جولدمان ساكس ينسحب من السوق الشاملة بحثا عن تقييم أعلى

جولدمان ساكس ينسحب من السوق الشاملة بحثا عن تقييم أعلى

حينما بدأ ديفيد سولومون الترويج لأحدث عملياته لإعادة هيكلة "جولدمان ساكس" أمام المستثمرين الأسبوع الماضي، لم يكن هناك ما يدل على التنفيذي العملاق ذي اللسان الحاد أو على "دي جي دي-سول" اللامع المعروف بتردده على المهرجانات الموسيقية. بدلا من ذلك، أظهر سولومون تعاطفه وندمه.
عملية إعادة الهيكلة المهمة الثانية منذ أن أصبح الرئيس التنفيذي قبل أربعة أعوام كانت في الواقع إقرارا بأن المصرف كان تحت ضغط من المستثمرين الذين أصبحوا متشككين بشكل متزايد في طموحاته لإطلاق علامة تجارية استهلاكية حيوية بعد أعوام من الخسائر وارتفاع معدل دوران الموظفين.
قال سولومون فيما يتعلق بالدخول في الخدمات المصرفية للأفراد خلال مكالمة مع المستثمرين: "أقدر التعليقات القائلة إن المساهمين لم يكونوا متحمسين لذلك. هذا بالتأكيد يؤثر في بعض قراراتنا".
وصف سولومون التغييرات بأنها "تطويرية"، وأوضح خططا للانسحاب من الخدمات المصرفية للأفراد والتركيز بدلا من ذلك على نقاط القوة التقليدية التي تخدم الشركات الكبيرة والمستثمرين الأغنياء بدلا من خدمة عملاء الشارع الرئيسي. سيتم دمج عملية ماركوس الاستهلاكية التي يتبجح بها كثيرا في جولدمان في قسم موحد لإدارة الأصول والثروات.
أكد قرار إعادة تنظيم الشركة أيضا أن سولومون لا يزال يبحث عن إجابة أربكت "جولدمان" منذ أن تولى منصبه، ويمكن القول إنه منذ أن أصبحت الشركة عامة: كيف يمكن للشركة إقناع المستثمرين بمنح تقييم أعلى للمصرف الذي لا يزال موضع حسد كثيرين من نظرائه في وول ستريت، لكنهم يعتمدون على تدفقات الإيرادات التي لا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير؟
قال كريستيان بولو، محلل مصرفي في شركة أوتونوموس للأبحاث: "لا يمكنك إجراء تغييرات إذا كان كل شيء يسير بطريقة جيدة. لذا، فإن حقيقة أنهم يجرون بعض التغييرات تخبرك أن هناك حاجة إلى تعديل التوقعات الأولية".
عملية إعادة تنظيم "جولدمان" ستشهد تقليصه من أربعة أقسام إلى ثلاثة. قام سولومون بدمج مصرف الاستثمار الخاص به - جوهرة تاج الشركة - مع قسم التداول، ما أدى إلى إنشاء وحدة تذكر بعض قدامى المحاربين بمصرف جولدمان القديم الذي حاول عدم اختياره. بعد أن فصل إدارة الأصول والثروات في 2019، يقوم الآن بإعادة تجميعهما مرة أخرى. شركة بلاتفورم سوليوشنز التي تم تشكيلها حديثا ستجمع بين التكنولوجيا التي يستخدمها "جولدمان" لدعم بطاقات الائتمان لشركتي "أبل" و"جنرال موتورز" وشركة جرين سكاي للإقراض عبر الإنترنت، التي استحوذت عليها هذا العام.
قال سولومون في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز": "هذا في الواقع شيء كنا نتحدث عنه ونعمل على تحقيقه في الجزء الأفضل من العام. أدركنا أنه بالنسبة لنا، وبالنظر إلى الطريقة التي نؤسس بها - أنشأنا منصات ومنتجات رقمية جيدة للغاية - فإن نطاقنا الواسع وخططنا لزيادة التوسع إلى مجموعة أوسع بكثير من العملاء المحتملين لا يؤثر في مواطن قوتنا".
توسع الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف جولدمان ساكس أحدث ضجة كبيرة عندما تم إطلاقه في 2016 برئاسة لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي السابق، لكن هذه الضجة أدت إلى تدقيق مكثف من قبل المستثمرين وداخل المصرف مع تزايد الخسائر والتكاليف.
كانت "ماركوس" ناجحة كآلية تمويل منخفضة التكلفة لمصرف جولدمان، حيث جمعت أكثر من 100 مليار دولار من ودائع العملاء. لكن بدلا من تعميق علاقاتها مع عملائها من شركات التجزئة، ستعيد "جولدمان" الآن تجميع التكنولوجيا التي تقوم عليها "ماركوس" في أعمال إدارة الثروات الخاصة بها.
رحبت السوق بعملية إعادة الهيكلة التي تم الإعلان عنها إلى جانب أرباح الربع الثالث التي فاقت توقعات المحللين. بعد الإعلان أغلقت أسهم جولدمان على ارتفاع بلغ 2.3 في المائة متخطية السوق الأوسع.
قال كوش جويل، كبير محللي الأبحاث في شركة نيوبرجر بيرمان لإدارة لاستثمارات، التي تمتلك أسهما في "جولدمان"، إن تراجع "جولدمان" عن "استراتيجية التجزئة الشاملة" كان ما ينتظره المستثمرون. "إنه يظهر أن فريق الإدارة على استعداد لإعادة التقييم وإعادة التعديل".
السؤال الذي يواجه سولومون هو ما إذا كان هيكله الجديد سيقنع المستثمرين بإعطاء تقييم أعلى لمصرفه. يتداول مصرف جولدمان ساكس بأقل من قيمته الدفترية، متخلفا عن متوسطه على مدى الأعوام الخمسة الماضية عند 1.05 مرة. بالمقارنة، يتداول مصرف مورجان ستانلي ضعف قيمته الدفترية نحو 1.4 مرة، بمتوسط خمسة أعوام 1.32 مرة.
أبرزت أحدث الأرباح مدى اعتماد مصرف جولدمان على التداول والخدمات المصرفية الاستثمارية. نظرا لعدم القدرة على التنبؤ بهذه الأعمال، فإنها لا تحظى بتقدير كبير من قبل المستثمرين الذين يفضلون الإيرادات المتكررة من الأعمال القائمة على الرسوم مثل إدارة الثروات.
في الربع الثالث، ولدت الخدمات المصرفية الاستثمارية والتجارة 65 في المائة من عائدات مصرف جولدمان ساكس. بالمقارنة، حقق قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول العام الماضي 35 في المائة من الإيرادات في "جيه بي مورجان" و44.8 في المائة في "مورجان ستانلي".
يقول بعض المصرفيين الذين يعرفون سولومون جيدا إنه محق في محاولة التنويع لكنهم يتساءلون عن مقدار ما يمكن تحقيقه من خلال عملية إعادة هيكلة أخرى.
قال مصرفي سابق في جولدمان ساكس عمل مع سولومون بعد أن أصبح الرئيس التنفيذي: "هذه خطوة تربك جزءا كبيرا من الشركة. أنهم يحاولون مواجهة كارثة وشيكة لكنهم لا يديرون الشركة فعليا - فقط ينقلون الأشياء إلى أماكن مختلفة".
كان سولومون قد أشار في الماضي إلى الخدمات المصرفية للأفراد باعتبارها واحدة من أربعة مجالات للنمو من شأنها تنويع عائدات مصرف جولدمان. سيتحول الاهتمام الآن إلى المجالات الثلاثة الأخرى التي من شأنها أن تجعل المصرف أقل اعتمادا على عقد الصفقات والتداول، وهي إدارة الأصول وإدارة الثروات والمعاملات المصرفية.
أعجب المستثمرون بعملية جمع الأموال في أعمال إدارة الأصول في "جولدمان"، خاصة في الاستثمارات البديلة، مثل الأسهم الخاصة، لكن "لم يتضح رأيهم بعد فيما يتعلق بمبادرات النمو"، كما قال بولو، من شركة أوتونوموس للأبحاث.
اختار سولومون مساعدين من فريق إدارته الحالي للإشراف على الأقسام الثلاثة الجديدة لجولدمان، حيث سيقدمون تقاريرهم إلى الرئيس جون والدرون.
سيتولى كل من دان ديز وجيم إسبوزيتو، اللذين يديران المصرف الاستثماري، وأشوك فارادان، الرئيس المشارك لقسم التداول، الأعمال المصرفية والأسواق العالمية المشتركة. ستيفاني كوهين، حليفة مقربة من سولومون والرئيسة المشاركة لقسم إدارة الثروات والمستهلكين الذي سينتهي قريبا في "جولدمان"، ستقود وحدة بلاتفورم سليوشنز الجديدة.
يبدو أن الفائز الأكبر في إعادة الهيكلة هو مارك ناشمان، الذي من خلال عمله في قيادة قسم التداول والمصرف الاستثماري في "جولدمان"، اكتسب سمعة طيبة في التركيز على التكاليف. سيدير أعمال إدارة الأصول والثروات المشتركة. جوليان سالزبري، الرئيس المشارك السابق لقسم إدارة الأصول المستقلة، سيصبح كبير مسؤولي الاستثمار في أعمال الأصول والثروة.
قال مصرفي في "جولدمان": "مارك هو الوسيط. الثروات الخاصة وإدارة الأصول على وشك تجربة ما يشبه العمل مع مارك، وهو ما لم يجربوه بالتأكيد من قبل".
بالنسبة إلى سولومون، هناك كثير من الأمور التي تدور حول ما إذا كان هذا الإصلاح الأخير يمكن أن ينجح حيث فشل الإصلاح السابق. قال المصرفي: "لسوء حظ ديفيد، لم يتبق كثير من الوقت".

الأكثر قراءة