ماذا يخبرنا ارتفاع سعر نصف لتر الحليب عن التضخم؟

ماذا يخبرنا ارتفاع سعر نصف لتر الحليب عن التضخم؟

هل تعلم كم يكلف نصف لتر من الحليب؟ إنه سؤال مصمم ليحير المشاهير والسياسيين المنفصلين عن الواقع. في هذه الأوقات التي يسودها التضخم، قد يرغب محافظو البنوك المركزية - والأسواق أيضا - في الانتباه أيضا.
أسعار الحليب، أحد أهم السلع الأساسية، آخذة في الارتفاع. هذا مهم ليس فقط للمتسوقين، بل لنا أيضا بعد وجود علامة على مدى ثبات التضخم.
أثبت الحليب تقليديا مقاومته الشديدة للتضخم. يحتاج المزارعون والمصنعون إلى الحفاظ على هوامش الربح عند الحد الأدنى إذا كانوا يريدون بيع بضاعتهم إلى محال السوبر ماركت المهمة، التي تتعرض لضغوط من محال التخفيضات.
ديناميكيات السوق هذه - وحقيقة أننا نشرب الآن مزيدا من البدائل الخالية من منتجات الألبان - تعني أن متوسط سعر نصف لتر من الحليب في المملكة المتحدة، من 2008 حتى وقت قريب، كان ثابتا عند 42 بنسا. مع ذلك، قفز خلال العام الماضي 40 في المائة إلى 59 بنسا. قد لا يزال هذا يبدو كأنه تغيير صغير، لكن بالنسبة إلى سلعة أساسية يشربها الشخص العادي ثلاث مرات في الأسبوع، فإنه أمر مربك.
إنها قصة مشابهة في مكان آخر. في ألمانيا، ارتفعت الأسعار بمقدار الثلث تقريبا خلال العام الماضي، بينما ارتفعت تكلفة الجالون في الولايات المتحدة 15 في المائة منذ كانون الثاني (يناير).
إذن، ما الذي تخبرنا به التكلفة الباهظة لنصف لتر من الحليب عن طبيعة التضخم؟ وإلى أي مدى ترجع أسباب الطفرة الأخيرة إلى النقص في جانب العرض الذي ظهر أثناء الجائحة؟
نشهد حدوث ذلك في مثل هذا السوق التنافسية ما يسلط الضوء على الكيفية التي أصبحت بها ارتفاعات الأسعار راسخة.
ارتفعت تكلفة اثنين من أكبر المدخلات لمزارعي الألبان - العلف والأسمدة - 83 في المائة و179 في المائة على التوالي خلال العام الماضي، وفقا لمجلس تنمية الزراعة والبستنة في المملكة المتحدة. تقول باتي كلايتون، المحللة الرئيسة لمنتجات الألبان في الهيئة الصناعية، "مع ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية بشكل كبير جدا، كان على مصنعي الألبان دفع المزيد لضمان عدم تقليل المزارعين من إنتاج الحليب كثيرا".
أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم التضخم في جانب العرض. كما أن تسليط وسائل الإعلام الضوء على العملية العسكرية الروسية يعني أيضا أن ارتفاع التكاليف لم يكن مؤلما فحسب، بل ظاهرا أيضا - وهو عامل حاسم ساعد المصنعين على تمريرها إلى تجار التجزئة.
تقول جوانا كونينجز، كبيرة الاقتصاديين في بنك أي إن جي الهولندي، إن حقيقة حدوث ذلك، بعد أعوام من المفاوضات الصعبة مع محال السوبرماركت، "تظهر لنا مدى قوة الارتفاعات الحالية في أسعار المدخلات".
مع ذلك، فإن بعض أسعار المدخلات آخذة في الانخفاض الآن. من بينها تكلفة النفط، وهو أساس في جميع مراحل سلسلة التوريد. "يتم جمع الحليب من المزارع في جميع الأنحاء في صهاريج، لذا فهم يستخدمون الوقود، ثم تتطلب معالجة الحليب الطاقة لأنها تتضمن تسخينه. ثم تأتي تكلفة نقل حمولات الشاحنات من الحليب والجبن والزبدة عن طريق البر، "كما تقول ماجي أوري، التي كانت تغطي صناعة الألبان في "فاينانشيال تايمز".
قد يكون الجفاف عبر نصف الكرة الشمالي قد أدى إلى قطع ذروة "التدفق الربيعي" لإنتاج الحليب، ما أثر في الإنتاج. لكن مع انخفاض تكلفة السلع على نطاق واسع في الأشهر الأخيرة، ربما تكون ضغوط أسعار الحليب قد بلغت ذروتها.
مع ذلك، أظن أنه سيمر بعض الوقت قبل أن تشق التأثيرات غير المباشرة طريقها عبر سلسلة التوريد.
عند التسوق الأسبوعي، يلاحظ الناس التضخم بطريقتين. الأولى هي ارتفاع تكلفة السلعة الأساسية التي يشترونها في كثير من الأحيان. قد تعرف أو لا تعرف ما هو سعر الحليب، لكنني أشك كثيرا في أنك ستتمكن من معرفة ما إذا كانت زجاجة صلصة "تاباسكو" التي تشتريها مرتين في العام تكلف الآن أكثر مما كانت عليه خلال الشتاء.
الطريقة الثانية هي إذا ارتفع سعر سلة السلع. يقول أندرو بورتيوس، محلل المستهلك وتجارة التجزئة في إتش إس بي سي، "كل شخص لديه بعض العناصر التي يعرف سعرها، لكن ما يلاحظه معظمنا هو ما ندفعه عند الخروج، عندما نقول، "يا إلهي، لقد أنفقت 55 جنيها هذا الأسبوع بدلا من 50 جنيها".
يضيف بورتيوس أن محال السوبر ماركت - التي تحرص على ألا تتفوق عليها محال التخفيضات التي سلبتها حصتها في السوق على مدار العقد الماضي - "تريد التأكد من أن سعر سلالها تنافسي". تفعل ذلك من خلال الاتجاه إلى رفع التكاليف فقط للمنتجات التي يتم شراؤها من حين إلى آخر.
الشفافية مهمة للغاية. من المحتمل ألا تؤثر فقط في توقعات المتسوقين والشركات حول ما ستصل إليه الأسعار في الوقت نفسه من العام المقبل، لكنها ستجعل الطلبات على زيادة الأجور والزيادات في تكلفة المنتجات الأخرى أكثر مصداقية. كيف يمكنك أن تتحسر على أن تدفع لمزارع سعرا أكثر في حين شعرت أنت أيضا بالألم نفسه؟
يبدو لي ارتفاع سعر نصف لتر علامة على ثبات التضخم. أود أن أحذر من رهانات السوق بأن صانعي السياسة النقدية سيبتعدون قريبا عن زيادة تكاليف الاقتراض. بدلا من ذلك، سيتعين على محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، ونظرائه في البنوك المركزية في أماكن أخرى، أن يظلوا صامدين بينما تستمر ضغوط الأسعار، من سلسلة التوريد إلى رفوف السوبر ماركت.

الأكثر قراءة