"جنرال موتورز".. ثالث أضخم إفلاس في تاريخ أمريكا على الإطلاق

"جنرال موتورز".. ثالث أضخم إفلاس في تاريخ أمريكا على الإطلاق
"جنرال موتورز".. ثالث أضخم إفلاس في تاريخ أمريكا على الإطلاق

أشهرت "جنرال موتورز" إفلاسها في نيويورك أمس وذلك في ثالث أضخم قضية ترفع بموجب الفصل الـ 11 من قانون الإفلاس في تاريخ الولايات المتحدة.
وكان هذا التحرك متوقعا على نطاق واسع بعدما قال مسؤولون في إدارة الرئيس باراك أوباما أمس الأول إن شركة صناعة السيارات ستتخذ إجراء قبل فتح أسواق المال. وبناء على قيمة أصولها التي بلغت 82 مليار دولار بنهاية آذار (مارس) يحتل إفلاس "جنرال موتورز" المرتبة الثالثة بعد ليمان براذرز وورلد كوم من حيث الحجم. وقالت "جنرال موتورز" في إشعار أرفق بطلب إشهار إفلاسها إن مجلس إدارتها صوت يوم الأحد بالموافقة على طلب الحماية القضائية في إطار إعادة هيكلة ستمول بمبلغ 30 مليار دولار إضافي من الحكومة الأمريكية.
وتعتزم الخزانة الأمريكية تقديم تمويل قدره 50 مليار دولار لشراء حصة نسبتها 60 في المائة في الشركة بعد إعادة الهيكلة.

وستمول الحكومة الأمريكية شركة جديدة أنشئت لشراء أفضل أصول "جنرال موتورز" بموجب خطة سريعة يأمل المسؤولون في استكمالها بنهاية آب (أغسطس). وعين القاضي روبرت جربر من محكمة الإفلاسات الأمريكية في مانهاتن لتولي قضية إفلاس شركة صناعة السيارات التي من المتوقع أن تكون من أكثر القضايا تعقيدا التي تنظر أمام المحاكم الاتحادية.

وإشهار الإفلاس يعني البدء في عملية تصحيح قضائي ستستغرق من 60 إلى 90 يوما وتتضمن قفل 14من مصانعها. وستتأسس شركة جديدة لاستعادة الأصول المربحة للمجموعة التي ستتقلص التزاماتها المالية إلى أكثر من النصف، كما قال مسؤول كبير في إدارة أوباما في مؤتمر هاتفي.

#2#

وستقدم الدولة الفيدرالية الأمريكية 30.1 مليار دولار وتمتلك 60 في المائة من رأسمالها. وستقدم الدولة الكندية ومقاطعة أونتاريو 9.5 مليار دولار أمريكي وستحصلان على 12 في المائة من الأسهم.

وسيحصل صندوق التقاعد للأجراء في "جنرال موتورز" على 17.5 في المائة.
وأخيرا، ستعود 10 في المائة من الأسهم إلى قدامى الدائنين الذين اكتتبوا في خطة إعادة التنظيم. وأكدت "جنرال موتورز" أنها ستقفل بموجب خطتها لإعادة التنظيم 11 مصنعا وتضع ثلاثة مصانع في البطالة التقنية.

من جانب ثان، وافق القاضي المكلف بمصير مجموعة "كرايسلر" في وقت متأخر البارحة الأولى على التنازل عن أصولها لكيان جديد تدعمه شركة فيات، ما يفتح الباب أمام خروجها من نظام الإفلاس بعد شهر من إشهار إفلاسها.

وبعد ثلاثة أيام من جلسات الاستماع، وبينها 12 ساعة خصصت الجمعة لعرض مرافعات كل الأطراف، وافق القاضي النيويوركي المكلف الملف ارثور غونزاليس على خطة إعادة الهيكلة التي عرضتها ثالث أكبر مجموعة أمريكية لتصنيع السيارات والتي دعمتها السلطات الفيدرالية.

وتنص الخطة على إنشاء مجموعة كرايسلر "جديدة" تدعى "نيو كو" يملكها كونسورسيوم تملك "فيات" 20 في المائة منه (مع خيار بزيادته إلى 35 في المائة) وصندوق تديره نقابة السيارات "يو ايه إم" 65 في المائة والحكومتان الأمريكية والكندية 12 في المائة.

وسيحصل الدائنون على ملياري دولار، وهو ما يتوافق مع خفض ثلثي ديون المجموعة.
ورفض القاضي اعتراضات مختلف الأطراف (أصحاب الامتيازات وشركات تصنيع التجهيزات والدائنون) الذين كانوا أعربوا عن معارضتهم أثناء جلسات الاستماع. واعتبر القاضي ارثور غونزاليس في النص الذي تضمن رأيه في القضية والمؤلف من 47 صفحة والذي نشرته صحيفة "ديترويت نيوز" على موقعها الإلكتروني "على الرغم من الجهود الكبرى والحملة الإعلامية التي بذلت في السنوات الأخيرة لإيجاد تحالفات مختلفة لـ "كرايسلر"، فإن الاتفاق مع "فيات" هو الخيار الوحيد القابل للحياة حاليا".

ويشكل إعلان إفلاس "جنرال موتورز" نهاية حلم للعمال الأمريكيين يقوم على أساس تأمين وظيفة لمدى الحياة وضمان رفاهية تحظى بها الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة.
ويقول غاري شايسون أستاذ علاقات العمل في جامعة كلارك "جنرال موتورز رمز للحياة الجيدة، هناك نوع من عقد اجتماعي، حيث يعمل الفرد بجهد ويتقاضى بدل أتعابه بضمانة وظيفته راتبا جيدا".

وتعد الوظيفة في هذه الشركة فرصة ذهبية للعامل الأمريكي الذي تفتح أمامه فرص تقديمها لأولاده، ويقول شايسون "الوظيفة في شركة جنرال موتورز تنتقل عبر الإرث".
وفي ديترويت (شمال) مهد صناعة السيارات الأمريكية مثل كل ولايات الوسط الغربي في الولايات المتحدة، أشاع نجاح "جنرال موتورز" أول شركة صناعة سيارات عالمية على مدى 77 عاما، الازدهار عبر إنشاء عدة مصانع ومشغلين متعاملين معها.

وتمكنت نقابة اتحاد عمال السيارات من التفاوض على رواتب تعتبر مرتفعة لإفساح المجال أمام العمال لكي يصبحوا من مالكي المنازل ومنازل الأرياف أو سفينة أو الذهاب في عطلة واقتناء سيارات بأسعار مخفضة.

وكان رب العمل يتولى الضمان الصحي للموظفين مع ضمان راتب التقاعد، لكن هذا الحلم بدأ يتحطم اعتبارا من الثمانينيات حين بدأت الشركة نقل مصانعها نحو المكسيك وآسيا، وافتقرت مدن بكاملها مثل فلينت بالقرب من ديترويت حيث خلت المنازل من أصحابها والمتاجر.

وتراجع عدد الموظفين المسجلين في النقابات من 440 ألف عامل في الولايات المتحدة عام 1981 إلى 62 ألفا عام 2008، وتتضمن آخر خطة إعادة هيكلة خفضا جديدا لعدد العمال ليصل إلى 38 ألف وظيفة في 2010، لكن حتى حين كانت المصانع تغلق أبوابها تمكن العمال من الحفاظ على رواتبهم والمنافع التي كانوا ينالونها حتى عام 2005 حين وافقت النقابة على خفض عدد الموظفين إلى النصف وخفض رواتب التقاعد أو حتى التخلي عن حق الإضراب حتى عام 2015.

وأكدت الشركة أمس إغلاق 14 من مراكزها الصناعية بحلول 2012 وهي عملية كانت مقررة لكنها ستطبق أسرع مما كان متوقعا قبل ثلاثة أشهر. وستسمح الخطة لمصانع المجموعة بالعمل بأقصى طاقاتها في 2011 أي قبل عامين مما كانت المجموعة تتوقع في منتصف شباط (فبراير) عندما عرضت على الدولة خطة إعادة تنظيم. وهكذا سيتراجع عدد المصانع الكبرى لـ "جنرال موتورز" في الولايات المتحدة من 47 عام 2008 إلى 34 في نهاية 2010 وإلى 33 بحلول 2012. ومن خلال تشغيل مصانعها بأقصى طاقاتها، ستخفض المجموعة نفقاتها المحددة لكل سيارة تبيعها وتعطي دفعا لاستثماراتها. وستضع المجموعة أيضا حدا لأنشطة ثلاثة مراكز لتوزيع قطع الغيار في بوسطن (ماستشوسيتس شمال شرق) وفي كولومبوس في أوهايو (شمال) وفي جاكسونفيل في فلوريدا (جنوب شرق) بحلول نهاية كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وقال دوغ بومان رئيس فرع نقابة عمال قطاع السيارات في "بونتياك" قرب ديترويت "كان يحتمل أن يكون الأمر أسوأ". وهذا النقابي الموظف منذ 30 عاما شهد خفض عدد العمال في مصنعه للشاحنات من 14 ألفا في نهاية السبعينيات إلى ألف حاليا.

ويعبر بومان عن قلقه لمعرفة ما إذا كان مصنعه سيرد على لائحة المصانع الـ 14 التي ستغلق في إطار خطة إعادة الهيكلة، ويقول "ما أندم عليه هو أننا لم نتمكن من حماية المتقاعدين"، ويقول أحد زملائه جيم هول "ليس لدينا من خيار" مضيفا "نحن مرغمون على قبول هذه التنازلات لمساعدة الشركة على الاستمرار".

وحتى إذا انبثقت شركة جديدة عن "جنرال موتورز" تكون أكثر دينامية فإن نقابة موظفي قطاع السيارات لن يكون لها القدرة على التأثير في الخريطة الاجتماعية في البلاد كما فعلت على مدى عقود.

وقال هاري شايكن الخبير في الشؤون الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا بيركلي (غرب) "لقد انتهت حقبة" مضيفا "نحن نتقدم نحو وضع مجهول"، وإعلان إفلاس شركة جنرال موتورز يفسح المجال أمام الدولة لأخذ حصة كبرى من هذه الشركة التي كانت تعد لفترة طويلة أكبر شركة في العالم.

الأكثر قراءة