«بلاك آدم» .. الفكاهة على الطريقة الوحشية
في عالم الفن السابع، نتوق جميعنا لرؤية البطل، نغوص في أحلامنا ونستخرج من مخيلتنا صورة البطل الخارق، الصورة التي انبثقت مع هذه النوعية من الأفلام وحصدت جماهيرية واسعة، فأصبحنا نتوق لمتابعة أعمالهم ونغوص في قصصهم الغريبة، ونذهل لقوتهم الخارقة ومغامراتهم غير المألوفة. ورويدا رويدا بدأنا نفرح بالصورة النمطية التي تجسد الخير في صراعه الأبدي مع الشر، لأن هذه الصورة تمنحنا إيجابية بأن الخير دائما ينتصر، وأن لكل حق أوانا لا بد أن يظهر فيه.
وخير مثال على هذه الصورة شخصية بلاك آدم، وهي واحدة من الشخصيات الأسطورية الخرافية التي ظهرت للمرة الأولى في 1945 في قصص مصورة هزلية لـ"دي سي كومكس". هو شخصية شريرة تتميز بالسرعة الخارقة والقدرة على الطيران، كانت حياة آدم مليئة بالمواجهات والمعارك مع أشد الأعداء، والقرارات التي كانت غير منصفة، وكان يذهب بسببها عديد من الأبرياء. يتلاعب آدم ويوهم الأبطال الخارقين بتركه الشر دائما، وإقناعهم بغزو قرى صغيرة فقط من أجل تحقيق مطامعه ومصالحه الشخصية.
وبعد عشرة أعوام من التحضير لفيلم بلاك آدم الجديد، ولد في 2022 ودخل سوق المنافسة على شباك التذاكر بقوة، بعد أن كانت شركات الإنتاج ترى أن الأولوية لأبطال خارقين آخرين مثل سوبرمان ووندر وومن.
العودة إلى العالم المعاصر
تدور أحداث الفيلم حول قصة بطل خارق في شمال إفريقيا يدعى "بلاك آدم"، وهو الشخصية الأسطورية التي يتم تحريرها بعد خمسة آلاف عام من سجنها تحت الأرض، تعود إلى العالم المعاصر لتحقيق العدالة بطريقتها الخاصة، المدعومة بالقوى الخارقة للملوك المصريين القدامى.
ويعد موضوع أخلاقيات الأبطال الخارقين هو جوهر القصة، بما فيه الحديث عن الأبطال والأشرار، والخير والشر، والقتل ضد الرحمة. أما السؤال الجوهري الذي يطرحه فهو: ما الذي يعنيه أن تكون بطلا؟
البطل النموذجي في وجه الأشراريلعب دواين جونسون "ذا روك" دور البطل الخارق من العصور القديمة، الذي يدخل الزمن العصري بسلوك سيئ وكثير من تأثيرات البرق المضيئة، أما الشخصية الرئيسة التي تعارض أساليبه العنيفة فهي هوك مان، الذي يلعب دوره آلديس هودج، يحاول إقناع بلاك آدم بالتصرف "كبطل" نموذجي. لكن في الجهة المقابلة يتم تجنيد أربعة أعضاء في فريق جمعية العدل، وثلاث شخصيات بشرية، وشرير ليقاتلوه.
تغييرات في الشخصية
تغيرت شخصية بلاك آدم كثيرا عن الماضي، بسبب بعض الإضافات والتغييرات التي قام بها المؤلفون الذين جعلوه فيما بعد الشخصية التي تحاول التكفير عن خطايا الماضي، ومساعدة الناس وحمايتهم. ينجح جونسون في جعل شخصية بلاك آدم فولاذية ومليئة بالترهيب مثلما هو في القصص المصورة التي تركز على بلاك آدم وتعرض كيف أن إحساسه الوحشي بالعدالة جعل حتى أكثر الأبطال استقامة يعيدون التفكير في الخط الفاصل بين الصواب والخطأ. وعلى الرغم من أن الفيلم لا يقتبس مباشرة من هذه القصص المصورة، إلا أنه يحاول اعتناق المواضيع التي جعلتها عظيمة.
ولا بد من الأخذ في الحسبان أن الشخصية مأخوذة من قصة الرسوم المتحركة "بلاك آدم"، وهو شخصية خيالية شريرة من بلدة كاهنداق الخيالية التي تقع بين مصر والأردن، حبس خمسة آلاف عام، والآن تحرر. ويعد العدو الأول لبلاك آدم، شازام، الذي كان سابقا يسمى كابتن مارفل، لكن بسبب تشابه الأسماء في شركة منافسة تم تغيير الاسم.
التصوير والمؤثرات الصوتية
يبدو الفيلم كاملا كما لو أنه صنع قبل عدة عقود، قبل العصر الذهبي لأفلام الأبطال الخارقين، ولا يحمل أيا من الحكمة التي اكتسبتها هوليوود، فهو يعاني كثيرا الكشوفات، والاعتماد المفرط على المشهد على حساب الشخصيات والقصة. يقوم الفيلم غالبا بإضفاء حس الفكاهة على الطريقة الوحشية التي يقتلهم بها بلاك آدم. ولا شك أن محبي أفلام الأبطال الخارقين أصبحوا كثيرين، من الصغار والكبار على حد سواء، بسبب احتوائها على المؤثرات البصرية والقصص المتسلسلة التي طالما أحببناها منذ صغرنا وتمنينا في يوم أن نكون مثلها. لكن - بحسب رأي النقاد - المشكلة الأساسية التي كانت خلف ضعف هذا العمل، تكرار مشاهد الأكشن بطريقة مملة، حيث نرى بلاك آدم يؤدي سلسلة لا نهائية من عمليات قتل لأشرار مجهولين، ليس لديهم فرصة لمواجهته.
كانت مشاهدة أعاصير سايكلون بشكل خاص ممتعة للغاية، وهي تضيف بعض الألوان المرحب بها إلى درجات الألوان المرئية للفيلم. لكن من ناحية أخرى كانت قدرات دكتور فيت تبدو متشابهة ولا هوية بصرية تميزها. بدا الفيلم محشوا أكثر من اللازم وفي الوقت نفسه غير ناضج، وتجاهل بالكامل حقيقة أن الشخصية الأساسية "بلاك آدم" مرتبطة بشكل جوهري بشازام، لدرجة أن الاثنين يتشاركان القوى نفسها، وكذلك كلمة التحول، وشعار الصاعقة.
الإيرادات أقل من التوقعات
جاءت إيرادات الفيلم أقل من التوقعات، حيث إنه لم يحقق حتى الآن النجاح المطلوب، ووصفه بعض النقاد بأنه مخيب للآمال، حيث تلقى مراجعات سلبية على موقع التقييمات، واصفين إياه بـ"خيبة أمل كبيرة" و"الأكثر إحباطا على الإطلاق"، بعد حصوله على تقييم سلبي بنسبة 44 في المائة بناء على 136 مراجعة، بمتوسط تقييمات 5,2 من 10. وصنفت الناقدة "ليز شانون ميلر" الفيلم بدرجة "ب"، وقالت في مراجعتها "يقدم كثيرا من اللحظات الممتعة، لكن المزج بين تقديم فيلم للعائلة وتقديم بطل يقتل الناس بشكل مباشر أثار حالة من الفوضى داخل العمل".
بينما منحت الناقدة راشيل لابونتي الفيلم 2.5 من 5، بسبب الحبكة المتكررة، على حد تعبيرها، موضحة "الفيلم أحد أكثر القصص المربكة للأبطال الخارقين، قصته مليئة بالأحداث ومشوشة، أما المؤثرات البصرية فغير جاذبة وتمتص البهجة من كل مشهد قتال".
لم يسجل العمل إيرادات مرتفعة في الدول التي عرض فيها حتى الآن، ومن المتوقع أن يحقق ما بين 50 إلى 60 مليون دولار إيرادات أولية، ليغطي ميزانية إنتاجه التي بلغت 195 مليون دولار. على صعيد آخر، كشف النجم دواين جونسون أن حياته كمصارع محترف في "دبليو دبليو إي" أسهمت بشكل كبير في تجهيزه لدور بلاك آدم. وأكد أنه منذ نشأته وهو يقرأ قصص "بلاك آدم" لاحظ أن لون جسده قمحي ويشبه المصارعين، "وكنت أحب قصصه لهذا السبب، استغللت مهارات المصارعة في التجهيز للدور ومشاهد الأكشن التي قمت بها، وبسبب خلفيتي في عالم المصارعة ولحظات العنف والدموية التي اختبرتها، كنت أجد الإلهام في تأدية مشاهد الأكشن في الفيلم، بما يناسب شخصية بلاك آدم العنيفة".