طريق إنتل إلى الصدارة شاق وطويل

طريق إنتل إلى الصدارة شاق وطويل

متطلبات رأس المال والتكنولوجيا التي تهيئ الوصول إلى الريادة على مستوى العالم في أعمال أشباه الموصلات أصبحت متطرفة. مدى التطرف كان واضحا من إعلانين لشركة إنتل هذا الأسبوع. لقد أظهرا مدى عمق الشركة في تكييف طريقتها التقليدية في ممارسة الأعمال التجارية في الوقت الذي تحاول فيه استعادة ميزتها التكنولوجية المفقودة والتأكد من أن الولايات المتحدة موطن لشركة واحدة على الأقل لتصنيع الرقائق على مستوى العالم.
كان الإعلان الأول هو بيع حصة 49 في المائة في مصنعين جديدين قيد التطوير في ولاية أريزونا إلى شركة الأسهم الخاصة بروكفيلد. هذه طريقة جديدة تماما لتمويل معامل تصنيع الرقائق مع ارتفاع تكلفة بناء المرافق الأكثر تقدما. تغطي صفقة بروكفيلد أول استثمار بقيمة 30 مليار دولار في ولاية أريزونا، بينما وضعت إنتل الاستثمار طويل الأجل في معاملها الجديدة مثل تلك التي تبنيها في ألمانيا بأكثر من 100 مليار دولار لكل منها.
الصفقة هي نتيجة ثانوية لقرار إنتل بالصمود في مجال تصنيع الرقائق، حتى في الوقت الذي تكافح فيه لاستعادة الصدارة التي فقدتها أمام "تي إس إم سي" و "سامسونج" في أحدث تكنولوجيا معالجة.
اختار معظم صانعي الرقائق الآخرين طريقا مختلفا. انسحبت الشركة المنافسة إيه إم دي قبل عقد من الزمان، حيث تركت التصنيع لتركز على التصميم. قرار التخصص - أثناء الاستعانة بمصادر خارجية للتصنيع - بدأ يؤتي ثماره، حيث أثرت أحدث تصاميم إيه إم دي في هيمنة إنتل في السوق لرقائق x86 المستخدمة في معظم أجهزة الكمبيوتر والخوادم.
النطاق الواسع الذي تعمل فيه أحدث معامل تصنيع الرقائق من المرجح أن يتجاوز الاحتياجات الناتجة عن أعمال تصميم الرقائق الداخلية لإنتل. هذا يعني دخول سوق المسبوكات - صنع رقائق لشركات أخرى - من أجل استخدام السعة الإضافية.
كثافة رأس المال التي يؤدي إليها هذا أمر محير للعقل. على مدى العقد الماضي، بلغ متوسط الإنفاق الرأسمالي لشركة إنتل 20 في المائة تقريبا من إيراداتها كل عام. في المستقبل، تتوقع أن يرتفع الرقم إلى 25 في المائة - وذلك قبل إضافة مصادر جديدة للأموال مثل المنح الحكومية وترتيبات الاستثمار المشترك مثل صفقة بروكفيلد. بشكل عام، أشارت إنتل إلى أن هذا قد يرفع الإنفاق الرأسمالي إلى أكثر من 35 في المائة من المبيعات السنوية.
لم يتم الإفصاح بالضبط عن كيفية مشاركة المخاطر والمكافآت في ترتيبات التمويل الجديدة. لكن إنتل ألمحت إلى الحماية التي قدمتها، مثل ضمان مستوى معين من الإنتاج لشركة بروكفيلد في معاملها الجديدة، وقالت إن شركة الاستثمار ستكسب عائدا ثابتا نسبيا على حصتها البالغة 49 في المائة، مع بعض التفاوت. مقابل تكلفة تمويل أعلى من ترتيب الاقتراض المباشر، تعتقد إنتل أنها ستحافظ على معظم الاتجاه الصعودي إذا تفوق أداء المصنع - ما يعني أنها ستحتفظ أيضا بمعظم المخاطر إذا لم تفعل ذلك.
جاءت العلامة الثانية على مدى التحول الجذري لنموذج أعمال إنتل في اليوم السابق، عندما عرض الرئيس التنفيذي بات جيلسنجر عددا من تصاميم الرقائق الجديدة للشركة. بدلا من الاعتماد على قطعة واحدة من السيليكون، تعد التصاميم جزءا من انتقال الشركة إلى الرقائق التي تجمع بين عدة مكونات في شبه موصل واحد.
تتمثل إحدى ميزات ما يسمى بتصاميم الشرائح "المفصلة" مثل هذه في أن إنتل لا تحتاج إلى إنتاج جميع الأجزاء نفسها. لذلك إذا فشلت في العودة إلى الصدارة في تكنولوجيا التصنيع، فقد تلجأ إلى الشركات الأخرى لشراء مكونات فردية لا يمكنها صنعها بنفسها. سيظل إنتاج الأجزاء الأخرى يوفر طريقة للحفاظ على عمل معامل الرقائق الجديدة.
قد يضر هذا بهوامش الربح، حيث إن إنتل لن تنتج المكونات الأكثر تقدما في معاملها الخاصة. من ناحية أخرى، قد يوفر تصميم هذه المعالجات الجديدة ودمجها بعض الحماية على الهامش ويرفع من قيمة تكنولوجيا تغليف الرقائق التي طورتها.
مهما كانت النتيجة، تشير التطورات التي حدثت هذا الأسبوع الماضي إلى نموذج أعمال جديد معقد ومليء بالتحديات من الناحية التكنولوجية الذي من المحتمل أن يستغرق أعواما حتى يتم تنفيذه، حيث تبدأ المعامل الجديدة العمل ويتم تطوير أجيال جديدة من الرقائق. سيتطلب الأمر أيضا تحولا ثقافيا، حيث تتعلم الشركة التي اشتهرت بثقافتها الانعزالية للغاية كيفية الانفتاح على تكنولوجيات الشركات الأخرى، بينما تحاول أيضا تطوير عقلية الخدمة الجديدة المطلوبة لإدارة أعمال مسبوكات ناجحة.
ما يزيد الأمر سوءا، أن إنتل تحاول النجاح في هذا التحول على الرغم من تضاؤل حصتها في السوق وتراجع الطلب على الرقائق. انخفضت أسهمها إلى النصف بعد فترة انتعاش قصيرة أعقبت تعيين شركة جيلسنجر، وتفوقت "إيه إم دي" على قيمتها في سوق الأسهم الشهر الماضي.
قد تكون إنتل الجديدة في طريقها إلى التبلور، لكن ما زال أمامها طريق شاق طويل.

الأكثر قراءة