الحملة الأوروبية على «التمويه الأخضر» تقلق وول ستريت
الاحتباس الحراري، بطبيعته، يعد مشكلة عالمية. لكن النطاق العالمي لأحدث جهود الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتغير المناخ – المصممة لإنهاء وصف الأمور على أنها أكثر اخضرارا مما هي عليه – تثير قلقا في وول ستريت.
التوجيهات الأوروبية الخاصة بتقارير الاستدامة البيئية للشركات، التي تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ ـ مع قليل من الضجة ـ في وقت سابق هذا الصيف، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من حزيران (يونيو) المقبل، تلزم جميع الشركات "الكبيرة" التي تعمل في الاتحاد الأوروبي، أو لديها أوراق مالية مدرجة في الكتلة، بإصدار تقارير جديدة شاملة حول آثار أعمالها، وأعمال شركاتها الأم، في البيئة.
كريس مغاري، المحامي في شركة وايت كيس، وصف التوجيهات بأنها "عالمية التطبيق بشكل متعمد. ومن الواضح أن هذا منطقي لأننا نتحدث عن قضايا عالمية". بالنسبة إلى أندرو هوبز، من شركة إي واي، القواعد أصبحت تتجاوز الحدود الإقليمية بشكل أكبر من مقترحات الاتحاد الأوروبي الأولية.
وبالنسبة إلى البنوك، مثل مورجان ستانلي أو جيه بي مورجان، هذا يعني إصدار تقارير للشركات المنتشرة عبر عشرات المناطق. ويقول بعض المصرفيين أيضا إن هذا أمر منفر بالنسبة لعملائهم – يتعين على الشركة الآسيوية التي تدرج أداة دين واحدة في الاتحاد الأوروبي إصدار رزم من المعلومات المدققة بشأن أعمالها كافة.
خبير في السياسات في مؤسسة أمريكية كبيرة قال لفاينانشيال تايمز: "إن تجاوز الحدود الإقليمية أمر جنوني". ووصف أحد أقرانه في بنك أمريكي كبير "توجيهات تقارير الاستدامة البيئية للشركات، بأنها واحدة من أكثر مشكلات السياسة إلحاحا بالنسبة له، حتى مع ضبط الاتحاد الأوروبي لمئات الصفحات من قواعد رأس المال الجديدة هذا الخريف".
تنص التوجيهات على أن تقدم الشركات تقارير إلزامية مدققة حول مجموعة واسعة من الآثار البيئية والاجتماعية وتلك المترتبة عن الحوكمة، بما في ذلك انبعاثات غازات الدفيئة، والمخاطر، والضوابط الداخلية. على الجانب البيئي، تتضمن هذه التقارير مقاييس مثل استراتيجيات تخفيف تغير المناخ، والتلوث، والتأثير في التنوع البيولوجي والنظم البيئية.
هذا طلب كبير بالنسبة إلى الشركات العالمية الضخمة، كما تقول البنوك وجماعات الضغط التابعة لها، خاصة عندما لا تتوافق المصطلحات مع الأعمال العالمية الأخرى، ولم يتم تحديد التفاصيل الدقيقة لما ينبغي لها الإبلاغ عنه على مستوى المجموعات حتى الآن.
يمكن لجميع الشركات الكبرى أن تجادل بالحجة ذاتها، لكن البنوك تشعر بالغضب على وجه الخصوص من عنصرين في خطط الاتحاد الأوروبي.
إحدى الشكاوى هي أن التقارير يجب أن تصف تأثيرات الشركات، والشركات التي تتعامل معها. ويجب أن تصف شركات الخدمات المالية أنشطة عملائها. لكن شركات الخدمات المالية وغير المالية يجب أن تقدم تقاريرها في اليوم نفسه. وتجادل البنوك بأن مهلتها ينبغي أن تمدد.
قال أحد أعضاء جماعات الضغط التابعة للصناعة: "هناك قلق حقيقي بشأن المسؤولية (عن المعلومات غير الصحيحة) خصوصا في الولايات المتحدة (...) في حال عدم توافر البيانات، أو عدم موثوقيتها (...) لأنها لا تستطيع الحصول على ذلك من عملائها".
الشكوى الثانية الخاصة بالبنوك هي فرض مجموعة كاملة من القواعد على الشركات الأجنبية التي تدرج أي أداة في أسواق الاتحاد الأوروبي، مثل شركة يابانية تصدر سندا صغيرا لا يمكن بيعه إلا للمستثمرين المؤسسيين في باريس أو أمستردام أو فرانكفورت.
سيواصل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يونيو شق طريقه عبر آلية بروكسل في سبتمبر، عندما يكون هناك تصويت نهائي من جميع الأعضاء في البرلمان الأوروبي.
تأمل البنوك في الحصول على جلسة استماع لائقة بشأن الادعاءات القائلة إن أحدث مسودة ليست واضحة – يعتقد خبراء السياسة الأكثر تفاؤلا أن تنظيم الأمور سيعني أن الشركات التي يتمثل نشاطها الوحيد في الاتحاد الأوروبي في إصدار الأوراق المالية ستحصل على الإرجاء نفسه الممنوح للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم المدرجة. وقد وعدت هذه بالتزامات "تتناسب مع قدرات وموارد الشركات الصغيرة والمتوسطة (...) وذات صلة بنطاق وتعقيد أنشطتها".
لكنهم يعترفون سرا بأن "حيز التنفيذ" تجاوز الحدود الإقليمية، حتى لو كانوا على خلاف مع المشروع الأوروبي الأكبر المتمثل في إنشاء أسواق للديون والأسهم على نطاق واسع وعميق مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة.
يقول خبير السياسات: "سيتم قتل أسواق رأس المال الأوروبية بهذا الشكل". يضيف أنه بينما قد تكون هناك حجة بشأن معلومات موحدة تغطي الأسهم المدرجة في الاتحاد الأوروبي، فإن توسيع نطاق المتطلبات لتشمل جميع الأوراق المالية سيؤدي إلى إبعاد الشركات.
ويتوقع خبير السياسات من الشركات التي تستخدم أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي بشكل محدود أن تتوقف عن استخدامها تماما. قد تكون لندن هي المستفيدة، لأنها توفر مصدرا متنوعا للتمويل دون تحمل عبء القواعد الجديدة. ويقول المصرفي الأول بشأن الموقف الذي تتخذه بروكسل: "هذا يتناقض مع هدف اتحاد أسواق رأس المال، وهم يعلمون ذلك. ليس هناك الكثير مما يمكنك فعله على ذلك المستوى (...) فالسيادة للمناخ".