اختفاء الطيور

منذ القدم والناس تتساءل: أين تختفي الطيور سنويا؟ وظل علماء الطبيعة القدماء يبحثون ويضعون الفرضيات والتصورات لحل لغز اختفاء الطيور أو ما نسميه اليوم هجرة الطيور!
ومن هؤلاء العلماء أرسطو الذي وضع ثلاث فرضيات غريبة، وقد نراها اليوم ساذجة، رغم حجم عالم مثل أرسطو ومكانته العلمية إلا أنه في إحدى نظرياته يفترض أن الطيور تتحول إلى أجسام مختلفة تناسب المواسم المختلفة، فقد كان يعتقد أن ذلك نوع من أنواع التكيف مع البيئة.
وفي القرون التي تلت أرسطو، اعتقدوا بأن الطيور تتحول إلى بشر ونباتات حتى إلى أخشاب السفن. كان هذا التحول الأخير شائعا بشكل خاص لدى عديد من رجال الدين المسيحيين.
كانت الفرضية الثانية والأكثر ديمومة لأرسطو هي أن الطيور تدخل في سبات، ولعل هذه الفرضية لامست جزءا من حقيقة اختفاء بعض أنواع الطيور، حيث يدخل بعض الأنواع في نوم قصير وعميق ما يقلل من معدل ضربات القلب والآيض عندها، وهناك على الأقل طائر واحد يدخل في حالة سبات حقيقي وهو طائر الليل الأمريكي أو النايت جار، الذي ينام في الشتاء في صحراء أمريكا الشمالية. ولم تخل هذه النظرية من بعض الأفكار الغريبة للباحثين في القرن الـ19 حين قالوا إن طيور السنونو تزيل ريشها وتدخل السبات في الثقوب، أو تنام في الشتاء في قاع البحيرات والأنهار.
أما أكثر نظريات أرسطو حول اختفاء الطيور وأكثرها قربا من الواقع اليوم اعتقاده بأن الطيور في كل شتاء ترحل إلى القمر!
لقد حدث شيء غريب في 1822 حين أسقط الكونت كريستيان برتمير، طائر لقلق فوق أراضي قلعته في ألمانيا ووجده مطعونا بحربة غريبة تبين أنها إفريقية الأصل، ما يشير إلى أنه تم طعن اللقلق في إفريقيا، ثم طار 2500 كيلو متر إلى قلعة الكونت!
وكانت هذه الحادثة المفتاح الذي حل لغز حير العلماء لعدة قرون!
كان علماء الطيور في جميع أنحاء القارة حرصاء على تحديد مسار هذه الرحلة، بما في ذلك يوهانس ثينمان، صاحب أول مرصد دائم للطيور في العالم، الذي حشد جيشا من المتطوعين لتتبع الرحلة، بوضع حلقات في أرجل ألفي طائر لقلق حفر عليها أرقاما مميزة وعنوان مكتبه، وأطلق مبادرة تحث من يعثر على الطيور حاملة الحلقات فعليه التواصل مع مكتبه، وفعلا تلقى مكتبه رسائل تفيد بوجود الطيور في أماكن مختلفة، منها 48 حلقة في إفريقيا، ومن ثم رسم أول طريق هجرة للطيور تم اكتشافه على الإطلاق!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي