فوضى السفر الجوي تبدأ في التراجع

فوضى السفر الجوي تبدأ في التراجع

مع دخول الجائحة صيفها الثالث، عادت حجوزات الخطوط الجوية مرة أخرى، مع تخطيط المستهلكين للسفر بعد أعوام من البقاء في المنزل – لكن الصناعة لم تكن مستعدة.
كان السفر الجوي على جانبي المحيط الأطلسي في حالة من الفوضى هذا الصيف. منذ بداية أيار (مايو) إلى منتصف آب (أغسطس)، تعطل ربع رحلات الطيران من، أو إلى، أو داخل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وأوروبا – تأخرت أو ألغيت – وعانت شركات الطيران لتوسيع نطاق عملياتها لتلبية الطلب المتزايد، في حين راوح نقص العاملين، من الطيارين إلى طاقم الطائرة، والموظفين الأرضيين ومراقبي الحركة الجوية.
على أن الوضع بدأ أخيرا في التحسن في المملكة المتحدة وأوروبا، بعد أن فرضت المطارات المزدحمة سقوفا غير مسبوقة لأعداد الركاب وخفضت شركات الطيران جداولها الصيفية. كما جلبت حملة توظيف على مستوى الصناعة مزيدا من الموظفين.
في النصف الأول من أغسطس تأخرت أو ألغيت 29 في المائة من الرحلات الجوية من، أو إلى، أو داخل المملكة المتحدة، مقارنة بـ35 في المائة في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، وفقا لتحليل أجرته "فاينانشيال تايمز" لبيانات من شركة فلايت أوير لتتبع الرحلات.
تعطل ربع الرحلات الجوية البالغ عددها 480 ألفا من، أو إلى، أو داخل أوروبا التي كانت مقررة في أول 17 يوما من أغسطس، انخفاضا من 29 في المائة في يوليو.
قال وارويك برادي، الرئيس التنفيذي لشركة سويس بورت، واحدة من أكبر شركات الخدمات الأرضية في العالم: "من الواضح أن لدينا تحديات مختلفة في الأسواق المختلفة، لكن بشكل عام المملكة المتحدة هي الأسوأ إلى حد بعيد".
أشار برادي إلى عوامل تتضمن قيود السفر وصعوبة توظيف العاملين في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مطار هيثرو، أكثر المطارات ازدحاما في المملكة المتحدة، مدد هذا الأسبوع سقفا غير مسبوق لأعداد المسافرين حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) للتأكد من أن عملياته يمكن أن تتأقلم مع الأعداد، وألقى باللوم على نقص الموظفين في شركات الخدمات الأرضية التي تستخدمها شركات الطيران.
في الولايات المتحدة، وصلت لعبة إلقاء اللوم بين شركات الطيران والحكومة الفيدرالية إلى نهايتها.
خفضت معظم شركات الطيران الأمريكية جداولها لبقية العام. شركة دلتا خفضت 100 رحلة يومية خلال فترة خمسة أسابيع في يوليو وبداية أغسطس، في حين التزمت شركة يونايتد إيرلاينز بعدد أقل من الرحلات حتى تتحسن البنية التحتية للطيران.
قال الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد، سكوت كيربي: "النظام برمته في حالة توتر وإجهاد. هناك عدد قليل من الموظفين في كل مكان (...) وهذا هو السبب في تخفيف قدرتنا وانتظارنا للنمو حتى يلحق النظام بأكمله بالركب".
وصلت شركات الطيران الأمريكية إلى ذروة الاضطراب في يونيو، عندما تعطل نحو 26 في المائة من الرحلات الجوية ـ رقم انخفض بشكل طفيف في يوليو والنصف الأول من أغسطس.
في يونيو، كانت شركة أمريكان إيرلاينز من بين "شركات الطيران الأربع الكبرى" التي سجلت أكبر عدد من حالات الإلغاء ـ تم إلغاء 5 في المائة من رحلاتها الجوية. وشهدت شركة ساوث ويست إيرلاينز أكبر عدد من حالات التأخير خلال مايو ويونيو ويوليو.
في الولايات المتحدة، كان الاضطراب أسوأ في كل شهر على مدار العام مما كان عليه في عام 2019، على الرغم من أن شركات الطيران كانت تقلل من عدد الرحلات الجوية.
أخبر الرئيس التنفيذي لشركة دلتا، إد باستيان، "فاينانشيال تايمز" عن صعوبات واجهت الشركة لتلبية الطلب في يونيو، إضافة إلى صعوبات تفاقمت بسبب سوء الأحوال الجوية وتأخيرات مراقبة الحركة الجوية. قال: "لم نقم بأفضل ما في وسعنا".
أشار باستيان إلى أن الاضطرابات في شركة دلتا تراجعت – من 24 في المائة في يونيو إلى 20 في المائة في النصف الأول من أغسطس – لكن "أوروبا مختلفة".
"عندما ضربت الجائحة، لم تكن الحكومات الأوروبية موجودة من أجلهم. عندما ننظر إلى الوراء، ونحن محظوظون جدا، جاءت الحكومة الأمريكية (بقانون معونة فيروس كورونا، ودعم جهود الإغاثة وتعزيز الأمن الاقتصادي) مبكرا ومكنتنا من الاحتفاظ بموظفينا. كان موظفو المطار قادرين على مواصلة العمل".
تلقت شركات الطيران الأمريكية نحو 54 مليار دولار من الدعم الحكومي الذي كان يهدف إلى إبقاء موظفي الشركات على كشوف الأجور. كما أنها كانت أقل تأثرا بالقيود المفروضة على السفر لأن سوق الطيران المحلية لديها أكبر بكثير.
عرضت بعض الحكومات الأوروبية دعما ماليا لشركات الطيران لكن لا تزال هناك عمليات تسريح كبيرة للموظفين من قبل شركات الطيران والمطارات وشركات الخدمات الأرضية.
وظلت معدلات الاضطرابات في أوروبا أقل من مستويات عام 2019 حتى بدأت أعداد الرحلات في الزيادة في نيسان (أبريل) من هذا العام، عندما قفزت إلى 18 في المائة، صعودا من 12 في المائة في آذار (مارس). وبلغت المعدلات نحو 30 في المائة في يوليو.
أكبر البكر، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، قال لـ"فاينانشيال تايمز" في يوليو الماضي، إن الاضطراب في المطارات الأوروبية وصل إلى مستويات "وبائية"، وإن الصناعة قد تستغرق "عدة" أعوام للتعافي.
قد يكون هناك مزيد من المتاعب التي تتشكل. قال كيربي: "يجب أن نواجه ثلاثة مخاطر يمكن أن تنمو خلال الـ18 شهرا المقبلة"، مشيرا إلى "التحديات التشغيلية على مستوى الصناعة التي تحد من قدرة النظام، وأسعار الوقود القياسية، والاحتمال المتزايد لحدوث ركود عالمي".

الأكثر قراءة