هل سيؤثر هيكل "فولكسفاجن" المعقد للغاية في الاقتصاد الألماني؟
مع وجود 295 ألف موظف في ألمانيا و24 مصنعا عبر بلدها الأم، من الصعب المبالغة في تقدير أهمية "فولكسفاجن" لأكبر اقتصاد في أوروبا. إذ يعد التكتل الذي يقع في فولفسبورج أحد أكبر أرباب العمل الصناعيين في ألمانيا ومركز جذب لشبكة من الموردين.
من منظور قصير إلى متوسط المدى، أصبحت إمبراطورية فولكسفاجن للتو أكثر استقرارا. فقد أدى إدراج حصة أقلية في شركة بورشهه لصناعة السيارات الرياضية الشهر الماضي إلى ظهور أموال عالية القيمة في حال احتياجها إلى جمع الأموال. فلا تزال "فولكسفاجن" تمتلك 75 في المائة من أسهم "بورشهه"، التي لها حق التصويت والتي ليس لها الحق في ذلك. ويمكن بسهولة جمع المليارات من الأموال إذا احتاجت المجموعة إليها مقابل شيء كالدفع للانتقال إلى السيارات الكهربائية.
مع ذلك، قد يكون الطرح العام الأولي لشركة بورشهه مشكلة كبيرة على المدى الطويل، لأنه يجعل حوكمة الشركة المرهقة بالفعل أكثر تعقيدا. هل هذا جيد لألمانيا؟
بعد إدراج شركة بورشهه إيه جي، يمكن للمستثمرين الذين يسعون إلى الانكشاف على إمبراطورية فولكسفاجن الآن الاختيار بين شراء الأسهم في أربع منشآت مختلفة مدرجة: المجموعة الشاملة "فولكسفاجن إيه جي"، والعلامة التجارية للسيارات الرياضية "بورشهه إيه جي"، وشركتها لتصنيع شاحنات "تراتون إس إي" وشركة قابضة تمتلك أسهم التصويت لمجموعة بورشهه بيتش في فولكسفاجن إيه جي وبورشهه إيه جي "بورشهه إس إي".
ترتبط هذه الشركات معا في شبكة من الأسهم المشتركة التي تسيطر عليها عائلة بورشه-بيتش من الناحية الفعلية من خلال قبضتها على الأسهم التي لها حق التصويت. الشركات المدرجة مستقلة من الناحية النظرية وتديرها مجالس تنفيذية منفصلة تشرف عليها مجالسها الرقابية. لكن لا شك في أن اتخاذ القرارات يتم من خلال عائلة بورشه بيتش.
يبرز تداخل في الموظفين عبر المجالس الثمانية المختلفة للمجموعة هذه القبضة ويعززها. يشغل 11 فردا - تسعة منهم رجال - مناصب في مجلسي إدارة شركتين مختلفتين على الأقل.
خمسة منهم على الأقل في ثلاثة مجالس إدارة مختلفة. الرجل الرئيس هو هانز ديتر بوتش وهو الذي يرأس المجالس الإشرافية لفولكسفاجن وتراتون، وهو الرئيس التنفيذي لشركة بورشه إس أي وعضو في المجلس الإشرافي لشركة بورشه إيه جي. يشغل أوليفر بلوم وظيفتين كرئيس تنفيذي لشركة فولكسفاجن وبورشهه إيه جي. مانفريد دوس، رئيس الشؤون القانونية في "فولكسفاجن" مسؤول أيضا عن الامتثال في "بورشه إس إي" بينما يشغل منصب عضو في مجلس إدارة "تراتون" الإشرافي.
هذه الشبكة المعقدة من الحيازات المتقاطعة وقوائم الأسهم والمسؤوليات الفردية تفعل أكثر من مجرد إنشاء تكاليف عامة إضافية. بل يمكن أن تثير تساؤلات حول تضارب المصالح.
ما عليك سوى إلقاء نظرة على أدوار لوتز ميشك، المدير المالي لشركة بورشهه إيه جي. قد يكون من مصلحة شركة بورشهه إيه جي إبقاء توزيعات الأرباح منخفضة للحفاظ على السيولة النقدية. لكن بصفته رئيسا لإدارة الاستثمار في شركة بورشهه إس إي، فقد يرغب في تلقي أكبر قدر ممكن من المدفوعات من بورشهه إيه جي.
يذكر مستشارو المجموعة أن العلاقة بين فولكسفاجن وبورشه والكيانات الأخرى محددة بشكل قانوني وواضح. قبل الاكتتاب العام الأولي لشركة بورشهه إيه جي، تم إلغاء اتفاقية قانونية منحت "فولكسفاجن" السيطرة الكاملة على التدفقات النقدية والقرارات اليومية في "بورشهه إيه جي". دون اتفاق كهذا، فإن الإدارة مطالبة بموجب القانون الألماني بمتابعة المصلحة العليا للشركة بأكملها.
بالرغم من ذلك، يمكن لعائلة بورشه – بيتش وفولكسفاجن وضع اتفاقية جديدة بضربة قلم نظرا إلى حقوقها في التصويت. قد يكون هذا خيارا نظريا بحتا، لأن هذه الخطوة من المرجح أن تضر بثقة المستثمرين. لكن إذا تغيرت تفضيلات الأسرة، فقد لا يستطيع المساهمون الخارجيون فعل شيء ضد ذلك.
بشكل أساس لدى المستثمرين الخارجيين صوت محدود. في شركتي "بورشه إس إي" و"بورشه إيه جي"، لا يتم تداول أسهم التصويت في الأسواق المالية على الإطلاق. في حالة "فولكسفاجن"، تمتلك ولاية ساكسونيا السفلى وصندوق الثروة السيادية القطري أيضا حيازات كبيرة من الأسهم التي لها حق التصويت. تتمتع حكومة ساكسونيا السفلى بحقوق نقض خاصة في حالات كعروض الاستحواذ. لنقابة عمال المعادن المشاكسة "آي جي ميتال" تأثير كبير في "فولكسفاجن".
امتلاك أسهم في شركة بورشه إيه جي يتطلب الإيمان بالقدرات الإدارية لشركة لديها مشبوهون في مجالات كالامتثال لقواعد الانبعاثات، إضافة إلى الاتصال في الأسواق المالية. اختار المستثمرون الذين أغراهم نمو "بورشه" وربحيتها تجاهل المخاطر المحتملة مؤقتا. إذا فشل هذا الرهان، فلن يكون مؤلما لهم فقط. نظرا إلى حجم شركة فولكسفاجن ونطاقها الهائل، سيكون ذلك بمنزلة ضربة للاقتصاد الألماني الأشمل.