الصناديق الكمية تدعم ارتفاع أسواق الأسهم الأمريكية
تزيد الصناديق الكمية من رهاناتها على الأسهم الأمريكية، ما يساعد على تغذية ارتفاع حاد أضاف سبعة تريليونات دولار من القيمة إلى الأسواق منذ حزيران (يونيو) حتى في الوقت الذي تشير فيه البيانات الاقتصادية إلى تباطؤ في أكبر اقتصاد في العالم.
في كثير من الحالات تراجعت الصناديق – التي تبحث عن الاتجاهات في السوق ومن ثم تحاول ركوب الزخم – سريعا عن مراكز اتخذتها في أواخر 2021 وفي وقت سابق من هذا العام، كانت مصممة للاستفادة من أسواق الأسهم الهابطة.
وبإنهائها لهذه الرهانات الهبوطية ساعدت في دفع أسعار الأسهم إلى أعلى – ومن ثم تبعت الاتجاه الجديد عبر تحقيق رهانات جديدة تستفيد من الارتفاع.
قال تشارلي ماكليجوت، خبير استراتيجي في بنك نومورا، إن الصناديق الكمية "تحركت سريعا ودون أي مشاعر" لتغيير موقفها للحاق "بسوق هابطة للغاية (...) بخطى خرقاء".
أنفقت هذه الصناديق عشرات المليارات من الدولارات على العقود الآجلة، ما ساعد على دفع مؤشر إس آند بي 500 القياسي ومؤشر ناسداك المركب، المحمل باسم التكنولوجيا، إلى أعلى بأرقام مزدوجة، صعودا من أدنى مستوياتهما الأخيرة، وفقا لمتداولين ومحللين.
ويقدر بنك نومورا أن صناديق التحوط التي تتبع الاتجاه وصناديق التحكم في التقلبات اشترت عقودا آجلة في سوق الأسهم العالمية بقيمة 107 مليارات دولار منذ أن هبطت الأسواق إلى أدنى مستوى لها في أواخر يونيو، مع استخدام جزء كبير منها لإغلاق المراكز المكشوفة.
قال جلين كو، رئيس تداول الأسهم في بنك أوف أمريكا، "مع تمركزنا بشكل أساسي عند مستوى منخفض كان هناك كثير من السيولة على الهامش ومع استقرار السوق وبدئها بالارتفاع، عاد مزيد من هذا التدفق إلى السوق".
يساعد دور الصناديق المدفوعة بالحاسوب في إعطاء تفسير جزئي للتقدم المحير في سوق الأسهم الأمريكية التي تبلغ قيمتها 47 تريليون دولار.
وما إذا كان التحول "الإيجابي" في تقبل المستثمرين للمخاطر سيستمر، فهو أمر يعتمد جزئيا على ما إذا كان بإمكان "الاحتياطي الفيدرالي" أن يرفع أسعار الفائدة لتثبيط النشاط الاقتصادي والقضاء على التضخم دون دفع أكبر اقتصاد في العالم إلى الركود.
انتقل المستثمرون إلى الهامش بشكل جماعي مع انخفاض الأسهم في وقت سابق من هذا العام، ووضع كثير من صناديق التحوط التي تتبع الاتجاه رهانات مكشوفة على السوق مع توقعها لمزيد من الانخفاضات.
وتعرضت الأسواق لضربة قوية جراء اندلاع الحرب في أوكرانيا في شباط (فبراير)، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتهديد التباطؤ الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة وأوروبا الغربية مع رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة للقضاء على التضخم.
لكن بعد انخفاض مؤشر إس آند بي 500 إلى السوق الهابطة في يونيو، عادت السوق إلى المراحل السابقة، وعوضت أكثر من نصف خسائرها هذا العام.
أشار المستثمرون إلى عوامل أخرى تدفع الانتعاش، إضافة إلى الضغط القصير الذي يدفع بعض الصناديق للعودة إلى السوق. ويراهن بعض المديرين على أن التضخم قد يبلغ ذروته، في حين يجادل آخرون بأن الطفرة في البيانات الاقتصادية الضعيفة قد تمنع "الاحتياطي الفيدرالي" من رفع أسعار الفائدة بالقوة نفسها التي يعتقد بعض صانعي السياسة أنه يجب عليه الالتزام بها.
إلى جانب الارتفاع، تراجعت تقلبات الأسعار الكبيرة التي ميزت عمليات البيع في وقت سابق من العام. وانخفضت مقاييس التقلب، مع إغلاق مؤشر فيكس للتقلب هذا الشهر عند أقل من متوسطه طويل الأجل البالغ 20 للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل).
وأصبحت التقلبات اليومية في مؤشر إس آند بي 500 وفي كثير من الأسهم التي يتكون منها المؤشر أصغر مما كانت عليه بين كانون الثاني (يناير) ويونيو. وإذا استمر هذا الاتجاه سيكون الباب مفتوحا لمجموعة كبيرة من الصناديق التي تغير مراكزها بناء على التقلبات لزيادة رهاناتها على الأسهم.
قال محللو بنك جيه بي مورجان تشيس إن الشراء قد يستمر. أخبر البنك عملاء صناديق التحوط لديه الأسبوع الماضي أن صناديق استهداف التقلبات وتكافؤ المخاطر كانت تشتري ما قيمته مليارين إلى أربعة مليارات دولار من الأسهم في اليوم. وقدر البنك أن هذه المشتريات "قد تستمر لمائة يوم آخر إذا ظلت التقلبات منخفضة".
ماركو كولانوفيتش، خبير استراتيجي في بنك جيه بي مورجان، قال إن الارتفاع وصل إلى معظم زاويا السوق. يتم تداول نحو 88 في المائة من أسهم مؤشر إس آند بي 500 فوق متوسطها على مدار الـ50 يوما الماضية، ارتفاعا من 2 في المائة فقط في منتصف يونيو.
قال كولانوفيتش، "المشاركة القوية هي مؤشر على أن هذا الارتفاع مستمر، وتعبير آخر عن انحسار مخاطر السوق. من المتوقع أن يزيد مستهدفو التقلبات من تعرضهم بشكل عام، ولا سيما للأسهم".
وازداد تفاؤل مديري الصناديق. فبعد استطلاع آراء مديري المحافظ المالية هذا الشهر، قال مايكل هارتنت، استراتيجي في بنك أوف أمريكا، إنهم "لم يعودوا متشائمين بشكل فظيع".
لا تزال هناك تحفظات كبيرة. حذر صناع السياسة في "الاحتياطي الفيدرالي" من أنهم قد يرفعون أسعار الفائدة ويبقونها هناك لفترة أطول مما يتوقعه المتداولون في الوقت الحالي. ولا يزال من الممكن لصدمة التضخم أو النمو أن تهز الأسواق.
وهذا يفسر سبب قيادة الارتفاع حتى الآن من قبل الصناديق المنتظمة وليس من قبل مديري الأموال التقليديين وصناديق التحوط ذات المراكز الدائنة والمكشوفة.
قال مايك لويس، رئيس تداول الأسهم النقدية الأمريكية في بنك باركليز، "ترى بعض الأشخاص يبتعدون عن صفقات البيع. لكنك لم تر حقا أشخاصا يأخذون المال ويعيدونه للعمل".