صفقات القروض الخليجية الدولارية تقفز 52.2 % في 2021 .. 104.4 مليار دولار

صفقات القروض الخليجية الدولارية تقفز  52.2 % في 2021 .. 104.4 مليار دولار

سجلت صفقات القروض المصرفية المجمعة في دول الخليج خلال العام الماضي 2021 أعلى نمو لها منذ ثلاثة أعوام، وذلك على خلفية انخفاض المرجع التسعيري للقروض الدولارية لمستويات تاريخية متدنية، الأمر الذي شجع المقترضين في المنطقة على جمع التمويل من البنوك الدولية.
ووفقا لرصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات منصة "ريفينيتيف" تنشر لأول مرة، بلغ إجمالي ما جمعته حكومات وشركات المنطقة الخليجية في العام الماضي 104.4 مليار دولار مقارنة بـ68.6 مليار دولار في 2020، بارتفاع 52.2 في المائة.
وقفزت أعداد صفقات القروض المجمعة المقومة بالدولار لمستوى قياسي في العام الماضي، وذلك بدعم من مستويات الفائدة المتدنية آنذاك في سوق الإقراض المصرفي الخليجي.
وأظهرت بيانات "ريفينيتيف"، وهي الشركة المملوكة لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية، أن أعداد صفقات القروض المجمعة نمت 48.1 في المائة في العام الماضي مقارنة بعام 2020.
وأشارت بيانات منصة البيانات والمعلومات "ريفينيتيف" إلى أن أعداد الصفقات من القروض بلغت 80 صفقة في العام الماضي مقارنة بـ54 صفقة في 2020.
ومنصة "ريفينيتيف" تعد أحد أكبر مزودي البيانات الخاصة بالأسواق المالية في العالم، حيث يستعين أكثر من 400 ألف مستخدم ببياناتها النوعية.
وتقوم المنصة بجمع وتوفير المعلومات، وتحديد أبرز التوجهات والتكنولوجيات التي تمكن العملاء من القيام بالاستثمارات، وإجراء عمليات التداول، وتسهم في دعم الأداء، والابتكار ونمو الأعمال.

المقارنة بأسواق الدين
في ظاهرة نادرة، فضل القطاعان الخاص والحكومي في الخليج اختيار خطوط التمويل القادمة من البنوك الغربية والآسيوية على خيار التوجه لأسواق الدين الدولية خلال عام 2021.
وحازت "القروض المجمعة" تفضيل المقترضين الخليجيين، وذلك على حساب السندات والصكوك. وللمرة الأولى منذ 12 شهرا، استحوذت "القروض المجمعة" على 104.4 مليار دولار في عام 2021 مقارنة بإجمالي مبلغ الاستدانة الخليجية عبر السندات والصكوك، الذي بلغ 101 مليار دولار عن الفترة نفسها.
وتعني البيانات، بحسب رصد "الاقتصادية"، أن إجمالي ما تم جمعه عبر خيارات التمويل القادمة من القروض المصرفية الدولارية وأسواق الدين الدولية، بلغ 205.4 مليار دولار خلال 2021، وذلك لمصلحة الجهات الخليجية.
ونقلت منصة "ريد" المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، عن أحد المصرفيين قوله، إن التحديات التي تواجه الجهات التي تبحث عن جمع القروض الدولارية تكمن في التضخم والأزمة الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة.
ومعلوم أن منصة "ريد" متخصصة بمتابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
ومعظم القروض الدولارية عموما، سواء القروض الثنائية أو نظيرتها المجمعة، تستعين بالمرجع التسعيري الليبور "وهو سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن"، حيث يعد الليبور من أهم مؤشرات الفائدة العالمية التي تستخدم في أسواق النقد ومعظم العقود المصرفية الدولارية.
وفي 2020 و2021 كثر إقبال الجهات الخليجية مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية بعد انخفاض أسعار الفائدة، الأمر الذي أسهم في تخفيض تكلفة التمويل على تلك الجهات.
وبخلاف التكلفة المتدنية التي وفرتها البنوك الدولية لعملائها الخليجيين من أصحاب التصنيفات الائتمانية من الدرجة الاستثمارية خلال تلك الفترة، فإن بعض الجهات الحكومية مالت لخيار الاستدانة الدولارية عبر القروض من أجل عدم مزاحمة القطاع الخاص على السيولة المحلية، لكون القروض في تلك الحالة ستكون مقومة بالعملات المحلية.
ومعلوم أنه بعد الهبوط المتواصل لمعدلات الفائدة الدولارية خلال 2020 و2021، كان أصحاب القروض الدولارية القدامى من الخليجيين والسعوديين، من أكثر المنتفعين من تدني مستويات الليبور، وذلك بعدما أصبحت قروضهم القائمة، في ذلك الوقت، تصنف على أنها ذات فائدة متدنية، حيث تحمي البنود التعاقدية المستدينين من دفع فائدة أعلى.

توطيد العلاقة
من ناحية أخرى، نجحت البنوك، التي وطدت علاقاتها التجارية مع عملائها القدامى من الشركات، في تزويدهم بخطوط ائتمانية تنافسية خلال العامين الماضيين، كانت فيها تكلفة القروض البنكية مقبولة بفضل "بنوك العلاقات" مقارنة بالاستدانة الخارجية الدولارية المرتفعة.
وتعمد البنوك إلى إقامة العلاقات مع العملاء أو توطيدها عن طريق تقديم تمويل رخيص نسبيا على أمل الفوز بمزيد من الأعمال في مجالات مثل تمويل التجارة وأسواق المال والأسهم.
وبعبارة أخرى، أظهرت الجائحة وفاء "بنوك العلاقات العملية" مع عملائها القدامى، وذلك عبر تطبيق مفهوم "إقراض لإقامة علاقة تجلب أنشطة تجارية في المستقبل من العميل"، وهذه تزيد تقدير العملاء لتلك المؤسسات المالية التي تقف إلى جانبهم.

القروض المجمعة والتفاوض
مع القروض المجمعة، يتم تحديد بضعة بنوك كبرى ويتم توزيع حصص التغطية عليهم. وفي المرحلة الثانية يخصص كل بنك حصة أصغر لبنوك أخرى. إحدى الطرق التي تستخدمها الشركات الخليجية مع البنوك الدولية تدور حول أن البنوك التي ستشارك في القروض المجمعة ستكون لديها فرصة أكبر لاختيارها من أجل ترتيب الإصدار القادم من أدوات الدين .
وبمعنى آخر، أن على كل بنك يرغب في أن يكون مرتبا لإصدار السندات أو الصكوك الدولية أن يقدم أرخص تسعير للقرض، حيث تنظر البنوك الدولية إلى مثل هذه العمليات كوسيلة لتعزيز العلاقات مع العملاء الخليجيين.
ويدخل العملاء الخليجيون ذوو الملاءة المالية العالية مفاوضاتهم مع البنوك الدولية تحت مبدأ "الحصول على قروض بتكلفة زهيدة"، مقابل منح الأفضلية للبنوك الأكثر ولاء خلال الصفقات المستقبلية.

إطالة أجل القروض
كانت "الاقتصادية" قد نشرت تقريرا في الثالث من يونيو 2021 أشارت فيه إلى ازدياد وتيرة الشركات الخليجية التي تفضل إطالة أجل القروض البنكية التي اقتربت من دنو أجل استحقاقها، وبخلاف فائدة تحسين التدفقات النقدية وقائمة المركز المالي، فمن شأن تلك الخطوة أن تقود إلى تخفيض تكلفة الاستدانة مقارنة بخيار توقيع قرض جديد أو إعادة تمويله.
وأسهم وجود بنود قانونية في العقود الموقعة سابقا في تسهيل حصول بعض المقترضين على هذا الخيار القانوني الذي يجنبهم دفع هوامش ائتمانية مرتفعة.
ويقصد بخيار إطالة أمد الاستحقاق أن بعض القروض البنكية يتم توقيعها لأجل عام واحد على سبيل المثال، لكن ضمن بنود العقد أن المقترض يملك خيار إطالة أجل الاستحقاق لعام آخر وفق شروط تمويلية قريبة من الشروط الأصلية السابقة.

الإقراض في الخفاء
في 2019 عندما كانت تتضاءل فيه صفقات "القروض المجمعة" خارج منطقة الشرق الأوسط، أصبحت البنوك الأوروبية والأمريكية تمارس أنشطة الإقراض في الخفاء وتتعمد عدم إشراك بنوك أخرى في عمليات الإقراض الصغيرة أو الأقل من المتوسطة، لتعطي بذلك ظهرها لتقاليد وأعراف القروض المجمعة التي تنضوي على إشراك عدة بنوك في عمليات الإقراض.
ومن أجل زيادة نمو محفظة الإقراض، تقوم تلك البنوك الدولية بالهيمنة قدر الإمكان على أكبر نسبة من القرض.
وبحسب التحقيق الذي نشرته "جلوبال كابيتال" البريطانية حينها، فإن تعطش بعض البنوك الأوروبية لصفقات القروض جعلها تبدو أكثر شدة في التنافس للفوز بخطابات التفويض، لدرجة إقدامها على تخفيض هوامش الفائدة للقرض، وهذه الاستراتيجية ستساعدها على تحمل هوامش الفائدة الضئيلة مقابل تحقيق نمو في محفظ الإقراض الخاصة بها.

الرسوم
أظهرت البيانات التاريخية لدى "ريفينتيف" الشوط الكبير الذي قطعته سوق رسوم القروض الدولارية في المنطقة "خلال ما يقارب عقدين"، حيث كانت تصل إلى 14.17 مليون دولار في 2000 قبل أن تنهي 2018 عند 200.2 مليون دولار.
وأظهر الرصد أن إجمالي الرسوم التي تتقاضاها البنوك الدولية على القروض المجمعة، في منطقة الخليج ارتفعت 1312 في المائة، ذلك مقارنة بالرسوم التي تقاضتها بنهاية 2018، إضافة إلى ما كانت تتقاضاه من عملائها الخليجيين في عام 2000.
ووصل إجمالي الرسوم التي تقاضتها البنوك الدولية، خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019 إلى 178.9 مليون دولار.
وتراوح رسوم القروض المجمعة للجهات السيادية بين 25 نقطة أساس وعشر نقاط أساس "من إجمالي القرض"، وقد تزيد أو تقل بحسب مكانة العميل للبنوك الدولية أو ظروف السوق، أو بحسب الجدارة الائتمانية للجهة السيادية.
وما رجح كفة القروض المجمعة الدولارية على حساب نظيرتها المقومة بالريال، هو قرض الـ16 مليار دولار الذي تم لمصلحة حكومة المملكة في 2018.
ويعد هذا القرض أحد أكبر القروض المجمعة على الإطلاق التي تقدم في الأسواق الناشئة، في ذلك الوقت، ما يؤكد المكانة المتزايدة للمملكة كمصدر ديون عالمي.
وتمت هيكلة القرض الدولاري ليدوم خمسة أعوام، بحيث يحين أجل استحقاقه في 2023، وأضيفت شريحة تمويل إسلامي بنظام المرابحة إلى القرض، حيث قلص "هامش تكلفة التمويل" من 103 نقاط أساس "مع قرض 2016" إلى 75 نقطة أساس مع قرض 2018 "فوق سعر الفائدة بين بنوك لندن "ليبور".
ووصلت رسوم وهوامش الفائدة لقرض 2016 إلى 120 نقطة أساس، وخفض هذا الرقم إلى 84 نقطة أساس مع قرض 2018، و"الليبور" يعد نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.

إيجابية نسبة القروض إلى الودائع
في السعودية، ينعكس توظيف متحصلات الاكتتابات بشكل إيجابي تجاه الودائع الزمنية والادخارية على "نسبة القروض إلى الودائع"، التي تعطي وزنا أكبر على الودائع، التي ترتبط بفترة زمنية أطول، وذلك بعد أن غير البنك المركزي "ساما" قواعد حساباتها في 2018 من أجل تشجيع المصارف على إيجاد منتجات ادخارية من جهة، وكذلك زيادة حيز مساحة الاقتراض التي يمكن أن يوفروها لعملائهم.
مع العلم أن نسبة القروض إلى الودائع للحد الأعلى نظاميا هي 90 في المائة.

أهمية الليبور مع تسعير القروض
يولي العاملون في أسواق النقد قصيرة الأجل، وكذلك مصرفيو القروض، أهمية بالغة لحركة الليبور "سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن"، وكما هو الحال مع السايبور، يعبر الليبور عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير.
ويتم تسعير معظم القروض الدولاية وفقا للفائدة المتغيرة، التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته وفقا لآجال متفاوتة، حيث يتم اختيار الفائدة المتغيرة مع القروض المجمعة عموما، فهامش تكلفة التمويل ثابت لكن، الذي يتغير هي الفائدة الخاصة بمؤشر القياس، بحيث تزداد أو تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم لليبور، التي ستتم خلال أعوام استخدام القرض.
وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من القروض المجمعة تكون بفائدة متغيرة، إلا أن هناك نسبة ضئيلة من القروض المجمعة تكون بفائدة ثابتة.
يذكر أن رصد الصحيفة بالشراكة مع ماكروبوند، يفيد بأن الليبور "منذ الاستخدام الرسمي له في 1986" لم يكسر حاجز الـ0.15 في المائة إلا في 2021.
وجاء الهبوط القياسي لـ"مؤشر تكلفة الاقتراض الدولاري"، في ذلك الوقت، ليعني بأن الليبور قد سجل أدنى مستوياته منذ أكثر من 35 عاما، بحسب "الاقتصادية"، وذلك بالشراكة مع محللي منصة "ماكرو بوند" السويدية المتخصصة باستعراض بيانات الاقتصاد الكلي.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة