تشريع تكنولوجي محوري .. سيل من القضايا أمام الاتحاد الأوروبي

تشريع تكنولوجي محوري .. سيل من القضايا أمام الاتحاد الأوروبي

تستعد الجهات التنظيمية الأوروبية للتحديات القانونية من التشريع المحوري المصمم للتعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث أصبحت الدول الأعضاء قلقة بشكل متزايد بشأن كيفية إنفاذ القواعد الجديدة.
رحب سياسيو الاتحاد الأوروبي بإقرار قانون الأسواق الرقمية، وهو قانون سيدخل حيز التنفيذ العام المقبل، ومن المتوقع أن يضع المعيار العالمي لكيفية عمل المنصات الضخمة على الإنترنت مثل: جوجل وأمازون وفيسبوك.
لكن ظهرت سلسلة من الشكوك منذ إقرار القانون في وقت سابق من هذا العام، وفقا لمسؤولي الاتحاد الأوروبي ومديري الشركات التنفيذيين الذين كانوا يفحصون التشريع.
تتضمن المخاوف سعي مجموعات التكنولوجيا الكبرى إلى تقويض الأحكام عبر التقاضي، وسعي الدول الأعضاء إلى تسليط الضوء على قضاياها الوطنية خارج نطاق القواعد الجديدة، وعدم توظيف المفوضية الأوروبية ما يكفي من الموظفين للقيام بمهمة إنفاذ القوانين الضخمة.
تتضمن بعض الالتزامات الجديدة في قانون الأسواق الرقمية حظر تقديم الشركات منتجاتها على منصاتها على المنافسين ودعم مشاركة البيانات مع المنافسين الأصغر.
جيرارد دي جراف، مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، سيصبح الشهر المقبل رئيس المكتب الجديد للكتلة في وادي السيليكون، من بين الذين يتوقعون خوض معركة قانونية بشأن هذه الإجراءات.
قال دي جراف للصحافيين أخيرا، "سيكون هناك دعاوى من شركات التكنولوجيا، بلا شك. إننا مستعدون للتقاضي، لكننا نرغب في إجراء نقاش بناء مع المنصات لا نقاشا عدائيا".
لكن هناك إشارات إلى أن استياء شركات التكنولوجيا الكبرى من قانون الأسواق الرقمية قد يصل إلى المحاكم. قالت شركة أمازون الشهر الماضي: إنها كانت تتحاور "بشكل بناء" مع بروكسل، لكن لا يزال لديها "مخاوف جدية بشأن استهداف قانون الأسواق الرقمية لأمازون استهدافا غير عادلا وبعض الشركات الأمريكية الأخرى".
قالت أمازون في يوليو: إنها لا توافق على قرار مكتب مكافحة الاحتكار في ألمانيا باعتبارها منصة قوية على الإنترنت، وهي تسمية تأتي بأعباء قانونية إضافية مشابهة لقانون الأسواق الرقمية. من المرجح أن تستأنف الشركة ضد القرار رسميا، وفقا لشخصين على دراية مباشرة بالموضوع.
قال مسؤول تنفيذي في منصة تكنولوجية كبيرة، "إننا نركز على إيجاد الحلول بشأن قانون الأسواق الرقمية، ونتطلع إلى إجراء تغييرات إيجابية. التقاضي هو حلنا الأخير".
إلى جانب الإجراءات القانونية، يواجه الاتحاد الأوروبي أيضا مقاومة من داخل الكتلة. تريد كثير من الدول الأعضاء دورا أكثر أهمية في ملاحقة شركات التكنولوجيا الكبرى عبر فتح تحقيقات رسمية وفرض غرامات هائلة على الشركات.
أدت هذه الرغبة إلى توترات حول مدى القوة التي ستتمتع بها بروكسل مقارنة بالسلطات الوطنية المعنية بالمنافسة للتدقيق في هيمنة التكتلات مثل ألفابت، الشركة الأم لجوجل، والشركة المالكة لفيسبوك ميتا.
بموجب قانون الأسواق الرقمية، تتمتع المفوضية الأوروبية بسلطات مركزية باعتبارها "السلطة الوحيدة المخولة" لإنفاذ اللوائح التنظيمية وتقرير موعد فتح تحقيقات مكافحة الاحتكار وضد أي شركة.
حتى عندما تقرر الدول الأعضاء البحث في الانتهاكات على المستوى الوطني، ينبغي عليها تسليم هذه التحقيقات لبروكسل. لا يمكن لدول الاتحاد الأوروبي فتح تحقيقاتها الخاصة دون موافقة كبيرة المفوضين لشؤون المنافسة مارجريت فيستاجر.
مع ذلك، مدى مشاركة الجهات التنظيمية الوطنية في التعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى هو مصدر "اختلاف في الآراء" بين المفوضية والعواصم الأوروبية، وفقا لمسؤولين ومنظمين كبار في الاتحاد الأوروبي.
قال مسؤول في بروكسل، "إننا نشهد حالة استيلاء على القضايا في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأعضاء لمركز الاهتمام. إن قانون الأسواق الرقمية لا يترك أي فجوة للدول الأعضاء لفرض قواعدها الخاصة وباب فرصة فعل ذلك ينغلق تدريجيا".
لم يمنع ذلك ألمانيا من سن نسختها الخاصة من قانون الأسواق الرقمية في 2021. أشار أندرياس موندت، رئيس هيئة مراقبة المنافسة في البلد، إلى ميزة أن قانون بلده مطبق بالفعل.
"من السابق لأوانه القول إنه بمجرد أن يتم تطبيق قانون الأسواق الرقمية لا يمكننا متابعة هذه القضايا ضد شركات التكنولوجيا بعد الآن. أنا متأكد تماما من أننا سنرى كثيرا من السلوكيات التي لا يغطيها قانون الأسواق الرقمية"، كما قال.
قال مارتين سنويب، رئيس هيئة المنافسة الهولندية، إن وكالته تحاول أن تضرب مثالا أوروبيا لكيفية معالجة السلوك غير المشروع من شركات التكنولوجيا الكبرى بعد أن فتح قضية ضد شركة أبل بسبب عدم وجود طرق دفع بديلة للمستخدمين على منصاتها.
أضاف أن التحرك نحو مركزية إنفاذ قانون الأسواق الرقمية في بروكسل كان "قرارا سياسيا ولا بأس بهذا"، لكنه حذر من أن ذلك قد يعني أن دولته ليس لديها حافز كبير للعمل مع المفوضية على القضايا التكنولوجية.
"لست متأكدا من عدد التحقيقات التي سنفتحها فعليا ولست متأكدا من أنها ستكون تخصيصا فاعلا للموارد. سيحفز ذلك السلطات الوطنية المعنية بالمنافسة على التركيز على الأمور التي لا تتعلق بقانون الأسواق الرقمية – أو ضد الشركات التي لا تعد حارسة بوابات بموجب قانون الأسواق الرقمية لكنها تتمتع بمركز مهيمن"، حسبما قال سنويب.
لكي ينطبق وصف "حارسة بوابة" على شركة ما، يتعين عليها أيضا أن تملك ما لا يقل عن 45 مليون مستخدم نشط شهريا أو ما لا يقل عن عشرة آلاف مستخدم تجاري سنويا. ينطبق على كل من جوجل وأمازون وفيسبوك وأبل ومايكروسوفت هذا المعيار، وكذلك مجموعات أخرى مثل موقع الحجوزات بوكينج دوت كوم ومجموعة التجارة الإلكترونية علي بابا.
من المتوقع أن ينتج عن قانون الأسواق الرقمية سيل من القضايا الإضافية التي ستزيد الحاجة إلى توظيف مسؤولين مؤهلين لإنفاذ القانون لمواجهة الفرق القانونية ذات الموارد الجيدة في شركات التكنولوجيا الكبرى.
أندرياس شواب، عضو مجلس النواب الأوروبي الذي قاد مناقشة قانون الأسواق الرقمية في مجلس النواب الأوروبي، من بين الذين يشعرون بالقلق من أن طموحات بروكسل لا تقابلها الموارد الكافية. وكان يضغط من أجل ميزانية أكبر لتوظيف 150 موظفا إضافيا، في حين توقعت المفوضية توظيف 80 فقط.
في رسالة وجهت أخيرا إلى التشيك، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، حذر شواب من أن إنفاذ القواعد يجب أن يكون "أولويتنا المشتركة". بخلاف ذلك، حسبما كتب، "سيتعرض تنفيذها لخطر شديد"، ما يتسبب في "ضرر لا يمكن إصلاحه للسوق الرقمية الموحدة".

الأكثر قراءة