تخلص "تينسنت" من استثماراتها يقلق قطاع التكنولوجيا الصيني
حددت شركة تينسنت الصينية العملاقة ومالكة تطبيق المراسلة الشعبي، وي تشات، الخطوط العريضة لاستراتيجية تؤدي إلى التخلص مما قيمته 100 مليار رنمينبي "14.5 مليار دولار" من محفظتها من الأسهم المدرجة التي تبلغ قيمتها 88 مليار دولار.
الخطوة التي أثارت حالة من القلق في صناعة تعاني بالفعل هجوما تنظيميا، تعد جزءا من تحول أوسع من قبل الشركة التي تتخذ من شينزن مقرا لها، لخفض التكاليف في وقت يتباطأ فيه النمو الاقتصادي وسط أزمة في قطاع العقارات وقيود ناتجة عن سياسة صفر كوفيد في الصين. ويمثل التحور تغييرا هائلا بالنسبة للشركات الناشئة في قطاعات الإنترنت والقطاعات الاستهلاكية التي عاشت على رأس المال الرخيص من المستثمرين الأثرياء.
قال لي تشنج دونج، رئيس مؤسسة هايتون لأبحاث الإنترنت في بكين: "كانت تينسنت قوة استثمارية هائلة. يعني رأسمالها الضخم أنها تخاطر بأمور لا يمكن للآخرين الإقدام عليها. لقد أحيت تينسنت مجتمع رأس المال المغامر بأكمله".
لدى الشركة صندوق مخصص للمخاطر أكبر مما لدى معظم شركات رأس المال المغامر ولديها أيضا أفق أبعد، وهي واحدة من المزودين المهمين لجولات التمويل. ونتيجة لذلك، فإن التغيرات في استراتيجيتها سيكون لها أثر مدو في جميع أنحاء الصناعة.
وقد تراجع بالفعل تمويل الشركات الناشئة الصينية. وجدت شركة آي تي جوزي لتزويد البيانات ـ مقرها بكين ـ أن جمع الأموال للشركات الناشئة انخفض 38 في المائة في النصف الأول من العام، وانخفض عدد الصفقات 19 في المائة، مقارنة بالعام الماضي.
قالت لولو يلون تشين، مؤلفة كتاب "قصة شركة تنسنت وطموحات الصين التكنولوجية"، إن شركة تينسنت وجهت كثيرا من الأموال إلى الشركات الناشئة "ما أوجد نظاما بيئيا منتعشا، حيث جرب رواد الأعمال نماذج الأعمال وخاضوا معارك من أجل الحصول على حصة من السوق".
أضافت تشين: "ولت تلك الحقبة بعد الحملة التنظيمية ومع تحول تركيز تينسنت إثر التباطؤ الاقتصادي الأوسع".
وبحسب لي، خطوة تينسنت لتقليص إنفاقها والتخلص من أجزاء كبيرة من محفظتها تمثل تحولا أوسع في الصناعة، واصفا إياها بأنها "نقطة تحول بالنسبة للمستهلكين وشركات الإنترنت".
بنهاية حزيران (يونيو) الماضي، بلغ إجمالي استثمارات "تينسنت" في الشركات المدرجة، باستثناء الشركات الفرعية، 602 مليار رنمينبي، مقارنة بـ726 مليار رنمينبي في الفترة نفسها من 2020 ـ بعد انهيار أسهم التكنولوجيا الصينية.
قال أحد موظفي "تينسنت" المطلعين على الاستراتيجية الاستثمارية للشركة: "لا يمكننا الاستمرار في توفير دعم لا نهائي. إننا نختار الشركات التي يمكنها دعم نفسها"، مضيفا أن المستثمرين طلبوا من "تينسنت" التخلص من أصولها ذات الأداء الضعيف.
دور "تينسنت" الكبير بوصفها داعمة لشركات الإنترنت الصينية، اجتذب تدقيقا من قبل الجهات التنظيمية، الساعية لكسر القبضة الاحتكارية لكبار عمالقة شركات التكنولوجيا في البلاد.
تعد الشركة المستثمر الأكبر في شركة توصيل الطعام الضخمة ميتوان، وشركة التجارة الإلكترونية العملاقة بيندودو، وشركة السمسرة عبر الإنترنت فوتو، وشركة تطبيق مشاركة مقاطع الفيديو كوايشو.
ووفقا لمسؤول في الفرع المحلي لوكالة "مكافحة الاحتكار" في شينزن، استخدمت "تينسنت" القوة المشتركة لتطبيقها العالمي للمراسلة، وي تشات، وإمكاناتها المالية الكبيرة لدعم الشركات المدرجة ضمن محفظتها.
قال: "يدفع المستهلكون ثمن الطريقة التي أنشأت بها تينسنت نظاما بيئيا حمائيا للشركات المدرجة ضمن محفظتها"، مشيرا إلى الطريقة التي منع فيها تطبيق وي تشات المستخدمين من مشاركة الروابط مع الشركات المنافسة في الخدمات التي استثمرت فيها. وأوضح أن الجهات التنظيمية أصدرت تعليمات لـ"تينسنت" للتخلص من حصصها في شركات التكنولوجيا الكبيرة.
لكن "تينسنت" قالت: "لم نتعرض لأي ضغوط خارجية بخصوص محفظتنا الاستثمارية (...) سنواصل اتخاذ القرارات بشكل مستقل وبما يخدم مصلحة مساهمينا على المدى الطويل".
وبحسب أحد المسؤولين في مكتب جوانجدونج، التابع لوكالة "مكافحة الاحتكار"، المشارك في تحقيقات في إمبراطورية تينسنت التكنولوجية مترامية الأطراف "تمتلك تينسنت سيطرة احتكارية على الألعاب الرقمية، والرسائل الفورية، والترفيه". أضاف: "كانت الشركة متواضعة للغاية في تعاملها مع الجهات التنظيمية. مع ذلك، ندرس اتخاذ خطوات فعلية مثل التبرع بمبلغ 100 مليار رنمينبي "لصندوق التخفيف من حدة الفقر" أو بيع حصص في الشركات المدرجة".
استنادا إلى أحد أعضاء فريق الاستثمار، تخطط "تينسنت" لتقليص حصصها في شركات من بينها شركة التجارة الإلكترونية جيه دي دوت كوم وشركة ميتوان.
ذكرت وكالة "رويترز" في وقت سابق أن "تينسنت" تخطط لبيع جميع حصتها البالغة 24 مليار دولار في شركة ميتوان، أو بيع جزء كبير منها. لكن "تينسنت" ذكرت خلال مكالمة هاتفية بشأن الأرباح في أغسطس أن التقرير "غير دقيق".
أضافت: "ليس لدينا أي مبالغ مستهدفة للتخلص منها. لقد استثمرنا دائما بهدف تحقيق عوائد قوية لشركتنا ومساهمينا، وليس وفقا لأي جدول زمني أو هدف تعسفي".
لم تتوقف الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الصيني تماما. في أغسطس استثمر ذراع الاستثمار المؤسسي المغامر لشركة تينسنت في قطاعات الزراعة، والروبوتات، وأشباه الموصلات، وتكنولوجيا اللقاحات- جميع القطاعات التي حددتها بكين على أنها بالغة الأهمية لدفع البلاد للاعتماد على نفسها في العلوم والتكنولوجيا.
قال المسؤول في شينزن إن نجاح "تينسنت" في الاستثمار في النمو التكنولوجي المزدهر في الصين يعني أن الشركة بحاجة للمساهمة عبر تمويل الشركات في القطاعات التي تدعمها الحكومة.
"ينبغي لشركة تينسنت أن تتحمل بعض المسؤولية"، مضيفا أنها "قد تحقق أرباحا أقل مع هذا التغيير في استراتيجية الاستثمار".