اقتصادي أمريكي: على دول الخليج تبني الذهب أو اليورو أو الين عملة لاحتياطياتها
أكد خبير اقتصادي ومالي أمريكي أن اقتصادات دول "مجلس التعاون" المربوطة بالدولار ستشهد لاحقا تضخماً نتيجة لانخفاض الدولار وتحديدا مع استعادة الاقتصاد العالمي عافيته وارتفاع الطلب على السلع والخدمات. ومن هنا – والحديث للاقتصاد الأمريكي - يجب على هذه الدول الابتعاد عن ربط عملاتها بالدولار، وكذلك استبداله بعملات أخرى في احتياطياتها، بحيث تتبنى الذهب أو اليورو أو الين عملة لاحتياطياتها.
وأكد بيتر شيف رئيس شركة "يورباسيفيك كابيتال" في الولايات المتحدة الأمريكية، في ندوة حول "الأزمة المالية العالمية: التداعيات والحلول" عقدها "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، أن التضخّم لا الانكماش، هو الخطر الحقيقي الذي يلوح في الأفق، ذلك أن التوسّع السريع في عرض النقود سيؤدي -في نهاية المطاف- إلى حدوث ارتفاع حاد في الأسعار. أما في المرحلة الحالية، فإنّ المد التضخمي تكبحه الضغوط التعويضية المتمثلة في انفجار أسعار الأصول، وقال شيف إن المشكلة الحالية التي يعانيها الاقتصادان الأمريكي والعالمي هي مشكلة الاقتصاد الماضي، أي أنها تشكّلت في الماضي ونحن نعاني تداعياتها حالياً، وتدخّل الحكومة اليوم يضيف إلى مشكلات الاقتصاد ويعقّد الأمل في النهوض؛ فالحكومة باستدانتها تسحب الأموال من السوق وهي الأموال التي يمكن للقطاع الخاص استعمالها للنهوض وإيجاد الوظائف وتطوير الإنتاج.
من جانبه، أكد الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، أن "الأزمة المالية العالمية"، التي تعصف بالعالم منذ الربع الثالث من العام الماضي (2008) أدّت إلى انهيار في الأسواق المالية وخسائر كبيرة في الثروات وهبوط حاد في الطلب وارتفاع في معدّلات البطالة وتراجع في معدّلات النمو. وأضاف سعادته أن الأزمة مع استفحالها تؤرّق النظام الاقتصادي العالمي الذي استغرق بناؤه سنوات طويلة. واستعرض سعادته بشكل مكثف كيف تطورت الأزمة المالية وما أفرزته من تداعيات وتأثيرات على أصعدة متعدّدة، وكيف تم التعامل معها من خلال ما اتخذ من إجراءات على الصعيد العالمي، وداخل الدول الكبرى التي كانت الأكثر تضرراً بهذه التأثيرات والتداعيات.
كما شارك في الندوة سبستيان مالابي، مدير مركز موريس جرينبرج للدراسات الجيواقتصادية، مجلس العلاقات الخارجية، الولايات المتحدة الأمريكية، متحدّثاً عن تداعيات "الأزمة المالية"، وناقش سؤالين أساسيين: أولهما، كم ستستغرق عودة العالم إلى النمو المستقر؟ وثانيهما، كم سيظلّ العالم عرضة للأزمات؟ وأكد مالابي أنه فيما يخصّ السؤال الأول، تشير التجارب السابقة إلى أن التراجع المتزامن عالمياً، الذي ينتج عن أزمة عالمية يدوم زمناً أطول من التراجع الذي يكون مقصوراً على منطقة معيّنة، أو الذي ينجم عن دورة اقتصادية طبيعية، وتعديل في المخزون. أما فيما يتعلّق بالسؤال الثاني، فإن صانعي السياسات يسعون جاهدين إلى إيجاد السبل، للتصدّي لمواضع الضعف الرئيسية في النظام الدولي التي تجعل العالم عرضة للأزمات. وناقش مالابي طبيعة المحاولات المبذولة في هذا السياق، منتهياً إلى تأكيد أن العالم يسير في اتجاه الانتعاش البطيء والتعافي من تأثيرات الأزمة المالية.
وتحدث في الندوة الدكتور ستيفن روش، رئيس مؤسسة مورجان ستانلي، آسيا، هونج كونج، حول مأزق عالم ما بعد الأزمة المالية، فأكد أن ملامح هذا العالم ستتبلور من خلال مدى الرغبة لدى قادة العالم في الارتقاء إلى مستوى الحدث وتصرفهم من منطلق استراتيجي، لا من منطلق تكتيكي.
وذكر روش أن هناك 4 قضايا رئيسية لا بدّ من معالجتها؛ تشير إليها الأسئلة التالية: أولاً: هل ستطغى الرغبة السياسية في إيجاد حل سريع على مقتضيات إعادة التوازن بين المفرطين في الإنفاق (الولايات المتحدة) وأصحاب الفائض في المدّخرات (الصين)؟ ثانياً: هل ستذهب عملية إعادة التنظيم التالية للأزمة إلى أبعد مدى مما ينبغي؟ ثالثاً: هل في مقدور العالم مقاومة الضغوط المتمثلة في صور عدّة أبرزها "الحمائية التجارية"؟ رابعاً: هل ستخضع لعبة إلقاء اللائمة في فترة ما بعد الأزمة لتحكيم عادل ونزيه؟ وأنهى روش حديثه بتأكيد أن هناك دولتين تمتلكان مفاتيح المستقبل: المستهلك الأمريكي من حيث الطلب والمنتج الصيني من حيث العرض، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي بمقدوره أن يكون هو المجموعة الوحيدة القادرة على دعم الاستهلاك العالمي، بيد أنه من غير المحتمل أن يفعل ذلك، أما آسيا فتعتمد على التصدير أكثر من الاستهلاك.