ارتفاع أسعار الفائدة يوسع فجوة تفاوت الدخل

ارتفاع أسعار الفائدة يوسع فجوة تفاوت الدخل

عندما أعلن جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ارتفاعا ضخما آخر في أسعار الفائدة الأربعاء الماضي، اعترف متجهما بما هو واضح "قد يتطلب تخفيض التضخم فترة مستمرة من النمو دون الاتجاه، وغالبا ما سيكون هناك بعض التخفيف لظروف سوق العمل".
تتوقع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية الآن أن إجمالي معدل البطالة سيصل إلى 4.4 في المائة في العام المقبل، أعلى من التوقعات السابقة التي كانت 3.9 في المائة، والمستوى الحالي الذي يبلغ 3.7 في المائة.
هذه أخبار غير سارة للبيت الأبيض، الذي يواجه انتخابات نصفية صعبة على الرغم من استياء المصوتين من ارتفاعات تكلفة المعيشة. لكن المشكلة التي تشكل ضغطا أكبر على السياسيين، إضافة إلى الاقتصاديين في الاحتياطي الفيدرالي، هي كيف يتوزع هذا "الألم" بين فئات الدخل المختلفة.
عادة ما كان باول يدافع عن سياسة الاحتياطي الفيدرالي الفضفاضة في الأعوام القليلة الماضية، مجادلا بأنه بضمان اقتصاد قوي، كان الاحتياطي الفيدرالي أيضا يوفر وظائف انتشلت الناس من الفقر. فهل ستنعكس هذه الآلية الآن بينما ترتفع أسعار الفوائد؟ بعبارة أخرى، هل من الممكن أن يكون قرار الاحتياطي الفيدرالي رجعيا؟
انطلاقا من بحث جديد بارز نشر الأسبوع الماضي، قبل حركة الاحتياطي الفيدرالي مباشرة، فالجواب غير المرغوب هو "ربما نعم".
أتى هذا التحليل من إيمانويل سايز، وتوماس بلانشيت، وجابريل زوكمان الاقتصاديين. كانت نقطة بدايتهم هي ملاحظة صعوبة تقدير كيف تشكل اتجاهات التفاوت في وقت محدد النمو الاقتصادي حتى اليوم.
تنشر حكومة الولايات المتحدة إجمالي إحصائيات الإيرادات، والإنفاق، والنمو متأخرة بضعة أسابيع فقط. لكن المعلومات الدقيقة عن الاتجاهات في الفئات الاجتماعية الاقتصادية المختلفة لا تظهر إلا بعد تأخير طويل، ومن مصادر مختلفة. سابقا، عندما حذر اقتصاديون مثل توماس بيكيتي من التفاوت المتزايد في أمريكا، فعلوا ذلك عن طريق بناء سلاسل بيانات تاريخية بدلا من فحص الاتجاهات الحالية.
فريق توماس بيكيتي قد حاول، في هذا الوقت، أن يسد فجوة المعلومات بإنشاء ما يسمى بيانات تفاوت عالية التردد. يعني ذلك تجميع مجموعة واسعة من مصادر المعلومات العامة والخاصة، بما فيها المصادر غير التقليدية، لإنشاء حسابات شهرية عن كيفية تطور أنماط الدخل والثروة في الوقت الفعلي تقريبا.
لا يزال هذا المشروع الطموح قيد التنفيذ، وقد جعلت المنهجية مفتوحة المصدر لتمكين الاختبار على نطاق واسع. لكن سلاسل البيانات الأولية، التي تعود إلى 1976، تحتوي على رسالتين محفزتين للتفكير لاقتصاد أمريكا السياسي الحالي.
الأولى هي أن الركود الذي سببته جائحة كوفيد - 19 كان له أثر مختلف في الأسر الأمريكية عن ذلك الذي سببته الأزمة المالية العالمية. تسبب ركود ما بعد الأزمة في انخفاض دخل الأمريكيين، وقد استغرق النشاط الاقتصادي أربعة أعوام طويلة، مقيسا بمتوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ليتعافى إلى مستويات ما قبل الأزمة.
كانت فترة ما بعد الأزمة أكثر سوءا للفقراء. قال سايز وبلانشيت وزوكمان "إن الأمر استغرق ما يقارب عشرة أعوام لأدنى 50 في المائة (من العمال) لاستعادة مستوى دخلهم قبل الأزمة وقبل الضرائب". يكاد يكون من المؤكد أن هذا هو أحد العوامل التي غذت المد الصاعد للشعبوية في الأعوام الأخيرة.
لكن، عندما ضرب ركود كوفيد في ربيع 2020، مسببا في البداية انخفاضا حادا آخر في الدخل، كان هناك انتعاش سريع. "استعادت كل فئات الدخل مستوى دخلها قبل الأزمة في غضون 20 شهرا"، كما لاحظوا. في الواقع، بحلول 2021، كان متوسط الدخل الحقيقي القابل للتصرف استثنائيا حيث كان أعلى 10 في المائة من مستويات 2019.
المذهل أكثر هو أن أفقر الفئات لم تستثن من المكاسب في هذه المرة. على النقيض، كان متوسط الدخل القابل للتصرف لأدنى 50 في المائة في الحقيقة أعلى 20 في المائة في 2021 من 2019.
يؤدي ذلك إلى نقطة ثانية مهمة: بينما خفض التعافي من كوفيد تفاوت الدخل قليلا، فإن ذلك لم يكن عالميا. بقيت التفاوتات العرقية شديدة، أما تفاوتات الثروة، على عكس الإيرادات، فقد تضخمت بسبب سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية الفضفاضة للغاية التي عززت أسعار الأصول التي يملكها الأغنياء.
لكن إذا نظرت فقط إلى دخل الأسر الحقيقي - يمكن القول إنه المقياس الذي يدركه أغلب المصوتين على أساس يومي - أنتج النمط مكاسب نسبية للفقراء. كان ذلك "وقتا مستقطعا من الاتجاه (اتجاه التفاوت المتزايد) السائد منذ أوائل الثمانينيات".
لماذا؟ في البداية، نشأ الانتعاش من الإعانات الاجتماعية الاستثنائية بسبب كوفيد. لكن، كان العامل الأكبر والأكثر دواما هو نمو الوظائف والأجور القوي بين العمال ذوي الأجور المنخفضة. في 2022، استمرت سوق العمل الضيقة هذه في نفع الفقراء - حتى مع انتهاء الإعانات الاجتماعية - مع ارتفاع دخلهم 10 في المائة أكثر مما كان قبل الجائحة.
هل سينعكس هذا الاتجاه الآن؟ لم ينعكس بعد. لكن بعض السياسيين التقدميين، مثل اليزابيث وارن، عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية، قلقون بوضوح، بينما تستمر أسعار الفائدة في الارتفاع، خاصة أن التضخم المرتفع يميل إلى التأثير في الفقراء بشكل أكبر نسبيا. "ما يسميه باول (بعض الألم) يعني إخراج الناس من العمل، وإغلاق الأعمال التجارية الصغيرة"، كما لاحظت الشهر الماضي محتجة بغضب ضد الاحتياطي الفيدرالي.
باقتراب الانتخابات النصفية، قد تتزايد مثل هذه الهجمات. عندها ستتوجه جميع الأنظار نحو حركة باول التالية، وكيف أن هذا "الألم" الوشيك يؤثر في شعور الناخبين.

الأكثر قراءة