رأسمالية ما بعد 2008 .. كيف اقتحمت وول ستريت صناعة الموسيقى؟

رأسمالية ما بعد 2008 .. كيف اقتحمت وول ستريت صناعة الموسيقى؟
رأسمالية ما بعد 2008 .. كيف اقتحمت وول ستريت صناعة الموسيقى؟

بالنسبة إلى باري ماسارسكي، المختص في تحليل الأرقام لنجوم البوب وشركات التسجيل، كان تحول الموسيقى إلى تجارة عملا جيدا للغاية.
قال لـ"فاينانشيال تايمز" في تموز (يوليو): "إننا مشغولون للغاية. تعاقدنا مع عدد لا يصدق من المغنيين المختلفين (...) والأموال الجديدة تأتي مرة أو مرتين في الأسبوع. شريكي في العمل يقول (...) السوق تتألق".
الأشخاص الذين عملوا مع ماسارسكي يصفونه بأنه متفائل دائم، قارنه أحد العملاء السابقين بالمرشد في فيلم جيري ماجواير الذي يقول: "أنا أصفق بيدي كل صباح وأقول: سيكون هذا اليوم رائعا". لكن حتى عهد قريب، كان خريج كلية كورنيل لإدارة الأعمال قد أمضى أكثر من عقد من الزمان يكدح في صناعة تعاني توعكا مزمنا.
بوصفه خبيرا اقتصاديا، كان يتولى حساب قيمة عوائد الموسيقى لشركات التسجيل والناشرين والفنانين. وعندما عطلت القرصنة عبر الإنترنت عالم الموسيقى في العقد الأول من القرن الـ21، كان ماسارسكي يكسب عيشه من خلال حساب مقدار الأموال التي كان بوب ديلان يخسرها بسبب انتهاك حقوق النشر على موقع إلكتروني يسمى mp3.com.
لكن في الأعوام الأخيرة، أعاد البث المباشر للموسيقى إحياء إيرادات الصناعة، بينما خفضت البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن مصادر جديدة للعوائد. والنتيجة: ضخ أكبر المستثمرين في العالم المليارات فيما كان قطاعا رصينا وتحولت مدفوعات عوائد الموسيقى إلى فئة أصول معترف بها. وأصبح ماسارسكي وفريقه الصغير السحرة الماليين وراء مليارات الدولارات من المعاملات رفيعة المستوى.
في الوقت الحالي يقول مديرو الموسيقى والمحامون والوكلاء إن تدفق الأموال في وول ستريت غير مسبوق. فبعد سلسلة من الاستثمارات في هذا القطاع، يجني صندوق بلاكستون الاستثماري الآن الأموال في كل مرة يتم فيها تشغيل أغنية SexyBack لجستين تيمبرليك في مركز تسوق. ويتقاضى صندوق أبولو أجرا في كل مرة يتم فيها تشغيل أغنية "دسباسيتو" للويس فونسي في ملهى ليلي.
كان رائد هذه الظاهرة صندوق استثماري مدرج في لندن يسمى هيبنوسيز، سمي على اسم مجموعة فنية صممت أغلفة ألبومات لفرقة بينك فلويد وآخرين. وفي عام 2018، أسس ميرك ميركوريادس، وهو مهووس بالموسيقى وأدار أعمال إلتون جون ذات مرة، الصندوق كوسيلة لشراء الأغاني، وعرضها على المستثمرين المؤسسيين كوسيلة لتحقيق عوائد موثوقة تشبه السندات.
في حقبة ارتفاع أسعار الفائدة باتت فئة الأصول الناشئة تواجه أول اختبار حقيقي لها. يقول دان إيفاسكين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بيمكو: "ما تشتريه هو سيل مستقبلي متوقع من التدفقات النقدية، فإذا ارتفعت أسعار الفائدة، فإنك تخصم تلك التدفقات النقدية عند تلك المستويات الأعلى". يضيف: "الملكية الفكرية للموسيقى، كالأسواق الخاصة الأخرى، هي مجال لم نشهد فيه استجابة كاملة من الأسواق لحقائق ما نراه في الأسواق العامة. وستلاحظ تباطؤ حجم المعاملات".
في ظل هذه الظروف، سيكون دور ماسارسكي حاسما. فإذا كان سيبدأ في استخدام أسعار فائدة أعلى كجزء من حساباته التي تعكس ارتفاع أسعار العالم الحقيقي فإن تقييم عشرات الآلاف من الأغاني سينخفض، ما قد يؤدي إلى إحداث فوضى لدى المستثمرين الذين استخدموا الديون للمشتريات.

الأثرياء يصبحون أثرياء
"الجميع يعرف أن المعركة انتهت. الفقراء يظلون فقراء، والأثرياء يصبحون أثرياء"، كما غنى ليونارد كوهين في أغنيته المشهورة "الجميع يعرف" عام 1988.
بلاكستون شركة الأسهم الخاصة العملاقة التي جنى ستيفن شوارزمان، رئيسها التنفيذي أكثر من مليار دولار العام الماضي لا تمتلك حقوق الملكية الفكرية لتلك الأغنية فحسب، بل قام بوضعها مع مجموعة أخرى من الأغاني وجعلها ضمن أوراق مالية ضمانة لمئات ملايين الدولارات من الديون.
القصة التي تروي كيفية حدوث ذلك تعود إلى قصة رأسمالية ما بعد الأزمة المالية. فعندما أسس ميركوريادس صندوق هيبنوسيز عام 2018، كانت أسعار الفائدة منخفضة وكانت سوق الأسهم في عامها التاسع من الانتعاش التاريخي. وفي عام 2019، تم إعلان صفقات كتالوجات موسيقية بقيمة 368 مليون دولار فقط، وفقا لشركة ميديا للأبحاث. لكن مع قيام المستثمرين بمحاولات إبداعية لتوليد عوائد أعلى من المبالغ الضئيلة المعروضة من السندات الحكومية، تم تطوير حالة استثمار للأغاني. تضخمت صفقات كتالوجات الموسيقى إلى 1.9 مليار دولار عام 2020، ثم إلى 5.3 مليار دولار عام 2021، كما تقول ميديا.
كان الأساس المنطقي على هذا النحو: من خلال جمع مجموعة واسعة من الأغاني معا في صندوق واحد، يمكن تجميع عوائدها التي تدفع لمالكي حقوق النشر عند تشغيل أغنية في سيل مستمر من التدفقات النقدية التي يتم دفع أرباح الأسهم منها. وتم جذب مستثمرين كبار مثل بيمكو وأبوللو إلى عوائد الموسيقى لأول مرة.
وسط هذا الاندفاع، قدمت مجموعات من ضمنها إنفستك ويلث آند إنفستمنت وأفيفا إنفسترز ومدير صندوق كنيسة إنجلترا، سي سي إل إيه، أموالا إلى صندوق هيبنوسيز الاستثماري التابع لميركوريادس والمدرج في لندن، الذي أنفقها في شراء حقوق النشر لأكثر من 65 ألف أغنية.
يقول بول فلود، وهو مدير محفظة في صندوق نيوتن إنفسمنت مانجمنت، الذي وفقا لآخر تقرير سنوي لصندوق هيبنوسيز الاستثماري، كان المستثمر الأكبر فيه بحصة 10 في المائة: "إننا نعتقد أن هذا الاستثمار سيولد عوائد خارقة (...) فهو أقل شهرة (من فئات الأصول الأخرى) ونعتقد أننا ما زلنا في وقت مبكر على هذا".
عين ميركوريادس ماسارسكي وكيلا ثالثا لحساب "صافي قيمة الأصول" لمحفظة الأغاني لتقديمها إلى مساهميه. ومن خلال حسابات الأخير، يبدو أن هيبنوسيز يقوم برهانات تنبؤية ناجحة. فكل ستة أشهر، حسب ماسارسكي، المحفظة التي تضاف إليها الأغاني باستمرار، كانت ترتفع قيمتها أكثر فأكثر: من 128 مليون جنيه استرليني في مارس 2019 إلى 2.7 مليار دولار في نهاية الشهر نفسه. "تغيرت عملة تقارير هيبنوسيز المالية من الجنيه إلى الدولار".
في هذه الأثناء، اشتهر ميركوريادس بأنه صديق للنجوم، حيث وضع نفسه جسرا بين المستثمرين المتعثرين والموسيقيين غير المنتظمين. وكان يغني في مقابلات حول كيف أن الأغاني كانت "أفضل من الذهب أو النفط" كاستثمار. وبينما اشترى صندوقه مزيدا من الأغاني، أفاد بأن الإيرادات تتزايد باستمرار "من 7.2 مليون جنيه في عام 2019 إلى 168.3 مليون دولار بحلول مارس 2022" واحتشد الممولون خلف ذلك. أربعة من البنوك الستة التي تغطي السهم: جيه بي مورجان ورويال بنك أوف كندا وإنفيستيك وليبروم، لديها تصنيف للشراء.
لكن وتيرة عمليات الاستحواذ حجبت الأداء الأساسي للكتالوجات. والإيرادات الصورية التي تولدها هذه الأغاني، وهي إجراء يزيل الدعم من عمليات الشراء الجديدة، أخذت في الانخفاض خلال العامين الماضيين على الأقل، منذ أن تم الإفصاح عنها لأول مرة.
واعتبارا من نهاية أغسطس 2021، استثمر صندوق ميركوريادس المدرج في لندن كل الأموال التي جمعها من أجل ألبومات الأغاني. لم يعد بإمكانه جمع مزيد دون إضعاف المساهمين، ويتم تداول سعر السهم بدرجة أقل كثيرا من التقييم الذي يستمده صندوق هيبنوسيز للموسيقى من أرقام ماسارسكي. ومع تجميد هذا الصندوق المدرج فعليا، يعتمد ميركوريادس الآن على صندوق بلاكستون للتمويل.
اشترت بلاكستون العام الماضي شركة هيبنوسيز سونج مانيجمنت، وهي شركة ميركورياديس للإدارة، التي تقدم المشورة للصندوق المدرج. وأنشأت بلاكستون صندوقا منفصلا بقيمة مليار دولار هو هيبنوسيز سونج كابيتال، كي تبرم مزيدا من صفقات الأغاني من خلاله، وتقدم هيبنوسيز سونج مانيجمنت "إتش إس إم" المشورة له أيضا. وقد استخدمت ميركورياديس بعض هذه الأموال لشراء ألبومات كل من المغنيين كوهين وتمبرليك وغيرهما لمصلحة صندوق بلاكستون.
في أغسطس، أصدرت هيبنوسيز سونج مانيجمنت 222 مليون دولار من الأوراق المالية المدعومة بالأصول، أو السندات التي تستخدم حقوق التأليف والنشر للأغاني ضمانة، من أجل المساعدة في تمويل عمليات الاستحواذ. في الوقت نفسه، رتبت شركة كورد ميوزك بارتنرز، المدعومة من قبل مجموعة كيه كيه آر للأسهم الخاصة، المنافسة لشركة بلاكستون، عملية توريق مماثلة في يناير ترتبط بنحو 62 ألف أغنية. لكن سيتعين على إتش إس سي أن تدفع أكثر من 6 في المائة سنويا لسداد ديونها، مقارنة بأقل من 4 في المائة تدفعها شركة كورد، في إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يلتهم العوائد المحتملة بالفعل.
أصبحت شركة بلاكستون الآن تفرض انضباطا ماليا أكبر، باستخدام تحليلات البيانات وجداول البيانات لتقييم العوائد المحتملة، كما يقول شخصان على دراية بمجريات الأمور.
وفقا لهارتويج ماسوش، الرئيس التنفيذي لشركة بي إم جي للموسيقى، التي دخلت في شراكة مع كيه كيه آر لشراء حقوق الموسيقى بقيمة بلغت مليار دولار: "كثير من الصفقات تم تسعيرها بشكل غير منطقي تماما قبل 12 شهرا، هذا السلوك غير العقلاني (...) أعلى من سعر السوق. كان هناك قليل من الاعتراف من بعض داعمي الوسائل المالية، أنه لا يكفي أن تكون مقتدرا على إنفاق المال. عليك أن تفهم الشيء الذي تشتريه".

سلة الخير
حتى مع تدهور الأوضاع الاقتصادية لا يزال عمالقة وول ستريت يتنافسون على الأغاني الناجحة مع المشترين التقليديين -شركات التسجيل الرئيسة- وكذلك الصناديق الصغيرة المختصة. ضاعفت شركة بلاكستون استثماراتها في شركة هيبنوسيز. وعاودت كيه كيه آر الدخول في عالم الموسيقى بعد ابتعادها عنه لعقد، من خلال صندوق جديد بقيمة مليار دولار. وبعد أن ساعدت شركة كارلايل في تمويل عملية استحواذ بقيمة 300 مليون دولار عام 2019 على شركة التسجيلات المملوكة سابقا للمغنية تايلور سويفت، قامت بتخصيص 500 مليون دولار لشراء الأغاني، حتى بعد إقحامها في نزاع مرير دفع بالمغنية سويفت إلى إعادة تسجيل كتالوج أغانيها.
يقول أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجموعة الأسهم الخاصة الكبرى: "إذا كنت تفكر في الاستثمار في كثير من فئات الأصول الأخرى في الوقت الحالي، فهذا أمر سيخدعك جدا. فهناك التضخم ومخاطر سلسلة التوريد والمخاطر الجيوسياسية. لكن الموسيقى محصنة نسبيا ضد هذه المسائل".
الشركة التي يملكها ماسارسكي للاستشارات الخاصة، التي بيعت في يناير لمجموعة محاسبة أكبر هي سيترين كوبرمان، بفريق مكون من خمسة أفراد، فتشارك في نحو ثلاثة أرباع جميع الصفقات في السوق.
وتستخدم أداة هيبنوسيز المدرجة حساب قيمة أصول ماسارسكي مقياسا للنجاح وأيضا محددا للاقتراض: يسمح للصندوق باقتراض 30 في المائة من قيمة الأسهم المستمدة من الأرقام الخاصة بماسارسكي. يقول مارك موليجان، محلل الموسيقى في شركة ميديا، إن هذا الهيكل يمكن أن يوجد "دورة حميدة" بسبب إعادة تقييم كتالوج هيبنوسيز بواسطة ماسارسكي كل ستة أشهر.
يضيف موليجان: "شركة هيبنوسيز تذهب إلى السوق وتقول: هذا هو مقدار الزيادة في قيمة أصولنا. وليس مقدار زيادة الدخل، لكن مقدار التقييم (...) الذي ازداد. إن كثيرا مما يدفع القيمة هو ببساطة: كم يرغب الناس في الدفع؟ ويتأثر المبلغ الذي يرغبون في دفعه بالتقييمات (...) إنها غرفة الصدى هذه".
وبحسب رئيس إحدى شركات شراء الموسيقى الرئيسة إن شركة ماسارسكي "تقر كثيرا من التقييمات التي لن نقبلها من حيث السعر". مايكل سوكين، محامي الموسيقى الذي عين ماسارسكي خبيرا اقتصاديا للجمعية الأمريكية للملحنين والمؤلفين والناشرين في الثمانينيات، يقول: "هل تذكر مشكلة وكالات التصنيف عام 2007؟"، إشارة إلى أزمة الرهن العقاري.
من جانبها، تقول مجموعة ماسارسكي إن عملها "مستقل تماما" وإن الشركة "يتم تعويضها فقط عن خبرتنا (...) نحن لا نتحقق من صحة التقييمات، وهذا ببساطة ليس جزءا من عملنا الذي نقوم به. إننا نجري تقييمات مستقلة، بقدر ما نستطيع، كي تعكس ما يمكن أن تتحمله السوق".
نموذج صندوق الاستثمار، الذي استفادت منه هيبنوسيز في الأعوام السابقة، أصبح يمثل مشكلة للشركة في الأشهر الأخيرة، إذ يتم تداول أسهمه العامة، بشكل متزايد، بما لا يتماشى مع تقديرات ماسارسكي التي تحدد قيمة المحفظة، فجوة حجمها نحو 30 في المائة. ويتم تحديد حساب مجموعة ماسارسكي لصافي قيمة الأصول لقائمة الأغاني باستخدام معدل الخصم، وهو سعر الفائدة للمساعدة في حساب القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية. فكلما زاد معدل الخصم، انخفضت القيمة الحالية والعكس صحيح. حتى مع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بقوة هذا العام، إلا أن المجموعة تصر على عدم حاجتها إلى زيادة سعر خصمها.
يقول ناري ماتسورا، الشريك في سيترين كوبرمان وعضو فريق ماسارسكي: "لا يمكننا تغيير معدل الخصم كل أسبوع، سيكون هذا تصرفا غير مسؤول. معدل الخصم المناسب يأخذ في الحسبان كلا من الحاضر والمستقبل ومعدل الخصم الحالي لدينا يستوعب ذلك، وهذا هو سبب اعتقادنا أن ذلك مناسب في الوقت الحالي".
في حال قامت المجموعة بتخفيض التقييمات، فسيتم منع صندوق أغاني هيبنوسيز من اقتراض مبالغ كبيرة أو اقتراض مزيد. لقد اقترض حتى الآن 600 مليون دولار، أي نحو 27 في المائة من قيمة أسهمها التشغيلية البالغة 2.2 مليار دولار، وهي قريبة من الحد الأعلى الذي يبلغ 30 في المائة. التخفيض الكبير للقيمة، من 2.2 مليار دولار إلى 1.5 مليار دولار، قد يخاطر بوضع الصندوق في حالة انتهاك لشروط اقتراضه من جيه بي مورجان وإجباره على سداد بعض الديون.
يروج المسؤولون التنفيذيون في هيبنوسيز خصوصا لمشاركة بلاكستون باعتبارها عاملا مطمئنا للمساهمين في الصندوق الأصلي المدرج، قائلين إذا انخفض سعر السهم فيمكن حينها لمجموعة الأسهم الخاصة في وول ستريت أن تتدخل وتشتري كتالوجها، ما يضع حدا أدنى بخسا لقيمتها. لكن فلود، من شركة نيوتن، حذر من إعطاء بلاكستون مسارا سهلا للغاية لاقتناص الكتالوجات بأسعار رخيصة.
يقول: "إذا تلاعبت بلاكستون بالعرض، فسنطلب من مجلس الإدارة رؤية كل شركة تسجيل على هذا الكوكب وكل شركة أسهم خاصة أخرى كي نحصل على أعلى سعر ممكن للأغاني".

عندما تتوقف الموسيقى
هناك صراع ثقافي أوسع تشعر به أوساط صناعة الموسيقى بسبب دخول وول ستريت في قطاع اعتاد أكثر على العمل بصورة غير رسمية، حيث تخضع الصفقات لأهواء الشخصيات الكبيرة والعلاقات الشخصية.
وقد تسبب توريق الأغاني في ظهور بعض الأشكال غير العادية للتحليل المالي، مثل تقرير كرول الذي أخبر مستثمري السندات الشهر الماضي أن غلاف أغنية "هالالويا" للمغني كوهين من قبل مجموعة بينتاتونيكس الأمريكية التي لا تستخدم الآلات الموسيقية، حصد أكثر من ثلاثة أضعاف مرات الاستماع على منصة سبوتيفاي للأغنية الأصلية. كما أنه يتفوق على غلاف جيف باكلي. وعند جمع عشر نسخ مختلفة من أغنية "هالالويا" معا، فستمثل ما يقارب 13 في المائة من حقوق ملكية كتالوجات بلاكستون.
قد يكون استرداد مدفوعات حقوق الملكية الذي هو شريان الحياة لهذه الصفقات مسألة مرهقة. يقول رئيس تنفيذي لإحدى شركات الموسيقى إن إحدى أصعب العقبات أمام شراء كتالوج الفنان تتمثل، في كثير من الأحيان، في عدم تمكن المطرب من العثور على نسخته الرئيسة الملموسة.
يعتقد تنفيذيون في بلاكستون أن بإمكانهم جني مزيد من الأموال من الموسيقى من خلال أسلوب إدارة أكثر تطورا، كما يقول أشخاص مطلعون على المسألة. السبب هو أن الأغاني يمكن إدارتها بطريقة مشابهة للأصول الأخرى. مثلا، يمكن زيادة العائدات من خلال إقناع صانعي الأفلام باستخدام الأغاني من القائمة الخاصة بك، أو جلب مدفوعات حقوق الملكية بسرعة وكفاءة أكبر.
السؤال الآن هو ما إذا كان بإمكان خبراء المال إيجاد طريقة للربح رغم ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، وما الذي سيحدث لأموال المستثمرين إذا وجدوا أنهم غير قادرين على ذلك؟
غالبا ما يستشهد المسؤولون التنفيذيون في الأسهم الخاصة ببنك جولدمان ساكس في التحقق من صحة استثماراتهم الموسيقية، التي تصف تقرير الموسيقى السنوي للبنك بأنه "الكتاب المقدس" للسوق. يتوقع جولدمان أن عائدات الموسيقى ستتضاعف تقريبا لتصل إلى 153 مليار دولار بحلول عام 2030، مع ارتفاع الإيرادات المتدفقة في المتوسط بنسبة 12 في المائة سنويا.
لكن الأرقام الأخيرة تحكي قصة مختلفة. ذكرت شركة وورنر ميوزيك أن إيرادات البث في الربع الثاني نمت بنسبة أقل من 3 في المائة عن العام الماضي، في حين قالت شركة يونيفرسال الرائدة في السوق إن مبيعات بث الاشتراكات ارتفعت 7 في المائة فقط بعد أعوام من النمو المكون من خانتين.
مع ذلك، من خلال هذا كله، يبدو أن ماسارسكي متفائل. فهو يستشهد بطرق جديدة لكسب المال من الأغاني، مثل المدفوعات عندما يتم تشغيلها على دراجات بيلوتون أو تطبيق تيك توك. قال في يوليو، بينما كانت أسواق الأسهم تتأرجح: "نحن مندهشون تماما من النمو. إنها سلة خير".

الأكثر قراءة