الأسواق الهابطة باقية معنا في 2023

الأسواق الهابطة باقية معنا في 2023

الأسواق الهابطة تشبه النمش قليلا. في البداية تبدو جميعها متشابهة، لكن عند تفحصها عن قرب قد تختلف اختلافا كبيرا. لنأخذ في الحسبان أحدثها.
هذا العام انهارت أسعار الأسهم العالمية فعليا بنسبة قاربت 25 في المائة، وهي تقليديا نسبة تنذر بقدوم ركود اقتصادي. مع ذلك لا تظهر تقديرات إيرادات السوق انخفاضا متوقعا في الأرباح حتى الآن.
لا يعد ذلك اتجاها غير معتاد. يظهر رؤساء الشركات التفاؤل عادة. إذا استمر بيع المنتجات أو الخدمات، ودفع العملاء في الوقت المناسب، فبالطبع سيؤكدون وجود رؤية وردية. نتيجة لذلك، حتى المحللين الذين تشددوا مع الوقت قد لا يرغبون في التشكيك في حقائق الشركات التي يغطونها.
لكن في نهاية المطاف تبدأ الشركات التحذير من مشكلات في نقل المخزون الفائض، أو العملاء الذين توقفوا عن الإنفاق. قد يكون لذلك أثر غير متكافئ في سعر سهم الشركة. مثلا، أشارت "تارجت"، سلسلة متاجر التجزئة الأمريكية، في نتائج الربع الأول في أيار (مايو)، إلى أن لديها مخزونا زائدا في مستودعاتها. أصاب الذعر المستثمرين واصطدمت الأسهم مباشرة بمطب هوائي أدى إلى انخفاضها 25 في المائة ذلك اليوم.
الآن، يعبر تنفيذيو الشركات باستمرار عن بعض الحذر عند مناقشة التوقعات. لكن لا تزال تقديرات الأرباح العالمية تشير إلى نمو قادم هذا العام والعام الذي يليه.
إذا استثنينا قطاع الطاقة، نظرا إلى ارتفاع الأرباح الناجم عن الحرب في أوكرانيا، يتوقع أن يرتفع نمو الأرباح العالمية للسهم نحو 3 في المائة هذا العام وما يقارب 9 في المائة في 2023، استنادا إلى بيانات مؤشر "إم إس سي أي" للأسواق الناشئة -عند الركود- ستسجل هذه النسب غالبا انخفاضا بمقدار الخمس أو أكثر. من المتوقع أن تحقق الولايات المتحدة، التي تؤثر بشدة في هذه الأرقام الإجمالية، نموا في الأرباح يبلغ 0.5 في المائة هذا العام و9.7 في المائة العام المقبل.
بالنسبة إلى المناطق الأخرى - أوروبا، اليابان، الأسواق الناشئة - معدلات نمو الإيرادات المتوقعة لهذا العام أعلى "يعود ذلك جزئيا إلى تأثيرات الدولار القوي"، لكن لا يزال نمو الأرباح القوي متوقعا في 2023.
لقد كنا هنا من قبل. أندرو لابثورن، من بنك سوسيتيه جنرال، يعتقد أن الأسواق الهابطة هذا العام تشبه انهيار التكنولوجيا الذي حدث قبل ما يقارب 20 عاما، بدءا من 2000. تأثرت الأسهم ذات التقييم العالي أولا، وهي عادة تلك الشركات التي تسرف في الوعود لكن تحقق أرباحا قليلة أو معدومة.
أشار "بنك أوف أمريكا" أخيرا إلى أنه في ذلك الوقت، بلغت نسبة أسهم شركات التكنولوجيا مقابل مؤشر "إس آند بي 500"، وهو مقياس للأداء النسبي، ذروة لم تتم مشاهدتها منذ أواخر الستينيات. انخفض مؤشر "ناسداك" 100 المحمل بأسهم التكنولوجيا بمقدار ثلاثة أرباع في العامين اللذين سبقا أيلول (سبتمبر) 2002، في حين انخفض مؤشر "إس آند بي 500" أقل من النصف. لم تبدأ اتجاهات الربح على نطاق السوق في التدهور إلا بعد ما يقارب عاما على انفجار الفقاعة في أوائل 2000.
قاد قطاع التكنولوجيا الطريق هذا العام مجددا في عمليات البيع بسعر منخفض، على الرغم من أن نطاق البيع بسعر منخفض بعيد عن الانفجار المذهل لفقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات. الجدير بالذكر أن نسبة أسهم التكنولوجيا مقابل إس آند بي كانت عند أعلى مستوى لها منذ ذروة الإنترنت السابقة. وكالسوق الهابطة السابقة، تصمد توقعات الأرباح.
دعم اقتصاد الولايات المتحدة المتوسع إيرادات الشركات الأمريكية. كذلك يساعد التضخم أيضا. دعمت الأسعار المرتفعة نمو المبيعات الاسمي، على الرغم من أن هوامش الربح تبدأ في الانخفاض، حسبما قال لابثورن. لاحظ أنه في الأسبوع الماضي أعلنت "بروكتر آند جامبل" زيادة صحية أحادية الرقم في المبيعات ربع السنوية، وصولا إلى ارتفاع أسعار منتجاتها. لكن نمو الأرباح لم يكن مواكبا، ما أدى إلى سحق الهوامش.
من المحتمل أن يستمر الاتجاه الأوسع حتى يقمع الاحتياطي الفيدرالي التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة. في النهاية سيؤثر هذا في نمو الأرباح الأوسع، ربما في الجزء الأول من العام المقبل.
يوصلنا هذا إلى الاختلاف الأساسي بين السوق الهابطة اليوم وقبل عقدين. لا يستطيع مخصصو الأصول والمستثمرون الكبار التحول إلى السندات بسهولة. عادة، يلجأون إلى السندات والأسهم ذات الدخل العالي باعتبارهما مأوى من العاصفة القادمة.
ليس هذه المرة. فقد ترسخت سوق هابطة شرسة في سوق السندات أيضا. التقلبات في سوق الدخل الثابت عالية للغاية ومستمرة كما يظهر عدد من المقاييس، بما في ذلك مؤشر "آي سي إي بي أو أيه موف". هذا المؤشر في أعلى مستوياته منذ ثلاثة أعوام. ارتفعت تقلبات أسعار السندات الممتازة في المملكة المتحدة أكثر. إلى أن تتوقف البنوك المركزية عن رفع أسعار الفائدة، فمن المرجح أن يترك هذا الأسواق على الحافة. قد لا يحدث ذلك إلا إذا كان هناك دليل واضح على انخفاض التضخم، وربما يكون مصحوبا بضعف اقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة.
حتى إذا تمت السيطرة على التضخم، فإن ذلك سيعني تعزيزا أقل لنمو الإيرادات المعروف من الأسعار المرتفعة، ما يكشف ضعف الأرباح الأساسي. يجب أن ينخفض نمو الأرباح بسرعة كما هي الحال في دورة اقتصادية نموذجية. هذه ليست رؤية جيدة للأسهم. ترتفع الممتلكات النقدية لدى المستثمرين. يجب أن تستمر السوق الهابطة العام المقبل.

الأكثر قراءة