عدم اليقين وليس التأخير هو ما يؤثر فيك عند السفر
بدأت بتخيل هذا العمود قبل ثلاث ساعات ونصف من كتابة هذه الكلمات، أثناء وقوفي مع زوجتي وأولادي في طابور طويل للغاية لركوب قطار يوروستار، حيث تقدمنا بتدافع عبر محطة غار دو نور في حرارة 35 درجة مئوية. لم تكن المشكلة في التأخير، بل في عدم الراحة والقلق وعدم اليقين. كان من المستحيل أن تقرأ أو حتى تفكر لأن الطابور كان يتحرك ويزدحم باستمرار. أعيق الطابور وأعيد توجيهه في نقاط غير متوقعة لأسباب غير معروفة. كان حادث مروع على وشك الحدوث، حيث أنزل سلم متحرك الناس إلى مكان مزدحم أصلا.
لم تكن هذه المرة الأطول التي تأخرت فيها، على الإطلاق. بسبب بركان آيسلندي اسمه صعب النطق، تأخرت ذات مرة خمسة أيام عن عيد ميلاد زوجتي. لكن تجربة يوروستار جمعت بطريقة ما موسما من التوتر في بضع ساعات.
لقد كانت محاولة غير سلسة للتجول في المعالم السياحية في أوروبا بالقطار. بدلا من أن نستقل القطار من جارمش بارتنكيرشن إلى إنسبروك أصبحت الرحلة رحلتين بالحافلة. تأخر القطار من إنسبروك إلى فيرونا، وعلى الرغم من حجزنا قبل أشهر، لم يتم منحنا تذاكر حجوزات المقاعد. لقد أمضينا ساعة في غرفة انتظار حرارتها 40 درجة مئوية في فيرونا، نشاهد قطارنا إلى ميلانو يؤجل مرارا وتكرارا. قال لنا مجلس المغادرة "إن التأخير سيكون لـ15 دقيقة أخرى فقط"، لكن ذلك الوعد تكرر كثيرا. أحب فكرة السفر بالقطار، لكن الواقع يخيب الآمال أحيانا.
الغريب في الأمر أنه عندما كنا نسافر، كان كل شيء ممتعا. حتى استبدال القطار بالحافلة ليس سيئا للغاية عندما تسير الحافلة عبر جبال الألب. على الرغم من أننا استغرقنا وقتا طويلا في محاولة تأكيد حجز المقاعد، فإننا نادرا ما واجهنا أي مشكلة في الحصول على المقاعد نفسها.
المشكلة، في جوهرها لم تكن السفر، لقد كانت الطابور والانتظار، والأهم، القلق الناجم عن الجهل. هذا لا ينطبق على السفر لقضاء العطلات فقط بل حتى الروتين اليومي. وجدت دراسة شهيرة أجراها دانيال كانيمان والراحل آلان كروجر أن أحد أقل الأوقات متعة في يوم أي شخص هو ركوب المواصلات في الصباح، والتنقل مساء في مرتبة قريبة منه. قد يكون السبب هو أن التنقل ليس مزعجا فحسب، بل مشحون بالقلق بما يكفي بحيث لا يمكن للمرء أن يعتاد عليه تماما. لا يمكن للراكبين تحمل تكلفة التهاون، يجب أن يراقبوا دائما كآبة رحلتهم، لئلا تصبح أكثر كآبة.
هذا ليس جديدا بالنسبة إلى بيت دايسون وروري ساذرلاند، مؤلفي كتاب ترانسبورت فور هيومنز الممتع. يستشهد الكاتبان بدراسات مختلفة لدعم بعض الأفكار الواضحة التي يغفلها كثيرون.
مثلا، يمر الوقت سريعا عندما تسافر لكنه بطيء عندما تنتظر "شخصيا، تبدو دقيقة الانتظار وكأنها ثلاث دقائق من السفر". وجدت دراسة هولندية أن الرحلات في القطارات النظيفة تبدو أقصر 20 في المائة. ليس لدي أي شكوى ضد القطارات السريعة، لكن تشغيل القطارات النظيفة أرخص ويمكننا البدء في ذلك غدا.
يجادل دايسون وساذرلاند بأنه ينبغي لمزودي خدمات النقل الاهتمام بالمهمة المهملة وهي شرح ما يحدث وطمأنة الناس. ما طول طابور الانتظار، إلى أي ساعة سيتأخر القطار، إذا فاتني هذا القطار، ماذا سيحدث؟
لو أن خدمة السكك الحديدية يوروستار قالت لنا "نعتذر منكم، عليكم الانتظار لبضع ساعات، وستصلون إلى لندن متأخرين ساعتين أو ثلاثا، لكننا نعدكم بالصعود على متن قطار الليلة"، لكان من الأسهل تحمل الوقت الذي قضيناه في الاصطفاف في طوابير الانتظار. بدلا من ذلك، تم إعلامنا بسبب حدوث بعض الاضطراب، لكن لم يتم إعلامنا بأي شيء عن الآثار المترتبة علينا نحن المسافرين، ولذلك لم يكن لدينا أي فكرة عما يمكن توقعه أو ما يجب فعله.
لقد طلبت إجراء مقابلة مع شخص من يوروستار لمناقشة لماذا يصعب على مزودي خدمات النقل تقديم معلومات للركاب، لكن لم يكن من الممكن إتاحة أي شخص للإجابة عن أسئلتي. على الأقل هم ثابتون على أسلوبهم.
يجد المسافرون التفسيرات مفيدة حتى في حال عدم وجود تأخير. من السهل استبعاد بعض التخمينات في السفر عبر توفير ساعات كبيرة، أو عرض عد تنازلي على لوحات المغادرة، أو ببساطة إخبار الناس بالاتجاه الذي يأتي منه القطار.
كما أن هناك مسألة ما يجب توفيره للركاب أثناء انتظارهم في المحطة. مقاعد نظيفة، وطاولات، وربما حتى مقبس كهربائي: قليل من هذه الميزات يعني الكثير. لا شك في أن مساحة الانتظار في المحطات القديمة شحيحة وعليها طلب كبير، لكن تحويل جزء صغير من الميزانية والاهتمام المخصص لشبكات السكك الحديدية عالية السرعة إلى غرف انتظار مريحة ومثمرة أمر مفيد.
عند صياغتي هذه الخاتمة، مرت أربع ساعات على وصولنا إلى محطة جار دو نورد، وساعتان ونصف من الموعد الذي كان من المقرر أن نغادر فيه. ما زلت أنتظر، لكني على متن قطار واقف. أمامي مكيف هواء "متقطع" وأجلس على مقعد مريح ولدي طاولة لجهاز الحاسوب المحمول. نتيجة لذلك، تحسن مزاجي بشكل كبير. اتضح أن هناك من الأمور المتعلقة بفن السفر ما هو أكثر من مجرد الانطلاق.