الصناديق المستمرة .. هندسة مالية تثير قلق المستثمرين

الصناديق المستمرة .. هندسة مالية تثير قلق المستثمرين

هل تقوم صناعة الأسهم الخاصة ببناء مخطط هرمي عملاق يمكن أن يضر بالأعمال التجارية؟ يبدو أن عددا من مديري الاستثمار المؤثرين في أوروبا يعتقدون ذلك.
حذر ميكيل سفينستروب، كبير مسؤولي الاستثمار في "أيه تي بي"، أكبر صندوق للمعاشات التقاعدية في الدنمارك، من أن الممارسة الشائعة المتزايدة لمجموعات الأسهم الخاصة التي تبيع الشركات لبعضها بعضا، بما في ذلك الصناديق الجديدة التي تسيطر عليها شركة الاستحواذ نفسها، أمر مثير للقلق.
في حزيران (يونيو)، قال فينسينت مورتييه، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أموندي لإدارة الأصول، الشيء نفسه تقريبا "بعض أجزاء الأسهم الخاصة تبدو كأنها مخطط هرمي بطريقة ما (...) أنت تعلم أنه يمكنك البيع لشركة أسهم خاصة أخرى مقابل أرباح مضاعفة 20 أو 30 مرة (...) إنها عملية دائرية".
تصاعدت مثل هذه الانتقادات على خلفية ازدهار صناعة الأسهم الخاصة فيما يسمى الصناديق المستمرة، وهي مستوى من الهندسة المالية "الإبداعية" المربحة، يعد جديدا حتى بالنسبة إلى قطاع يديره كبار المحترفين الماليين.
هذا هو المكان الذي تبيع فيه مجموعة استحواذ أصلا كانت تمتلكه لعدة أعوام لصندوق جديد أنشأته أخيرا. إنه تطور للصفقات المستمرة، حيث تبيع إحدى مجموعات الأسهم الخاصة أحد الأصول إلى مجموعة أخرى في السوق الثانوية.
ربما كانت الصورة التقليدية لشركات الاستحواذ تدور في السابق حول جعل الشركات المدرجة ذات الأداء الضعيف شركات خاصة، وتحميلها بالديون وتنفيذ عمليات إعادة هيكلة وحشية قبل تحقيق ربح بعد نحو خمسة أعوام عن طريق بيعها، إما للأسواق العامة أو لمشتر من الشركات الخاصة. أو ربما تحويل مجموعة عمليات استحواذ على شركات إلى كيانات أكبر قادرة على السيطرة على صناعة واحدة.
لا تزال هذه الاستراتيجيات موجودة، لكن الشركات الرائدة في الصناعة مثل "كيه كيه آر" و"بلاك ستون" و"أبولو" حققت نموا لتصبح شركات أكثر تنوعا تشبه شركات إدارة الأصول أكثر من شبهها بمجموعات الاستحواذ التقليدية. بالنسبة إلى شركات الأسهم الخاصة المتداولة علنا، فإن اسم اللعبة هو إضافة أصول خاضعة للإدارة.
كلما جمعت مزيدا من الأصول، زادت الرسوم التي تأخذها من مستثمريها. من المؤكد أن المساهمين في الشركات المدرجة يقدرون ثبات مثل هذه الرسوم الإدارية بقيمة أعلى كثيرا من الأرباح المتفرقة القائمة على الرسوم التي يتم تحقيقها من الصفقات.
لذا، فإن مجموعات الأسهم الخاصة تتطلع إلى التمسك بالأصول لفترة أطول. من هنا تأتي الحوافز لاستمرار الصفقات. لماذا تتخلى عن شركة كبيرة تقدم تدفقات نقدية ثابتة من أجل بيعها لمنافس؟ قد يضطر صندوق معين يقترب من نهاية العمر المحدود إلى التجريد من الاستثمار، لكن قد يستفيد صندوق آخر تديره مجموعة الأسهم الخاصة نفسها. إنها أيضا طريقة لمجموعات الأسهم الخاصة لتوزيع بعض الأموال التي تم الالتزام بها للقطاع في الأعوام الأخيرة.
تضارب المصالح الذي ينطوي عليه ذلك من شأنه أن يثير قلق مستثمري الصناديق، مثلا، هل يدفع صندوق الاستحواذ مبالغ كبيرة، لمجاملة وجذب البائع، أم أن الصندوق القديم يتخلص من أصول ذات نوعية رديئة تم استنزافها بالفعل بواسطة أداة الأسهم الخاصة، لكن هل كل هذا يجعل الصناعة مخططا هرميا أو احتياليا؟
وجهة نظر جيدة. تم تنفيذ صفقات بقيمة 65 مليار دولار بهذه الطريقة العام الماضي، وفقا لوحدة سيبيل كابيتال التابعة لمصرف ريموند جيمس. لذا فإن الصفقات المستمرة هي جزء صاعد من الصناعة. مع ذلك، تقارن تلك المستويات بـ656 مليار دولار من إجمالي الصفقات التي نفذتها شركات الأسهم الخاصة حتى الآن. قد تكون المشكلة الأكبر للأسهم الخاصة هي أنها تعمل في واقع بديل.
لأكثر من عقد من الزمان، انغمست مجموعات الاستحواذ في الديون الرخيصة، ما سمح لها بشراء كثير من الأصول مع جمع مبالغ ضخمة من السيولة من المستثمرين المستميتين من أجل زيادة العوائد. مع ارتفاع أسعار الفائدة، تكمن المشكلة في أن كثيرا مما يمتلكونه الآن قد يكون أقل قيمة مما دفعوه. نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الأصول، من الصعب معرفة مدى الضرر الذي قد تكون عليه الخسائر.
ما نعرفه هو أنه منذ بداية العام تراجعت الأسواق العامة بشكل حاد مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 20 في المائة ومؤشر ناسداك نحو 30 في المائة. كانت مجموعات الأسهم الخاصة أكثر حذرا بشأن أدائها، لكن بعض المحافظ الاستثمارية في صناديق الاستحواذ الكبيرة تم تخفيضها بنسبة تقل عن 10 في المائة.
ربما تكون بعض مجموعات الأسهم الخاصة قد تفوقت في الأداء، لكن من الصعب إنكار أن هناك أزمة مقبلة، حتى بالنسبة إلى صناعة معزولة تقليديا عن التداعيات الفورية لتقلبات تقييمات السوق العامة.
سيكون هذا مؤلما لكثير من المستثمرين في صناديق الأسهم الخاصة، كما هي الحال مع سفينستروب، من صندوق أيه تي بي، حيث استثمر 119 مليار دولار عبر 147 صندوق استحواذ، وفقا لـ"بيتش بوك". نظرا لغياب الشفافية في هذا القطاع، ربما يجب أن يفكر مستثمرو الأسهم الخاصة، مثل صناديق التقاعد، فيما إذا كان قرارهم في الأعوام الأخيرة بضخ مليارات الدولارات واليوروهات في الصناعة هو في الواقع قرار صحيح في المقام الأول.

الأكثر قراءة