لا تنخدع بفكرة التطفل على المكاتب
من وقت لآخر، تولد حياة العمل المكتبي مصطلحات تبدو غريبة للغاية لكن تكون منطقية بمجرد أن يقولها شخص ما.
سمعت منذ بضعة أيام مصطلح "متطفلو المكاتب".
كما أوضح زميلي في العمل، المصطلح يعني قصد شخص جالس على مكتبه دون سابق إنذار، والتحدث معه. لقد سمع المصطلح من رجل كان يعمل معه في شركة أخرى قضى أياما في إرسال بريد إلكتروني دون جدوى إلى زميلته للحصول على الموافقة على شيء ما، على الرغم من أنها كانت تجلس في المكتب نفسه.
مع مرور الوقت، سئم زميلي وقال له: "لماذا لا تذهب وتطلب منها الموافقة على ذلك؟" اعترض الرجل الآخر قائلا، وبدا عليه الذهول، لا، "لن أذهب فقط وأفاجئها في مكتبها".
منذ متى أصبح فعل غير مؤذ مثل طرح سؤال مفاجئ في العمل لشخص ما مسيئا لدرجة أن كلمة طنانة كاملة استحدثت لوصفه؟
لو كان هذا مثالا عشوائيا وفرديا لتصرف ساذج لتجاهلته.
لكنه جزء من سلوك يبدو أنه في طريقه إلى الانتشار: الخجل المفرط أو عدم تحمل المقاطعة، وهو في أحسن الأحوال مدمر للذات وفي أسوأ الأحوال غير مثمر ومزعج.
أقول هذا بصفتي شخصا يفاجأ الناس في مكاتبهم، ومحاطة بمن هم مثلي. لن يضيع أي منا الوقت في رسالة بريد إلكتروني بينما يمكننا ببساطة التحدث إلى شخص ما وجها لوجه. إنه أمر فعال أكثر وعادة ما يكون أمتع.
من الواضح أن الأشخاص الذين يرتدون سماعات الرأس يمنحون مساحة واسعة. الأمر نفسه ينطبق على من يحدق في شاشته بنظرة مذعورة على وجهه.
ربما شعرت بالخجل حيال ذلك عندما انضممت لأول مرة إلى "فاينانشيال تايمز"، لكن حتى في ذلك الوقت، كانت فكرة إرسال رسالة من مكتبي تبدو غبية وغير مجدية.
إذا كنت تعتقد أن من يخشون أن يفاجئهم أحد في المكتب من المحتمل أن تكون أعمارهم أقل من 30 عاما، فقد تكون مخطئا. قال لي زميل في العشرينيات من عمره إنه جلس ذات مرة بجانب شخص في الـ40 من عمره كان يرسل إليه رسائل بريد إلكتروني حول مهام العمل. سألته: "ما الذي فعلته؟". قال: "جاوبته ببريد إلكتروني وقلت: حسنا".
مع ذلك، الخوف من مفاجأة الناس في مكاتبهم مرتبط بحقيقة غريبة أخرى تتعلق بالحياة المكتبية – وهي النفور من استخدام الهاتف - والتي تبدو أكثر انتشارا بين الشباب. أظهر استطلاع أمريكي أجري في 2018 أن أكثر من 80 في المائة من الأمريكيين الذين تراوح أعمارهم بين 22 و37 عاما يجهزون أنفسهم قبل إجراء مكالمة هاتفية لأنهم قلقون للغاية من سوء التصرف.
أخبرني آباء جيل الألفية الناجحون جدا على مر الأعوام أن أولادهم ما زالوا يطلبون منهم الاتصال هاتفيا لتحديد موعد مع طبيب الأسنان أو طلب الوجبات السريعة. إن الآباء مثلي يجدون هذا محيرا. لكننا نشأنا مع الهاتف الثابت وتعلمنا الرد عليه عندما كنا أطفالا، لذلك فإننا نأخذ مهارات الهاتف كأمر مسلم به، كما تقول ماري جين كوبس، مؤسسة شركة استشارات كندية لاستخدام الهواتف تدعى ذا فون ليدي.
قالت لي الأسبوع الماضي عبر الهاتف: "بالنسبة إلى أشخاص لم يضطروا أبدا للرد على الهاتف، ليست لديهم أي فكرة عما سيحدث، إنهم يتجمدون في أماكنهم".
تفرض شركتها رسوما على البنوك والشركات الأخرى تصل إلى 3100 دولار يوميا لتدريب الموظفين الذين يبدو أنهم يخافون بشكل متزايد من الرد على المكالمات الهاتفية. قالت: "أود أن أقول إن 40 في المائة من أعمالي تركز الآن على القلق من الهاتف، بينما عندما بدأت الشركة قبل 16 عاما، ربما كانت تمثل 10 في المائة"، مضيفة أن ليس كل من يعانون رهاب الهاتف من فئة الشباب.
من ناحية، إن الجميع مشغولون ويمكن أن تستغرق المكالمات الهاتفية مزيدا من الوقت. وأيضا تم طرح أول أجهزة بلاك بيري للبيع في التسعينيات. تقول كوبس: "لقد كنا نتحدث بإبهامنا منذ ذلك الحين. لا يهم من أي جيل أنت".
الخبر السار هو أنه ليس من الصعب التغلب على الخوف من استخدام الهواتف. إن الأمر يتطلب تدريبا، كما تقول كوبس، التي تتضمن أساليبها مطالبة الأشخاص بقضاء ثلاثة أيام على الأقل دون إرسال رسائل نصية أو إرسال بريد إلكتروني إلى أي شخص، واستخدام الهاتف فقط.
أنا أوصي بنهج مشابه لأي شخص انخدع في التفكير بوجود شيء مثل التطفل على المكاتب.