المستهلكون الأمريكيون يتجاهلون التضخم ويواصلون الإنفاق

المستهلكون الأمريكيون يتجاهلون التضخم ويواصلون الإنفاق

اعترف دوج ماكميلون الرئيس التنفيذي الأسبوع الماضي بأن كبار المسؤولين التنفيذيين في "وول مارت" كان عليهم أن يضحكوا وهم يستعدون لمناقشة أرباحهم الأخيرة مع المحللين. الحكايات المتضاربة التي كان تاجر التجزئة الأمريكي على وشك مشاركتها حول طلب المستهلك - مثل حقائب العودة إلى المدرسة التي كانت تباع بسرعة كبيرة حتى مع اضطراره إلى تخفيض الأسعار للتخلص من فائض المخزون، وانخفاض مشتريات أفقر عملائه وتحولهم من لحوم البقر إلى الحبوب - بدت وكأنها اختبار رورشاخ "اختبار نفسي" للتفسيرات الاقتصادية.
لكن إذا كانت الشركة التي تبيع مزيدا من السلع إلى الأمريكيين أكثر من أي شركة أخرى تكافح من أجل تفسير مزاج المستهلك، فلا تفكر في أولئك الذين يعملون على تحليل مثل هذه المقتطفات بحثا عن أدلة حول ما إذا كان التضخم يدفع الولايات المتحدة إلى الركود أم لا.
استطلاعات ثقة المستهلك التي عادة ما تكون مصدرا موثوقا للتحذير المسبق بشأن الاتجاه الذي يذهب إليه الإنفاق، لا يمكنها أن ترسم صورة أكثر سوءا للتوقعات في الوقت الذي يسعى فيه "الاحتياطي الفيدرالي" إلى ترويض ارتفاع الأسعار. سجل مؤشر جامعة ميشيجان لثقة المستهلك مستوى قياسيا منخفضا في حزيران (يونيو) مع تجاوز التضخم 9 في المائة. وحتى بعد تسجيله ارتفاعا طفيفا، لا يزال يشير إلى أن المستهلكين أكثر كآبة الآن مما كانوا عليه خلال أسوأ فترات جائحة كوفيد - 19، أو الأزمة المالية العالمية، أو أي لحظة أخرى منذ بدء السلسلة في 1952. تدعم استطلاعات أخرى هذا الاتجاه، في تموز (يوليو) وجدت ماكينزي عددا مضاعفا من المتشائمين بشأن الاقتصاد، مثلما كان الحال في آذار (مارس).
مع ذلك، هذا التشاؤم لا يظهر في قصة المبيعات التي ترويها "وول مارت" ومنافسيها. على الرغم من كل الأدلة على أن ارتفاع أسعار البنزين والبقالة يضغط على أصحاب الميزانيات المحدودة، أو أن الأمريكيين المنهكين من الوباء يفضلون الإجازات على السلع المنزلية، فإن أرقام تجار التجزئة تشير إلى أن الإنفاق لا يزال قويا بشكل لافت للنظر.
نظرا إلى كل ما مروا به، إضافة إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري، فقد كان عملاء شركة هوم ديبو "صامدين بشكل لا يصدق". قالت شركة لويز، منافسة "هوم ديبو"، "بدلا من رؤيتهم يتحولون إلى السلع الأرخص، في كثير من الحالات، نرى العكس".
حتى "تارجت"، التي تعاني مشكلات المخزون، لا تزال تحقق نموا في المبيعات. قادة الصناعة ليسوا وحدهم، ارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية أكثر من المتوقع في يوليو، بعد تجريد مشتريات الوقود والسيارات. يحصل الأمريكيون على أشياء أقل مقابل دولاراتهم، لكنهم ما زالوا ينفقونها.
يبدو أن التضخم قد أثر بشدة على معنويات المستهلكين، لكنه لم يؤثر بعد في سلوك الشراء الفعلي بالدرجة نفسها. كتب الخبيران الاقتصاديان في جيفريز، أنيتا ماركوسكا وتوماس سيمونز، الأسبوع الماضي، "معنويات المستهلكين الآن في منطقة الركود، إلا أن المستهلكين لا يتبعون مشاعرهم".
يقول جريج داكو، كبير الاقتصاديين في "إي واي بارثينون"، إنه لو رأى مثل هذه الثقة الضعيفة في الماضي، لكان قد توقع انخفاضا من 10 إلى 15 في المائة في الإنفاق. ويخلص إلى أننا أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى مراقبة ما يفعله المستهلكون، وليس ما يقولونه.
لكن لماذا يجب أن تصبح المشاعر دليلا أقل موثوقية على الإنفاق؟ أوضح تفسير لذلك كان ما يسميه جون لير، كبير الاقتصاديين في مجموعة البيانات مورنينج كونسولت، تباعدا غير مسبوق بين التضخم والبطالة.
مدفوعات التحفيز التي ساعدت أرباب العمل في الحفاظ على الموظفين سمحت للمستهلكين أيضا بدعم مدخراتهم. أشارت ماكينزي إلى أن الأسر الأمريكية لديها ضعف ما كان لديها في نهاية 2019.
ليس كل الأسر بالطبع. قم بتفصيل الأرقام الرئيسة وستجد، بشكل غير مفاجئ، أن المشاعر قد تراجعت إلى أبعد مدى بين مجموعة الدخل المنخفض. الأمريكيون الأكبر سنا، الذين عانوا أسوأ حالات الوباء ويعرفون ما يمكن أن يفعله التضخم، هم أيضا متشائمون بشكل مفرط.
تظهر استطلاعات الرأي أن الجمهوريين، الذين كانت وجهات نظرهم بشأن الاقتصاد أكثر تفاؤلا من الديمقراطيين خلال ولاية ترمب، لديهم الآن نظرة أكثر قتامة بشكل كبير، والعكس صحيح. وإذا كانت الانقسامات الحزبية في الدولة تفسد المزاج، فإن العناوين الجيوسياسية تفعل ذلك أيضا.
يلاحظ لير أن المستهلكين يستجيبون بشكل أسرع للأخبار السيئة أكثر مما يستجيبون للأخبار الجيدة. حتى أولئك الذين لا يملكون سيارات سجلوا بسرعة الزيادة المفاجئة في تكاليف البنزين بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، في حين أن العودة البطيئة إلى أسعار ما قبل التدخل الروسي لم تقلل من مخاوفهم.
يشير ذلك إلى أنه حتى لو استطاع صانعو السياسة ترويض التضخم، فقد لا ينتج عن ذلك تعزيز سريع لمزاج المستهلكين على النحو الذي يأمل فيه كثير من الشركات - وإدارة بايدن. إنه أيضا تذكير بأن ثقة المستهلك لم تتعاف من صدمة كوفيد - 19 قبل أن تقاسي تضخما هو الأكثر حدة منذ عقود.
لقد أصبح من الواضح أن الضربات المتتالية للوباء والتضخم قد تركت بصمة دائمة على ثقة الأمريكيين الاقتصادية. مع ذلك، تشير معدلات البطالة المنخفضة والمدخرات المرتفعة إلى أن إنفاق المستهلكين الأمريكيين يظل أكثر قوة مما قد توحي به الاستطلاعات التي تصور مزاجهم القلق. لكن هناك أسباب أخرى للقلق بشأن أمريكا بثقة أقل.

الأكثر قراءة