المستثمرون الغاضبون يرون جانبا مشرقا في مخاطر النمو
يسمح لي بقول هذا لأنني ترعرعت في بيئة زراعية، يشتكي المزارعون باستمرار من كل شيء، رطب جدا، جاف جدا، حار جدا، بارد جدا. لا يختلف المستثمرون كثيرا.
جلبت الأشهر الأولى من هذا العام حالة من الذعر من التضخم. انخفضت السندات بشدة بسبب الحساسية من التضخم، الذي يستنزف مدفوعاتها الثابتة "الهزيلة إلى حد ما". وانخفضت الأسهم لأن مديري الصناديق يعتقدون أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة نصف نقطة في كل اجتماع مقبل لكي يخفض التضخم. انهار "كل شيء ارتفع"، تاركا كثيرا من مديري الصناديق بلا مكان للاختباء. يا للرعب.
الآن، يبدو أن الذعر من التضخم آخذ في الانحسار. مصدر القلق الجديد هو احتمال حدوث تباطؤ خطير في النمو أو حتى، في أسوأ السيناريوهات، ركود عالمي كامل. يرجى تعديل سرد السوق وفقا لذلك.
الدافع هنا هو أن السياسة النقدية هي أداة فظة للغاية. ارتفع التضخم بشكل كبير فوق الأهداف الرئيسة التي حددتها البنوك المركزية، ما دفع صناع السياسة إلى تشديد أكثر حدة، اشتمل على زيادات في أسعار الفائدة وتخفيضات في الميزانيات العمومية الضخمة التي تراكمت مع عمليات شراء الأصول منذ أزمة 2008، التي زادت بالطبع في 2020.
المشكلة هي أن قدرة البنوك المركزية على ترويض نوع التضخم الذي نعانيه الآن محدودة. لا يمكنها إنهاء عمليات الإغلاق التي تفرضها الصين بسبب فيروس كوفيد، أو إنتاج رقائق دقيقة، أو صنع السلام في أوكرانيا. ما لم تتمكن من إصلاح المشكلة الثالثة على وجه الخصوص، لن تستطيع على الأرجح خفض أسعار الطاقة، وبالتالي تخفيف طلبات العمال "المعقولة تماما" للحصول على رواتب أعلى.
يقول جاريث كولسميث، رئيس الأبحاث الكلية في "إنسايت إنفستمنت"، "إنهم يريدون خفض التضخم، لكنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء بخصوص جزء الطاقة. إذا كانوا جادين في السيطرة عليها، فعليهم فعل شيء حيال الطلب على العمالة، لأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء بشأن العرض. لذا أنت تتسبب في حدوث تباطؤ، وهذا يؤدي بالفعل إلى خطر الانزلاق إلى الركود".
الخطأ في السياسة هو أحد السبل للحث على الركود، لكنه ليس الخطأ الوحيد. على أي حال، البيانات الاقتصادية الصادرة في الولايات المتحدة الآن بشكل متكرر أقل من توقعات السوق. انخفض مؤشر المفاجأة الاقتصادية في الولايات المتحدة لشركة "سيتي" إلى أدنى مستوى له منذ أيلول (سبتمبر).
الركود "المناسب" - ليس ربعا آخر من ترويض الانكماش المدفوع بالأمور الفنية، لكن انخفاضا عميقا ودائما - بعيد كل البعد عن اليقين. من الواضح أن هذا ليس ما تريد الشركات والأسر رؤيته بعد عامين من تجربته بالفعل، كما أنه ليس ما يريد صانعو السياسة هندسته.
لكن يمكنك القول إن الفكرة تتجذر لدى المستثمرين من عدة زوايا. السبب الرئيس هو أن أسعار السندات الحكومية استقرت بعد انخفاض حاد، ما يشير إلى أن توقعات التضخم لم تبلغ ذروتها فحسب، بل إن المستثمرين يستعدون لنمو أبطأ وحتى لوتيرة أبطأ من تشديد البنك المركزي. كانت سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل عشرة أعوام تحقق عائدا 2.91 في المائة الخميس الماضي - وهي نسبة عالية وفقا لمعايير الأعوام القليلة الماضية، لكنها أقل كثيرا من الذروة التي تجاوزت 3 في المائة في أوائل أيار (مايو). وبالمثل، تراجع الدولار.
لكن بالطبع، وول ستريت وماين ستريت وحشان مختلفان تماما. انخفاض عائد الدولار وانخفاض عائد السندات، مع تساوي كل الأشياء، مفيد للأسهم. وبالفعل، كان الانتعاش واضحا - ارتفع مؤشر إس آند بي 500 القياسي للأسهم القيادية الأمريكية تصل إلى 9 في المائة منذ هبوطه أدنى مستوى له في 20 أيار (مايو). كذلك انتعشت سندات الشركات مرة أخرى.
مع ذلك، السؤال الكبير هو ما إذا كان الخوف الشديد بشأن النمو سيكون كافيا لإبعاد تشديد الاحتياطي الفيدرالي عن المسار الصحيح. "باركليز"، مثلا، يشك في ذلك. كتب محللو البنك في مذكرة إلى العملاء، "من غير المرجح أن يرمش بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى تتم إعادة تثبيت توقعات التضخم إلى الأبد". أضافت المذكرة، "نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في رؤية دليل على تضخم أقل بكثير، و/أو ظروف مالية أكثر صرامة" قبل أن يمزق خططه. "حتى ذلك الحين، توقع أن تستمر الأسواق المتقلبة".
بينما كانت صناديق التحوط من كبار البائعين للأسهم في أيار (مايو)، لاحظت المذكرة أن الصناديق المشتركة التي ضخت منذ 2020 نحو 1.3 تريليون دولار في هذه الفئة من الأصول، بدأت للتو في الانسحاب. وإذا استمرت مخاوف الركود "فقد يتم بيع ما قيمته 350 مليار دولار أخرى من الأسهم في المستقبل" من هذه الصناديق.
يعتقد ديفيد رايلي، كبير استراتيجيي الاستثمار في "بلو باي آسيت مانجمنت"، أن التعافي الأخير في الأسهم والأصول الخطرة الأخرى من المرجح أن يكون مجرد صورة عابرة. يقول، "لا تقاتلوا الاحتياطي الفيدرالي"، مضيفا أن صانعي السياسة يرغبون في رؤية تكاليف اقتراض أعلى تساعد على تهدئة بعض عناصر التضخم دون أن يضطر البنك المركزي إلى التعجيل برفع أسعار الفائدة.
بدلا من ذلك، إذا استمرت الأسواق في الارتفاع، فقد يكون من الحكمة توقع تعليقات أكثر تشددا من واضعي أسعار الفائدة. يقول، "إنني متشكك في مدى استمرارية هذا الارتفاع المصغر".
في الوقت الحالي، عدنا إلى منطقة حيث الأخبار السيئة عن النمو الاقتصادي هي أخبار جيدة للأسواق ذات المخاطر العالية، لأنها تعني ضغطا صعوديا أقل على الأسعار. إذا كنت تستطيع تحمل التقلبات، وتحب الشكوى سرا، فهذا مزيج مثالي.