برج إيفل .. عملاق فرنسا الرائع الصدئ

برج إيفل .. عملاق فرنسا الرائع الصدئ

يستضيف برج إيفل حفلا صيفيا سنويا وعرضا ضخما للألعاب النارية في اليوم الوطني الفرنسي. وكان ذات مرة هدفا للتدمير من قبل إرهابيين يستخدمون طائرات مخطوفة. عنده احتفل الرئيس إيمانويل ماكرون في ليلة إعادة انتخابه في أبريل، والآن يجري تزيينه بطبقة جديدة من الطلاء من أجل دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024.
يظل برج إيفل الرمز البارز لباريس وفرنسا، لكنه صدئ.
في ظاهر الأمر، التآكل ليس بالأمر المفاجئ. مثل أي هيكل مصنوع من الحديد أو الصلب– تم بناؤه من 18038 قطعة من "الحديد المطاوع" المتماسك معا باستخدام 2.5 مليون مسمار– فإن البرج الذي تم تشييده في 1889 لـ"المعرض العالمي" عرضة للتأكسد. الشيء ذاته ينطبق على جسر فورث، جسر سكك حديدية من الصلب تم بناؤه في الوقت نفسه في اسكتلندا، وكان بحاجة إلى إعادة طلاء مستمرة، وأصبح مرادفا للعمل الذي لا نهاية له.
لم يكن أحد يعلم هذا بشكل أفضل من المهندس جوستاف إيفل، الذي صمم البرج، كتب في كتابه "لا تور دي 300 ميتيرز" "برج الألف قدم": "لا يمكن للمرء أن يؤكد بشكل كاف على أن الطلاء هو العنصر الأساسي للحفاظ على هيكل معدني وأن العناية الواجبة بالطلاء هي الضمان الوحيد لاستمراره (...) الأهم هو منع الصدأ قبل أن يبدأ".
حرص إيفل على إمكانية الوصول إلى كل جزء من برجه، الذي كان حينها المبنى الأطول في العالم، حتى يمكن إعادة طلائه. واستعدادا لأولمبياد 2024، شرعت الشركة التي تتخذ من باريس مقرا لها، التي تديره، سوسيت دي إيكبلويتشين دو لا تور إيفل (سيتي)، قبل ثلاثة أعوام في مهمة الطلاء للمرة الـ20 منذ إنشائه.
يمكن رؤية عمال الطلاء، المربوطين بسلسلة من حبال التسلق من أجل سلامتهم، وهم يتسلقون حول الروافد السفلية ويدهنون اللون الأصفر البني المضيء الذي يفضله إيفل.
لكن في يونيو، أطلقت مجلة "ماريان الفرنسية" ناقوس الخطر بشأن حالة البرج، نقلا عن مستشارين، ومهندسين، وموظفين سابقين قالوا إن الصدأ يتسبب في تآكل الهيكل وإن عملية الطلاء الجديدة ستكون تجميلية وغير مجدية في الغالب، لأن القوس الزخرفي في مواجهة ساحة دي مارس فقط سيتم تنظيفه أولا بشكل صحيح من الصدأ والطلاء القديم.
مبلغ عن المخالفات مجهول الهوية أخبر المجلة: "أن في بعض الأماكن يتم مسح طبقة من الطلاء على عجل فوق الطبقات الموجودة بالفعل، التي تتقشر وتتفكك. إنه أمر خارج عن المنطق".
أصر باتريك برانكو رويفو، المدير العام لشركة سوسيت دي إيكبلويتشين دو لا تور إيفل، على أن البرج "يتلقى أفضل عناية على الإطلاق" وأنه "سيستمر في الوقوف بهذا الحديد الخالي من العيوب" – كان ذلك ردا على عنوان مجلة ماريان المثير للقلق الذي طرح سؤالا: "هل سيسقط برج إيفل؟". قال رويفو إن بعض الطلاء القديم والصدأ تم نزعه لأول مرة وإن الحديد المطاوع تحته في حالة ممتازة.
من نصدق؟ ذهبت للاستطلاع بنفسي، متجاهلا شخصية الباريسي الساخر وانضممت إلى 25 ألف سائح يومي يزورون أشهر المعالم السياحية في فرنسا.
يمكنني أن أؤكد أن المناظر في باريس وخارجها رائعة، وأن الصدأ حقيقي. في بعض الأماكن، يتسلل من خلف الطلاء، تاركا خطوطا بنية اللون أسفل الدعامات المعدنية. في أماكن أخرى سقط الطلاء تماما، ما كشف عن المعدن الخام. ويمكن لأي شخص أن يرى هذا عن قرب عبر السير على الدرج نزولا.
عند سؤال أحد عمال الطلاء عن طبيعة العمل، أكد لي بروح مرحة: "في أماكن قليلة نقوم بنزع الطلاء والصدأ، لكن في الغالب نطلي فوقهما فقط".
كانت الخطة الأصلية تتمثل في كشط مزيد من الطلاء القديم– 30 في المائة من سطح البرج بدلا من 5 في المائة التي تجري معالجتها الآن– لكن الخطر على العامة الذي يمثله الرصاص المستخدم في طبقات الطلاء الأولى وتدابير السلامة اللازمة جعل من ذلك أمرا صعبا ومكلفا. ارتفعت بالفعل تكلفة إعادة الطلاء هذه من 50 مليون يورو إلى أكثر من 90 مليون يورو.
يقول جان لاوسوك، مستشار باريسي من الدائرة السابعة، حيث يقع البرج: "نريد تقييما واضحا للوضع لإطلاعنا على حقيقته بالضبط. إذا كنت ترغب في إزالة الصدأ عن البرج، فعليك نزع كل طبقة طلاء الرصاص (...) لكن العائق هو عام 2024 – يجب أن تكون المدينة جاهزة تماما للألعاب الأولمبية".
بإيجاز، في حين يرقد جوستاف إيفل في قبره، يتعين على البرج الانتظار حتى أعوام الثلاثينيات للخضوع لجولة كاملة من الصيانة تخلصه من الصدأ وتؤمن مستقبله.

الأكثر قراءة