ملكية أراضي قرية نيجيرية تضع الصناعة النفطية في قفص الاتهام

ملكية أراضي قرية نيجيرية تضع الصناعة النفطية في قفص الاتهام

ظاهر المكان لا يعطي الانطباع باحتمال وجود نزاع يصل إلى درجة الحرب، لكن هذا ما حدث فعلا في هذه القرية الصغيرة في دلتا النيجر، في نيجيريا، العضو في منظمة "أوبك" وأكبر منتج ومصدر للنفط في القارة الإفريقية.
السبب باختصار يعود إلى مخزون النفط الذي اكتشفته شركة "شل"، أكبر شركة نفطية أجنبية عاملة في نيجيريا، وسعت إلى استغلاله، الأمر الذي فجر النزاع حول ملكية أراضي القرية التي يرقد تحتها الذهب الأسود.
قرية أوبيوكو تعيش في عزلة شبه كاملة في دلتا النيجر، ولا توجد قوارب لربطها بالعالم الخارجي، وأقرب مركز صحي بالنسبة لها يحتاج إلى رحلة ليست بالقصيرة، والراديوهات القليلة الموجود تتحدث عن عوالم وتنقل أخبارا ليست لها علاقة بسكان القرية وقضاياهم المحلية.
باختصار لا تعطي الحياة في القرية الانطباع بأن هذا المكان له صلة بدولة منتجة للنفط وتحصل منه خلال العام على 30 مليار دولار في شكل عائدات، وأن نيجيريا واحدة من الدول التي تضخ فيها الشركات الأجنبية استثمارات بنحو 50 مليار دولار لمضاعفة الإنتاج حتى توفر للولايات المتحدة 25 في المائة من احتياجاتها النفطية من إفريقيا بنهاية هذا العقد.
السكان الذين يعيشون على صيد السمك فتحوا أبوابهم لشركة شل عام 1998 ووقعوا معها اتفاقا يسمح لها بالعمل في أراضيهم، وفي المقابل قامت الشركة ببناء برج للمياه ومدرسة، لكن عندما جاءت فرق العمل لتبدأ نشاطها برزت المتاعب، إذ ظهرت مطالبات من قريتين أخريين بملكيتهما الأراضي التي سيتم الحفر فيها، وهنا أوقفت "شل" نشاطها وحولت الأمر إلى السلطات الرسمية لحسم النزاع.
الصراع اللفظي بين السكان تحول إلى اشتباك جسدي وعنف متبادل، الأمر الذي أدى إلى تدخل الحكومة وبروزها على الساحة المحلية لأول مرة، حيث وصلت فرقة من قوة الحراسة المشتركة العاملة في الدلتا لحماية الصناعة النفطية. والروايات متضاربة حول إطلاق القوة النار على السكان، الأمر الذي أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، ورغم ذلك رحب بهم السكان، ولو على مضض، لأنهم يشكلون حماية من تكرار الهجمات من سكان القرى المجاورة والمنافسة، الذين كانوا يمكن أن يبيدوا بعضهم بعضا. ويعتبر هذا أول وجود رسمي للحكومة الفيدرالية في المنطقة.
الحادث الذي سقط فيه نحو 12 قتيلا أعطى ذخيرة للجماعات المناوئة لنشاط الشركات الأجنبية، رأت فيه دليلا على أن سياسات هذه الشركات التي تقدم ما يبدو في شكل حوافز للتنمية الاجتماعية المحلية، إنما هو في واقع الأمر تحفيز على إشعال وتيرة العنف بين المجتمعات الفقيرة. لكن البعض الآخر يرى أن اللوم لا يقع على الشركات وإنما على السلطات الحكومية، التي لم تفعل ما فيه الكفاية لتوزيع ثمار العائدات النفطية في شكل مشاريع تنموية، حيث تبتلع الجزء الأكبر بالوعة الفساد والبيروقراطية رغم وجود حكومة منتخبة يفترض أنها خاضعة لرقابة شعبية.

الأكثر قراءة