هل يشعل قانون التضخم شرارة حرب تجارية جديدة؟
إذا كنت حزينا على أيام المجد لنزاع "إيرباص" و"بوينج" - مع تعليق صراع الإعانات عبر المحيط الأطلسي بعد 17 عاما من التقاضي في منظمة التجارة العالمية - فإن الخلاف حول التكنولوجيا الخضراء طموحات لسد الفجوة.
أثار قانون جو بايدن لخفض التضخم، الذي أصبح نافذا في آب (أغسطس)، قلق الاتحاد الأوروبي. يتضمن القانون إجراءات تمييزية بوضوح، حيث يقدم للمستهلكين الأمريكيين ائتمانات ضريبية لشراء السيارات الكهربائية فقط إذا تم تجميعها في أمريكا الشمالية، كما يتطلب شراء معادن وبطاريات مهمة بشكل متزايد من أمريكا الشمالية أو من دولة أبرمت معها الولايات المتحدة اتفاقية تجارة تفضيلية، ويمنع الاستعانة بمصادر من الدول عالية المخاطر مثل الصين.
مع استمرار سباقات الدعم، قد يكون هذا أسوأ من الناحية السياسية من قضية "إيرباص" و"بوينج"، التي كانت تتعلق أساسا بالمنافسة بين الطائرات المنتجة في الدول الأصلية لشركاتها في صناعة ناضجة. قد تؤدي الائتمانات الضريبية للسيارات الكهربائية إلى تغيير الوظائف بشكل مباشر من خلال تشجيع شركات السيارات الأوروبية والآسيوية على إنشاء مصانع في الولايات المتحدة في قطاع سريع التطور يتمتع بميزة التحرك مبكرا.
قد يأتي ذلك في وقت سيئ للغاية بالنسبة إلى أوروبا، المهددة بالفعل بالتراجع السريع عن النشاط الصناعي بسبب صدمتها الشديدة من أسعار الطاقة من الحرب في أوكرانيا. كما أنه متكرر: يلاحظ مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن هناك برامج أخرى مثيرة للقلق في قانون خفض التضخم الأمريكي، كالدعم الحكومي للهيدروجين الأخضر، علاوة على سباق الدعم المحتمل عبر المحيط الأطلسي في إنتاج أشباه الموصلات.
لقد كانت بروكسل تشكو من الائتمانات الضريبية منذ نقاش تكرار سابق العام الماضي إلى جانب كوريا الجنوبية أيضا. لكن مارجريت فيستاجر، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة، قالت لـ"فاينانشيال تايمز" في مقابلة الأسبوع الماضي "إن بروكسل لا تفكر فورا في رفع قضية لمنظمة التجارة العالمية".
على الرغم من أنه قد يكون تقليل فيستاجر من قيمة كرت المساومة بوضوح غير حكيم، فإنه يبدو من المعقول ترك الأداة البطيئة وغير المتقنة لتسوية نزاعات منظمة التجارة العالمية على الرف في الوقت الحالي. تتمثل استراتيجية الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي في محاولة التأثير في صياغة اللوائح التنظيمية التي ستفعل قانون خفض التضخم الأمريكي. التفاصيل الدقيقة للشروط والإعفاءات وما إلى ذلك، تخفف أحيانا من التأثير الحمائي للتشريعات التجارية الأمريكية إلى حد كبير مقارنة بالنباح الخطابي. فالديس دومبروفسكيس، مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، موجود في واشنطن هذا الأسبوع لإعلان وجهات نظره.
مع ذلك، حتى لو تم إضعافه من الناحية العملية، فإن الاتجاه الأساسي للسياسة الصناعية الأمريكية لا يزال مقلقا. مسؤولو الاتحاد الأوروبي سعيدون بأخذ واشنطن تغير المناخ على محمل الجد، لكنهم لا يرون كثيرا من الدلائل على رغبة إدارة بايدن المعلنة في العمل مع الحلفاء لبناء شبكات إمداد خضراء ومرنة.
على عكس إعانات شركات تصنيع الطائرات، فإن سياق الائتمان الضريبي للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة يقلل من الاعتماد على الصين. نظرا لميل بكين إلى التلاعب بإمدادات المواد الخام التي تهيمن على إنتاجها العالمي، كالمعادن النادرة، فإن هذا هدف معقول تماما. لكن الأساليب التمييزية لواشنطن تشير إلى أن جماعات الضغط المحلي تلعب دورا ضخما.
إن نقل إنتاج شركات صناعة السيارات الكورية والأوروبية إلى الولايات المتحدة لا يتعلق بـ"دعم الحلفاء" الذي يوائم شبكات التوريد مع التحالفات الاستراتيجية: إنه مجرد نزعة حمائية. بعض الضغط المؤثر من كندا يعني أن السيارات الكندية والمكسيكية أصبحت أيضا مؤهلة للحصول على معاملة ضريبية تفضيلية، لكن هذا يجعلها اتفاقية إقليمية وليست استراتيجية.
حتى دون وجود اتفاقية تجارة رسمية عبر الأطلسي، فهناك آليات من المفترض أن تعالج مثل هذه المنغصات. ليس من المفترض أن يتعامل مجلس التجارة والتكنولوجيا - منتدى تعاون بين بروكسل وواشنطن تم إنشاؤه العام الماضي - من الناحية الفنية مع قضية ضرائب السيارات الكهربائية، ولكن لا شك في أنها ستناقش هناك.
يجب أن تكون هناك بعض الاحتمالات لعقد صفقة بشأن المناخ والسياسات الصناعية، بما في ذلك نظر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بلطف أكبر إلى تدخلاتهما التي قد تؤدي إلى تشويه التجارة. لدى الاتحاد الأوروبي طموحاته الخاصة في السياسات الصناعية: يعد تحالف البطاريات، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص أنشأتها المفوضية الأوروبية في 2017، أحد أكثر المحاولات نجاحا في تشجيع قطاع جيل جديد في أوروبا.
تود بروكسل أيضا أن تقبل الولايات المتحدة محاولتها معادلة تكلفة انبعاثات الكربون بين البضائع المنتجة محليا والواردات بآليتها لتعديل حدود الكربون. من جانبها، تود الولايات المتحدة، التي تفرض مجموعة جديدة واسعة من ضوابط تصدير تكنولوجيا الرقائق إلى الصين، أن تعامل الحكومات الأوروبية بكين باعتبارها خصما ومنافسا أكثر من شريك.
ستتطلب أي صفقة عبر الأطلسي موقفا أكثر إيجابية، خصوصا من الولايات المتحدة. فيما يتعلق بالتجارة وبناء نظام إمداد مرن، فقد تحدثت إدارة بايدن عن التعاون الاستراتيجي لكنها كثيرا ما تصرفت على نحو أحادي الجانب. آخر شيء تحتاج إليه الشراكة عبر الأطلسي بينما تكافح من أجل إيجاد تعاون ملزم هو نزاع دعم مطول آخر لتشتيتها وتقسيمها.