كيف ستعيد "إف تي إكس" تشكيل سوق العقود الآجلة الأمريكية؟
تتطلع بورصة "إف تي إكس" إلى إحداث تغيير في سوق المشتقات الأمريكية المترامية الأطراف، ما يمثل أكبر تدخل حتى الآن من قبل مجموعة التشفير في قلب التمويل التقليدي.
تسعى البورصة، التي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام، والتي أسسها سام بانكمان فريد، للحصول على موافقة لجنة تداول السلع الآجلة في الولايات المتحدة لتزويد العملاء بعقود البيتكوين الآجلة- وهي عقود تتيح للمستخدمين المراهنة على سعر الرمز الرقمي الأكثر تداولا في العالم. إذا نجحت المجموعة، يمكنها إعادة تشكيل آليات السوق، التي يستخدمها الجميع بداية من المزارعين الذين يثبتون أسعار الذرة إلى صناديق التحوط، التي تراهن على أسعار النفط.
من شأن العملية المقترحة أن تستبعد الوسطاء الذين شكلوا على مدار الـ40 عاما الماضية حلقة وصل بين العملاء والبورصات التي تتم فيها الصفقات. بدلا من أن يطلب الوسطاء من العملاء دفع نقود إضافية، تعرف باسم الهامش، عندما تسوء صفقات التداول، ستراقب البورصة السوق على مدار الساعة، وتخصم من أرصدة العملاء بناء على لذلك.
هذه العملية يتم استخدامها بالفعل على منصات التشفير الخارجية غير المنظمة في الغالب، مثل "بينانس" و"إف تي إكس"، ولكنها تتطلب موافقة الجهات التنظيمية في السوق الأمريكية. تمثل أمريكا شريحة كبيرة من سوق العقود الآجلة العالمية، حيث تم تداول 29 مليار عقد في العام الماضي، ما يعني أنه إذا تمت الموافقة على خطط "إف تي إكس" فقد تكون آثارها واسعة النطاق.
التصفية التلقائية مقابل طلب إيداع الهامش
الرفع المالي يتمركز في قلب النظام الحالي، وفي اقتراح "إف تي إكس" أيضا. عادة ما يضع متداولو العقود الآجلة جزءا صغيرا فقط من القيمة الإجمالية لمراكزهم، وهو أمر يضاعف المكاسب والخسائر المحتملة. الرقائق التي يطرحها المشاركون في السوق على الطاولة تعرف باسم "الهامش". يعد الهامش أمرا بالغ الأهمية في التداول بالرافعة المالية، لأنه يضمن أنه في حالة تعثر الرهان، يمكن تعويض المشارك في الجانب الآخر من التداول.
الاختلاف الرئيس بين النظام الحالي، واقتراح "إف تي إكس" يتمثل في النهج المتبع إزاء الهامش. في ظل إطار العمل الحالي، عندما ينخفض الرهان بعمق شديد، سيطلب الوسيط من المتداول جمع أموال إضافية لدعم التداول، المعروفة باسم "طلب إيداع هامش"، في موعد نهائي محدد. إذا استجاب المتداول لطلب إيداع الهامش، فسيظل تداوله مفتوحا، وإلا سيبدأ الوسيط في إلغاء مراكزه واستعادة الهامش المستخدم لإتمام الصفقة.
في بورصات العملات المشفرة مثل "إف تي إكس" و"بينانس"- المنصات العالمية غير الخاضعة للتنظيم على نطاق واسع- يتم تحديث متطلبات الهامش على منتجات مثل عقود البيتكوين الآجلة باستمرار. يتعامل المتداولون مباشرة مع البورصة وليس من خلال وسيط.
تبدأ منصات التشفير تلقائيا في إلغاء المراكز إذا انخفض هامش المستخدم إلى ما دون المستوى المحدد مسبقا. عادة ما يتلقى المستخدم تنبيها إذا كان حسابه في خطر- لكن بالنظر إلى تقلب الأصول الرقمية، يمكن أن تؤدي هذه الأنواع من أحداث التصفية القسرية إلى القضاء على المتداولين بسرعة كبيرة.
على عكس العملات المشفرة، التي يتم تداولها دون توقف، فإن معظم العقود الآجلة التقليدية مثل تلك التي تتبع السلع تغلق التداول في عطلة نهاية الأسبوع، لكن نظرا لأن معظم عمليات التداول فعالة طوال الوقت خلال أيام العمل، قال بعض المشاركين الأصغر في السوق إنهم قلقون بشأن القضاء عليهم خلال ساعات العطلة بموجب اقتراح "إف تي إكس". على النقيض من ذلك، فإن طلب إيداع الهامش يوفر متنفسا لتلبية متطلبات التمويل.
"الانهيار السريع" للتشفير في مايو 2021
عمليات التصفية التلقائية تستخدم بالفعل على نطاق واسع في صناعة العملات المشفرة، حيث تم تداول عقود البيتكوين الآجلة بقيمة 1.3 تريليون دولار الشهر الماضي وحده. يمكن القضاء على المتداولين بسرعة كبيرة خلال أوقات اضطراب السوق، مع زيادة الرافعة المالية التي تزيد من السرعة التي يتم بها تصفية المستخدم بشكل قسري.
تستند دراسة الحالة أدناه إلى "الانهيار السريع" منذ نحو عام، الذي أفسد الأمر على كثير من متداولي البيتكوين الذين يتمتعون برافعة مالية. حصل المتداول على مركز برافعة مالية 100 مرة على "بينانس" عن طريق وضع 2500 دولار على صفقة بقيمة 250 ألف دولار افتراضيا. عندما يبدأ السوق في الانهيار، يحتاجون إلى دفع مزيد من الأموال لتجنب التصفية على الرغم من انتعاش الأسعار بسرعة.
الانهيار القصير، الذي حدث في مايو 2021، تسبب في خسائر فادحة لكثير من متداولي التجزئة. مع ذلك، بسبب عمليات التصفية التلقائية، يمكن للمشاركين في السوق عادة أن يخسروا فقط بقدر رهانهم على التداول بدلا من تراكم الديون.
أطلقت خطة "إف تي إكس" نقاشا حادا في الولايات المتحدة منذ أن فتحت لجنة تداول السلع الآجلة مشاورات في مارس.
يعتقد الذين يؤيدون اقتراح "إف تي إكس" أنه التطور القادم للسوق، من المؤكد أن التكنولوجيا تحقق تقدما فيما يتعلق بالأسواق مثلما تفعل مع بقية المجتمع. إنها تعزز المنافسة، وتضفي الديمقراطية على تداول العقود الآجلة، والأهم من ذلك، تحمي المستثمرين الصغار من تراكم الديون التي لا يستطيعون تحملها، الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى عواقب مأساوية، كما يقول المؤيدون.
على الجانب الآخر من المناقشة، هناك الذين يقولون إن النظام التقليدي يوفر مجالا حيويا لاتخاذ القرارات المهمة ووقتا للعثور على أموال إضافية. مثلا، لن يضطر المزارع إلى القلق بشأن تحركات السوق المفاجئة لتصفية المراكز، التي فتحها للتحوط من التقلبات في أسعار السلع. لن يضطر العملاء إلى وضع أموال أكثر مما هو ضروري، فقط لمنحهم راحة البال. الوسطاء والبورصات في قلب النظام سيكونون قادرين على استخدام الحكم البشري لتهدئة المشكلات المحتملة في الأوقات المتقلبة.
تدرس لجنة تداول السلع الآجلة كل خطوة في السلسلة لفهم كيفية عملها والعواقب المترتبة عليها، لذلك فهي تستغرق وقتها. قد لا يأتي قرار هذا العام، ومن الممكن أن تسمح لكلا النموذجين. لكن بينما يستكشف المستثمرون عقود البيتكوين الآجلة، فقد تواجه مزيدا من المقترحات.