دغدغة الدماغ
أصوات وصور وحركات منتظمة ومتناغمة تتسلل إلى خلايا دماغك تدغدغها فتشعر بنوع من الراحة والهدوء والخدر المؤقت، الذي يقلل حتى من إحساسك بالوقت، لذا أطلق عليه البعض خدر الدماغ أو "أي إس إم آر". تؤثر هذه الحالة في المنطقة الخلفية من الدماغ ما يشعر صاحبها أنه بحالة أفضل، فهي تعمل على تقليل التوتر وكبح الشعور السلبي وتشتت الأفكار المتراكمة في دماغه التي ترهق كاهله، كما قد تؤدي إلى تفريغ الغضب ومحاربة الاكتئاب!
بدأت الحكاية من محاولة الباحثين إيجاد وسائل علاجية بسيطة وغير مكلفة لعلاج الاكتئاب أو تقليل من الاضطرابات السلوكية، مثل تشتت الانتباه والنشاط الزائد أو لتجاوز مرحلة الصدمة والانتظار وتفريغ حالات الغضب الداخلي وتخفيف التوتر والقلق، وسرعان ما انتشرت هذه الطريقة على وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح لمقاطع الـ"أي إس إم آر" صناع ومريدون، يقوم فيها صناع محتوى بتحفيز نشوة الدماغ أو دغدغته بإنتاج مقاطع على اليوتيوب تحفز على الاسترخاء والراحة الدماغية في حالة اليقظة التامة مثل، "تقطيع الطعام ومضغه، اللعب بسلايم، فقاعات الصابون، قطع الرمال المتحركة، تكسير وضغط المواد بالمكبس الهيدروليكي، سحق وتقطيع المواد بالمسننات الحديدية الحادة، مشاهدة الحرف الفنية واليدوية وغيرها كثير". واستطاعت هذه المقاطع جذب عدد كبير من المشاهدين تجاوز بعضها الملايين، ما أدى إلى وجود شركات متخصصة لإنتاج مثل هذه المقاطع التي تعمل على التهدئة الدماغية الحسية من خلال مشاهد نمطية لها طابع بصري سمعي معين!
لكل منا طريقته عندما نريد تخفيف توترنا أو قلقنا من موضوع معين أو قطع الوقت في صالات الانتظار، فمنا من يسارع للعب بعض الألعاب الموجودة على جواله التي تحتاج إلى تركيز يفصلك عن واقعك ولو لدقائق، والآخر قد يلجأ إلى تجربة مقاطع دغدغة الدماغ. حاول أن تجرب وراقب نشاط دماغك، علما أن هذه الفيديوهات لا تحتوي على محتوى هادف، هي فقط مشاهد بسيطة لحركات مكررة بأصواتها الفعلية مثل تقطيع الطعام، عدد قليل جدا من هذه الفيديوهات يتم استخدام مؤثرات موسيقية!
ولعل أجمل ما في هذه الطريقة محاولة استخدامها في علاج أطفال التوحد مثل العلاج باستخدام نمط بصري أو صوتي موسيقي معين، مثل العلاج عن طريق صوت الدلافين وبعض الحيوانات، اللعب بالسبنر وغيرها من الطرق التي أثبتت فاعلية علاجها لبعض الهجمات السلوكية النفسية المختلفة لديهم ولدى غيرهم من الأطفال.
ورغم كثرة قصص الناس ومشاركتهم تجاربهم عبر وسائل التواصل، إلا أنه إلى الآن لا يعرف كيف يستجيب الدماغ لمثل هذه المؤثرات!