رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بريطانيا .. حكومة جديدة بمشكلات اقتصادية

"لدي خطة لجعل اقتصاد بريطانيا عالي النمو في الأعوام العشرة المقبلة"
ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا

ليس واضحا ما إذا كان بإمكان رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس، البقاء في السلطة لعشرة أعوام مقبلة، من أجل تحقيق النمو الاقتصادي الذي تنشده وتعمل على تحقيقه. قبل أيام قليلة من إجباره على الاستقالة كزعيم لحزب المحافظين وكرئيس للوزراء، قال بوريس جونسون، إنه يخطط للبقاء في السلطة إلى 2030! لا شيء مضمون الاستدامة سياسيا في بلد كالمملكة المتحدة، وما يشبهها من أنظمة حكم حول العالم. المحافظون الذين تترأسهم تراس، ليسوا منقسمين فحسب، بل وصلت شعبيتهم "وفق استطلاعات الرأي" إلى الحضيض أيضا. وإذا ما أرادوا خوض انتخابات عامة مبكرة الآن، سيخسرون حتما وفق كل المؤشرات. ربما جاءت الوفاة غير المفاجئة للملكة اليزابيث الثانية، بمنزلة فرصة أمام الحكومة الجديدة لالتقاط أنفاسها على الصعيد الاقتصادي، حتى قبل أن تبدأ العمل فعلا، لكن ساعة الحقيقة آتية قريبا جدا.
بريطانيا تخشى "كغيرها" الركود الذي بات أقرب إلى الساحة، وهذا الركود لن يكون عابرا، لأن الأزمة الاقتصادية في البلاد تتفاقم، من جانب الموجة التضخمية الهائلة التي يمر بها العالم، من جهة ارتفاع تاريخي لأسعار الطاقة، فضلا عن الديون الحكومية التي بلغت في البلاد أكثر من مجموع الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أن رئيسة الوزراء الجديدة، تريد أن تجعل النمو في بريطانيا في أعلى مستوى، إلا أن صندوق النقد الدولي وضع نمو هذا البلد في ذيل مستويات النمو ضمن مجموعة العشرين في العام المقبل. وهذا يؤكد أن الكلام عن النمو لا يأتي بهذا الأخير، بصرف النظر عن الحماس أو المخططات النظرية الموضوعة له، خصوصا تلك التي تطرح في زمن الانتخابات. فأغلبيتها لا يعول عليها في بريطانيا وغيرها.
تريد الحكومة الجديدة تخفيف أعباء تكاليف المعيشة عن كاهل المواطن، وهذا ما يقوم به كل الحكومات حول العالم، لكن المشكلة التي تواجه ليز تراس حاليا، هي فشلها في الإجابة الواقعية عن المصادر المالية التي ستلجأ إليها من أجل تخفيف أعباء التضخم الذي يبدو أنه سيصل بنهاية العام الجاري إلى الخانة العشرية. والمشكلة الأكبر أن هذا التضخم سيواصل إلى العام المقبل على أقل تقدير، في حين ليس مستبعدا أن يستمر حتى منتصف العقد الحالي. الأمر الذي يجعل موقف الحكومة صعبا، وهي تستعد لانتخابات عامة في غضون عامين على أبعد تقدير. ليس أمام الحكومة سوى مخرج واحد لتنفيذ خططها في الحد من ارتفاع فواتير الطاقة، وهو الاقتراض. تراس تحاول التخفيف من هذه الكلمة، عبر إجابة يعرف بنك إنجلترا المركزي أنها ليست واقعية، وهي أن النمو سيمول هذه المخططات! لكن ليس هناك نمو في الواقع!
هناك ركود تضخمي آت بحسب المشرعين الاقتصاديين البريطانيين، الذين يعتقدون بأن العمل على احتوائه سيكون أكثر جدوى من مقاومته. ولا شك في أن تمويل خطط إغاثة الأسر في بريطانيا الذي يقدر بـ150 مليار جنيه استرليني، سيضيف مزيدا من الضغوط المصاحبة للركود. وهذا ما وقف ضده عمليا ريشي سوناك وزير المالية السابق، الذي خسر المعركة الحزبية أمام ليز تراس. فهذا الرجل يعتقد بأن مصدر التمويل لأي خطط إنقاذ، هو الذي يحدد شكل الاقتصاد في المديين المتوسط والبعيد. ويتفق بنك إنجلترا المركزي مع هذا التوجه، إلا أن الحكومة التي تسعى لاستعادة ما أمكن من شعبية الحزب الحاكم، ستمضي قدما فيها، بصرف النظر عن الآثار السلبية المستقبلية لها.
الوضع برمته بات مرهونا بانتهاء فترة الحداد الطويلة على الملكة اليزابيث الثانية، وموقف بنك إنجلترا المؤجل، حيث عبر المستثمرون عن قلقهم من الوضع المالي للحكومة في أكثر من مناسبة. فالبنك الذي كان من المقرر أن يرفع الفائدة الأسبوع الماضي، في محاولاته للسيطرة ما أمكن على التضخم، قام بتأجيل هذه الخطوة، لأسباب بروتوكولية تتعلق بفترة الحداد. لا شيء سيوقف حكومة تراس من تنفيذ خطط الإغاثة على صعيد أسعار الطاقة، حيث ستبدأ أول الشهر المقبل. لكن السؤال الذي لم تستطع الحكومة الإجابة عنه أيضا: هل يكفي 150 مليار استرليني لحل المشكلة؟ يسرع المعارضون للحكومة ويقولون إن ذلك لا يكفي. ولهؤلاء وجهة نظر مختلفة تماما، إنهم يريدون تمويل مخططات الدعم ـ الإغاثة عبر ضرائب جديدة تفرض على شركات الطاقة، التي حققت بالفعل أرباحا هائلة في الفترة الماضية، إضافة طبعا إلى مطالبتهم بتجميد الأسعار في هذه الفترة على الأقل.
في كل الأحوال بريطانيا دخلت بالفعل فترة بدأت بحكومة جديدة وبملك جديد. لكنها في النهاية فترة عصيبة للغاية، قد تشهد انهيارا حكوميا سريعا، ما يجعل الانتخابات العامة المبكرة، الحل الأمثل لوجود حكم أكثر استدامة وأقل ارتباكا، وأشد بأسا في مواجهة الأزمات. فالمشكلة الاقتصادية هي التي تدير دفة الحراك كله. كيف لا؟ وقد وصلت بالفعل إلى التدفئة والغذاء حتى الخبز، وزادت من بنوك الطعام، بارتفاع عدد الفقراء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي