مع صعود الدولار .. صناديق التحوط تشتم رائحة الفرص

مع صعود الدولار .. صناديق التحوط تشتم رائحة الفرص

يبدو أن التحركات الضخمة في أسواق العملات ستوفر مرة أخرى قدرا كبيرا من فرص التداول لمجموعة من مديري صناديق التحوط.
كان لما يسمى بصناديق مراجحة الاندماج، التي تراهن على نتيجة صفقات الاندماج والاستحواذ، عدد أقل من الصفقات لتتداول أسهمها هذا العام، حيث أثرت حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الفائدة في إبرام الصفقات.
لكن استمرار صعود الدولار مقابل الجنيه الاسترليني والين واليورو يمكن أن يغير كل هذا. مع قدرة الشركات أو الصناديق القائمة على الدولار الآن على شراء الشركات الأجنبية بثمن أقل بكثير من ذي قبل، بات "كل شيء في المملكة المتحدة معروضا للبيع"، كما قال أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى شركات الأسهم الأمريكية الخاصة الأسبوع الماضي. هذا يجعل صناديق المراجحة تشتم رائحة الفرص.
قال بيير دي ماريا، رئيس الاستثمار الموجه بالحدث في شركة تشايني كابيتال في لندن: "أصبحت الشركات البريطانية أرخص بكثير مما كانت عليه قبل أسابيع قليلة. نحن نتوقع حدوث انتعاش في عمليات الاندماج والاستحواذ في المملكة المتحدة بسبب ضعف الجنيه الاسترليني".
نظرا لكونها مسعرة بالجنيه الاسترليني، ولكن مع نسبة عالية من الأرباح بالدولار، فإن الشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز تعد هدفا طبيعيا. يعتقد بعض المديرين، مثل جيمي شيرمان من شركة كايت ليك، أن السوق لا تسعر هذه الأسهم بالشكل الصحيح.
بنى فيليكس لو، المتداول السابق في شركة ميلينيوم والذي يدير الآن صندوق مراجحة الاندماج في شركة تريوم كابيتال، أداة فحص لمراقبة تأثير تحركات العملة هذه على الصفقات العابرة للحدود. كما هو يتوقع أن تكون الشركات الأمريكية نشطة على هذا الصعيد.
قال لو: "يمكن أن يتغير السعر المدفوع وقيمة الهدف بشكل جوهري في فترة زمنية قصيرة جدا. إن الرؤساء التنفيذيين حول العالم يتوخون الحذر بشكل عام في هذه البيئة، لكن الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين هم الأكثر تفاؤلا وتحمسا لإبرام الصفقات".
سيكون أي انتعاش في النشاط بمنزلة دفعة ترحيب لصناديق مراجحة الاندماج، التي وجدت أن فرصها مقيدة بآفاق اقتصادية قاتمة. بعد عمليات الاندماج والاستحواذ القياسية العام الماضي، انخفضت أحجام الصفقات العالمية 34 في المائة على أساس سنوي في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، في حين انخفضت أحجام الصفقات في الولايات المتحدة 40 في المائة، وفقا لشركة ريفينيتيف.
كما طغت على نشاط الصفقات مخاوف من أن وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية ستتخذ نهجا أكثر صرامة إزاء عمليات الاستحواذ. قال رئيس وحدة مكافحة الاحتكار في وزارة العدل، جوناثان كانتر، إنهم سيتخذون موقفا أكثر صرامة بشأن صفقات الأسهم الخاصة، في حين قالت رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان إن المنظمين يجب أن يكونوا "متشككين" عندما تحاول شركات الأسهم الخاصة شراء الأعمال التي تبيعها الشركات التي تندمج.
في حين أن مديرين مثل شيرمان من "كايت ليك" يجادلون بأن هذه المخاطر التنظيمية هي "نباح أكثر من كونها عضة"، فإنها زادت من حالة عدم اليقين بشأن الصفقات.
ما يعكس عدم اليقين هذا، أن متوسط فروق أسعار الصفقات السنوية – الفارق بين سعر الصفقة وسعر السهم - قد ارتفع من 8.1 في المائة في بداية العام إلى 17.6 في المائة، وفقا لبيانات من فريق الأوضاع الخاصة في مصرف يو بي إس، الذي يأخذ في الحسبان الصفقات التي يراوح فارق السعر فيها بين صفر و50 في المائة.
فيما ينعكس التغيير في الظروف على أرقام الأداء لبعض الصناديق. في حين أن بعض الصناديق مثل ترايوم وكيه إل سبيشال أبورتشونيتيز التابع لـ "كايت ليك" قد ارتفعت بأرقام زوجية، وارتفعت صناديق المراجحة ككل برقم مخيب للآمال يبلغ 0.7 في المائة في المتوسط في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وفقا لمجموعة البيانات إتش إف آر.
لكن هذا بعيد جدا عما يسمى بـ "نهاية صناديق المراجحة" في آذار (مارس) 2020، عندما انهارت فروق الصفقات أثناء ظهور جائحة فيروس كورونا وخسرت صناديق المراجحة ما يقارب 10 في المائة في المتوسط في شهر واحد. لكنه لا يزال يمثل تباطؤا ملحوظا عن مكاسب العام الماضي المزدهرة التي بلغت 10.6 في المائة.
لكن بينما سيتم الترحيب بالانتعاش في عمليات الاندماج والاستحواذ العابرة للحدود، ستظهر بعض العقبات بطبيعة الحال. من المرجح أن تجعل الفوضى المالية في المملكة المتحدة مجالس الإدارة الأمريكية حذرة من الالتزام بالصفقات الآن.
علاوة على ذلك، تسعى الشركات البريطانية في كثير من الأحيان إلى التأكد من أن لديها عوائد كافية بالدولار لتتناسب مع تكاليف ديونها بالدولار. يمكن أن يتركها ذلك في وضع "حساس"، وفقا لدي ماريا من "تشايني"، حيث ترتفع ديونها بالدولار بينما تتضرر عوائدها جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي. مع ذلك، يعتقد دي ماريا أن هذه المشكلة يمكن "حلها بسهولة" إذا كان المستحوذ عبارة عن شركة للأسهم الخاصة يمكنها بعد ذلك استبدال الدين بالدولار بالعملة المحلية.
بينما تنتظر حدوث انتعاش في عمليات الاندماج والاستحواذ في المملكة المتحدة وأماكن أخرى، فإن هناك على الأقل بعض الصفقات التي يمكنها إبرامها. من أهمها معركة الاستحواذ على "تويتر" غير العادية التي خاضها إيلون ماسك، والتي كانت صفقة مربحة لكثير من المديرين.
كانت التقلبات في الصفقة، التي عادت حاليا بعد تغيير ماسك لرأيه هذا الشهر وعرضه المضي قدما بالسعر المتفق عليه مبدئيا البالغ 44 مليار دولار، قد وفرت الكثير من وسائل التسلية الإعلامية، لكنها أعطت صناديق المراجحة الفرصة أيضا للتداول بالبيع والشراء.
يشعر عدد من الذين درسوا قانون ولاية ديلاوير بالثقة بهدوء من أنه بغض النظر عن تغريدات الطرفين ضد بعضهما بعضا في هذه الأثناء، سيضطر ماسك في النهاية إلى إتمام الصفقة. هذا، في الوقت الحالي، يجب أن يكون كافيا لإبقاء صناديق المراجحة مشغولة.

الأكثر قراءة