موظفون ينامون في شوارع لندن

موظفون ينامون في شوارع لندن

في الأيام الأولى من الجائحة اعتقدت أن أحد الجوانب الإيجابية طويلة الأجل ستكون جعل المدن الغالية مثل لندن أرخص للمستأجرين الشباب. وافترضت أن التحول إلى العمل الهجين سيستمر. بالتالي سيسمح لموظفي المكاتب بالانتشار بشكل أكبر خارج المراكز الحضرية شديدة الحرارة. وافترضت كذلك أن كثيرا من الأشخاص اليافعين سيظلون يرغبون في الأضواء الساطعة، لكن قد لا يضطرون لدفع مبالغ كبيرة للحصول على ذلك.
كنت مخطئة للغاية. انخفضت تكاليف الإسكان في لندن لبعض الوقت، لكن التدافع الآن لإيجاد عقارات للتأجير أصبح أشد من أي وقت مضى. لذلك فإن الإيجارات المعلن عنها آخذة في الارتفاع. إنها أعلى 6 في المائة من مستويات ما قبل الجائحة في وسط لندن وأعلى 8 في المائة في الأطراف، وفقا لبيانات من موقع العقارات زوبلا. القصة نفسها في المدن الكبيرة الأخرى، من نيويورك وميامي إلى دبلن وسيدني.
أين أخطأت؟ لا يتعلق الأمر بعودة أنماط العمل إلى وضعها الطبيعي. بين 2019 و2022 تضاعف عدد الأشخاص الذين يعملون من المنزل في المملكة المتحدة أكثر من مرتين إلى نحو عشرة ملايين شخص، وفقا لمكتب الإحصاء الوطني. ووجدت دراسة استقصائية رسمية هذا العام أن 84 في المائة ممن اضطروا للعمل من المنزل أثناء عمليات الإغلاق خططوا لاختيار عمل هجين في المستقبل.
مؤشر بريت، الذي يقارن بيانات المعاملات من متاجر "بريت أيه مانجر" مع متوسط فترة ما قبل الجائحة، يؤكد على هذا التحول. استقرت المعاملات عند نحو 80 في المائة من مستويات ما قبل كوفيد في مناطق موظفي المكاتب مثل الحي المالي وكناري وارف.
إذن، ما الذي يفسر ارتفاع الإيجارات في المدن؟ لقد انتشر بعض الأشخاص خارج المدينة بالفعل، سكان لندن انتشروا في أماكن مثل درتفورد ومارجيت. وسكان نيويورك ذهبوا إلى هدسن فالي. لكنني قللت من تقدير عدد الأشخاص الذين يرغبون في البقاء في المدن الكبيرة – حريصون على التنعم بمتعهم حتى لو لم يذهبوا إلى المكتب كل يوم.
وبناء على ما تقدم، فإن ما يحدث الآن لا يتعلق برغبة الناس في البقاء في العواصم البراقة فحسب. ففي المملكة المتحدة ترتفع الإيجارات في المدن في جميع أنحاء البلاد، من برايتون إلى مانشستر ويورك. الاتجاه نفسه على مستوى البلاد بأكملها في الولايات المتحدة.
من ناحية الطلب، هناك ظاهرة منتشرة متمثلة في اتخاذ الأشخاص قرارا بأنهم لا يرغبون في العيش مكتظين معا بعد رهاب الأماكن الضيقة الناجم عن عمليات الإغلاق. لاحظ اقتصاديون في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن عددا أقل نسبيا من البالغين في الولايات المتحدة يعيشون الآن مع رفاق سكن، وأن عددا أكبر منهم يعيشون بمفردهم. ويقولون إن الارتفاع الناجم عن عدد الأسر أسهم في "الزيادة الهائلة" الأخيرة في الطلب على المنازل.
حدثت الظاهرة ذاتها في أستراليا. لا توجد بيانات كافية للقول ما إذا كان هذا ينطبق على المملكة المتحدة أيضا، على الرغم من أن ذلك يبدو مرجحا. إضافة إلى هذا الاتجاه طويل الأجل، هناك حقيقة مفادها أن الاقتصادات فتحت مرة أخرى، عاد الطلاب، والمهاجرون يعودون، وحدثت جميع الخطوات الضرورية التي تأخرت بسبب كوفيد - 19 في وقت واحد.
في غضون ذلك انخفض العرض. في كثير من الأماكن يستأجر الناس لفترات أطول من المعتاد "ربما لأن الشراء أصبح أكثر تكلفة" ما يعني أن هناك عددا أقل من المنازل المعروضة في السوق. في المملكة المتحدة، تقول جمعيات الملاك أيضا إن بعض الأشخاص باعوا منازلهم بسبب ارتفاع الضرائب واللوائح التنظيمية. أخبرني موقع زوبلا أن عدد المنازل المتاحة للإيجار لكل فرع تأجير في لندن أقل نحو 50 في المائة ما كان عليه بين 2017 و2021 وأقل 30 في المائة في بقية البلاد.
من المحتمل أن تصل الإيجارات قريبا إلى الحد الأقصى لما يمكن للناس تحمله، نظرا للتكلفة الأوسع لأزمة المعيشة. ينفق المستأجرون الأفراد ما متوسطه 31 في المائة من دخل أسرهم على الإيجار، مقارنة بـ27 في المائة للمستأجرين الاجتماعيين، و18 في المائة لأصحاب المنازل الذين لديهم رهن عقاري. هذا يعني أن لديهم مرونة أقل في التعامل مع ارتفاع تكاليف الطاقة. بدلا من ذلك، قد يبدأ الناس في مشاركة السكن مع الآخرين مرة أخرى لخفض فواتير الإيجار.
وسواء استقرت الإيجارات أم لا في المملكة المتحدة، فلن يحدث ذلك في وقت قريب بما يكفي لإيقاف ارتفاع معدلات التشرد هذا العام. قد يبدو من السذاجة إنهاء عمود يتطرق إلى أني كنت مخطئة بتقديم تنبؤ آخر، لكن مع الأسف أعتقد أن هذا أمر راسخ.
إن الفشل طويل الأمد في بناء مساكن اجتماعية كافية يعني أن نحو ربع الموظفين في قطاع الإيجارات الخاصة يعتمدون على إعانات الإسكان للمساعدة في دفع الفاتورة. لكن إعانة الإسكان تم تجميدها منذ نيسان (أبريل) 2020، لذلك الوضع يصبح أقل ملاءمة مع مرور الوقت. فعندما يبيع أصحاب العقارات أو يضطر الناس إلى الانتقال، فإن أولئك الذين يعتمدون على إعانة الإسكان سيكافحون بشكل متزايد للعثور على أماكن يمكنهم تحمل تكلفتها.
في الربع الأول من هذا العام كان أكثر من 70 ألف أسرة وفرد بلا مأوى، أو مهددين بأن يصبحوا بلا مأوى، ومؤهلين للحصول على المساعدة في إنجلترا. عدد هذه المجموعة من الذين يعملون بدوام كامل كان الأعلى منذ بدء البيانات. النوم في الشارع في لندن آخذ في الازدياد بالفعل. كما أخبرني مات داوني، من منظمة كرايسس الخيرية للتشرد، "لا ننتظر حدوث الأمر - إنه يحدث بالفعل".

الأكثر قراءة