آن بودن .. ابنة عامل الصلب التي أنشأت مصرفها الخاص
فكر في أكبر شركات التكنولوجيا المالية في العالم ومؤسسيها- فلاد تينيف وبايجو بهات و"روبن هود"، والأخوين كوليسون و"سترايب"، وجاك دورسي و"سكوير" اسمها الآن "بلوك". هناك نمط: هذه شركات جريئة وطموحة، أسسها محبو موسيقى الجاز الأنيقون والمهووسون، جميعهم رجال شباب إلى حد ما، ومعظمهم من كاليفورنيا.
ثم هناك آن بودن: امرأة من ويلز تبلغ من العمر 62 عاما أعادت ابتكار نفسها في منتصف الخمسينيات من عمرها من موظفة تتسلق سلم الشركات إلى رائدة أعمال تفعل كل شيء بالكامل أو لا تفعل شيئا على الإطلاق. إذا كان مؤسسو التكنولوجيا ثوارا في عالم المؤسسات والتقاليد التي يعتز بها، فربما تتصدرهم بودن جميعا.
"ستارلينج"، المصرف الذي يقدم خدماته عبر الإنترنت والمنصات الرقمية حصريا، الذي أسسته منذ ثمانية أعوام، غير تقليدي أيضا. كان يسرق العملاء من كبار المقرضين، ويحقق أرباحا وهو من الشركات البريطانية النادرة التي تصل قيمتها إلى مليار دولار دون طرحها في السوق المالية في صناعة التكنولوجيا المالية، إذ تبلغ قيمته 2.5 مليار جنيه استرليني في أحدث عملية جمع أموال، ما منح بودن نفسها ثروة صافية تبلغ نحو 125 مليون جنيه استرليني.
تقاطعت طرقنا أنا وبودن في مناسبات الصناعة من قبل لكننا لم نتحدث إلى بعضنا أبدا، وصفها لي أقرانها وزملاؤها السابقون بأنها "ذات عزيمة على نحو عبقري" و"صعبة المراس".
تأخرت بضع دقائق عن الغداء الذي سيجمعنا في منطقة بريمروز هيل الجميلة شمال لندن بسبب تأخيرات المترو. تجلس بودن متخفية بالفعل في مقعدها المفضل بجانب النافذة في مطعم أوديت. تقول: "تم تأسيس جزء من مصرف ستارلينج هناك"، مشيرة إلى شرفة الرصيف. بريمروز هيل تكاد تكون بالو ألتو "التي يوجد فيها وادي السيليكون"، أو حتى شوردتش "معقل شركات التكنولوجيا المالية في لندن"، لكن قواعد اللعبة متشابهة. "عندما كنت أؤسس ستارلينج، كنت أجلس هناك في المساء، وأتناول عشاء مبكرا وأعمل بتصميم وتفان على حاسوبي المحمول".
اختارت بودن أيضا أوديت تكريما لجذورنا الويلزية المشتركة. فهي تنحدر من سوانسي، وأنا من منطقة تبعد مسافة 20 ميلا إلى الشرق، والطاهي الشهير- مالك مطعم أوديت، برين ويليامز، من سكان ويلز الشماليين، الذين يتحدثون لغتها. "كلانا يأسف لحقيقة أن الناطقين باللغة الويلزية في عائلاتنا ماتوا منذ جيل أو جيلين، عندما كان يتطلع كثيرون إلى التأثر بالثقافة الإنجليزية".
كان طموح بودن هو الذي أبرزها في وقت مبكر. "كان والدي يقول إنني أستطيع فعل أي شيء على الإطلاق، ولم يكن هناك أي ضغط علي". وماذا كان ردها؟ "قلت حينها: هل يمكنني الذهاب إلى مكتبة أبلاندز لشراء مزيد من الكتب؟".
يرجع سبب اختلافها، أيضا، إلى المنزل الذي نشأت فيه- على حافة ملكية تابعة للمجلس لكن في منزل خاص أنيق وإن كان متواضعا. تقول إنه كان منزلا "طموحا للغاية" للطبقة العاملة. كان والدي في الحرب العالمية الثانية، وكان يتحدث الإيطالية لأنه كان في إيطاليا. لذلك في كل صيف، كنا نقوم بربط الأحزمة ونذهب إلى إيطاليا وجميع أنحاء أوروبا".
واصلت بودن لتحصل على ما كان في ذلك الحين درجة علمية في التكنولوجيا المتطورة والكيمياء من جامعة سوانسي. تقول: "كنت دائما في منزل يتم تشجيعي فيه على القيام بأشياء تكنولوجية. أراد والدي في البداية أن أصبح متخصصة في المعادن"- وهو ما يبدو مضحكا، حتى تجمع بين غرائزها الطبيعية ووظيفة والدها كصانع أدوات في مصنع الصلب المحلي.
نطلب الطعام وتصل المقبلات بسرعة– طبق المقبلات الخاص بي عبارة عن مزيج غني من الخرشوف مع كرابيج الحلب اللذيذة على الجانب، وبالنسبة لها، مقرمشات السلطعون.
بدأ طريق بودن في ريادة التكنولوجيا المالية في 1981، عندما حصلت على منحة تدريبية للخريجين في مصرف لويدز. لم يكن يطلق عليها اسم "التكنولوجيا المالية" حينها، ولكن هذا بالضبط ما كانت تفعله عندما انضمت إلى المصرف كجزء من أول دفعة من المتخصصين في مجال الحاسوب. في غضون ثلاثة أعوام، تم تعيينها في فريق صغير يعمل مع بنك إنجلترا لاستبدال تكنولوجيا تحويل المدفوعات القديمة القائمة على التلكس. كانت تلك بداية نظام الدفع الآلي لدار المقاصة، الذي لا يزال أساسيا للخدمات المصرفية في المملكة المتحدة اليوم.
مع ازدهار حي المال في لندن في أواخر ثمانينيات القرن الماضي في أيام اندفاع خصخصة بورصة لندن وتحللها من اللوائح التنظيمية، بدأت بودن الدراسة بدوام جزئي للحصول على ماجستير في إدارة الأعمال. ثم أعقبها فترة قضتها في شركة بي دبليو سي "مجال الاستشارات لم يكن مناسبا لي حقا"، وتحولت إلى سوق التأمين في شركة إيه أو إن للتكنولوجيا المالية ومصرف لويدز في لندن. "تلك البيئة ليست معتادة على وجود النساء"، كما تقول عن مصرف لويدز الذي عرفته في الثمانينيات، "التواصل الاجتماعي مخصص للرجال دون النساء. عندما تكون في حياتك المهنية، لا يمكنك قول أي شيء".
لكنها حريصة الآن على إعادة النظر في الموضوع، "أنا في وضع جيد للغاية. أستطيع أن أقول أشياء، ويمكنني أن أنتقد الأشياء: حي المال في لندن متحيز ضد المرأة". لن تشرح أكثر عن تجربتها في "لويدز"، رغم محاولاتي الثلاث لأخذ التفاصيل منها بالتملق– مع أنها لا تنكر التقارير التي سمعتها من الآخرين عن ألعاب الشرب الفاسدة، وفتيات الليل على موائد العشاء وتعاطي المخدرات.
إذن كيف تعاملت مع هذه البيئة غير المريحة؟ تقول: "لم أتعامل معها. كنت أعمل فقط، أليس كذلك؟"، مضيفة الويلزية الاستفهامية لأول مرة من عدة مرات خلال غدائنا. "لذا، كانت طريقة التعامل مع الأمر هي خروج الجميع وبقائي في المكتب والعمل". ألم يعطها ذلك سمعة بأنها مملة أو بمعزل عن الفريق؟ "أعتقد أنها ستكون سمعة بمعرفة الحقائق بالفعل في صباح اليوم التالي"، كما تقول، مع القليل من الانزعاج.
لكن كان هناك تغيير مهني وشيك آخر. مرة أخرى، وجدت بودن نفسها جزءا من لحظة فارقة في تاريخ التمويل الحديث. عادت للعمل المصرفي، هذه المرة في مصرف إيه بي إن أمرو الاستثماري في شيكاغو، في وظيفة كانت تحبها وكان السفر فيها كثيرا حول العالم. لكن بحلول 2007، أفسد فريد جودوين، رئيس مصرف اسكتلندا الملكي المتعطش للنمو الحفلة، بشرائه الشركة الهولندية للإقراض، وفكك المجموعة المشتركة، واضطر إلى طلب الإنقاذ من الحكومة البريطانية في العام التالي. كان صداما ثقافيا كبيرا. كان مصرف إيه بي إن متنوعا للغاية من حيث الأعراق، وواسع الأفق للغاية، ومثيرا للاهتمام من الناحية الفكرية. لكن مصرف اسكتلندا الملكي مؤسسة ضيقة للغاية. إنها مقتنعة بأن الصفقة كانت دائما محكوما عليها بالفشل.
في هذه الأثناء، واجهت بودن واحدا من أصعب التحديات الإدارية في حياتها المهنية: شرح الآثار المترتبة على إنقاذ المجموعة للموظفين. "اضطررت للوقوف أمام صغار الموظفين الذين عملوا في وظائفهم لمدة عشرة أو 20 عاما، وإخبارهم أنهم كانوا يضعون مكافآتهم سنويا في أسهم مصرف اسكتلندا الملكي، وكان ذلك عديم القيمة. بعد ذلك، في فترة ما بعد الظهر، أجريت محادثة مع مصرفي استثماري اشتكى من مكافأته. كنت أشعر بالخجل لكوني أعمل في القطاع المصرفي".
بعد تحدي محاولة إدارة مصرف مؤمم جزئيا، كانت خطوتها التالية هي الانتقال من الرمضاء إلى النار، حيث ساعدت في إدارة المصارف الأيرلندية المتحالفة التي لم تعد عاملة، التي كانت في طليعة الازدهار في البلد ثم أصبحت رمز الهبوط الاقتصادي في دراما القروض العقارية. لم يدم ذلك طويلا. تقول: "توصلت إلى استنتاج مفاده أنه كان من المستحيل تقريبا تحويل هذه المصارف إلى مصارف رابحة. كان ذلك صعبا للغاية على الصعيدين الثقافي والتكنولوجي. بدأت أفكر في الأمر: يجب على شخص ما أن يؤسس مصرفا جديدا. يمكنني تأسيس مصرف جديد. ثم أسست مصرف ستارلينج".
قالت ذلك بشكل عرضي. لكن عندما قررت بودن لأول مرة التخلي عن مهنتها في مجال التمويل العالي بعد أن أمضت 30 عاما فيها، لم يكن لديها أدنى فكرة أن كل التحيز الجنسي، الذي تعرضت له سيتضاءل بجانب التحديات في المهمة الجديدة التي اختارتها. اعتادت بودن على الازدهار كدخيلة. أما الآن فقد عانت بالفعل.
تقول ربما كان ينظر إلى حياتها المهنية الطويلة في الشركات على أنها أكبر عيوبها. "استمر الناس في طرح ذلك قائلين: لا أعتقد أنها تستطيع فعل ذلك. كان هناك مقدار كبير من الكراهية للنساء وأيضا التفرقة العمرية. استذكرت أحد العروض التمويلية في البدايات عندما ذهبت لمقابلة الممولين المحتملين مع توم بلومفيلد، الشريك المؤسس الأصلي والمؤسس المشارك لاحقا لشركة مونزو". قالت: "عندما حضرنا إلى اجتماع مع مستثمر في وادي السيليكون وكان هناك أشخاص يلعبون تنس الطاولة، نظروا إلينا وقالوا: ما الذي يجري هنا؟، شكك الممولون فيها ولكنهم انجذبوا إلى بلومفيلد، ذائع الصيت الذي كان في أواخر العشرينيات من عمره وأسس شركة تكنولوجيا مالية".
قد تكون تجربة الرفض قد كسرت شخصا أقل عزما منها. "كانوا ينظرون إلي على أني امرأة ويلزية طولها خمس أقدام ولا تبدو كرائدة أعمال في مجال التكنولوجيا، وبعضهم كان فظا في وجهي. تحملت ذلك لمدة عامين، وأنا أحاول جمع الأموال".
لكن أكثر تجارب الرفض دراماتيكية كانت ستأتي في وقت لاحق، بعد مضي أقل من ستة أشهر على التعاون بين بودن وبلومفيلد. كان الانفصال بينهما مفاجئا. استذكرت بودن قائلة: "قال بلومفيلد إنه سيذهب وسيستقيل. أعتقد أنه سيذهب إلى تشيلي". غرقت الشركة بعدها في حالة من الفوضى، بعد أن أوشكت على تأمين تمويل مهم. قال بلومفيلد إن جذور المشكلة تكمن في أسلوب إدارة بودن، على الرغم من أنهما لم يتطرقا إلى التفاصيل.
كانت طريقة بودن في التعامل مع استقالة بلومفيلد غير تقليدية بالتأكيد. تتذكر قائلة: "جمعت الموظفين معا. قلت لهم: سأعطيكم إشعارا بمغادرة العمل مدته أسبوع. الطريقة الوحيدة التي يمكنكم فيها تجنب ذلك هي إذا حاولتم إقناع توم بالبقاء". تقول إن عمليات الإقالة الجماعية كانت حتمية، نظرا لأن ضخ التمويل سيتوقف دون وجود بلومفيلد. لكن لماذا لا تتحدث على انفراد مع مساعديها الرئيسين وتستخدمهم كوسطاء؟ ألم يكن الاجتماع مع الجميع علامة على الضعف والفشل المحتوم؟
قالت: "أعتقد أنني مثل الكتاب المفتوح فيما يتعلق بكل شيء. أنا لا أريد اتباع سياسة فرق تسد". أخبرتني بكل فخر أن كلية لندن للأعمال تجري دراسة حالة عن أسلوب قيادتها. أضافت: "وجهوا إلي السؤال: لماذا أظهرت ضعفك يا آن عندما قمت بذلك؟"، أجبتهم: "اعتقدت أن ذلك سينجح".
لكنه لم ينجح. ترك جميع الموظفين الشركة، وأسسوا شركة مونزو تحت قيادة بلومفيلد، وهي علامة تجارية رفيعة المستوى تستوجب اليوم تقييما أعلى "على الرغم من أنها لم تحقق أرباحا حتى الآن".
في وقفة استثنائية خلال سرد بودن للقصة، سألتها عن رأيها في مقبلاتها، وأدهشني عدم اهتمامها على ما يبدو بأي شيء لا علاقة له تقريبا بعملها. بعد الضغط عليها لتفصح عن رأيها، حكمت على الطبق بأنه: "جميل جدا، ولذيذ جدا، وخاصة الكافيار".
مع عدم وجود موظفين وانهيار حزمة التمويل، كان من شبه المؤكد أن أشخاصا أقل عزيمة منها كانوا سيتخلون عن مصرف ستارلينج. لكن بودن ليست منهم. حيث أعادت إحياء محاولاتها الجاهدة في الحصول على التمويل، حيث كانت في الغالب تقدم عطاءات للحصول على تمويل ضد مونزو قبل أن تحصل في النهاية على الأموال من هارالد ماكبايك المقامر النمساوي المنطوي على نفسه، الذي أصبح مغامرا فيما بعد. كان لماكبايك مناوشاته التي خاضها مع السلطات: في 2014، تم إرسال تحذير من قبل الرابطة الوطنية الأمريكية للعقود الآجلة ذاتية التنظيم للمديرين التنفيذيين في إحدى شركاته بسبب عدم التعاون بطريقة سريعة وفي الوقت المناسب مع التحقيق في مصدر أموال ماكبايك.
لكن الفضول كان يعتري بودن بشأنه. تم نقلها جوا إلى يخت ماكبايك الفاخر في جزر الباهاما كي تقدم عرضا استثماريا يشبه إلى حد كبير السيناريوهات في برنامج دراجونز دن. كانت بودن تسعى للحصول على استثمار بقيمة ثلاثة ملايين جنيه استرليني من شأنه أن يعطي شركتها تقييما 12 مليون جنيه استرليني. تقول: "هاري شخص انطوائي يجيد الرياضيات، وهو يعطي أهمية كبيرة للتفاصيل وقد أمضى ثلاثة أيام في استجوابي حول التفاصيل. ثم عرض علي مبلغ 48 مليون جنيه استرليني مقابل 66 في المائة من الشركة". وافقت بودن على العرض فورا.
مع وصول أطباقنا الرئيسة– كان لبودن طبق من سمك النازلي وبالنسبة لي طبق ريزوتو– قمت بتغيير الحديث عن التفاصيل إلى الصورة العامة. بصفتها شخصا تركزت حياتها المهنية بالكامل على التكنولوجيا بطريقة أو بأخرى، ما هو رأيها فيما يتعلق بالوعد الذي تقدمه التكنولوجيا، والتقييمات المتأرجحة لمجموعات التكنولوجيا الكبيرة، وثقافة "إخوان التكنولوجيا" هي شخصية رجل شديد الذكورة يعمل في صناعة التكنولوجيا ويعيش عادة في وادي السيليكون؟ أخبرتني عن وظيفة كبيرة في شركة مايكروسوفت كانت على وشك أن تقبلها قبل عقد من الزمان قبل أن تتخذ قرارا برفضها. قالت: "أنا أعمل بشكل أسرع من مايكروسوفت". إنها متحمسة للغاية، مقارنة بمستوى القطاع ككل. "أعتقد أن باستطاعة التكنولوجيا أن تغير العالم وتجعله أفضل. في الحقيقة، أريد أن أكون جزءا من هذا العالم الجديد الشجاع الذي أوجدته التكنولوجيا ولكني أتمنى لو لم يكن ضيق الأفق".
من الواضح أنها منزعجة ممن يدعون أنهم إخوان التكنولوجيا. قالت: "كثير من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا (...) يعتقدون أنهم أول من أدلى بهذه التصريحات، لكن بقية العالم كان على دراية بها منذ 20 عاما".
هل هناك وجود لأي بطل في مجالها؟ بعد قليل من التشجيع بدأت بودن تشيد بإيلون ماسك. "قرأت كل كتب سيرته الذاتية. بالطبع، إنه رائد أعمال في مجال التكنولوجيا المالية، أليس كذلك؟ أعتقد أنه شخص مذهل تماما، باعتبار أنه أسس شركة باي بال وكان يعمل في كل تلك الصناعات. وعلى الرغم من حقيقة أنني أجده مزعجا جدا، إلا أنه يجب أن أشيد بطموحه".
من الناحية المؤسسية، تعتقد أن شركة جوجل "ما زالت ذكية" لكن فيسبوك "تعاني مشكلة". أوقف مصرف ستارلينج إعلاناته على فيسبوك، بسبب انزعاج بودن الكبير من فشل الشركة المزعوم في استئصال "الإعلانات الاحتيالية". بينما أشادت بجوجل لقيامها بعمل أفضل في حجب الشركات المالية غير الخاضعة للتنظيم لكنها تقول إن مطالباتها فيسبوك بشأن هذه المشكلة كانت بلا جدوى. ماذا قالوا؟ أجابت: "لم يردوا على مكالماتي".
نعود للحديث عن "ستارلينج". تعهدت بودن أنه "في غضون عام أو عامين"، سيحقق المصرف عائدا على الأسهم يزيد على 30 في المائة– أعلى من أكثر المصارف ربحية في العالم- وذلك بفضل هيكل الاقتصادات التي لا تحتاج إلى فروع مصرفية وتكنولوجيا المعلومات منخفضة التكلفة غير المثقلة بالأنظمة القديمة للمنافسين. سيكون هناك مزيد من عمليات الاستحواذ، حيث يتطلع مصرف ستارلينج إلى امتصاص قاعدته الكبيرة من الودائع، مع محافظ رهن عقاري منخفضة المخاطر نسبيا. لكن بودن تجاهلت الآراء بأن الركود الوشيك سيكون بيئة سيئة لتراكم الإقراض: سيتم دعم القروض بكثير من الضمانات.
لطالما كان طموح مصرف ستارلينج المعلن لبعض الوقت في الإدراج العام العام المقبل، حيث يسعى الداعمون الأوائل إلى بلورة مكاسبهم- على الرغم من أن بودن لا تبدو سعيدة بشأن هذا الاحتمال. هل سيكون وهج الإدراج العام مرهقا؟ قالت: "نعم أعتقد ذلك (...) أنا أستمتع جدا بالأشياء في الوقت الحالي. أنا لست في عجلة من أمري". هل اقتنعت بالهجوم المغري الذي شنته الحكومة البريطانية على شركات التكنولوجيا كي تقوم بالإدراج في بورصة لندن؟ قالت إن بورصة ناسداك هي أحد الخيارات. "لكن بورصة لندن هي الأساس".
بعد أسابيع قليلة من تناول وجبة الغداء مع بودن، قمت بالتواصل معها مرة أخرى. كانت تقييمات شركات التكنولوجيا متذبذبة، مدفوعة بالخوف من التضخم الجامح والأزمة في أوكرانيا. هل هي متفائلة على الرغم من ذلك؟ أجابت: "كان مصرف ستارلينج يتحدى اتجاهات السوق وما زلت متفائلة. نحن شركة تحقق الربح وما زالت تنمو بسرعة". تلقى مصرف ستارلينج انتقادات علنية جدا من وزير مكافحة الاحتيال السابق اللورد أجنيو، الذي قال إن محاولات المصرف فشلت في منع الاحتيال في قروض الانتعاش المدعومة من الحكومة خلال ذروة عمليات الإغلاق في جائحة كوفيد - 19، وقد وصف المصرف وجهة النظر هذه بأنها "خاطئة جدا".
حتى اللحظة، كنا نأكل ونتحدث لمدة ساعتين، ولكن ما زال هناك متسع من الوقت لتناول الحلوى. رغبت بودن في تناول الطبق الويلزي الوحيد في القائمة: طبق بارا بريث، وهو نوع من خبز الفاكهة المبهر مع الجبن. أما أنا فأقل وطنية منها، حيث أغرتني ثلاثة أطباق صغيرة من فطائر الراوند.
تطرقنا في الحديث إلى ميل أجيالنا لمغادرة ويلز عندما بلغنا سن العمل، نظرا لندرة فرص العمل الجيدة فيها. بدأت تخبرني كم هي فخورة الآن بأنها قامت بدورها من أجل تحسين ذلك، حيث ساعدت في إيجاد 800 وظيفة في كارديف، بما في ذلك البرمجة ووظائف أخرى رفيعة في التكنولوجيا. وتأمل أن تكون جهودها للمساعدة في رفع مستوى المنطقة بداية لشيء أكبر بكثير. قالت: "اعتادت منطقة جنوب ويلز أن تكون مختصة فقط في صناعة الصلب وصناعة الفحم، ثم عانينا حقبة كاملة من شركات التلفزيون اليابانية. بعدها أتت فترة مراكز الاتصال. لماذا لا يمكن أن تكون في الحقبة التالية إثارة أكبر؟".