أزمة تكلفة المعيشة .. "عملية إغلاق ذاتية" توقف حياة الناس مؤقتا

أزمة تكلفة المعيشة .. "عملية إغلاق ذاتية" توقف حياة الناس مؤقتا
أزمة تكلفة المعيشة .. "عملية إغلاق ذاتية" توقف حياة الناس مؤقتا

عندما استقالت سارا، من سكان أمريكا الشمالية تبلغ من العمر 29 عاما، من وظيفتها في صناعة السينما وجاءت لدراسة القانون في لندن، كانت تأمل في أن تضع حياتها على أسس مالي أكثر ثباتا. بعد مرور عامين، يبدو أن هذا الهدف بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.
ارتفعت مدفوعات الفائدة على قرض مصرفي، وفقدت وزنها بعد أن قلصت مشترياتها من البقالة، وشعرت بالعزلة لأن الخروج أصبح مكلفا. اضطرتها فاتورة الطاقة المرتفعة إلى الخروج من شقتها السابقة التي كانت تشاركها.
مع الأجور التي تحصل عليها باعتبارها مساعدة أبحاث تصل إلى 6.65 جنيه استرليني في الساعة، تقول سارا إنه "من المستحيل تخيل" التخطيط للمستقبل.
تقول، "إنني أقوم بحل المشكلة التي تواجهني مباشرة، ولا أقوم ببناء خطة طويلة المدى. لقد تأثرت كل علاقة وجانب من جوانب حياتي (...) إن الأمر كما لو كنت تتسلق سلما ولا تعرف ما إذا كانت هناك درجة تالية أو ما إذا كنت ستقع".
سارا واحدة من الضحايا الذين لا حصر لهم لأزمة تكلفة المعيشة العالمية التي تجبر الناس حول العالم على تعليق حياتهم - التخلي عن الحياة الاجتماعية، وإلغاء الانتقال من المنازل وحفلات الزفاف، والتردد في تكوين أسرة أو تأخير التقاعد بسبب الضغوط المالية الناجمة عن ارتفاع التضخم.
من جنوب إفريقيا إلى سنغافورة، ومن كينيا إلى نيوزيلندا، وعبر أوروبا، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اجتذب استطلاع رأي صحيفة "فاينانشال تايمز" العالمي الذي استمر لمدة أسبوع في حزيران تموز (يوليو) الماضي، مئات الردود من القراء من جميع الأعمار الذين يعانون مشكلات مشابهة، ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، والتقلبات الكبيرة في أسعار الصرف، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وانخفاض أسعار الأصول أدت جميعها إلى تآكل قيمة المدخرات.
في حين أن الصعوبات الاقتصادية حادة بشكل خاص بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتقاضون أجورا منخفضة، إلا أنه حتى الذين يعدون حالتهم المادية جيدة يجدون أن الخطط الموضوعة بعناية تنقلب.
مع وصول التضخم إلى أعلى مستوياته منذ عقود في كثير من الدول، تستجيب البنوك المركزية حول العالم برفع أسعار الفائدة بسرعة عالية. بالنسبة إلى ملايين الأشخاص، هذا يعني ارتفاع مدفوعات الفائدة على الرهن العقاري أو ارتفاع الإيجارات حيث يمرر الملاك التكاليف المتزايدة إلى المستأجرين. في الوقت نفسه، فإن متوسط الأجور ينخفض في القيمة الحقيقية في معظم الدول، ما يدفع الأسر إلى استنفاد مدخراتها أو خفض إنفاقها.
قال كثير من المشاركين في الاستطلاع، إن التقتير أصبح الآن يملي عليهم عاداتهم اليومية، تناول كميات أقل من اللحوم، والابتعاد عن الرفاهية الصغيرة لمصلحة المنتجات ذات العلامات التجارية الخاصة بالسوبر ماركت، والتخلي عن شراء القهوة الجاهزة وأزهار الزينة، والتقليل من الغسيل، وطهي كميات كبيرة للاحتفاظ بها لوقت لاحق وركوب الحافلة لتجنب ملء خزانات الوقود بشكل متكرر.
تقول روزانا، موظفة مدنية في لندن تخطط الآن للبحث عن عمل في القطاع الخاص، حيث تتزايد تكاليف مشروع تجديد المنزل، "بالكاد نستخدم السيارة الآن. كانت رحلتنا الأخيرة إلى متجر ألدي، ما يعبر كثيرا عن التغييرات الكبيرة في أسلوب حياتنا".
لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذه التغييرات المادية هو مدى عزل الأزمة للناس عن الأصدقاء والعائلة - تماما في الوقت الذي جعل فيه تخفيف قيود الجائحة التواصل الاجتماعي ممكنا مرة أخرى - إذ يصبح من الصعب بشكل متزايد تبرير الإنفاق على الاستجمام.
يقول نحو ثمانية من كل عشرة أشخاص "من نحو 500 مشارك" في الاستطلاع، إنهم سينفقون مبالغا أقل في المطاعم نتيجة لأزمة تكلفة المعيشة، بينما يفكر ثلثاهم في تقليص نفقاتهم على أيام العطلات والترفيه.
يقول كارل، موظف سابق في أحد المصارف في روثرهام، بلدة في شمال إنجلترا، ويعمل الآن في مستودع أمازون بثلث راتبه السابق، "توقفت عن الخروج من المنزل ولم أر الأصدقاء منذ شهور. أشعر كأننا في عمليات إغلاق ذاتية مرة أخرى". يرغب كارل، الذي تم الاستغناء عن خدماته في بداية الجائحة تقريبا، في العودة إلى الخدمات المالية، لكنه رفض أخيرا فرصة جيدة لأن التنقل بالسيارة كان سيكلفه كثير من المال. يقول، "إنها وظيفة أرغب في الحصول عليها، لكن لا يمكنني تحمل تكاليفها بالفعل".
ليندا، عاملة في القطاع العام في ليستر في المملكة المتحدة، أطفأت التدفئة المنزلية وقيدت الاستحمام وغسيل الملابس. تقول، "لا استخدم سيارتي إلا للضرورة القصوى، وهو أمر سيئ حيث إنني أعيش وحدي". كما أجلت التقاعد رغم بلوغها سن التقاعد الحكومي.
تقول جيسيكا، مربية أطفال في هوليوك، ماساتشوستس، التي كانت تبحث عن منزل منذ منتصف 2020 مع زوجها، "إننا في أواخر الثلاثينيات من العمر، ونرغب في إنجاب الأطفال ونشعر بالإحباط الشديد". نظرا إلى أنه كان يعمل لحسابه الخاص، فقد كانوا يكافحون لتأمين قرض. وتماما عندما وجد وظيفة بأجر أفضل، وعمل عن بعد، ارتفعت أسعار الفائدة وتحولت السوق. الآن، يشعرون أنهم عالقون في شقة ملوثة بالرصاص والأسبستوس. تضيف جيسيكا، "نشعر بالتوتر من تقديم 20 في المائة من المبلغ كدفعة مقدمة في الوقت الحالي، عندما تكون الأسعار والاقتصاد متقلبين للغاية، لكننا في عمر يكون فيه توقف الحياة مدمرا".
تأثير الأزمة غير متكافئ إلى حد بعيد. كان بعض الأشخاص الذين أجابوا عن استطلاع صحيفة "فاينانشال تايمز" يتخذون بالفعل خيارات يائسة - تقليل وجبات الطعام، والاقتصاد بالاستحمام، واستخدام مصباح يدوي لتجنب إضاءة الأنوار.
تقول جوربريت، في غرب لندن، إنها تلقت تهديدات من مأموري التنفيذ وكانت تبحث عن وظيفة ثانية في عطلات نهاية الأسبوع لأن "وظيفة واحدة لا تكفي" للنجاة. يقول دريك روز، رجل في العشرينيات من عمره في سان دييغو، إنه توقف عن شراء الأدوية حتى يتمكن من سداد الديون التي تراكمت بينما كان يتنقل بين الوظائف العام الماضي، في حين كان رجل في السبعينيات من عمره في البرازيل يقصر نظامه الغذائي على الأرز والفاصوليا.
في الناحية الأخرى من المقياس حيث يشعر الناس بقليل من الضغط، إما لأن دخولهم كانت مرتفعة بما يكفي لامتصاص الصدمة، وإما لأنهم تلقوا زيادات كبيرة في الأجور تضاهي التضخم.
يقول كريس، رجل في الخمسينيات من عمره كان قد اشترى لتوه مركبة كهربائية جديدة ومنزلا للعائلة في ديفون، في جنوب إنجلترا، الذي ارتفع أجره من خلال أدوار غير تنفيذية، "رفع صاحب عملي أجري بشكل كبير، حيث رأوا أنني في خطر الاستقالة". يقول رجل آخر كان أجره مواكبا للتضخم - يبلغ من العمر 30 عاما ويعيش في مومباي - إنه ادخر، واشترى سيارة بسعر مخفض عندما كان الطلب منخفضا، وخفض ميزانية زفافه عندما كانت الجائحة لا تزال تحد من حجم التجمعات.
أصبح آخرون ممن لديهم احتياطي مالي مريح أكثر حرصا من حيث التكاليف، التخلي عن الكماليات، بدلا من الضروريات - إلغاء عطلات التزلج وتذاكر الموسم، أو شراء منزل ثان. ديفيد، مواطن نيوزيلندي في السبعينيات من عمره، يبيع بعض الأراضي الفائضة ويستخدم قاربه بشكل أقل، بينما قام أحد المستجيبين في سنغافورة بتحويل خطط إجازته من جزر المالديف إلى فيتنام.
قال نحو اثنين من كل عشرة مشاركين في استطلاع فاينانشال تايمز، إنهم ما زالوا من المرجح أن يزيدوا الإنفاق على تحسين منازلهم، بينما قال 40 في المائة إنهم سيخفضونه.
كان أصحاب الأجر المرتفع قادرين على الاستثمار في المعدات الموفرة للطاقة التي من شأنها أن تؤتي ثمارها بمرور الوقت. يقول نيك، أحد سكان لندن يتقاضى أجرا مكونا من ستة أرقام، "إنه أعاد ضبط الإعدادات المختلفة في منزلنا عالي التكنولوجيا"، بينما قام مارك، رجل في الخمسينيات من عمره في هولندا، بتركيب الألواح الشمسية، وستائر النوافذ، والسخانات منخفضة الكربون - إضافة إلى رفع قدمه عن دواسة الوقود أثناء القيادة لتوفير الوقود. يقول كيبروتو تشيرشير، من كينيا، إن عائلته تخطط لاستبدال سيارة الدفع الرباعي التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز بصالونين.
بين هاتين الحالتين المتطرفتين، كان كثير من الأشخاص الذين يتقاضون أجورا يعدونها مريحة في المعتاد يواجهون أيضا خيارات صعبة.
تقول كيم، المقيمة في لندن في العشرينيات من عمرها، التي توقفت عن شرب الكحول وتشارك السيارة مع شريكها، على الرغم من أن الأمر "كابوس لوجستي لعاملين بالمناوبة"، "أجني 70 ألف جنيه استرليني بفضل نقابة عمال النقل أر إم تي، لكن ما زلت مضطرة للحرص على الإنفاق".
تقول كيت، امرأة مقيمة في لندن، "لا نعتمد على برامج دعم الخبز (...) وأتفهم أننا محظوظون للغاية". مع ذلك، فقد أجلت وشريكها خططا للانتقال من شقة بغرفة نوم واحدة مشتركة مع طفلهما البالغ من العمر ثلاثة أعوام وخفضا مدفوعات الرهن العقاري لتغطية فواتير أخرى. كما أنهما يبيعان على موقع أي باي مقابل "قليل من الأموال الإضافية التي يمكننا استخدامها للقيام بأشياء لطيفة".
يرتفع التضخم في استهلاك الطاقة بمعدل سنوي قدره 52 في المائة في المملكة المتحدة و41 في المائة في منطقة اليورو، ما يترك أموالا أقل كثيرا للبضائع والخدمات الأخرى، خاصة الترفيه. حتى في الولايات المتحدة، حيث أزمة الطاقة أقل وضوحا، ارتفعت تكلفة الطاقة للمستهلكين 24 في المائة في آب (أغسطس).
يقول كريس كاثكارت، الذي يعيش في هامبشاير في المملكة المتحدة، "أعتقد أننا نصنف أنفسنا على أننا من الطبقة المتوسطة إلى حد كبير ولم نعتقد أننا سنقلق بشأن المال بالقدر الذي نحن عليه الآن". وبعد أن أجل بالفعل حفل زواجه مرة واحدة، بسبب كوفيد، عليه الآن تأجيله مرة أخرى.
لقد وجد وصديقته - وهما يبلغان من العمر 40 عاما، ولديهما طفلان - قاعة احتفال تتجاوز ميزانيتهما بقليل، لكن ارتفاع فاتورة الطاقة الشهرية بين ليلة وضحاها من 90 جنيها استرلينيا إلى 270 جنيها استرلينيا جعلهما يعلقان خطط الزفاف والعطلات على حد سواء.
يقول كريس، "نريد أن نتزوج بالفعل، لكننا نعد الأمر رفاهية وليست ضرورة. لو سألتني قبل عامين ما إذا كنا سنجري محادثات حول كيفية تغطية نفقاتنا في نهاية الشهر لما كنت سأصدقك، لكن هذا ما نفعله وما يتحدث كثير من أصدقائنا عنه".
جعلت التقلبات الكبيرة في أسعار الصرف بعض أموال الناس أكثر من مجرد يانصيب. تقول إيوا، في بولندا، التي كانت تقلل من "الرفاهية الصغيرة اليومية" وعلقت خططها لشراء منزل وسيارة أكبر، "إننا نجني أموالنا بعملة الزلوتي البولندية، لكننا ندفع الرهن العقاري باليورو، لذلك علينا دفع مزيد الآن".
ارتفع مؤشر الدولار، الذي يتتبع العملة الأمريكية مقابل ست عملات أخرى، بمعدل مكون من رقمين منذ بداية العام، ما أضاف ضغوطا على كثير من العملات الأخرى في كل من الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء.
بالنسبة إلى الآخرين - ولا سيما الذين يعتمدون على مدخرات المعاشات التقاعدية – فإن انخفاض أسعار الأصول أكبر مشكلة، ما يتسبب في تأخير خطط تقاعدهم أو حتى الآنضمام مرة أخرى إلى القوى العاملة.
يقول بيتر، موظف فيدرالي في فيينا، فيرجينيا، "في سن 75، عدت إلى العمل بدوام كامل". كان ستيف، في ويلينجتون، نيوزيلندا، قد خطط للتقاعد هذا الشهر، لكنه يشعر الآن "وكأنني سأخسر الأموال".
تقول باتريشيا، أمريكية تبلغ من العمر 69 عاما وتفكر بالعودة إلى العمل بدوام جزئي، "أنا حقا لا أريد أن أكون الحمقاء العجوز التي تتظاهر بأنها قادرة على القيام بأشياء لم أعد قادرة عليها، لكن ربما أحتاج إلى ذلك". كان الآخرون ممن هم في وضع مشابه يتخذون أعمالا استشارية، أو يدرسون اللغة الإنجليزية، أو - في حالة رجل واحد في الخمسينيات من عمره في المملكة المتحدة - يتحولون من العمل الحر إلى العمل بدوام كامل من أجل الحصول على دخل ثابت.
تقول ميشيل، وهي أمريكية في الستينيات من عمرها كانت قد خفضت إنفاقها على الرحلات الجوية والعطلات وشراء الطعام العضوي، "تم تأجيل التقاعد. وأنا أقود مركبة قطعت 255 ألف ميل وأمتلكها منذ 11 عاما". بينما يضيف زوجها جوزيف الذي يخشى عدم قدرتهما على التقاعد، "مواردنا المالية متواضعة. لكننا لم نتوقع أن مثل هذا التضخم قد يحدث".
في هذه الأثناء، يعتري الشباب شعور باليأس حيال إثبات أنفسهم، حيث قال كثيرون إنهم الآن في انتظار شراء عقار - ونتيجة لذلك سيتأخرون في إنجاب الأطفال.
"عدت للعيش مع والدي لأنني لا أستطيع أن أبدأ مسيرتي المالية في لندن (...) لا أعتقد أنني سأكون قادرا على تحمل نفقات إنجاب الأطفال أو امتلاك منزلي الخاص في المملكة المتحدة" كما يقول أحد الطلاب، الذي يأمل في توفير ما يكفي من المال للاستئجار في العاصمة بعد التخرج - لكنه يخطط للبحث عن عمل في الخارج إذا لم يكن ممكنا تحقيق ذلك.
تدبير الحال
من الموروثات الإيجابية للجائحة - وهي القبول العام للعمل عن بعد - أنها أعطت بعض الناس مرونة تسمح لهم بإبقاء التكاليف منخفضة، سواء عن طريق توفير مصاريف التنقل، أو الذهاب مرات أكثر إلى المكتب من أجل التوفير في فاتورة التدفئة الخاصة بهم.
يقول رجل في بولدر في ولاية كولورادو، "لقد وفر العمل من المنزل كثيرا من تكاليف التنقل بالنسبة لي ولعائلتي - ننفق الآن مبالغ أقل على البنزين شهريا مقارنة بـ2018". في المقابل، كان رجل في العشرينيات من عمره في ألمانيا يفكر ليس فقط في استخدام المكتب للاستمتاع بدفئه، ولكن أيضا للاستحمام فيه.
يقول معظم الناس إن ديونهم كانت تحت السيطرة، في الوقت الحالي - على الرغم من أن هذا الاستطلاع تم إجراؤه في تموز (يوليو) قبل الاضطرابات الأخيرة في أسواق المملكة المتحدة التي أدت إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري.
لكن كثيرين كانوا يشعرون بالقلق إزاء ارتفاع تكاليف الاقتراض. في الولايات المتحدة، كان متوسط الفائدة على الرهن العقاري لمدة 30 عاما لا يقل كثيرا عن 7 في المائة، أي أكثر من ضعف المعدل في العام الماضي وهو الأعلى منذ أزمة 2008. في منطقة اليورو، وصلت معدلات الفائدة على القروض إلى أعلى مستوياتها منذ 2016، فيما يقدم المقرضون معدلات فائدة على الرهن العقاري في المملكة المتحدة نحو 6 في المائة، بارتفاع من متوسط بلغ 2.55 في المائة في آب (أغسطس).
لكن عددا قليلا من المستجيبين للاستطلاع يقولون إنهم يخططون لملء الثغرات في ميزانيتهم من خلال العمل أكثر - سواء عن طريق إطالة ساعات عملهم، أو الحصول على وظيفة ثانية أو إيجاد عمل جانبي. حيث تقول جيما، العاملة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وهي في الأربعينيات من عمرها وتقطع مسافة 70 ميلا يوميا بسيارتها، إنها كانت "تضغط على أبنائي المراهقين لكي يحصلوا على وظائف" حتى يتمكنوا من تغطية بعض تكاليفهم.
لكن الرد الأكثر شيوعا في الاستطلاع كان أن الناس استسلموا لإنفاق مدخراتهم أو الإنفاق بشكل أقل - بما في ذلك إنفاقهم على الأشياء الضرورية.
"أنا متعبة جدا من العمل الإضافي (...) أنا فقط أقلل مصاريفي، فلا العطلات أتمتع بها، ولا أذهب للخارج"، كما تقول أنيتا هندرسون، وهي كذلك عاملة أخرى في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وتتوقع الآن أن تتقاعد في سن 65، أي بعد خمسة أعوام من الموعد المخطط له، لأنها لم تعد قادرة على سداد قرضها العقاري بالسرعة نفسها.
"ليس لدي أي مدخرات"، تقول امرأة في الستينيات من عمرها وتعمل بالحد الأدنى للأجور في المملكة المتحدة، حيث أوقفت الماء الساخن في مسكنها بينما تتناول وجبة واحدة في اليوم. "عندما تنفد أموالي، فإني أتدبر أمري دونها".

الأكثر قراءة