مخازن الحياة
المحافظة على الحياة وإعمارها من أعظم المهام المنوطة بالبشر، وأول من حاول حماية الكائنات الحية من الفناء بعد الطوفان بوحي من الله هو سيدنا نوح عليه السلام، فقد حمل على متن سفينته من كل صنف زوجين اثنين قبل أن تغرق الأرض بمن عليها، واليوم وبعد كل ما مرت به الأرض من كوارث طبيعية تسببت في حدوث خمسة انقراضات ضخمة فقدت خلالها نحو 75 في المائة من جميع أنواع الحيوانات، لذلك فكر العلماء في إيجاد حل لما قد يحدث مستقبلا.
وفي 2006 أسسوا بنكا للبذور أو سفينة نوح الجديدة أو ما يعرف باسم "قبو يوم القيامة" على سفح جبل في أرخبيل سفالبارد في النرويج يبعد نحو 1300 متر عن مركز القطب الشمالي، تودع فيه عينات من البذور للمحافظة عليها من الحروب والأمراض والكوارث الأخرى.
ويضم المخزن أكثر من مليون عينة بذور لما يقرب من ستة آلاف نوع من النباتات، من 89 بنكا للبذور على مستوى العالم، حيث تخزن العينات عند درجة حرارة ثابتة تبلغ نحو 17 درجة مئوية، وهي كافية للمحافظة على البذور آمنة لمدة 200 عام على الأقل، لتأمين الإمدادات الغذائية في العالم.
وعلى الرغم من درجة الأمان العالية التي يتميز بها بنك البذور، إلا أنها ليست كافية عند حدوث التغيرات المناخية الكبرى والكوارث الطبيعية المحتملة. فالأرض بيئة متقلبة ما يعرض العينات في أي مكان من الأرض إلى التلوث والتدمير في حال حدوث كوارث مثل الانفجارات البركانية الضخمة، والزلازل، والفيضانات، لذا اقترح فريق من الباحثين من جامعة أريزونا أن يكون البنك المقبل على سطح القمر!
لكن كيف سيحدث ذلك؟!
لقد رأى العلماء أن يستغلوا تلك الأنفاق الضخمة الموجودة تحت سطح القمر التي نشأت بشكل طبيعي نتيجة تدفق الحمم البركانية من عمق القمر إلى سطحه قبل ثلاثة مليارات عام. وتسببت حرارتها العالية في صهر الصخور، مكونة هذه الأنفاق المجوفة عند توقف الحمم البركانية عن التدفق!
وتعد أنابيب الحمم القمرية موقعا مثاليا لتخزين البذور والحيوانات المنوية والبويضات لجميع أنواع الحيوانات والنباتات الموجودة على الأرض، حيث يبلغ عمقها 100 متر ودرجة حرارتها ثابتة عند 25 درجة مئوية تحت الصفر. كما أنها محمية من الإشعاعات الكونية والرياح الشمسية وتقلبات درجات الحرارة الشديدة وتأثيرات النيازك الصغيرة. ونتيجة لضخامتها ذهب العلماء إلى إمكانية استخدامها لبناء مدن قمرية لحضارة بشرية مقبلة على القمر!