«إيرنست آند يونج» تواجه اتهامات بتبييض صفقات مشبوهة
المبلغون عن المخالفات اتهموا شركة إيرنست آند يونج بتبييض الشكوك المتعلقة بغسل الأموال والتهرب الضريبي، في تحقيق أجرته هذا العام لعميلتها القديمة شركة ليونتيك.
في صلب شكاوى المبلغين عن المخالفات هناك صفقتان عقدتهما "ليونتك"، وهي شركة تكنولوجيا مالية مدرجة تصمم منتجات استثمارية مخصصة، لجمعية تعاونية عمالية فرنسية في بداية 2021.
قال المبلغون عن المخالفات "إنه كان ينبغي الإبلاغ عن الصفقتين للسلطات الفرنسية على أنهما مشبوهتان على أساس احتمال غسل الأموال والتهرب الضريبي، بعد اكتشاف أن العمولات الكبيرة تم توجيهها إلى شركة في جزر فيرجن البريطانية بدلا من الوسيط في فرنسا الذي باع الاستثمارات نيابة عن شركة ليونتيك.
كما اتهموا شركة ليونتيك ومدققة حساباتها الداخلية شركة إيرنست آند يونج بالفشل في اتخاذ الخطوات الأساسية للتحقيق.
الوثائق والتسجيلات المتعلقة بالصفقات، التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، تثير تساؤلات حول ضعف الضوابط، وثقافة كسر القواعد والحوكمة السيئة في "ليونتيك"، التي تداولت ما قيمته 29 مليار فرنك سويسري "24 مليار جنيه استرليني" من المنتجات المهيكلة في العام الماضي.
قالت شركة ليونتيك "إن لديها سياسة صارمة لعدم التسامح مطلقا فيما يتعلق بسلوك العمل غير الممتثل"، وإن جميع الادعاءات "تمت إدارتها، ومراقبتها والإبلاغ عنها بالعناية والإجراءات اللازمة"، وقالت "إن جميع التحقيقات توصلت إلى عدم وجود أوجه قصور ذات أهمية، وإنها ملتزمة بدعم أعلى معايير النزاهة والامتثال".
كلفت شركة ليونتيك شركة إيرنست آند يونج بالبحث في الصفقات والقضايا ذات الصلة. وتحدث التقرير اللاحق لشركة المحاسبة عن وجود مشكلات تتعلق بالضوابط الداخلية و"غياب الأدلة عبر البريد الإلكتروني وسجل الهاتف"، لكنه قال "إنه لا يوجد مؤشر يبرر مزاعم غسل الأموال أو التهرب الضريبي".
على الرغم من أن الشركة قدمت منذ عدة أعوام المشورة لمجلس إدارة شركة ليونتيك بشأن "مدى كفاية وفاعلية" الضوابط الداخلية، وإذا ما كانت المجموعة تلتزم "بالسياسات والإجراءات والقواعد واللوائح التنظيمية المعمول بها"، وفقا للتقارير السنوية، أشار تقرير شركة إيرنست آند يونج حول هذه المسألة إلى أنها لم تتخذ خطوات للتحقق أو إثبات بعض الحقائق الأساسية حول الصفقتين.
علق أحد المبلغين عن المخالفات قائلا "كل ما كان على شركة إيرنست آند يونج فعله هو الاتصال بالجمعية التعاونية".
عندما فعلت "فاينانشيال تايمز" ذلك، سمعت رواية عن الأحداث تشير إلى أن المبلغين عن المخالفات كانوا على حق في أن شيئا ما كان غير صحيح.
الجمعية التعاونية هي جمعية آي دي فورميشين، يقع مقرها في مدينة ليل ولها فروع في جميع أنحاء فرنسا، وتقوم بتدريب العمال والباحثين عن عمل. قال رئيسها إريك فيدربه لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "أنا متورط في قصة مجنونة بعض الشيء هنا".
وقال "إن الجمعية التعاونية تحتفظ ببعض أصولها كمنتجات مهيكلة"، وانضم إليه في المكالمة مع "فاينانشيال تايمز" مارك بروفوست الرجل الذي تدير شركته الصغيرة هذه الأصول.
في آذار (مارس) 2021، اشترت شركة آي دي فورميشين أوراقا مالية بقيمة 750 ألف يورو تتعلق بأسعار أسهم مجموعة الاتصالات أورنج وشركة صناعة الصلب أرسيلور ميتال، وكلتاهما تم إصدارهما من قبل شركة ليونتيك. كانت عملية بيع المنتجين صفقة منظمة، وتم الاحتفاظ بالأوراق المالية من قبل وصي فرنسي.
قال بروفوست "إنه رتب الصفقات للجمعية التعاونية عبر شركة آي- كابيتال للوساطة في باريس". يعمل هؤلاء الوسطاء في صلب نموذج أعمال شركة ليونتيك، حيث يبيعون أوراقها المالية المخصصة للعملاء مقابل عمولات.
ما جعل الصفقتين غير معتادتين هو أنه لم يتم دفع رسوم لبروفوست أو شركة آي كابيتال. أخبر بروفوست صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأنه تنازل عن الرسوم لتحقيق شروط أفضل لجمعية آي دي فورميشين باعتبارها عميلا جيدا، وأنه من المفترض أن الوسيط كان يفعل الشيء نفسه للفوز بأعمال بروفوست لأول مرة، وقال "أخبرتني شركة آي كابيتال أنها لن تأخذ عمولة".
لكن تم الدفع لشخص ما. أرسلت شركة ليونتيك 120 ألف يورو إلى الخارج، أي ما يعادل حصة 8 في المائة في الصفقتين، لشركة في جزر فيرجن البريطانية تسمى "لادوجا كابيتال"، التي كانت لديها علاقة بفريق مبيعات شركة ليونتيك في الشرق الأوسط.
تم الكشف عن هذه الحقيقة فقط في حزيران (يونيو) 2021، بعد مراجعة رسائل البريد الإلكتروني من قبل دائرة الامتثال في شركة ليونتيك عندما غادر موظف صغير في باريس بشكل مفاجئ.
مع ذلك، ذكرت المعاملة الخاصة بالأوراق المالية فقط مشاركة أعمال بروفوست القائمة في ليل، "يوروكاب فاينانس"، وشركة آي كابيتال في باريس. في الوقت نفسه، عزت أنظمة شركة ليونتيك الفضل إلى فريق الشرق الأوسط التابع لها في ترتيب الصفقات، وليس إلى مكتب باريس الذي كانت له علاقة بشركة آي كابيتال.
لم يتمكن فريق الامتثال التابع لشركة ليونتيك من العثور على مسار تدقيق للاتصالات الرسمية المتعلقة بالمعاملات، وهو مطلب تنظيمي، ولم يتم التصريح لشركة لادوجا كابيتال بتوزيع منتجات استثمارية داخل الاتحاد الأوروبي، وليس لدى فريق مبيعات شركة ليونتيك في الشرق الأوسط علاقة رسمية بشركة آي كابيتال.
قال المبلغون عن المخالفات "إن المعلومات المفقودة كانت جزئيا نتيجة لبيئة عمل تشيع فيها الرسائل غير الرسمية". قال أحدهم "يتواصل كثير من الأشخاص داخليا وخارجيا عن طريق تطبيق واتساب".
استخدام قنوات المراسلة غير الرسمية في صناعة الخدمات المالية الآن نصب أعين الجهات التنظيمية، أعلنت الحكومة الأمريكية أخيرا تسوية بقيمة 1.8 مليار دولار مع 11 مصرفا ووسيطا تتعلق "بانتشار الاتصالات خارج القنوات الرسمية".
قالت شركة ليونتيك "إن واتساب وتطبيقات المراسلة الأخرى غير مسموح بها لإجراء الأعمال مع العملاء، وإن أي انتهاكات لذلك ستؤدي إلى اتخاذ إجراءات تأديبية مناسبة".
ادعى المبلغون عن المخالفات أن هناك على ما يبدو ثقافة تتفوق فيها المصالح التجارية في بعض الأحيان على الامتثال.
مثلا، قالوا "إن فريق الشرق الأوسط الذي ينسب إليه الفضل في ترتيب الصفقتين من قبل شركة ليونتيك قد انتقل من لندن إلى دبي في بداية 2021 لكنه استمر في خدمة العملاء الحاليين دون أي أعمال ورقية ذات صلة".
تسببت هذه المشكلة في الضحك عندما تمت مناقشتها في مكالمة مع مسؤولي الامتثال في 10 آذار (مارس) 2021، في مكالمة مسجلة. قال أحدهم "نحن نخرق جميع أنواع القواعد في دبي عبر الاستمرار في العمل".
أجاب رئيس قسم الامتثال لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا "نعلم هذا، إنه لا يرقى إلى المستوى الأمثل".
قالت شركة ليونتيك "إنها تأخذ واجباتها التنظيمية على محمل الجد، ولم تحدث عيوب مادية".
ثم، خلال صيف العام الماضي، نشأ خلاف داخل فريق الامتثال التابع لشركة ليونتيك حول إذا ما كانت الصفقات الخاصة بجمعية آي دي فورميشين مشبوهة وينبغي الإبلاغ عنها إلى وكالة الاستخبارات المالية الفرنسية "تراكفين".
تساءل مسؤول الامتثال عن المدفوعات الخارجية في رسالة بريد إلكتروني بتاريخ 15 يونيو 2021 "هل هي خدمة مجانية لشخص ما (...) أم وسيلة لتغيير طبيعة الأموال؟".
إن تدريج الأموال هي عملية يمكن استخدامها لإخفاء مصدر الأموال عن طريق تمريرها عبر طبقات من المعاملات أو الأدوات المالية.
أخبر أحد المبلغين عن المخالفات صحيفة "فاينانشيال تايمز"، "نعلم أن المستثمر النهائي موجود في فرنسا. جزر فيرجن البريطانية عبارة عن تمويه". قال الشخص "إن ذلك أثار مسألة إذا ما كانت الترتيبات تهدف إلى تجنب الكشف عن العمولات باعتبارها دخلا فرنسيا خاضعا للضريبة".
في مكالمة مسجلة أخرى، أجريت في سبتمبر 2021، بدا أن رئيس قسم الامتثال في شركة ليونتيك لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا يشارك هذا القلق، قال "لم تكن شركة لادوجا متورطة في تلك الصفقة، هذا ما أخشاه. رأينا ذلك في حالة أخرى قبل خمسة أعوام. ما أخشاه هو أن دبي تحدثت مع شركة يوروكاب أو شركة آي كابيتال".
أخبرت شركة ليونتيك صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأن "الامتثال أولوية مطلقة".
أثناء التحقيق في الامتثال، تسبب بريد إلكتروني أرسله بروفوست في سبتمبر 2021 في تعكير صفو المياه، قال فيه "إن شركة آي كابيتال ظهرت على المستندات الخاصة بالصفقات عن طريق الخطأ".
أخبر بروفوست صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأنه كتب البريد الإلكتروني بناء على طلب شركة آي كابيتال، التي طلبت منه إخفاء مشاركتها في الصفقتين بسبب ما دعاه "حربا تجارية داخلية بين شركة ليونتيك في باريس، وسويسرا وإنجلترا"، وقال "إن شركة آي كابيتال لا تريد إغضاب مندوب مبيعات شركة ليونتيك باريس الذي كان من المفترض أن تتاجر معه".
لم ترد شركة آي كابيتال على الأسئلة التي طلبت تلقيها عبر البريد الإلكتروني. في أغسطس، تم وضع شركة لادوجا في حالة تصفية طوعية من قبل شركة بنمية متخصصة في تصفية الأعمال، بعد أن اتصلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأطراف أخرى في الصفقات المشبوهة المزعومة. لم نتمكن من الوصول إليها للتعليق.
في أكتوبر 2021، تصاعد الجدل الداخلي حول ما يجب فعله ومدى دقة التحقيق إلى مجلس إدارة شركة ليونتيك في رسالة بريد إلكتروني زعمت أن أقساما من الشركة قاومت مراجعة شاملة لكثير من الصفقات المشبوهة، بما في ذلك صفقتان لجمعية آي دي فورميشين، من أجل حماية مندوب مبيعات عالي الأداء في دبي، ولتجنب الاستنتاجات التي من شأنها أن تظهر "فشلا كاملا لإطارنا القانوني والامتثال".
قرر مجلس الإدارة تعيين "إيرنست آند يونج" في سويسرا للتحقيق في الصفقات المشبوهة، خطوة شبهها أحد المبلغين عن المخالفات بتصحيح مهامها بنفسها. قالت شركة ليونتيك "إن التحقيق لم يجر من قبل فريق التدقيق الداخلي المعتاد في شركة إيرنست آند يونج".
مع تكشف المشكلة، نصحت شركة ليونتيك من قبل شركة محاماة بشأن التزاماتها القانونية الفرنسية: يتعين على المجموعة تقديم تقرير عن المعاملات المشبوهة لأي مبالغ أو معاملات تعرفها، أو تشتبه فيها، أو لديها سبب وجيه للاشتباه في أنها ناتجة عن الاحتيال الضريبي.
ثم هذا العام، في مذكرة صدرت في 20 يناير، خلص رئيس قسم الامتثال في شركة ليونتيك لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا إلى أن تقديم تقرير عن الأنشطة المشبوهة فيما يتعلق بالصفقتين "لم يكن ضروريا".
صادقت شركة إيرنست آند يونج على هذا الاستنتاج في "تقرير الإصدار" الصادر في 15 فبراير 2022، على الرغم من أنها لم تحدد الجهة التي باعت الأوراق المالية لـ"آي دي فورميشين" وكيف فعلت ذلك.
وجدت الشركة أن ست صفقات، بما في ذلك صفقتان لشركة آي دي فورميشين، كانت فيها "جوانب إشكالية"، وأن "عدم اليقين ما زال قائما بشأن سلسلة التوزيع" وأنه لم يكن من الممكن تأكيد بعض الشكوك التي أثيرت بسبب "عدم وجود أدلة سجل بريد إلكتروني وهاتف".
يبدو أن شركة إيرنست آند يونج تقبل فكرة أن شركة لادوجا كانت لاعبا سيئا في القضية - وأنها ربما وزعت منتجات في فرنسا دون أن يكون لها حق تعاقدي أو تنظيمي للقيام بذلك. ما لم تحدده شركة إيرنست آند يونج هوية الأطراف الأخرى في الصفقتين - شركتي "آي كابيتال" و"يوروكاب فاينانس" وجمعية آي دي فورميشين. كما لم يأخذ تقريرها في الحسبان سبب استخدام شركتي "آي كابيتال" و"لادوجا" كوسيط، في حين إن لها علاقة مباشرة بشركة ليونتيك في باريس.
وجدت شركة إيرنست آند يونج أنه إذا تم إجراء الأعمال كما وصفها فريق مبيعات الشرق الأوسط، فإن هذا يعني أن شركة ليونتيك "لن تكون لها سيطرة" على إذا ما كانت الشركات التي توزع منتجاتها تخرق قواعدها.
جاء هذا الحكم بعد خمسة أيام من نشر شركة ليونتيك تقريرها السنوي، الذي قيل فيه مرة أخرى "إن شركة إيرنست آند يونج تزود مجلس الإدارة بضمانات مستقلة وموضوعية بشأن كفاية وفاعلية نظام الرقابة الداخلية". امتنعت "إيرنست آند يونج" عن التعليق، مشيرة إلى سرية العميل.
قال أحد المبلغين عن المخالفات "إنه تحقيق متهاون من قبل شركة إيرنست آند يونج. تلك هي المشكلة. إن التحكم في الموزعين مطلب تنظيمي، لكن الضوابط الضعيفة تجذب أعمالا سيئة للغاية. غض البصر عن عمليات غسل الأموال المحتملة يعني أن تصبح متواطئا".