايوان قد عزز كفاءتها. يقول هانبري: "إن هناك كثيرا من الفوائد للطريقة، التي يديرون بها الأمور - خاصة الارتباط الوثيق بين البحث والتطوير والتصنيع عالي الحجم، حيث يمكنك إرسال مهندس إلى مصنع يبعد ساعة واحدة فقط. تعد وفورات التكلفة وفوائد الخبرة جزءا من نموذج تي إس إم سي".
ترفض الشركة مناقشة كيفية تأثير الضغط من أجل التغيير عليها. تقول "تي إس إم سي": "إننا ندرك أن هناك اهتماما متزايدا بالقضايا الجيوسياسية بين الصين وتايوان، وهي ليست جديدة وتعود إلى عقود من الزمن". مع ذلك، لا نرى أن هذه التوترات تؤثر على عمليات "تي إس إم سي" في الوقت الحالي. الخطة الحالية لعمليات "تي إس إم سي" مستدامة أيضا في تايوان، يتطلب نجاح النظام البيئي شديد التعقيد والمتنوع لأشباه الموصلات وتشغيله تعاونا عالميا، كما تعلم جميع الدول وأركان صناعة التكنولوجيا".
لكن من المؤكد أن الحساسية المتزايدة بشأن الاعتماد العالمي على تايوان ستؤدي إلى التغيير.
يقول سيباستيان هو، المدير في شركة نيوبيرجر بيرمان لإدارة الاستثمار: "كانت هناك بعض المخاوف بين عملاء تي إس إم سي منذ عامين. لقد كان الوقت الذي بدأ فيه مزيد من الطائرات المقاتلة الصينية تحوم حول مضيق تايوان، وأصبح ذلك روتينا يوميا".
قالت شركة كوالكوم للرقائق اللاسلكية في أغسطس إنها تزيد طلبات التصنيع إلى شركة جلوبال فاوندريز أكثر من الضعفين بموجب تعاون استراتيجي مع منافسة "تي إس إم سي"، وتحديدا في مصنع توسعه الشركة في نيويورك.
تقسم "نفيديا" مجموعة منتجاتها، حيث تنتج "تي إس إم سي" رقائق مركز البيانات وتنتج "سامسونج" بعض رقائق الألعاب الخاصة بها.
يقول هانبري إن الأمر سيستغرق أعواما لمعرفة ما إذا كان مزيد من عملاء "تي إس إم سي" سيحذون هذا الحذو لأن تغيير شركاء التصنيع أمر صعب ومحفوف بالمخاطر. يضيف: "السؤال الكبير هو ما إذا كانت أبل ستقوم بمثل هذا التقسيم".
سيكون العامل الحاسم هو مدى السلاسة التي يستطيع بها منافسو "تي إس إم سي" زيادة طاقتهم في الولايات المتحدة. تخطط كل من "إنتل" و"سامسونج" لإنشاء مصانع في الولايات المتحدة أكبر بكثير من التزام "تي إس إم سي" الأولى في ولاية أريزونا، ما يسمح نظريا بهيكل تكلفة أفضل ومكاسب من حصتها في السوق. مع ذلك، حصلت "تي إس إم سي" على مساحة كافية لبناء مزيد من مصانع الرقائق.
يعتقد خبراء الصناعة أن تنويع "تي إس إم سي" لبصمتها قد يصبح ضروريا لها لأسباب تتجاوز الجغرافيا السياسية، وأصبح من الصعب بالفعل على الشركة العثور على الآلاف من المهندسين لمصانعها التي تكبر. هناك سؤال آخر هو ما إذا كانت تايوان ستكون قادرة على توفير ما يكفي من المياه والطاقة لمواصلة التوسع في تصنيع الرقائق.
يجادل بعض المحللين بأن اعتماد تايبيه على "تي إس إم سي" لأمنها خاطئ في المقام الأول.
يحذر براد مارتن، مدير معهد الأمن القومي لسلاسل التوريد في مركز راند كوربوريشن للأبحاث، من أنه بدلا من أن تكون "درع سيليكون"، فإن هيمنة تايوان في سوق أشباه الموصلات قد تجعلها أكثر عرضة للخطر.
يقول مارتن إنه إذا فرضت الصين عزلا- حصارا محدودا وغير عنيف- على تايوان، فقد تتجنب الدول الأخرى دعم البلد، خوفا من أن يؤدي التصعيد إلى قطع إمدادات الرقائق أو حتى تدميرها بشكل دائم.
"يؤدي احتكار إنتاج أشباه الموصلات إلى عدم الاستقرار. إذا واجهت الولايات المتحدة حاجة لاتخاذ قرار بين حماية اقتصادها والدفاع عن تايوان، فإن ذلك سيصبح قرارا صارما للغاية"، حسبما يضيف.