معضلة الديون الطلابية تخيم على الاقتصاد الأمريكي
يعتمد مصير الاقتصاد الأمريكي على حيوية المستهلك الأمريكي - وهنا يكمن الغموض. لا أحد متأكد تماما من الوقت الذي سيضطر فيه عشرات الملايين من الأشخاص الذين عليهم قروض طلابية فيدرالية إلى البدء في سداد التزاماتهم. إن المبالغ ليست صغيرة - هناك 1.6 تريليون دولار من هذه الديون غير مسددة والحكومة علقت تحصيل الجزء الأكبر منها.
لطالما شكلت الطريقة الأمريكية لتمويل التعليم العالي عبئا على اقتصاد الدولة. كل تلك الأموال المقترضة تساعد على رفع التكلفة الباهظة أصلا للحصول على درجة علمية. يكافح كثير من الطلاب، خاصة في مجتمعات الأقليات، لعقود من الزمن للهروب من أعباء القروض.
لكن القصة اتخذت منعطفا غير متوقع خلال الجائحة. لا يزال المقترضون من الطلاب الأمريكيين مدينين بالكثير، لكنهم يدفعون القليل جدا. لا تزال برامج الامتناع عن إنفاذ تحصيل قروض الطلاب الفيدرالية سارية بعد أكثر من عامين منذ بدأتها إدارة ترمب في الأيام الأولى للجائحة.
من المقرر أن تنتهي فترة تعليق تحصيل ديون الطلاب الحالية في 31 آب (أغسطس)، لكن المراقبين السياسيين يتوقعون أن تصدر إدارة بايدن تمديدا آخر - وهو الخامس - لتجنب إثارة غضب الناخبين في الفترة التي تسبق الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) للسيطرة على الكونجرس.
لم يتضح بعد ما إذا كانت هناك إرادة سياسية كافية في واشنطن لتجاوز تعليق الدفع واستبداله بسياسات نأمل أن تسهل على الأمريكيين الحصول على تعليم أعلى دون المخاطرة بالعوز.
دعا مشرعون ديمقراطيون بارزون إلى إلغاء ما يصل إلى 50 ألف دولار من ديون الطلاب لكل مقترض. يقال إن الرئيس جو بايدن يفضل التسامح مع نحو عشرة آلاف دولار لكل من يكسب أقل من 125 ألف دولار. يعارض جمهوريون إلغاء الديون، حيث وصف زعيم الحزب في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ذلك بأنه "صفعة قوية على وجه كل أسرة ضحت من أجل الادخار للجامعة".
إن عدم اليقين بشأن الاتجاه الحالي للاقتصاد الأمريكي سيجعل القرار أكثر صعوبة. يقول مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في شركة موديز أناليتكس، إن التضخم المرتفع يقلل من رغبة الإعفاء من الديون، بينما ستصعب مخاوف الركود استئناف التحصيل. بعبارة أخرى، سيؤجل التعامل مع هذه المشكلة السياسية.
قال زاندي، "في مرحلة ما، يتعين على الحكومة الفيدرالية اتخاذ قرار. لا يمكن أن تستمر في تعليق تحصيل الديون إلى الأبد. لكن يبدو أننا عالقون في قضية قروض الطلاب لوقت طويل حتى توجه الحكومة الاقتصاد خلال فترة التضخم المرتفع ومخاطر الركود العالية".
إن خطر الخسارة عال. فقد بلغت ديون الطلاب الأمريكيين 1.6 تريليون دولار في الربع الثاني، أو 700 مليار دولار أكثر مما اقترضه الأمريكيون على بطاقاتهم الائتمانية، وفقا للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. معظم الأموال مستحقة للحكومة الفيدرالية.
في إطار جهود الامتناع عن إنفاذ تحصيل القروض الطلابية الأمريكية، تم تعليق تحصيل مدفوعات قروض الطلاب الفيدرالية واستحقاقات الفائدة، بينما تم تحديد القروض المتعثرة على أنها جارية. يقدر اقتصاديون في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن نحو 38 مليون مقترض قد تلقوا إعانات وتم التنازل عن مدفوعات قروض بنحو 226 مليار دولار حتى الآن. ذكر تقرير للاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا أن "ما يقارب أربعة من كل خمسة طلاب مقترضين قد فوتوا بعض أو كل المدفوعات المجدولة منذ نيسان (أبريل) 2020".
تم توثيق التحسينات الناتجة في ماليات المستهلكين في تقرير الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الذي نشر هذا الشهر. وجد التقرير أن الدرجات الائتمانية لـ79.1 في المائة من مقترضي القروض الطلابية ارتفعت خلال الجائحة، وهو تحسن أكبر بكثير مما تم تسجيله في فترة العامين قبل أن ينتشر كوفيد - 19.
مع ذلك، يتساءل الاقتصاديون في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك عما إذا كانت هذه المكاسب قد تكون عابرة. وقد شجعهم أن بعض التحسينات في التنصيف الائتماني تعكس انخفاض معدلات استخدام المقترضين لبطاقات الائتمان. من ناحية أخرى، وجدوا أن بعض المقترضين المتأخرين في السداد سجلوا تحسينات كبيرة في التصنيف لمجرد أن قروضهم صنفت على أنها جارية في إطار برنامج الامتناع عن إنفاذ تحصيل القروض الطلابية.
سيتطلب استئناف تحصيلات قروض الطلاب الفيدرالية تحرك السلطات بحذر. بينما ساعد هذا الامتناع المقترضين بشكل واضح، فقد حجب أيضا معاناة كثير منهم أثناء الجائحة. ولن نكتشف كيف حالهم إلا في وقت لاحق.
أولى التقرير الذي أعده الاقتصاديون في الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا اهتماما خاصا "لجزء كبير من المقترضين من أجل التعليم" الذين وصفوهم بأنهم "يعانون بشكل مزمن". أخذ كثير من هؤلاء الأشخاص ديونا طلابية لكنهم فشلوا في الحصول على درجة علمية أو العثور على وظيفة في مجال تخصصهم.
أشار كاتبو التقرير إلى أن "المقترضين الذين يعانون تحديات مزمنة للسداد يستفيدون من الامتناع التلقائي، لكن إجابات الاستطلاع تشير إلى أنه بالنسبة إلى معظم هؤلاء المقترضين، فإن الامتناع هو ببساطة تأجيل ليوم الحساب".