شركة حكومية لشراء القروض العقارية من البنوك السعودية على غرار "فاني ماي"

شركة حكومية لشراء القروض العقارية من البنوك السعودية على غرار "فاني ماي"

أكد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، أن الحكومة تعتزم تأسيس شركة على غرار شركة فاني ماي الأمريكية لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية والمساعدة في تطوير أسواق محلية للسندات والصكوك، مشيرا إلى أن تأسيس الشركة سيتزامن مع سن أول قانون للتمويل العقاري في المملكة والذي من المنتظر أن يبدأ سريانه قبل نهاية العام.
وتعد شركة فاني ماي مشتريا أوليا لقروض الرهن العقاري من مصدريها، حيث تقوم بتوريق القروض في صورة أوراق معززة برهون عقارية وتبيعها إلى المستثمرين، وقد أنشئت بهدف إقامة سوق ثانوية للرهون العقارية المدعومة من الحكومة.
وقال العساف في تصريحات أدلى بها لـ "رويترز" في العاصمة العمانية مسقط أمس الأول "أحد عناصر قوانين التمويل العقاري هو إقامة هذه المؤسسة. إنها أحد المكونات"، مضيفا أنه من المنتظر تأسيس الشركة التي ستصمم بحيث تناسب احتياجات السوق المحلية قبل نهاية العام الجاري. وأوضح أن نسبة ملكية المنازل في السعودية وهو 62 في المائة من السكان يتشابه مع الأسواق المتقدمة أو يزيد، لكن معظم تمويل شراء المساكن حتى الآن يأتي عن طريق المصادر العائلية التقليدية والقروض الحكومية.
وقال الوزير، إن قانون التمويل العقاري سيمكن المقترضين من الحصول على تمويل بتكاليف أقل بفضل المساندة القانونية. وأضاف "أعتقد أن التمويل العقاري سيكون كبيرا. حالما تقيم السوق سيكون التمويل كبيرا لسبب وجيه.. في أي ثقافة يعد امتلاك منزل أو وحدة سكنية أمرا مهما".
كما أشار إلى أن قانون التمويل العقاري سيكون حافزا كبيرا أيضا على تنمية سوق السندات المحلية حيث ستصدر شركات التنمية العقارية سندات أو صكوكا لتدبير التمويل. وأردف "ستكون على سبيل المثال مثل الولايات المتحدة أو غيرها من الأسواق المتقدمة، حيث تكون هناك مؤسسات يمكنها شراء القروض وإعادة إصدارها في شكل سندات وبيعها لحاملي السندات سواء كانوا بنوكا أو صناديق تقاعد أو حكومات".
وفي موضوع آخر، كشف وزير المالية عن أن الحكومة تستطلع فرصا للاستثمار في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة في قطاعات منها التكنولوجيا ومكونات السيارات وذلك لشركتها الجديدة للاستثمار التي يبلغ رأسمالها 5.3 مليار دولار، وهي شركة سنابل السعودية.
وقال العساف إن شركة سنابل لم تبدأ نشاطها بعد لكن صندوق الاستثمارات العامة المالك لها يتطلع بالفعل لفرص استحواذ محتملة. ومعلوم أن الشركة العربية السعودية للاستثمار "سنابل السعودية" تهدف إلى القيام بالاستثمار في أية أصول رأسمالية أو حقوق عينية والاستثمار في الأسهم والسندات والتعامل في الأوراق المالية بمختلف أنواعها والاستثمار العقاري والاستثمار في العملات الأجنبية والمعادن والسلع وإدارة محافظ الاستثمار لحساب الغير.
وتابع العساف قائلا "نتطلع إلى بعض الفرص من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، لا نزال في مرحلة تأسيس الشركة لكن هذا لا يمنعنا من استكشاف هذه الاستثمارات، ونتطلع إلى قطاع التكنولوجيا ومكونات السيارات حيث نعتقد أننا نتمتع بميزة تنافسية عندما يتعلق الأمر بهذه المكونات وبخاصة المنتجات البلاستيكية". وأحجم الوزير عن الكشف عن الموعد الذي يتوقع أن يبدأ فيه الصندوق أول استثماراته، لكنه أضاف أن أي عملية استحواذ يجب أن تعود بالنفع على الاقتصاد السعودي، إذ تطبق الحكومة خطة للتنمية قيمتها 400 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة.
وقال العساف "أمامنا الكثير من الفرص داخل البلاد. والدليل على هذا هو أنه في كل شهر تقريبا نؤسس شركة جديدة مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة للاستثمار في البلاد بشكل أساسي". وردا على سؤال عما إذا كان الاقتصاد العالمي قد تجاوز الأسوأ، قال "أعتقد ذلك.. نعم يمكن أن تستمر البطالة في الاقتصادات الكبرى لبعض الوقت لكن فيما يتعلق بالانهيار الضخم في كل من قطاع العقارات والثقة أعتقد أننا تجاوزنا الأسوأ".
وفي موضوع ثاني، أكد الدكتور إبراهيم العساف أن المملكة تحتفظ باحتياطيات متنوعة من النقد الأجنبي وتسحب من أصول أجنبية ثابتة للمساعدة في سد أي عجز في الميزانية في الأمد القصير أو المتوسط. كما لفت إلى أن السعودية عضو مجموعة العشرين تأمل في كسب مزيد من النفوذ في النظام المالي العالمي، بينما تعزز قدرتها الإنتاجية النفطية رغم الركود العالمي ووسط مراجعة محتملة لحصص صندوق النقد الدولي.
وقال العساف إن مساندة الرياض لربط عملتها بالدولار لا يعني أن احتياطياتها من النقد الأجنبي تقتصر على العملة الأمريكية، بل إنها تعكس بصورة أوسع الاتجاهات في التجارة الخارجية واحتياجات المملكة. وتابع "ننوع بالفعل الاحتياطيات. ليس من الضروري لأننا نربط عملتنا بالدولار إننا نحتفظ بكل احتياطياتنا في صورة دولار. الأمر ليس كذلك". وقال العساف "لدينا عجز في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وخطنا الدفاعي الأول هو السحب من فوائضنا لدى مؤسسة النقد".
وتحتفظ المؤسسة بمعظم الأصول الأجنبية في أدوات يمكن بسهولة تحويلها إلى سيولة ومن بينها أذون الخزانة الأمريكية. وتظهر أرقام المؤسسة أن صافي الأصول الأجنبية تراجع نحو 162.91 مليار ريال منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كما أظهرت البيانات أيضا أن ودائع البنوك في الخارج انخفضت بنحو 26.7 في المائة في نيسان (أبريل) مقارنة بالذروة التي بلغتها في تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما تراجعت الاستثمارات في الأوراق المالية الأجنبية 6 في المائة من تشرين الأول (أكتوبر) إلى نيسان (أبريل).
وهنا قال العساف "من الواضح أن معظمها يستثمر في الخارج، هذا هو سبب التراجع. أبلغنا مؤسسة النقد بما نحتاجة وراجعوا هم مواعيد الاستحقاق والعائدات المختلفة وكل الأمور ذات الصلة ودبروا لنا التمويل".
وبفضل السيولة التي تحتفظ بها وتحسن أسعار النفط التي تجاوزت 60 دولارا للبرميل فإن السعودية في وضع يمكنها من أداء دور أكبر في المشهد المالي العالمي، في حين تعاني الاقتصادات الصناعية من أسوأ أزمة منذ الكساد الكبير في الثلاثينات. كما يجري صندوق النقد الدولي مفاوضات بشأن زيادة في الحصص من المتوقع أن تتمتع بموجبها الاقتصادات الصاعدة بقوة تصويت أكبر بما يعكس نفوذها المتزايد في الاقتصاد العالمي. وكانت مجموعة العشرين تعهدت في نيسان (أبريل) الماضي بزيادة موارد الصندوق لثلاثة أمثالها إلى 750 مليار دولار لتمكينه من الاستجابة للأزمات في الأسواق الصاعدة والدول النامية الأكثر تضررا من الأزمة العالمية. وأردف العساف "ستجري مراجعة الحصة، ولا نعرف ماذا ستكون النتيجة، فهناك الكثير من المطالب في هذا الخصوص، كل بلد يعتقد أن لديه الحق بدرجة أكبر في زيادة الحصة".
ومن المتوقع أن تربط الدول مساهماتها المالية الجديدة بمطالب بأن يكون
لها دور أكبر في عملية صنع القرار في مجلس إدارة الصندوق. ويشير الموقع الإلكتروني لصندوق النقد إلى أن السعودية تسهم حاليا بنحو 3.21 في المائة من إجمالي رأسمال الصندوق ومن خلال حصتها تسيطر على 3.16 في المائة من إجمالي الأصوات. وعلق وزير المالية على ذلك قائلا "لنا دور نشط في المؤسسات المالية الدولية لكننا سنكون أكثر نشاطا.. كنا مبادرين، وبمزيد من الموارد سنكون أكثر نفوذا في الهيكل المالي العالمي".
وبخصوص الوحدة النقدية الخليجية، قال الدكتور إبراهيم العساف إن المملكة وثلاث دول خليجية أخرى ستمضي في خطة الوحدة النقدية، وإن مقر البنك المركزي الخليجي لن يطرح للتفاوض من جديد.
وتعليقا على موضوع انسحاب الإمارات من الخطة، قال العساف "لن تخرج الخطة عن مسارها بل ستستمر، وستمضي الوحدة النقدية كما هو مخطط لها". وأضاف "ما دمنا نمضي في الاتجاه الصحيح فهذا أهم شيء".
وردا على سؤال عما إذا كان مقر البنك المركزي مطروحا لإعادة التفاوض قال العساف "لا. هناك قرار اتخذه قادتنا". وأشار إلى أن من بين المزايا الرئيسية للعملة الموحدة خفض تكاليف المعاملات بين الدول الأعضاء في مجالات مثل التجارة والسياحة.
وأردف "لديك تكاليف المعاملات التجارية، كما أن لديك مخاطر تباين أسعار الصرف، وحتى في ظل ربط معظم العملات حاليا بالدولار لن يكون ذلك هو الحال بالضرورة في المستقبل، والعملة الموحدة ستقلل المخاطر وسيؤثر هذا بشدة في قرارات الاستثمار والإيداع وأي نوع من المعاملات التجارية". وتابع أن العملة الموحدة ستمكن أيضا أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم من تكوين كتلة نقدية رئيسية.
وحول مستقبل القطاع غير النفطي في السعودية، قال وزير المالية إن القطاع غير النفطي سينمو على الأرجح هذا العام، إذ سيعوض التوسع في القطاع المالي والخدمات أثر تراجع الطلب على البتروكيماويات، مشيرا إلى أن تضخم الإيجارات في المملكة أيضا بدأ ينحسر مع زيادة المعروض العقاري.
ورفض العساف التكهن بمجمل نمو الناتج المحلي الإجمالي، لكنه قال إن توقع صندوق النقد الدولي حدوث انكماش نسبته 0.9 في المائة في 2009 يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بأقل من قيمته الحقيقية، وينطوي على رؤية أشد تشاؤما لسوق النفط. وأضاف "نعتقد أننا سنحقق معدل نمو معقولا في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي". وكان القطاع غير النفطي الذي يشكل نحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية قد حقق نموا حقيقيا بلغ 6.1 في المائة العام الماضي.
وتابع العساف حديثه "من المرجح أن يكون أقل من العام الماضي وأحد أسباب ذلك هو تأثير الاقتصاد العالمي على إنتاج قطاعات التصدير وبخاصة البتروكيماويات". وقال "البتروكيماويات تتأثر بالتطورات العالمية، ولكنها تعتبر جزاء من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ولذا ستؤثر فيه". لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن قطاعات المال والبناء والخدمات ستبلي بلاء حسنا هذا العام مما سيساعد على تعزيز النمو غير النفطي عموما، في حين سيتحسن مجمل النمو في 2010.

الأكثر قراءة